تفاصيل الخبر

العميل الفاخوري على طاولة التهديدات الأميركية!

27/02/2020
العميل الفاخوري على طاولة التهديدات الأميركية!

العميل الفاخوري على طاولة التهديدات الأميركية!

 

بقلم علي الحسيني

عاد ملف العميل الإسرائيلي عامر الفاخوري القائد العسكري السابق لمعتقل الخيام المسجون في لبنان ليطرح نفسه مجدداً على واجهة الأحداث وذلك من نافذتين تهدف كل واحدة منهما إلى إخراجه من سجنه بعدما كان قد جرى توقيفه لحظة وصوله الى بوابة الامن العام في مطار بيروت حيث صودر جواز سفره وطلب منه مراجعة المديرية لتسوية اوضاعه، قبل ان ينتهي به التحقيق بإحالته الى القضاء فالمحكمة العسكرية. النافذة الأولى هي اللعب على وتر المرض بحسب وكيلي الدفاع عنه وتطرقهما إلى حالته الصحية <المتدهورة> بناء على تقارير طبية قالا إنها صادرة عن أطباء عاينوه منذ فترة وجيزة، والثانية تضمنت تهديداً ووعيداً للبنان وذلك بحسب السيناتورة الاميركية <جين شاهين>، التي هددت بمعاقبة الأفراد المتورطين في سجن الفاخوري، ونتيجة لهذا السلوك، فإن لبنان يمكن أن يجد نفسه قريباً تحت العقوبات بسبب هذا الاحتجاز.

 

تهديد ووعيد بالعقوبات.. والقضية عميل!

تهديد أميركي بعقوبات اقتصادية بحق لبنان من سيناتورة أميركية من أصول لبنانية تُدعى <جين شاهين> بسبب احتجازه عميل سابق في جيش انطوان لحد كان نكل بالمعتقلين اللبنانيين على مدى اعوام طويلة في معتقل الخيام خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، واللافت اليوم أن القاء السلطات اللبنانية القبض على هذا العميل بعد دخوله الأراضي اللبنانية، دفع السيناتورة <شاهين> إلى توجيه تهديدات ضد ما أسمتهم <أفراد> قالت انهم متورطون في سجن الفاخوري الذي وبحسب ما قالت، لا يوجد دليل يدعم التهم الموجهة الى العميل المذكور الذي يحمل الجنسية الأميركية، وتأتي ضغوطات <شاهين> للإفراج عن الفاخوري، بالتزامن مع الضغط الذي تُمارسه أسرته في الولايات المتحدة الأميركية على الرئيس <دونالد ترامب> ليتدخل في هذا الملف.

وقالت السيناتورة <شاهين> التي يُحكى عن سعيها للعمل على مشروع قانون عقوبات يطال الدولة اللبنانية، أن الوقت جوهري، والحكومة اللبنانية بحاجة إلى إدراك أنه ستكون هناك عواقب لاستمرار الاعتقال. كما أكدت أن العقوبات، مطروحة على الطاولة، لتأمين حرية الفاخوري، وذلك للم شمله مع أسرته وتوفير الرعاية التي يحتاجها على وجه السرعة، وقد شكرت عائلة الفاخوري في بيان السيناتورة الأميركية على مساعدتها ودعت إلى إطلاق سراحه فوراً، مشيرةً إلى أنه يعاني من سرطان الغدد الليمفاوية في المرحلة الرابعة وأنه مريض بشدة ويفتقر الى المستشفى والدواء الأساسي من أجل علاجه بشكل صحيح، ودعت <ترامب> الى المساعدة في إعادة هذا المواطن الأميركي البريء إلى الوطن، قائلةً إنه في حالة حرجة وكل يوم تتدهور صحته ونخشى أن يموت في لبنان.

من هو الفاخوري أو <جزار الخيام>؟

يذكر الجميع يوم خرجت إسرائيل من لبنان في العام 2000 بعد انهيار جيشها بفعل الضربات التي الحقتها المقاومة في بنيته العسكرية والأمنية واللوجستية. كما يذكر اللبنانيون تماماً كيف توجهت كل عدسات الكاميرات التابعة لوسائل إعلامية داخلية وخارجية إلى السجون التي كانت تحتجز اسرائيل في داخلها الأسرى اللبنانيين، وأبرز هذه السجون معتقل الخيام الذائع الصيت يومها إما لكونه كان يضم العدد الأكبر من المعتقلين والمساجين، وإما لكونه المكان الأكثر الذي يتعرض فيه المعتقلون إلى أسوأ أنواع التعذيب والممارسات القمعية. والأبرز من هذا كله، أن العميل الفاخوري هو من كان يُشرف على هذا المعتقل والمسؤول الأول عن زج آلاف المساجين فيه ومقتل العديد منهم تحت التعذيب الذي كان يُمارس بأشكال وأنواع مُختلفة، قبل التحقيقات وبعدها منها تعليق المعتقلين على الأعمدة لساعات طويلة بالإضافة إلى عمليات سحب الأظافر والتنكيل بالمقاومين، من هنا أُطلق عليه يومها لقب <جزار الخيام>.

وبمعنى اوضح، كان الفاخوري آمر سجن الخيام، وفي اثناء مهمته في امرة السجن رقي من رتبة ملازم الى رتبة نقيب. وكان مسؤولاً مباشراً عن كل الإرتكابات التي كانت تحصل في السجن، وكان جميع عناصره بمختلف المهمات المكلفين بها في امرته، وهو امر موثق لدى الاجهزة الامنية منذ حينه. ومع انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان في العام 2000، غادر الفاخوري الى إسرائيل ومنها إلى الولايات المتحدة الأميركية قبل أن يعود العام الماضي بجواز سفر أميركي بعد تسوية محاميه أوضاعه أمام النيابة العامة العسكرية التي وافقت اسقاط الاحكام عنه بمرور الزمن وذلك بناء على المادة الـ2/168 التي تنص على أن مدة مرور الزمن هي ضعف العقوبة ولا يمكن أن تتخطى العشرين سنة.

عند وصول الفاخوري إلى مطار بيروت تبين للأمن العام أن نشرته القضائية نظيفة رغم ادراجه على قائمة العملاء وعلى هذا الاساس حجز جواز سفره وطلب منه مراجعة الأمن العام لاسترداده، لكن عند المراجعة تم توقيفه. وبين شرعنة عملية توقيف الفاخوري وعدم وجود أسباب تستدعي هذا التوقيف، سارع الجيش الى نفض يده من الاتهام بالتورط في تنظيف البرقية 303 التي تضم أسماء مطلوبين خطيرين في مجالي العمالة لإسرائيل والتعامل مع الإرهاب.  وهنا تؤكد مصادر لـ<الافكار> أن المؤسسة العسكرية، ترفض رفضاً قاطعاً أن يتم وضعها في إطار الشبهة في مثل أمور كهذه، وهي المؤسسة المعروفة بأنها دفعت الغالي والنفيس على طريق مكافحة العمالة للعدو الإسرائيلي في زمن الحرب والسلم. لكن في المقابل ثمة حديث يدور في الصالونات السياسية والقضائية، يدل على حصول تعديل طاول البرقية 303 مثل سعي بعض المتنفذين السياسيين إلى سحب 60 عميلاً تم إدراج أسمائهم ضمن البرقية وبالتالي تنظيف سجلاتهم وقد يكون الفاخوري واحداً من هؤلاء أو يُعمل على شطب اسمه حالياً من البرقية المذكورة.

 

العزف على الوتر الصحي!

 

أصدر وكيلا الدفاع  عن العميل  الفاخوري فرنسوا الياس، وسيلين عطالله بياناً، تطرقا فيه إلى التطورات الصحية التي طرأت على موكلهم عامر الفاخوري، خلال فترة حجزه التي طالت بسبب المماطلة والتسويف الحاصل في القضية. وأكد أن الحالة الصحية لموكلنا متدهورة للغاية، بناء على تقارير طبية صدرت عن الأطباء الذين عاينوه، وتبين بموجبها إصابته بسرطان الدم الذي أصبح في مراحل متقدمة. ولفت البيان الى أن عامر الفاخوري، وإثر جلسات العلاج الكيميائي أُصيب بإلتهابات حادة منعته جسدياً من مقاومة هذا المرض، ووضعته في حالة عجز مصحوب بأوجاع وآلام مختلفة، ووضعه هذا بات يحول دون إمكانية تقديم العلاجات الكيميائية إليه، مشيراً إلى ان معظم أدوية السرطان اليوم أصبحت إما مفقودة أو نادرة بسبب الأزمة التي يمر بها لبنان الأمر الذي زاد من سوء حالة الفاخوري الصحية وتدهورها.

وختم البيان: من دون الغوص أكثر في تقنيات الوضع الصحي لعامر الفاخوري، فإنه بناء على ما سبق، ولاسيما التقارير الطبية، ندعو بصفتنا وكيلي الدفاع عنه إلى إطلاق سراحه فوراً لأسباب إنسانية ووقف محاكمة شخص يقبع على فراش الموت على الرغم من قناعتنا التامة بأن الملف مفبرك ولا أساس قانوني له. وفي هذا السياق يُشير مرجع قضائي سابق لـ<الافكار> إلى أن الدفاع عن عميل ولو بتصريح من نقابة المحامين إنما يتطلب الحد الأدنى من الإنسانية وقد يكون وكيلا الدفاع محقين في ما يقولانه، لكن هناك اسباباً أخرى تستدعي التريث وعدم الاستعجال في التماس الأعذار لبعض الحالات خصوصاً وأن هناك جزءاً كبيراً من اللبنانيين عانى ما عاناه سواء من الفاخوري أو غيره من العملاء، أو حتى من أشخاص آخرين ارتكبوا ممارسات بشعة بحق اللبنانيين.

وقالت المصادر: المشكلة أن لدى البعض وجهة نظر في عمالة الفاخوري تشيع بأن عودته إلى لبنان لا تستدعي توقيفه كون الجرم الذي ارتكبه سقط بمرور الزمن بموجب حكم صادر عن المحكمة العسكرية في عام 1998 أدانه بجرم التواصل مع إسرائيل، وبأن مع مرور 20 عاماً عليه يسقط الجرم حكماً. وأضافت المصادر: هنا لا بد من الإشارة إلى أن ثمة أمراً خطيراً قد ارتكب في ملف الفاخوري ويمكن أن يكون قد ارتكب مع عملاء آخرين تم إخراجهم من السجون، والخطورة ان عودة شخص بهذه المواصفات الجرمية التي مارسها وارتكبها بحق أبناء وطنه، وسحب المذكرات القضائية الصادرة بحقه يعني أنه جرى ترتيب وضعه قبل عودته لتجنيبه قرار التوقيف والملاحقة.

تدخل أميركي مستمر!

منذ اعتقال <جزار الخيام> والولايات المتحدة تحاول بشتى السبل التدخل في هذا الملف بغية إطلاق سراحه وإقصاء القضاء اللبناني عن أداء دوره والترويج للعمالة والتطبيع مع العدو، ولكن على السلطة اللبنانية مواجهة هذا التدخل، وفق ما يُشدد عليه العديد من الأسرى المُحررين الذين يعتبرون أن القضاء اللبناني والسلطات السياسية اللبنانية على المحك وأمام اختبار رفض الضغط الأميركي واختبار الاستمرار في حماية القضاء وتحقيق العدالة. كما التدخل الأميركي في قضية العميل الفاخوري ليس جديداً، إلا أنه ذهب إلى حد التهديد بعقوبات على الدولة اللبنانية. لذا فإن المطلوب من وجهة نظر المحررين هو أن يكون لدينا قضاء مقاوِم يحمي السيادة ويحقق العدالة.

وبالنسبة إلى الأسرى المحررين فقد كان شكل وصول وفد من السفارة الأميركية إلى المحكمة العسكرية خلال محاكمة الفاخوري، ورغم عدم استطاعته الدخول إليها، خيبةً كبيرة في صفوفهم وصفوف أهالي الشهداء. يقول أحدهم: في العام 2000 رفعنا عدداً من القضايا، وصدرت أحكام بعضها كان غيابياً. ومن بين هذه الدعاوى، كانت واحدة بحق العميل انطوان حايك، وكان عنصراً في الدرك، وجلاداً في معتقل الخيام، فصدر حكم بحقه لسجنه 10 سنوات، ثم استأنفوا الحكم فخُفض إلى عامين ونصف العام.

وفي السياق تكشف مصادر سياسية أن التدخل الأميركي في القضاء اللبناني ليس بأمر جديد، فقد سبق للسفارة الأميركية أن أصدرت بياناً تعلق بحادثة قبر شمون وقد شكل هذا الأمر انكشافاً واضحاً للنيات الاميركية تجاه لبنان باستمرار، إما من خلال تغليب مصالحها حتى من خلال خرق القوانين والأعراف، أو ضمن سياسة تقليب فريق على آخر تحت مزاعم الحرص على السلم الاهلي فيه.

ومؤخراً تم الكشف عن أن العميل الفاخوري، قد شكل محوراً مهماً خلال اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب بالسفيرة الأميركية في لبنان <إليزابيت ريتشارد>، فقد طلبت الأخيرة من الرئيس دياب المساهمة في إطلاق سراح الفاخوري خصوصاً أن الأخير يعاني من أوضاع صحية صعبة. وقد أعربت <ريتشارد> عن قلقها من توترات يُمكن ان تحصل في العلاقة اللبنانية ــ الأميركية في حال وفاة الفاخوري داخل السجن. لكن دياب أجابها بأن المسألة بالكامل ليست عنده بل عند رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو من يستطيع أخذ هكذا قرار. والأمر نفسه كانت بحثته السفيرة الأميركية مع رئيس <التيار الوطني الحر> النائب جبران باسيل الذي أكد لها أنه ضد أي عفو خاص، وأن قضية العميل الفاخوري عند القضاء المختص وهو الذي يبت فيها.