تفاصيل الخبر

الاضطراب في النوم ازداد في زمن الـ"كورونا" بسبب الشعور بالقلق والتوتر

06/01/2021
الاضطراب في النوم ازداد في زمن الـ"كورونا" بسبب الشعور بالقلق والتوتر

الاضطراب في النوم ازداد في زمن الـ"كورونا" بسبب الشعور بالقلق والتوتر

بقلم وردية بطرس

 

الطبيب النفسي الدكتور نزار حجيلي: اللبنانيون يعانون من القلق والتوتر وبالتالي يؤثر ذلك على النوم

[caption id="attachment_84541" align="aligncenter" width="595"] نموذج من اضطراب النوم .[/caption]

 النوم عنصر حيوي للصحة البدنية والعقلية خصوصاً بالنسبة لالتئام الأنسجة وتجدد الخلايا والمناعة والذاكرة ولتنظيم الحالة المزاجية والانفعالات. وفي زمن الـ"كورونا" تحوّل الأرق من مشكلة فردية الى مشكلة مجتمعية. ويبدو أن التوتر الناجم عن وباء "كورونا" زاد الطين بلة ، اذ دخل البعض في دوامة السهر والأرق، فالناس يعيشون حالة من القلق مما يؤثر سلباً على النوم لديهم. ولا يغيب عن البال أن النوم أساسي للتنظيم العاطفي وحتى قوة جهاز المناعة، لذا فإن محاولة تنظيم النوم ستساعد بالتأكيد على مقاومة الفيروس الى جانب التعقيم.

وتفيد دراسات طبية بأن اضطرابات النوم زادت في زمن الوباء والحجر الصحي، وزادت معها ساعات الأرق ووتيرة الأحلام التي تعبرعن اليأس والوحدة والاحباط والخوف. كما أن الحجر الصحي يؤثر في البعض بايجابية بينما يحمل آثاراً سلبية ضارة لآخرين. وأظهرت دراسات في الصين وبريطانيا أن وتيرة القلق تصاعدت لدى الكثير من الناس وتجسّد ذلك في ساعات نوم أقل أو نوم متقطع مضطرب. كما حذّرت الدراسات من أن اجترار مشاهد وأنباء الوباء الكئيبة قبل النوم سواء بالاتصال المباشر او عبر وسائل الاعلام يؤثر سلباً على راحتنا واسترخائنا ونوعية نومنا ويمكن أيضاً أن يغذي أحلامنا وخصوصاً الكئيبة منها. ويؤدي الحرمان من النوم الى تنشيط الأحلام وجعلها أكثر قوة واكسابها أبعاداً عاطفية ونفسية أكثر من المعتاد.

الدكتور نزار حجيلي والتوتر

صحيح ان العالم يعيش حالة من التوتر والقلق منذ بداية جائحة "كورونا" ولكن عندنا في لبنان يعيش الناس مرحلة صعبة جداً ليس فقط بسبب الوباء بل بسبب الوضع المعيشي والاجتماعي المزري ، وكان لانفجار مرفأ بيروت تأثير سلبي جداً، اذ لا يزال أناس يعانون من اضطراب في النوم، وبالتالي اللبنانيون يعيشون تحت ضغوط معيشية وصحية قاهرة مما يحرمهم من النوم. فالى اي مدى تؤثر الظروف الحياتية على نوعية النوم؟ وكيف يمكن ان يحصل الانسان على نوم جيد؟، والى اي مدى يؤثر اضطراب النوم وقلة النوم؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها "الأفكار" على الطبيب النفسي الدكتور نزار حجيلي، وسألته:

[caption id="attachment_84542" align="alignleft" width="251"] الدكتور نزار حجيلي: التمارين الرياضية مفيدة وكذلك الاسترخاء والابتعاد عن الكحول.[/caption]

* هل هناك أسباب تؤدي لحدوث اضطراب في النوم؟

- هناك أسباب عدة لاضطراب النوم، اذ قد يكون بدون سبب بعمر معين، ولا شك أنه أمر مزعج حين يدخل الشخص في دوامة وعلى المدى الطويل يصل الى مشاكل أخرى مثل التعصيب والتوتر والكآبة، كما أن قلة النوم تؤثر على صحة الانسان ومنها المشاكل القلبية ومشاكل الضغط. ان مشكلة النوم الأساسية لا تحدث هكذا اذ تحدث مع مشاكل نفسية أو حياتية او اجتماعية، يعني عندما يكون الانسان بحالة توتر ويعاني من مشاكل في حياته فيؤثر ذلك على النوم، ولكن اذا زالت مشكلة التوتر مثلاً تزول معها مشكلة قلة النوم. ولكن عادة تحدث مشاكل في النوم عندما يعاني الشخص من كآبة شديدة. ولا شك ان اللبنانيين يعيشون ظروفاً قاسية جداً مما ينعكس على حياتهم، وبالتالي يتأثر النوم نتيجة اصابة الشخص بالكآبة، اذ يتأثر نومه فإما ينام كثيراً او تنقص ساعات النوم لديه فيستيقظ الشخص باكراً جداً يعني عند الرابعة او الخامسة فجراً لأن دورة الهرمونات لديه تتأثر بالحالة التي يعيشها علماً بأن كثرة النوم غير جيدة أيضاً لأنها تؤثر على حياة الشخص وتسبب له مشاكل أيضاً.

* وهل يحدث اضطراب في النوم عند كل الأعمار؟

- عادة يحدث ذلك عند الأولاد قليلاً ، اذ لكل عمر أسبابه ، وهناك أولاد يعانون من المشكلة في النوم وتكون لديهم حركة مفرطة، وواحدة من الأعراض التي تظهر لدى الولد الذي يعاني من حركة مفرطة هي قلة النوم وهذا يؤدي الى القلق. وعادة عند الاصابة بالكآبة تحدث مشكلة في النوم بالدرجة الأولى، اذ يجلس الاولاد لوقت أطول ولا ينامون ولكن طبعاً الكبار يتأثرون أكثر ويواجهون مشكلة في النوم أكثر من الأولاد.

* وهل الاضطراب في النوم لفترة زمنية قصيرة يكون عابراً وهل اذا استمر لوقت طويل قد يؤدي الى مشكلة أكبر؟

- طبعاً اذا كان اضطراب النوم لفترة زمنية قصيرة فلا تسبب مشكلة، ولكن ثلاثة أرباع الحالات لا تطول فترة اضطراب النوم، اذ تظهر المشكلة للأسباب التي ذكرتها أي لأسباب اجتماعية وتزول مع زوال المشكلة الاجتماعية.

اللبنانيون يعانون من القلق والكآبة وبالتالي قلة النوم

[caption id="attachment_84544" align="alignleft" width="414"] ونموذج اخر[/caption]

* لا شك ان اللبنانيين يواجهون مشاكل عديدة وليس فقط وباء "كورونا "، فهناك وضع معيشي واجتماعي مزري جداً وتداعيات انفجار مرفأ بيروت وغيرها، فالى اي مدى يؤثر ذلك على نوعية النوم لديهم؟

- للأسف ان التوتر في المجتمع اللبناني لا يزول، فالناس يعانون الكثير خصوصاً منذ انفجار مرفأ بيروت، فهناك أناس يعانون من أعراض تشبه أعراض القلق والكآبة ولكنها ردة فعل للتوتر والذي لا يزول نظراً للمشاكل التي يمّر بها لبنان منها الاقتصادية ومنها الصحية التي لا يرون على المدى القريب ان هناك أملاً أو انفراجاً لحلها وبالتالي يُصاب الكثير من الناس بالتوتر.

* مرّ اللبنانيون بحروب وأزمات كثيرة ولكن الوضع في البلد اليوم كارثي،  فهل ستزداد حالات القلق والتوتر وبطبيعة الحال مشاكل في النوم؟

- كلما تفاقم الوضع في البلد ستزداد حالات القلق والتوتر وكما أشرت سيعاني الناس من مشاكل في النوم.

* ماذا عن الأشخاص الذين لا يقدرون أن يناموا على الاطلاق في ظل هذه الظروف الصعبة؟

- بالفعل هناك أشخاص لا يقدرون أن يناموا في وقتنا هذا وهم بحاجة للعلاج من قبل اختصاصي في النوم. واذا كانت هناك مشكلة تُوصف للشخص أدوية معينة لمعالجة المشكلة.

* برأيك كيف سيتخطى المشكلة؟

- سيتأقلم الشخص مع هذه الظروف، وللأسف اللبناني يتأقلم مع الظروف مهما كانت صعبة ومعقدة، وهذه مشكلة كبيرة بأن ليس هناك أمل بغد أفضل، وليس هناك أمل بثورة جديدة تحقق آمال الناس وطموحاتهم. فالناس اليوم لم يعد لديهم أمل بأحد يستطيع إحداث تغيير او اصلاح الأمور في البلد بعدما وصلوا الى هذه الدرجة من اليأس، ولهذا سيزداد التوتر والقلق لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين.

* تقل ساعات النوم لدى الكبار في السن، فهل يكون تأثير مشاكل النوم عليهم أكثر في هذه الظروف الصعبة؟

- أولاً يجب تشخيص الحالة للتأكد بأنه ليست هناك كآبة ولا مشاكل في الأعصاب. من ثم هناك أدوية للنوم لمرحلة قصيرة، اذ لا يجب اطالة الفترة. ولكن بعض الأشخاص لا تجري الأمور بشكل جيد وتطول مشكلة النوم عندهم.  

* ما هو العلاج ومتى يجب زيارة الطبيب النفسي؟

-  يجب زيارة الطبيب عندما يبدأ الشخص بالشعور ان مشكلة النوم تؤثر على حياته، وعادة الأشخاص الذين يعانون من مشكلة في النوم يقصدون الطبيب النفسي بوقت قصير، اذ لا ينتظرون كثيراً لأن المشكلة ترهقهم. بالنسبة للعلاج فأولاً يجب ان يتم تشخيص الحالة قبل البدء بالعلاج، فممكن أن تكون مشكلة النوم قد حدثت دون سبب او ردة فعل للتوتر أو بسبب مرض نفسي. ثانياً حسب المرض وحسب التوتر، فاذا كان التوتر زاد فمن الأفضل ان يعاينه طبيب نفسي لمعالجة مشكلة النوم. وثالثاً اذا كانت المشكلة مرضاً نفسياً عندها يجب معالجة المرض النفسي الذي يشكو منه لكي يتحسّن النوم، يعني اذا كان الشخص مصاباً بالكآبة فلا تزول مشكلة النوم ما لم تُعالج الكآبة.

* وهل الأشخاص الذين فقدوا أحباء لهم في انفجار مرفأ بيروت يعانون من قلة النوم أكثر من غيرهم؟

- هناك أناس ربما لم يفقدوا أهلهم او احباءهم في انفجار مرفأ بيروت ولكن ردة فعلهم كانت شديدة وقد لا يستطيعون النوم بشكل جيد، حتى أن هناك أشخاصاً لم يوجدوا في مكان الانفجار ولكنهم يشعرون بالتوتر منذ ذلك اليوم، وكل هذا يعتمد على وضع كل شخص وأيضاً شخصيته، وبالتالي هناك أناس يتأثرون بشكل كبير ولكنهم يتخطون الأمر، وهناك أشخاص يكون لديهم استعداد أكثر ، فاذا كانت مشكلة صغيرة قد تتطور الحالة لديهم ولا يتخطون الأمر.

نصائح للحصول على النوم الجيد

* ما هي النصائح للحصول على النوم الجيد في ظل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها البلد من جميع النواحي؟

- أولاً على الشخص ان يقوم بتمارين رياضية لمدة نصف ساعة، وطبعاً لا نعني هنا قبل النوم بل خلال النهار. ثانياً عليه ان يقوم بأمور تساعده على الاسترخاء أي يمنح لنفسه وقتاً ، فهذه الأمور هي ضمن العلاجات العادية التي يمكن القيام بها لكي ينام بشكل جيد. كما عليه الابتعاد عن شرب الكافيين والمشروبات الغازية والكحول في المساء. فعادة الكافيين ينشط ولا يساعد على النوم، كما ان الاستماع لموسيقى هادئة او مطالعة كتاب أمر  مفيد وبالتالي عليه أن يقوم بأمور تساعده على النوم وليس العكس.