تفاصيل الخبر

العمــاد عــون في عنــق الزجاجــة والحريــري هو المخلّص!

22/09/2016
العمــاد عــون في عنــق الزجاجــة والحريــري هو المخلّص!

العمــاد عــون في عنــق الزجاجــة والحريــري هو المخلّص!

 

بقلم  وليد عوض

سعد-و-عون-----1

صحيح ان الهدنة التي أقرها في سوريا وزير الخارجية الأميركي <جون كيري> ووزير الخارجية الروسي <سيرغي لافروف> يمكن أن تكون فرصة من فرص السلام في الشرق الأوسط برغم ما اعتراها من اقتراحات، إلا انها لن تكون مدخلاً الى إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، لأن الخيوط السياسية في هذا الشغور متشابكة اقليمياً ودولياً ولم يأت الوقت المناسب لتفكيك هذه الخيوط وفرزها بعضاً عن بعض.

وإذا قالت حزام فصدقوها، فهي صاحبة الأذن الحساسة على الرمل للتنبؤ بالغزوات القبلية، ولكن إذا قالت واشنطن انها لا تتدخل في انتخابات الرئاسة اللبنانية، فلا تصدقوها، لأن الرئيس اللبناني الجديد واحد من مشاغلها لأنه يحكم بلداً نموذجياً في التعددية والعيش المشترك، وهو صالح للتبني في السياسة الأميركية.

ولكن أين هي السياسة الأميركية الآن؟ وأين موقعها من لبنان، وهي مع روسيا الجارتان الدوليتان المفروضتان علينا فرضاً في سوريا؟

حتى يبان الخيط الأبيض من الخيط الأسود في الانتخابات الرئاسية الأميركية مع الثلاثاء الثامن من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، ليس على اللبنانيين إلا أن يتمسكوا بالجنرال زمان، والجنرال انتظار، وهما الجنرالان اللذان اختارهما <نابوليون بونابارت> لمعاركه. وإحدى هذه المعارك، وهي <أوسترليتز> كللت رأسه بالغار، وثاني هذه المعارك، وهي <واترلو> على الجسر البلجيكي، كبدته العار والشنار، وأتاحت للقائد العسكري البريطاني <دوق ولنغتون>، أن يتفوق عليه شهرة بتكبيده الهزيمة ونفيه الى جزيرة <سانت هيلانه> وهو يرسف بالأغلال ويتفرج عليه السياح.

وعلى افتراض ان الفرج في الباب الأميركي أطل من يوم الثامن من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، فإن الجالس السعيد في البيت الأبيض لن يملك أوراق التحكم بأزمات الشرق الأوسط، قبل أن يستتب له المقام في المكتب البيضاوي، سواء أكانت <هيلاري كلينتون> هي صاحبة المفاتيح، أم المرشح الجمهوري الملياردير <دونالد ترامب>، أي ان شبح الرئيس اللبناني في قصر بعبدا لن يتراءى قبل آذار (مارس) 2017.

حتى ذلك الحين لا يملك اللبنانيون إلا الانتظام في صف وطني واحد، والانصراف الى معالجة الأزمات المعيشية، وفيها مرض وجوع وتقصير في طلب العلاج والدواء، حتى يكون لبنان جسداً معافى اجتماعياً حين يطل الرئيس الجديد من قصر بعبدا، فلا يكون أمامه وطن ممزق طائفياً وحزبياً، وتغلب فيه المصالح الخاصة وصفقات السمسرة في النفايات والميكانيك والكهرباء والطرقات، وما أكثر السماسرة في هذه القطاعات.

انتفاضة 13 تشرين الأول!

وبهذه الاعتبارات يتعين التعايش مع حكومة الرئيس تمام سلام، ولملمة أطرافها الخارجة من الثوب الحكومي، وأولها التيار الوطني الحر، فارس الساحة يوم الخميس 13 تشرين الأول (أكتوبر)، فيكون غالباً أو مغلوباً، قياساً للحضور الجماهيري. ولئن كان من حق التيار الوطني الحر أن ينتصر للعماد ميشال عون بعدما أخرجته الغارة الجوية السورية من قصر بعبدا، الى السفارة الفرنسية في الحازمية، ثم الى المنفى الباريسي ومنطقة <هوت ميزون> قرب العاصمة الفرنسية، ويعتبر ذلك الحدث اكليل غار في هامة العماد عون، فليس من حق التيار أن يدير ظهره لمشاكل الناس المعيشية، بل يقوى بها إذا تبناها، وكافح في سبيلها، حتى لا يتحول أكثر كلينتون-و-ترامب-----3اللبنانيين الى.. مهاجرين أو منتشرين في أنحاء العالم، بالاذن من صديقنا نعمة افرام رئيس مؤسسة <الانتشار>.

ويصح في حالة العماد عون أن تنطبق عليه صفة المظلوم، بعدما صدم رأسه برأس الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وقال فيه على الهواء ما لم يقله مالك في الخمر، وكانت عاقبة ذلك في النهاية هي المنفى، إلا انه وجد له مكاناً بارزاً في ثورة الأرز يوم 14 آذار (مارس) 2005، قبل أن يخرج من الصف الآذاري.

وسواء رضيت أم لم ترض عن سياسة العماد عون، فلا تستطيع إلا الاعتراف بحجمه الانتخابي الواسع في الشارع المسيحي، وإن كان مستشاروه قد أضاعوا بوصلة خريطة الطريق في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان..

وليس من الثابت حتى الآن ان القوى الدولية ذات التأثير والمصلحة في انتخاب الرئيس اللبناني قد أخذت العدة لمبايعة العماد عون بكرسي الرئاسة، ولا أتاحت لها أحداث سوريا، جارة لبنان التاريخية والاستراتيجية أن تفعل، بل سمعت في إذاعة الـ<بي بي سي> معارضين سوريين، مثل باسمة قضماني، يقولون ان الاتفاق الأميركي ــ الروسي حول سوريا ما يزال غامضاً، والمطلوب من الولايات المتحدة أن تنشر بنود هذا الاتفاق المكتوم، حتى لا يكون هناك ورق من فوق الطاولة وورق من تحت الطاولة. والورقة المستورة تحت الطاولة هي اتفاق الاثنين على إنشاء مركز لتبادل المعلومات في جنيف.

 

يا مجلس الأمن هات قرارك!

  

وخريطة طريق <جون كيري> و<سيرغي لافروف> ما تزال تحت الاختبار، وقد تكون مدخلاً الى الحل السياسي المطلوب في سوريا، بعدما فتحا طريق <الكاستيلو> للمواد الغذائية والصحية الى المحاصرين في محافظة حلب، وادلب، وقد عانوا الويلات من الغارات الجوية، وهجمات الصواريخ والراجمات، وآن لهم أن يستردوا أنفاسهم، ويردوا غائلة الجوع عن أطفالهم، وكارثة التهجير عن نسائهم.

ويذهب الرئيس تمام سلام بالأمس الى نيويورك لحضور الدورة الواحدة والسبعين لهيئة الأمم، مستقوياً بأن لبنان هو واحد من مؤسسي الأمم المتحدة في مؤتمر <سان فرانسيسكو> خريف 1945، وكان الوفد اللبناني المؤسس برئاسة الوزير وديع نعيم وعضوية الدكتور عبد الله اليافي نائب بيروت، والدكتور صبحي المحمصاني، ويوسف سالم، والسفير شارل مالك واضع اللبنة الأولى مطلع الخمسينات في ميثاق حقوق الانسان. ولكن هذا الماضي الجميل للبنان في هيئة الأمم لا يشفع له في مواجهة عبء النزوح السوري الذي يقارب المليون ونصف المليون نسمة بين رجل وامرأة وطفل، فلم يحصل رئيس وزراء لبنان حتى الآن على وثيقة أممية ترفض توطين النازحين السوريين في لبنان. ولن يهنأ لتمام سلام بال، أو يطيب له منام، إلا إذا صدر عن مجلس الأمن قرار برقم معين يرفض كل توطين في لبنان للنازحين السوريين.

ومثل هذا القرار غير مرشح للصدور ما دام أمين عام الأمم المتحدة <بان كي مون> متمسكاً بعبارته الملغومة وهي: <العودة الطوعية للنازحين السوريين في لبنان>، ومعنى هذه العبارة ان النازح السوري يستطيع أن يعود الى بيته في سوريا، إن شاء ذلك، ويستطيع كذلك أن يبقى في لبنان إذا أراد.

وقد اجتمع مجلس الأمن على مستوى سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في السراي الحكومي برئاسة تمام سلام، ومعهم سفيرة الأمم المتحدة <سيغريد كاغ>، وكان هذا الاجتماع عبارة عن <بروفة> لجلسة الأمم المتحدة التي خطب فيها الرئيس سلام وطلب أن يشاركه المجتمع الدولي في حل مشكلة النزوح السوري، خصوصاً وان الهدنة التي كان عرابها كل من الوزير الأميركي <كيري> والوزير الروسي <لافروف> تتجدد مرة بعد مرة بانتظار أن تصبح هدنة دائمة، فمرحلة سلام، أي أن تتوفر الأجواء لعودة النازحين السوريين الى ديارهم.

بين 1948 وسلام-وهولاند-----22016

 

ووضع النازح السوري مختلف تماماً عن وضع اللاجئ الفلسطيني الى لبنان بعد نكبة 1948. فاللاجئ الفلسطيني فقد بيته وأرضه بالاحتلال الاسرائيلي، وجاءت مذبحتا دير ياسين وكفرقاسم وبقر بطون النساء الفلسطينيات الحوامل بسكاكين الميليشيات الصهيونية، وأصبحت عودته الى بيوته وبيارته من الصعوبة بمكان، فقوبل وجود النازحين الفلسطينيين بالتوطين إذا كانوا أغنياء من كبار أصحاب الرساميل والشركات مثل يوسف بيدس، وبدر الفاهوم، ورفعت النمر، وادريان جدي، وأنيس البيبي. أما الفقراء منهم فأنشئت لهم مخيمات ولا تزال بدون اعطائهم الجنسية.

وكما ان جلسة أيلول (سبتمبر) هي آخر جلسة يحضرها <بان كي مون> بحكم انتهاء ولايته وعودته الى مسقط رأسه في كوريا الجنوبية، كذلك فهي أهم جلسة تاريخية يحضرها ويخطب منها تمام سلام كرئيس وزراء، وقائم مقام رئيس الجمهورية الذي لم يأت، ولا بد أن يكون قد أعد لها العدة السياسية المطلوبة حتى تصبح جزءاً من تاريخه السياسي والوطني.

وأول هذه العدة صرخته المطلوبة ضد توطين النازحين السوريين، واستحصاله على قرار من مجلس الأمن ضد التوطين تمشياً مع مقدمة الدستور. ولا بد أن يكون الرئيس سلام وهو يجتمع بسفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن قد استحصل على الوعود منهم بارسال التقارير المطلوبة ضد التوطين الى عواصم قرارهم، شارحين الكارثة التي ستنزل بالبلد، إذا بقي النازحون السوريون في لبنان ولم يغادروه، وأولها الكارثة المعيشية، لأن ضغط مليون ونصف مليون لاجئ سوري على الحياة اليومية في لبنان أقوى من أن يحتمله هذا البلد الصغير حتى لو كان أهم بلد صغير في العالم!

وهذا البلد الصغير على موعد يوم 28 أيلول (سبتمبر) الجاري لانتخاب رئيس للجمهورية وقد يكون هذا الموعد خاتمة الأحزان السياسية في لبنان، بعدما انتشر خبر يقول ان الرئيس سعد الحريري قبل سفره الى الخارج في إجازة، زار الرئيس نبيه بري وأخبره ان مصلحة البلد عنده تتقدم على النوازع الشخصية، وان الخارج غير مهتم بالشغور الرئاسي، وبناء عليه، وفداء للاستقرار في لبنان، سيعلن تصويته للعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وهو أمر لا يلقى هوى عند الرئيس نبيه بري ويعلن تأييده سلفاً للنائب سليمان فرنجية، ولو كلفه ذلك الانسحاب من جلسة انتخاب العماد عون لرئاسة الجمهورية.

ولم يأت أي تكذيب أو تصحيح من الرئيس بري لهذا النبأ، ولا من الرئيس سعد الحريري بل جاء الرد السلبي من بعض نواب تيار <المستقبل> بأن اختيار ميشال عون لكرسي الرئاسة في قصر بعبدا غير وارد، وإذا استطاع أن يجمع حوله 66 نائباً فمبروك له كرسي الرئاسة. وفي هذا الوقت يلوّح الوزير ميشال فرعون والنائب سيرج طورسركيسيان بايجابية الميل الى اختيار العماد عون.

ولا مجال للضرب بالرمل أو التبصير في الفنجان، ما دامت جلسة الثامن والعشرين من أيلول (سبتمبر) الجاري هي الكلمة الفصل في الموضوع!