تفاصيل الخبر

الـعـلـويـــون أو الـنـصـيــريــــة يـنـتـشــــرون فــي الـسـاحـــل الـســـوري ويشكـلـــون 15 في المئـــة مــن السكـــان!

10/02/2017
الـعـلـويـــون أو الـنـصـيــريــــة يـنـتـشــــرون فــي الـسـاحـــل  الـســـوري ويشكـلـــون 15 في المئـــة مــن السكـــان!

الـعـلـويـــون أو الـنـصـيــريــــة يـنـتـشــــرون فــي الـسـاحـــل الـســـوري ويشكـلـــون 15 في المئـــة مــن السكـــان!

 

بقلم حسين حمية

ادونيس----A  

ترافقت الحرب السورية القائمة منذ العام 2011 مع طروحات تقسيم هذا البلد الى <كانتونات> طائفية وإتنية تهدد وحدة سوريا وهي مؤامرة قديمة متجددة تعيدنا الى أيام الانتداب الفرنسي عام 1930 يوم اصدر المفوض السامي الجنرال <هنري غورو> قراره الشهير بتقسيم سوريا الى أربع دويلات مستقلة هي: دولة دمشق التي تضم مدن حمص وحماه ووادي نهر العاصي إلى جانب دمشق العاصمة بعدما نزع منها المقاطعات الأربع التي كانت من ضمنها زمن الاحتلال العثماني وهي صيدا وطرابلس الشام وبيروت وسهل البقاع وضمت الى لبنان الكبير، ودولة حلب التي تضم مدن دير الزور والرقة والحسكة إلى جانب مدينة حلب العاصمة، ودولة العلويين التي تشمل محافظة طرطوس وبعض المناطق مثل سقيلبية وتلكلخ وجسر الشغور إلى جانب اللاذقية العاصمة، ودولة جبل الدروز التي ضمت منطقة السويداء فيما اعطيت الاقاليم الشمالية لتركيا بموجب معاهدة أنقرة وترسيم الحدود بين القوة الاستعمارية وتركيا، لكن هذا التقسيم الاستعماري سقط الى غير رجعة وعادت سوريا موحدة.

 واليوم يعود الحديث عن تقسيم سوريا رغم ان مؤتمر استانة في كازاخستان للمفاوضات السورية اكد بلسان النظام والمعارضة على وحدة سوريا التاريخية، الا ان المؤامرات باقية ما بقيت اسرائيل وحماتها الذين يخططون على الدوام لتقسيم البلاد العربية الى دويلات طائفية ومذهبية واتنية تتصارع فيما بينها ويسود الكيان الصهيوني على حسابها ويضمن مبرر اعلان يهودية دولته ويبقى الكيان الاقوى وسط دويلات ضعيفة ومتصارعة. وهنا نستحضر الواقع الطائفي والمذهبي والاتني السوري القائم على التنوع ويضم السنة والعلويين والشيعة والمسيحيين والدروز والعرب والاكراد والتركمان، ونحاول الاضاءة على المذهب العلوي لاسيما وان رئيس الجمهورية بشار الأسد ينتمي الى هذا المذهب.

 

سليمان-العيسى---Aأصل التسمية

فالطائفة العلوية تستمد اسمها من اسم علي او علوي نسبة الى الامام علي بن ابي طالب، حيث يطلق على كل من تولّى الإمام علي. وفي عهد الصفويين أطلق الاسم على طائفة في شرق الأناضول تقول بتأليه الإمام علي فسماها الأتراك <علي إلاهي> ثم صار اسم طائفة شيعية في تركيا، وكلمة علوي في اللسان التركي تلفظ <ألافي>. كما يطلق على هذه الطائفة اسم <النصيرية> المنتمية الى الشيعة الجعفرية والمتميزة عنها بدعوتها الباطنية والمرتبطة اصلاً بمحمد بن نصير النميري الذي كان مقرّباً من الإمام الحادي عشر الحسن العسكري، لكن بعد اختفاء الإمام الثاني عشر محمد المنتظَر <المهدي>، بدأ ابن نصير بادّعاء لقب النبوّة، بل لقب <الباب>. وقد تجمّعت حوله طائفة من الانصار وسرعان ما نشروا تعاليمه في العراق وسوريا، وهي تقول بالاسلام المحمدي عبر الأوصياء الشرعيين للنبي وهم الأئمة الـ 12 حيث كان أوائل من اطلق عليهم الشيعة هم أصحاب الإمام علي ومن يواليه هم شيعته، واستمر التشيع في من يحملون عقيدة الايمان بإمامة الأئمة 12 واعتماد القرآن الأحاديث النبوية والسنة، والإجماع العقل، مع الايمان ان الخلافة بعد الرسول يجب أن تكون للإمام علي، لكن الشيعة الجعفرية لا تعترف ببابية محمد بن نصير في فترة الغيبة الصغرى للامام المهدي، ووصفوا أبناء هذه الطائفة بأنّهم من الغُلاة لأنّهم بالغوا في الإعجاب بالامام عليّ، إلى درجة الالوهية.

وخلف ابن نصير على رئاسة الطائفة محمد بن جندب ثم أبو محمد عبد الله بن محمد الجنان الجنبلاني، والحسين بن حمدان الخصيبي الذي استحدث مركزاً للطائفة في حلب، وبعده جاء أبو سعد الميمون سرور بن القاسم الطبراني الذي نقل المركز الى اللاذقية، بعد سقوط مركز بغداد مع دخول المغول الى العراق.

الشيخ-صالح-العلي----Aالعلويون زمن سيف الدولة

وكان العلويون في عصر سيف الدولة الحمداني في حلب يتمتعون بكل حرية في ممارسة طقوس مذهبهم، لكن مع سقوط دولة بني حمدان تمكن الفاطميون الاسماعليون من الاستيلاء على حلب وتنكروا لإخوانهم العلويين وجرّدوهم من مناصب الدولة واستأثروا بالحكم وتصريف أمور البلاد دونهم، فانكمشوا على أنفسهم وانطووا على ذواتهم تجنباً للفتن.

وعقب سقوط الدولة الفاطمية، أسس صلاح الدين الأيوبي دولة الايوبيين سنة 1175، فعاش العلويون في بلاد الشام عصراً من التضييق عليهم في ممارسة عملهم، بعدما أمر صلاح الدين الأيوبي أن لا تُقبل شهادة أحدولا يقدّم للخطابة ولا للتدريس إلا إذا كان مقلداً لأحد المذاهب السنية الأربعة، وقد عزل أيضاً قضاة الشيعة واستناب عنهم قضاة شافعية في أرجاء دولته بمصر وسوريا.

وقام صلاح الدين الأيوبي بحَبَس بقايا العلويين في مصر، وفرّق بين الرجال والنساء حتى لا يتناسلوا، وقد أبادَ المكتبات العلمية وأتى على محتوياتها. وبقي بعدها الأيوبيون يُضيّقون على العلويين الخناق ويُبعدونهم عن موارد الحُكم، وحينذاك لجأوا إلى العَيش في أكناف هذه الجبال، لضعفهم عن المقاومة.

العلم-العلوي-زمن-تقسيم-سوريا---A

تكفير ابن تيمية

 

وعند قيام دولة المماليك سنة 1250 وقبضها على زمام الحكم تنفّس العلويون بعض الصَعَداء لإعلانها مذهب التشيّع وإعادة الجَهر بالأذان: <حي على خير العمل>، ولكنّهم بقوا بمعزَلٍ عن الحُكم باستثناء تَسَلُّمْ بعض الإمارات في لبنان من قِبَل أحفاد التنّوخيين الذين هاجروا إليها وقد دافعوا عنها ضد غارات الإفرنج، لكن بعد ذلك سارت حملة عسكرية إلى جبال كسروان في لبنان، بأمر من السلطان محمد بن قلاوون سلطان مصر لإبادة العلويين، وذلك إثر فتوى أصدرها الفقيه تقي الدين ابن تيمية التي قال فيها <بأنّ دم العلويّين مباح إنْ لم يتوبوا ويعودوا لدين الإسلام، لأنّهم أكفر من اليهود والنصارى، بل وأكفر من كثير من المشركين>، لا بل كان ابن تيمية على رأس الحملة التي أبادت وقتلت الكثير من العلويين وشرّدتهم وحصلت مجازر في شمالي لبنان، لاسيما في القنيطرة والعاقورةونواحي البترون وعكار الضنية، والذين تخلصوا من البطش رحلوا إلى جهات اللاذقية وأنطاكية واعتصموا في جبالها وبقيَ القليل منهم في لبنان.

ومع مد الدولة العثمانية أذرعها إلى بلاد الشام والعراق ومصر وبلاد الحجاز عام 1516، بدأ فصل جديد من معاناة العلويين، فقد عانوا الويلات إبّان الحكم العثماني الذي امتد لأربعة قرون وسنتين، وقام السلطان سليم العثماني بشن حملات ضد العلويين في محاولة لاستئصالهم من جذورهم وقطع دابرهم، وجلب عشائر تركية من الأناضول الى المنطقة.

حافظ-الأسد---Aوبسقـــــــــوط الامبراطوريــــــــــــــــــة العثمانيــــــــــــــــة عــــــــــــام  1918واستبدالها بالانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان، منح الفرنسيون حكماً ذاتياً لهم وانخرط بعضهم في صفوف الجيش الفرنسي المحلي، وظهر الانقسام العلوي ازاء الانتداب الفرنسي وولد تيار مقاوم للفرنسيين على رأسه الشيخ صالح العلي الذي دعا الى وحدة سوريا وحارب الاستعمار الفرنسي، فيما احتضن الفرنسيون سليمان المرشد الذي ادعى الألوهية، وآمن به وتبعه كثير من النصيريين الى ان حوكم على فعلته بعد الاستقلال وأعدم شنقاً عام 1946 الى ان كان العصر الذهبي للعلويين عام 1973 عندما تسلم حافظ الاسد العلوي الرئاسة السورية واكمل ابنه بشار الحكم من بعده حتى اليوم خاصة وان حزب البعث ساهم منذ العام 1970 في صعود الطائفة العلوية وجذبه ابنائها الى صفوفه وهم الذين عانوا الفقر والحرمان والتهميش وانتقلوا الى المدن ووصلوا الى اعلى المراكز.

انتشار العلويين اليوم وأشهر أعلامهم

ويشكّل العلويّون في سوريا حوالى 15 في المئة من مجموع السكّان ويتراوح تعدادهم بين مليون ومليوني نسمة، ويتجمعون في منطقة الساحل وجبال العلويّين المواجهة للبحر، اضافة الى تجمّعات أخرى في مناطق وقرى حول حماة وحمص ودمشق وحلب. وهناك تجمّعات علويّة في عكار و جبل محسن في طرابلس ويتمثلون منذ الطائف بنائبين. كما ان هناك جاليات علوية في الأردن والعراق وفلسطين وإيران، وكذلك في اليونان وبلغاريا وألبانيا، وفي أميركا وحدها يوجد أكثر من ربع مليون علوي، وفي المانيا 600 ألف شخص، وهناك نحو 150 ألفاً آخرين في فرنسا. وقد اعترفت السلطات في النمسا رسمياً في العام الماضي بهم كطائفة دينية مستقلة، ويبلغ عدد العلويين هناك نحو 60 ألف شخص، فيما يشكل علويو تركيا نحو 20 في المئة من السكان اي اكثر من 15 مليون لكن هؤلاء من الاتراك وليسوا عرباً كما حال العلويين السوريين والباقين المنتشرين في المنطقة العربية.

ومن أشهر العلويين المعاصرين الرئيس الراحل حافظ الأسد وابنه بشار الأسد، الشيخ الراحل صالح العلي اضافة إلى عدد من الكتاب والمفكرين كالشاعر أدونيس(علي أحمد سعيد إسبر)، الشاعر بدوي الجبل(محمد سليمان الأحمد) والشاعر سليمان العيسى والشاعر والمسرحي ممدوح عدوان وسعد الله ونوس وغيرهم.

بدوي-الجبل----Aتقسيم-سوريا-زمن-الفرنسيين----Aالجنرال-غورو----A بشار-الاسد---A