تفاصيل الخبر

العشائر في لبنان دويلات غير معلنة في ظل غياب الدولة الفاعلة والثأر من اسوأ عاداتها!  

13/11/2015
العشائر في لبنان دويلات غير معلنة في ظل غياب الدولة الفاعلة والثأر من اسوأ عاداتها!   

العشائر في لبنان دويلات غير معلنة في ظل غياب الدولة الفاعلة والثأر من اسوأ عاداتها!  

الامام-الصدر-في-بعلبك--بقلم صبحي منذر ياغي

      تحمل وسائل الاعلام اللبنانية في كل مرة خبراً عن خلافات عشائرية في لبنان على خلفية الثأر أو تقاسم النفوذ، أو التعرض لقوى الامن من قبل أبناء العشائر... وتتردد كلمة <عشيرة> عشرات المرات في سياق نشرات الاخبار وخاصة الامنية منها، ما يدفع للبحث في معنى العشيرة وعاداتها العريقة، باستثناء عادة الثأر التي ما زالت عشائر لبنان تعمل جاهدة للتخلص منها ولكن دون جدوى، خاصة في ظل غياب السلطة الامنية اللبنانية الفاعلة.

ولعلّ الظهور الفجائي لـ<الجناح العسكري> لدى عشيرة المقداد في لبنان صيف 2012، واعلانه خطف سوريين في لبنان وطيار من الجنسية التركية، رداً على خطف <الجيش السوري الحر> أحد أبناء العشيرة داخل الاراضي السورية، دفع بالعديد من الباحثين الاجتماعيين والاعلاميين للسعي للاطلاع على معرفة طبيعة العشائر وعاداتها، وتسليط الضوء على <أجنحة عسكرية> ربما تكون موجودة لدى العشائر اللبنانية الاخرى، ما يجعلنا امام <جيوش> صغيرة مسلحة في لبنان يجمعها <الرابط العشائري العصبي>، بالتوازي مع وجود سلاح لدى حزب الله، وبعض الاحزاب، والتنظيمات الفلسطينية والاصولية.

 

تعريف العشيرة

 

عرّف علماء الاجتماع العشيرة، بـ<جماعة من الأفراد ينتسبون الى عصب واحد، اي يتحدرون من جد أو أب واحد وتربطهم عصبية واحدة تتمثل بولائهم وانتمائهم الى العشيرة>. وكانت كلمة <عشائر> توحي فور سماعها بعادات وتقاليد عربية أصيلة كالشجاعة والفروسية والكرم وتكريم الضيف واغاثة الملهوف...

ويعتبر الباحث الدكتور عثمان دلول <ان الشهرة أو الكنية التي تعيّن هوية النسب للأفراد لا تعدو كونها أحد المظاهر الشكلية للانتماء الى عصبية عائلية أو عشائرية، والنسب في حد ذاته لا حقيقة اجتماعية له ولا نساء-من-العشائرمنفعة تُرتجى منه، الا بمقدار ما يؤدي الى العون والمناصرة والتضامن بين افراد العصبيّة الواحدة>.

وأضاف: <العشيرة ملزمة بالدفاع عن افرادها، وهؤلاء ملزمون بالدفاع عن عشيرتهم اذا ما اصابها ضيم، انه نظام تكافلي تضامني بين العشيرة ككل وبين افرادها كأجزاء من هذا الكل>.

العقلية العشائرية

 

اما عن العقلية العشائرية في المجتمع اللبناني، فاعتبر دلول <انه على الرغم من ان الدساتير والقوانين الوضعية كرّست مجموعة من الحقوق والحريات الانسانية، وعلى الرغم من ان لبنان اخذ بهذه التنظيمات القانونية الحديثة، الا ان هذه القوانين وضوابط السلوك والاطار التنظيمي العام لعلاقات الافراد وأفعالهم لم تكن كافية لتحقيق الانتقال بالمجتمع اللبناني من مرحلة العقلية العشائرية الى مرحلة التحضّر التام. فبالرغم من المظاهر القانونية والتنظيمية الحديثة، ما زلنا نعاني من شيوع الموقف العشائري او السلوك العشائري او التصرف العشائري. صحيح ان المجتمع اللبناني لم يعرف القبيلة او العشائرية التي عرفتها الجاهلية لكنه خضع عبر تطوره الثقافي والحضاري لمؤثرات الثقافة العشائرية، فكان ان تكونت في اذهان اللبنانيين مجموعة مفاهيم وقيم تتناول جوانب عدة من شؤون الحياة والعلاقات الاجتماعية والتقاليد والعادات والطقوس>.

أصول العشائر

يعتبر ياسين شمص في حديثه مع <الافكار>: <ان معظم عشائر منطقة بعلبك، تعود في أصولها الى قبائل عربية كانت تسكن في بلاد اليمن دفعتها العوامل الطبيعية والصراعات القبلية الى الهجرة نحو منطقة النخيلية في السعودية ثم نحو العراق فإلى حلب وصولاً الى مناطق جبيل وكسروان.

ويرى الدكتور محمد علي مكي في كتابه <لبنان من الفتح العربي الى الفتح العثماني> <ان النتيجة الكبرى لتفريغ كسروان من سكانها الشيعة كانت بدء الهجرة المارونية اليها بتشجيع من اصحاب الاقطاع الكسرواني وعلى رأسهم العائلات التركمانية من بني عساف>. وهذا ما يفسر اليوم وجود عائلات وعشائر شيعية في قرى وبلدات مناطق جبيل، البترون وكسروان.

الهرمل: ثقل عشائري

وجوه-عشائرية 

تُعتبر مدينة الهرمل في لبنان ومنطقتها التي تلاصق الحدود السورية مركز الثقل العشائري في لبنان، واذا كان الوجود العشائري قد تركّز في جرود منطقة الهرمل بشكل عام، الا انه عاد يتمدّد باتجاه بعلبك وبيروت نتيجة الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي دفعت بأبناء العشائر للانتقال الى المدن لتأمين لقمة العيش ومستلزمات التعليم والطبابة.

العشائر والاستقلال

كان لعشائر بعلبك دورها في معارك الاستقلال اللبناني عبر التاريخ وقد خاضت معظمها، وسجّل التاريخ ملاحم بطولية لأبناء العشائر في مواجهة الجيشين التركي والفرنسي، كرشيد سلطانة دندش، ابو علي ملحم قاسم، زين مرعي جعفر (بطل معركة <وادي فيسان> عام 1926)...

كما خاضت العشائر غمار الحياة السياسية منذ عهود الانتداب الفرنسي حتى اليوم، فكان الرئيس صبري حمادة أحد اركانها الذي تربع زمناً طويلاً في سدة رئاسة مجلس النواب، وكان للعشائر نوابها في البرلمان اللبناني مثل فضل الله دندش.

 

صبري-حمادة-وجمال-عبد-الناصرالعهد الذهبي لعشائر بعلبك

كان العهد الشهابي بالنسبة للعشائر بمنزلة العهد الذهبي اذ ان الرئيس فؤاد شهاب استطاع استقطاب هذه العشائر الى جانب الدولة من خلال تأمين مستلزمات العيش الكريم لها والسعي لإدخال عدد من ابنائها الى الوظائف الحكومية. فالعشائر - وفق الباحث انطون شعبان - دخلت نادي التمثيل السياسي عندما أراد الرئيس شهاب ان يجعل لهؤلاء كياناً منفصلاً عن الزعامة الحمادية التقليدية. وكانت المحاولة عينها بدأت مع الرئيس كميل شمعون في العام 1957 الذي سعى الى اضعاف المرجعية السياسية الوحيدة المتمثلة بالرئيس صبري حمادة عبر ترشيحه نايف أمهز للانتخابات النيابية، ثم كرّت سبحة المحاولات الى ان فاز فضل الله دندش في دورتين متتاليتين (1964 و1968)>.

العشائر والاحزاب

يعود انحسار دور العشائر هذه الايام برأي شعبان، <لتوزع افرادها على مختلف التيارات والاحزاب التي شاركت في الحرب اللبنانية، والى تلاشي مناطق نفوذهم التاريخية، وانكسار العلاقة ما بين السلطة المركزية والعشائر نتيجة ولادة قوى سياسية جديدة ذات نفوذ اوسع وأشمل وأكثر فاعلية مما كان عليه نفوذ العشائر سابقاً، وتوزع افراد العشائر بين موالٍ لحركة <أمل> وحزب الله وبين متحالف مع المرجعيات التقليدية، وبين من يحاول ان يعيد انتاج العصبية دون ان يعلم انه فقد موضوعياً شروط تلك الاعادة>.

 

عشائر بشري المسيحية

المحامية-نوال-ابي-شهلا 

والعشائرية كما يرى انطون شعبان <ليست محصورة بالطائفة الشيعية، فهناك عشائر مسيحية في منطقة بعلبك تُعرف بـ <البشرانية> نسبة الى بلدة بشري المنشأ الاساسي لهذه العائلات، واهمها كيروز، ورحمة، وفخري (النداف) وسكر، وطوق (خضرا) وجعجع، وهي تنتشر في دير الاحمر، وبشوات، وشليفا، ونبحا، وبرقا، والقدام، والصفرا، وعيون ارغش...>. وتتشابه هذه <العصبيات> العشائرية المارونية في كثير من المفاهيم والاعراف والقيم والتقاليد مع <العصبيات> الشيعية في بعلبك والهرمل، وتتقاطع معها عند كثير من المفاهيم والمعايير الاجتماعية، وتترابط تلك <العصبيات> تاريخياً باواصر الود والاحترام المتبادل.

عادات وتقاليد

وللعشائر عادات وتقاليد كثيرة، وإن تكن صارت في طريقها الى الزوال، ومنها إكرام الضيف، وإغاثة الملهوف، وعادات مميزة تشهدها المآتم والافراح. وللعباءة دور مهم في تقاليد العشيرة، فهي رمز العزة والكرامة وتدل على شرف ابن العشيرة وتمسكه بعاداته وتقاليده. فقد ارتدى البدو العباءة منذ قديم الزمان، وهي ترمز الى السيادة والوجاهة وترتبط بالتقاليد العشائرية. فعندما تخرج العروس من منزل أهلها ترتدي العباءة دلالة على مكانتها بين أهلها، وأنها خرجت بثوب العفاف والعزة والجاه والسترة. وعندما يرتدي العريس العباءة فذلك يعني أنه أصبح رب أسرة، وعند وفاة شيخ، فلا بد من تولي ابنه أو أقرب الناس إليه أو من يستحق زعامة عشيرته. وهكذا درجت عادة ارتداء العباءة، فهي مبايعة من قبل أبناء العشيرة لسيدهم وزعيمهم الجديد. ومن تقاليد انتقال السلطة العشائرية لا بد من إعلان تتويج الشيخ، اي إلباسه العباءة التي ترمز للرابطة القوية بين أفراد العشيرة الواحدة والتمسك بتلك الرابطة.

ويقول محمود شمص في هذا الصدد: <إن للمآتم طقوسها العشائرية، فعندما يتوفى كبير القوم مثلاً يتمّ إرسال أوراق النعي (النعوات) الى البلدات والقرى والعشائر الاخرى التي ترسل وفودها لتقديم التعازي. وعندما يصل كل وفد الى مكان التشييع يُرحّب به من قبل المستقبلين، وفي كثير من الأحيان تُطلق له الأعيرة النارية ترحيباً، وتُقام المآدب التي تتكوّن من المناسف، اي الرز ولحم الغنم واللبن والفواكهة، وتُقدّم القهوة المُرّة وسط حداد مجموعة الشعراء الذين يعزفون على آلة الربابة، وهم يعدّدون فضائل الفقيد ومآثره وبطولاته وصفاته الرجولية... ثم يؤتى بفرسه الموشحة بالسواد لتتقدم موكب التشييع>. وفي بشري يجري طب جرن الكبة حداداً على إحدى الوفيات.

أما في الأعراس فإن القوم يتبارون في رقص الدبكة فيكون وجيه القوم على رأس الفرقة، وتُقام حفلة رقص بالسيف والترس وسط دق الطبول والزغاريد. وفي بعض العشائر تُقام مباريات في رفع <الجرن> السلاح-زينة-الرجالو<المحدلة> و<الاوزان الثقيلة>.

أسوأ العادات: الثأر

 

من أسوأ العادات العشائرية عادة <الثأر>، وأبناء العشائر يردّدون دوماً مقولة <أخذ التار منو معيار>، أو <ما تخلّو ابنكم يروح رخيص>... وغيرها من العبارات التي تتردّد في وسط العشيرة لحظة سقوط احد ابنائها على يد احد الاشخاص. فعادة الثأر موروثة منذ العصور الجاهلية، وتكمن في الغرائز والسلوكيّات منذ أن كان العرب يعتقدون أنّ طائراً يُسمّى <الهامة> يخرج من رأس القتيل ويصيح: «اسقوني اسقوني>، فيثأرون من القاتل، ويسقون من دمائه طائر «الهامة».

السلطة: دور مفقود

وعادة الثأر المتوارثة كرّستها ضغوط اجتماعيّة، تعتبر صاحب الثأر ومكانته ومهابته مرتبطة بإقدامه على أخذ ثأره من القاتل الذي يُسمّى وفق المفاهيم العشائرية والعائلية بـ<الغريم>، ومن تخلّى عن هذا الدور يُصنَّف في بيئته جباناً متخاذلاً ولا يملك الشرف والرجولة. وغني عن القول إنّ للسلطات اللبنانية دوراً رئيسياً في الحدّ من هذا المرض الاجتماعي لكنّها لم تؤدِّه بالشكل المطلوب، إذ تغاضت عن جرائم ولم تُنزل أحكاماً عادلة في حقّ مرتكبيها لأسباب وظروف شتّى. في المقابل اندفعت العشائر في تفعيل قوانينها وأحكامها.

 

قتلٌ داخل المحكمة

 

وشهدت منطقة بعلبك ـ الهرمل حالات <ثأريّة> كثيرة، منها ما رواه محمود ياغي لـ<الافكار> عن الطريقة التي ثأر فيها لمقتل والده من خلال قتل <غريمه> عبّاس ط. داخل قاعة محكمة جنايات زحلة عام 1974، فقد عمد محمود الى التنكّر بزيّ محامٍ بعدما اشترى ثوب محاماة من محلات طانيوس خويري في بيروت، وصبغ شعره واعتمر قبّعة، ووضع نظّارة سوداء، ودخل بكلّ وقار إلى قاعة المحكمة وتوجّه نحو قفص الاتّهام حاملاً حقيبة جلديّة ليطلق رصاصتين على قاتل أبيه كانتا كافيتين لقتله.

<... قتلتُه كي لا أقتلَ غيره وأظلمه>، قال محمود متابعاً: <فعادة الثأر تفرض عليك أن تقتل شخصاً ما تقوم قرابة دمويّة بينه وبين مَن قتل شخصاً من عائلتك، أخاك أو أباك أو ابن عمّك، فعليك أن تقتل أخاه أو أباه أو ابن عمّه، لأنّك لن تستطيع قتل القاتل نفسه الذي يكون قد فرّ الى الجرد وأصبح من <الطفّار> على ما يقولون، أو تمّ القبض عليه وصار في قبضة العدالة، فلن تستطيع الوصول إليه لقتله والثأر منه غسلاً للعار الذي لحق بك. أنا لم أستسهل سبل الثأر وغسل العار المفروضين عليّ، فاخترت أصعبها وقرّرت قتل القاتل نفسه شخصيّاً وسلّمت نفسي للعدالة. ثمّ إنّ القاتل كان من محازبي منظمة <الصاعقة> العسكرية الفلسطينية والسورية الولاء، وكنت أعلم أنّه سيُحاكَم ويُسجَن سنتين أو ثلاث، يطلقونه بعدها أو يدبّرون عملية ما تمكّنُه من الفرار من السجن>.

 

قتله مع كلبه

لباس-عشائري-تقليدي

حسن ن. تحدّث لـ<الافكار> كيف قضى الليالي متربِّصاً لمحمد. س. قاتل شقيقه والذي كان <طافشاً في الجرود>: <كنت أنتظره كلّ ليلة عند معبر جردي قيل لي إنّه يقصده دائماً وهو مسلّح، ومعه كلب بوليسي شرس، وذات يوم تعرّضت للسعة ثعبان فيما كنت مرابطاً في مكاني قرب صخرة، وعدتُ للمهمّة نفسها في الايّام التالية بعدما تعافيت، حتى فوجئت ذات ليلة مقمرة بـ<غريمي> مع كلبه قرب جدول ماء في وادٍ يُعرف بـ<وادي الرعيان>، صرختُ به <يا محمد لا تقل انني غدرتك...>، وأطلقت رصاصاتي نحوه فقُتل فوراً، وقتلتُ كلبه الذي حاول مهاجمتي، وأتيت بسلاحه حتى يراه أبناء عشيرتي دلالة على أداء مهمّتي>.

وأضاف حسن: <بعدما عمَّ الخبر أوساط عشيرتنا، زرنا ضريح شقيقي وأطلقنا النار قربه فرحاً وسط زغاريد النساء ومن بينهنّ أمّي وشقيقاتي>.

والثأر وفق منطق العشائر تكريس للقوّة والحضور المشرّف، فعندما يسقط قتيل من أبنائها تتداعى العشيرة الى منزل شيخها للبحث في السبل للثأر من القاتل، ويتمّ الاتّفاق على تحديد الشخص الذي سيُكلَّف مهمّة <الثأر>، فأبناء العشيرة في لبنان لا ثقة لديهم بالقضاء، فهو لا يقتصّ من المجرم كما يجب بحسب اعتقادهم، ومن المعيب لدى العشائر الثأر من المرأة أو الطفل أو المُسِنّ، ومن عاداتها ايضاً اللجوء الى الصلح في هذه الحالات بعد دفع الديّات.

ويروي المُسِنّون حادثة مشهورة حصلت في البقاع الشمالي عندما حاول أحدهم قتل أحد الأشخاص، فما كان من زوجته الحامل الا أن وقفت في وجهه تستحلفه بالله ألا يقتل زوجها، إلا أنّ رصاصة القاتل كانت أسرع فأردتها قتيلة، فتوافقت العشائر بعد هذه الجريمة على أن تدفع عشيرة القاتل أربع ديّات، الأولى عن مقتل المرأة، والثانية عن كونها امرأة، والثالثة عن الجنين الذي كانت تحمله في بطنها والرابعة عن عدم استجابته لاستحلافه بالله.

والثأر في مجتمعنا اللبناني تمادى حتى صار أبناء العشيرة ينتقمون من رجال الأمن والسلطة، في حال كان مقتل أحد أبناء العشيرة على أيدي هؤلاء، وحصلت حالات عدة في هذا المجال.

وإذا كانت العشائر قد اتّصفت بعادات الكرم وحبّ الضيف وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم، الا أنّ عادة الثأر من أقبح العادات التي تترسّخ في مفاهيمها.

 

الصدر: خذوا الثأر منّي

وكان الإمام السيّد موسى الصدر قاد في الماضي حملة واسعة للقضاء على العادات السيّئة الّتي تكرّس الانقسام وتحول دون تطوّر المجتمع ورقيّه. ومن ذلك دعوته أبناء العشائر في منطقة بعلبك ـ الهرمل إلى أداء قسم <يمين الوفاء> لميثاق يؤكّد التزامهم عدم حماية القاتل في عشيرته، وعدم أخذ الثأر من أقربائه الأبرياء. وكان له نداء إلى أهالي بعلبك ـ الهرمل لكي يطفئوا <شهوة الدم> ويقبلوا أن يكون هو الضحيّة ويأخذوا الثأر منه، أو يلتحقوا بـ<نهر الدم المقدّس في مسيرة الفداء على دروب القدس>.

ولا يمكن القضاء على عادة الثأر والانتقام برأي المحامية نوال ابي شهلا إلا بقيام دولة عادلة قوية تتمتع بقضاء فاعل يقرّ قانون اعدام القاتل، وتنزع السلاح من ايدي الناس لتكريس مفهوم السلطة الفاعلة المكلّفة وحدها بأخذ حق المظلوم والمعتدى عليه، فيشعر المواطن بالامان في ظل القانون.