تفاصيل الخبر

الأحوال الشخصية استبقت صدور قرار مجلس الشورى وباشرت منح ”المجنسين الجدد“ إخراجات قيد لبنانية!

06/07/2018
الأحوال الشخصية استبقت صدور قرار مجلس الشورى  وباشرت منح ”المجنسين الجدد“ إخراجات قيد لبنانية!

الأحوال الشخصية استبقت صدور قرار مجلس الشورى وباشرت منح ”المجنسين الجدد“ إخراجات قيد لبنانية!

 

نهاد المشنوقمرسوم تجنيس نحو 430 عربياً وأجنبياً لم ينتهِ فصولاً، إذ تتوالى تداعياته يوماً بعد يوم، وتتكشف ملابساته لتزيد علامات الاستفهام حول ظروف إصداره والجهات المستفيدة منه، فيما تكبر الشائعات والروايات حول اسماء <دُسّت> فيه، ومسؤولين أخفوا معلومات عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عندما وقع المرسوم، ولعل ورود اسم شركة اميركية بين اسماء الأشخاص المجنسين خير دليل على أن ثمة من لم يدقق في المرسوم قبل رفعه للتوقيع، أو ربما تعمّد <التطنيش> حتى لا يُفتح الباب أمام تساؤلات قد تطيح بمجموعة أسماء لا تستحق مطلقاً الجنسية اللبنانية.

وقد حملت الايام الماضية المزيد من الغموض الذي يكتنف مضمون المرسوم وظروف صدوره، مع حصول تطورات كان أبرزها إعلان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بعد اجتماعه بالرئيس عون في قصر بعبدا، ان المرسوم سيبقى على حاله ريثما يصدر قرار مجلس شورى الدولة في الطعنين المقدمين من نواب الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية، وذلك من منطلق دستوري، على حد تعبير الوزير المشنوق الذي أشار الى أن هذا الموقف جاء بناء على <توصية> من رئيس الجمهورية. وقد أثار كلام الوزير المشنوق ضجة في الأوساط المعنية بصدور المرسوم من جهة، ولدى الجهات التي عارضته من جهة أخرى، ذلك أن حصر وزير الداخلية مسؤولية <التوصية> ببت مصير المرسوم الى حين صدور قرار مجلس الشورى برئيس الجمهورية يناقض واقعاً دستورياً واضحاً وهو أن المرسوم ما كان ليصدر لو لم يوقعه الوزير المشنوق ورئيس الحكومة سعد الحريري لأن توقيع رئيس الجمهورية عليه لا يجعله نافذاً ما لم يقترن بتوقيعي وزير الداخلية ثم رئيس الحكومة، فلماذا غيّب الوزير دورهما وحصر الأمر برئيس الجمهورية الذي كان له التوقيع الأخير؟ أكثر من ذلك فقد بدا أن موقف وزير الداخلية أثر سلباً على مفاعيل التدبير الذي كان اتخذ بناء على طلب من الرئيس عون، وهو تجميد تنفيذ المرسوم الى حين إنجاز المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم التحقيقات، التي أجراها الأمن العام في ما خص أسماء المجنسين الذين تدور حولهم شبهات أو هم لا يستحقون الجنسية اللبنانية لارتكابهم جرائم مالية أو ضرائبية وغيرها من التهم التي تجعل من غير الجائز أن ينال هؤلاء الجنسية اللبنانية.

 

الأحوال الشخصية تمنح إخراجات قيد!

 

والتطور الثاني انطلق من الاول إذ سرعان ما تبين أن دوائر الاحوال الشخصية تجاوزت التدبير الوزاري بوقف تنفيذ مفاعيل المرسوم - أو هي ربما تلقت أوامر مضادة - وباشرت إعطاء المستفيدين من الجنسية مستندات تثبت أنهم باتوا <لبنانيين>! وقد أثار هذا التدبير استياء المدير العام للامن العام الذي تم تجاوز مضمون التقرير الذي وضعه حول مَن مُنحوا الجنسية اللبنانية من دون استحقاق والذين بلغ عددهم  ما يقارب 90 شخصاً. وفي هذا السياق، بدا واضحاً أن القرار الرئاسي بتجميد مفاعيل المرسوم الى حين انتهاء التدقيق سقط، بعدما وضع المرسوم موضع التنفيذ من دون أن يعترض أي مسؤول بارز ومعني بتجاوز هذا القرار الذي كان قد ترك ارتياحاً في صفوف الرأي العام المعترض على صدور المرسوم أصلاً و<تهريبه> ذات مساء وعدم نشره في الجريدة الرسمية قبل البدء في تنفيذ مضمونه. إضافة الى أن تنفيذ المرسوم استبق قرار مجلس شورى الدولة بقبول الطعن أو رفضه، علماً بأن ثمة من <بشّر> سلفاً أن مجلس الشورى سوف يرد الطعنين لاعتبار الطاعنين من غير ذي صفة متضررة من صدور المرسوم.

وتقول مصادر متابعة ان دوائر الاحوال الشخصية التي باشرت إعطاء مستندات حول <الهوية اللبنانية> لعدد من المستفيدين ومنها إخراجات قيد وأخذ بصمات المجنسين الجدد وغيرها من الإجراءات، لم تفعل ذلك بمبادرة فردية من المسؤولين فيها، بل ان <تعليمات> صدرت اليهم من مراجع مختصة بعدم انتظار قرار مجلس شورى الدولة واصدار اخراجات القيد وغيرها من المستندات الثبوتية. إلا أن مصدر هذه التعليمات، المجهول المعروف، ظهّر خلافاً بين وزير الداخلية والمدير العام للأمن العام الذي اعترض لدى رئيس الجمهورية، لاسيما وان وضع المرسوم موضع التنفيذ تزامن مع سفر اللواء ابراهيم الى الخارج في مهمة رسمية امتدت الى 10 أيام. وأكدت المصادر أن اللواء ابراهيم لا يزال يصرّ على ضرورة اسقاط الاسماء المشبوهة من المرسوم الأساسي، في وقت تحدثت مصادر رسمية عن أن عدد <المشبوهين> لا يتجاوز ثلاثة من أصل 430 شخصاً، وهو رقم تنفيه مصادر الامن العام التي تؤكد أن العدد أكبر بكثير من ثلاثة مجنسين...

 

نصر الله: لم أكن على علم!

عون علاوي 

أما التطور الثالث فقد تمثل بدخول الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على خط نقاش المرسوم بعدما كان قد امتنع عن التعليقات التي رافقت صدور المرسوم، حيث أكد أنه لم يكن على علم بصدوره ولم يؤخذ رأي الحزب فيه بل علم به من خلال وسائل الإعلام. لكن الأهم كان إعلانه عن وجود ملاحظات كثيرة لقيادة الحزب لن تعرض على وسائل الاعلام، بل سينقلها نائب أو وزير من الحزب الى قصر بعبدا لاطلاع رئيس الجمهورية عليها والتداول في المصير الذي سيؤول اليه المرسوم. صحيح أن السيد نصر الله لم يعترض على حق رئيس الجمهورية بإصدار عفو عن محكومين أو متهمين وفقاً للأصول، لكنه ألمح الى بعضها بطريقة غير مباشرة، ومنها اشارته الى وجوب إلا يكون المال هو المعيار الحصري الوحيد للتجنيس خصوصاً على طريقة من اختاروا ممولين ليس لضخ أموال في خزينة الدولة الفارغة، بل في حساباتهم الخاصة! وفتح السيد نصر الله - الذي لم يكن يريد أن يتم تجاوز الأمن العام في هذا الملف المفتوح على احتمالات عدة - الباب واسعاً أمام نقاش من نوع مختلف لجهة اصدار مراسيم رئاسية دورية للتجنيس، لكن بمعايير واضحة تشمل أولاً المستحقين، ومنهم عرب وادي خالد في عكار من حملة هوية قيد الدرس، إضافة الى الآلاف من أبناء القرى السبع حيث لا تقدير رسمياً بعددهم، علماً أن ثمة من يتحدث عن صعوبة إصدار مراسيم تجنيس لهؤلاء لأنهم من أبناء الطوائف الاسلامية، وحصة المسلمين <طابشة> جداً على حصة المسيحيين بسبب المرسوم الشهير الذي صدر آنذاك في العام 1994. ولذا، يتوقع أن يأخذ مرسوم التجنيس بعد تعليق السيد نصر الله عليه، منحى آخر يقول متتبعون انه لن يؤدي الى تعليق العمل بالمفاعيل المترتبة عن المرسوم لجهة إعطاء الجنسية الى هؤلاء <الملتبسين>، علماً أن مسؤولاً كبيراً كان قد أبلغ <الأفكار> أن الذين حصلوا على أوراق ثبوتية هم من غير المشتبه بتورطهم بأعمال تخالف القوانين.

مطالبة <الطاعنين> بنشر

عباس ابراهيمتقرير الأمن العام!

 

وفيما بدا أن ملاحظات الامن العام جُمّدت هي وتحرك تنفيذ المرسوم بقرار من الرئيسين عون والحريري والوزير المشنوق، اكدت مصادر متابعة أن الملف لن يغلق بسهولة وإن كان العمل جارياً على إغلاقه، لا بل ان خطوة اصدار المستندات الثبوتية الى المجنسين ستؤدي الى ردود فعل واسعة مع بروز جهات متضررة قد تتحرك قضائياً وإعلامياً على نطاق واسع، فيما ستأخذ المسألة بُعداً سياسياً في حال مطالبة الطاعنين بنشر تقرير الأمن العام لمعرفة نتائج التحقيقات عملاً بمبدأ الشفافية الذي تعهد أركان الحكم باتباعه في هذه القضية التي باتت قضية رأي عام بامتياز. علماً أن الأصوات ترتفع حول اتجاه مجلس الشورى الى إعلان عدم اختصاص الطاعنين، وبالتالي رد الطعنين... فيكون <اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب> وصارت الجنسية اللبنانية في عهدة المستفيدين من المرسوم، سواء كانوا يستوفون الشروط أم لا. وتستبعد المصادر نفسها أن يتمكن افرقاء إضافيون من تقديم طعون الى مجلس الشورى لأن المهلة المتاحة للطعن شارفت على الانتهاء، وأي طلب يرد بعدها سيتم رده حكماً بالشكل بصرف النظر عن المضمون.

وبدا لافتاً في سياق تثبيت مفاعيل المرسوم، استقبال الرئيس عون الأسبوع الماضي لنائب رئيس الجمهورية العراقية السابق الرئيس اياد علاوي مع شقيقه السيد صباح علاوي وأفراد عائلتيهما وهم جميعـــاً مــن الذين نالوا الجنسية اللبنانية بموجب هذا المرسوم. وفي وقت لم تُشر المعلومات الرسمية التي صدرت عن زيارة الرئيس علاوي وأفراد عائلته لقصر بعبدا الى اي أمر مرتبط بمرسوم التجنيس، قالت مصادر مطلعة ان زيارة آل علاوي كانت لشكر الرئيس عـــون على منــح أفـــراد العائلــــة الجنسيـــة اللبنانية.

وتوقعت المصادر نفسها ان تشهد الايام المقبلة تحركات شعبية من ابناء وادي خالد المكتومي القيد، ومن أقارب أهالي القرى السبع لـ<تسجيل> حقهم في الحصول على الجنسية اللبنانية اسوة بمجموعة كبيرة من السوريين والفلسطينيين والعراقيين وغيرهم ممن أصبحوا لبنانيين، علماً أن ثمة من تحدث عن إمكانية صدور أكثر من مرسوم تجنيس في الفترة المقبلة يستفيد منها هؤلاء الذين يقولون انهم حرموا من الجنسية لسنوات عدة ولا بد من انصافهم أسوة بمن سبقهم في الحصول على الجنسية منذ المرسوم الشهير في العام 1994!