بقلم وردية بطرس
[caption id="attachment_82345" align="alignleft" width="321"] نماذج تطبيقية عن ورش العمل.[/caption]العلاج بالموسيقى هو علاج صحي مبني على التفاعل مع الموسيقى من أجل تحقيق أهداف معينة في صحة الشخص المقابل، ولكن يجب أن يكون الشخص الآخر مؤهلاً لذلك وموافقاً على برنامج العلاج بالموسيقى. العلاج بالموسيقى عبارة عن عملية يقوم خلالها المختص بالعلاج الموسيقي باستخدام الموسيقى وكل من جوانبها البدنية والعاطفية والعقلية والاجتماعية والجمالية والروحية لتحسين الحالة العقلية والبدنية للمريض، وهو أحد العلاجات المساندة للعلاجات الطبية الأخرى. أُستخدمت الموسيقى كعلاج منذ قرون اذ كان يُمارس في العصور القديمة لطرد الأرواح الشريرة. فمثلاً يُعتبر "أبولو" أحد آلهة الأغريق القدماء إلهاً للموسيقى والطب. "أسقليبيوس" بدوره أشار الى استخدام الموسيقى في علاج أمراض العقل، كما أًستخدمت الموسيقى كعلاج في المعابد المصرية. وقال (أفلاطون) إن الموسيقى يمكن ان تؤثر على العواطف وبالتالي يمكن أن تؤثر على طبيعة الفرد، أما (أرسطو) فقد اعتقد ان الموسيقى تؤثر على الروح ووصف الموسيقى كقوة تطهر المشاعر. واستخدم (كورنيليوس) صوت الصنج النحاسي والماء لعلاج الاضطرابات النفسية. يوجد العلاج بالموسيقى في الولايات المتحدة منذ العام 1944 عندما تم انشاء أول برنامج يدرس في العالم من قبل جامعة (ميشيغان) وأول برنامج للخريجين في جامعة كنساس.
وفي لبنان هناك مركز CPRM وهو مركز متخصص يقدم العلاج النفسي التحليلي والتحليل النفسي اذ انطلق في العام 2016 مع معالجين محترفين وذوي خبرة يمارسون العلاج النفسي منذ العام 2006. وتتمثل مهمة المركز في نقل ثقافة العلاج النفسي في لبنان وضمان الممارسات الأخلاقية في البلاد بما يتماشى مع المعايير الدولية. ووفقاً لذلك يتعاون برنامج المركز مع المجتمعات المحلية من خلال ورش العمل والأنشطة الميدانية والمؤتمرات لتحقيق الأهداف المحددة لمهمته.
استشارية مركزCPRM الدكتورة مكي وأنواع العلاج
"الأفكار" تحدثت مع نقيبة المعالجين والمحللين النفسانيين في لبنان الدكتورة رجاء مكي وهي استشارية المركز وأيضاً تقوم بتدريب المحللين النفسانيين في المركز اذ لديها البُعد الاستشاري والبُعد التدريبي. وهي عضو في الجمعية الفرنسية للعلاج والتحليل النفسي وأيضاً في الجمعية الأوروبية للمحللين والمعالجين النفسانيين. ونسألها بداية عن نوع العلاج:
- أولاً CPRM هو مركز علاجي تحليلي يعتمد التحليل النفسي. وهناك نوعان من التدخل العلاجي: النوع الأول هو طويل الأمد، النوع الثاني هو مساعد مثلاً Musical therapy، ويقدم المركز العلاج للناس حسب حاجاتهم وطلبهم ضمن الاطار التحليلي. ولدينا دورات تدريبية دائمة تكون قائمة على التعلّم والأفكار والمفاهيم. لا يقدر ان يكون الشخص محللاً نفسياً بدون أن تكون لديه فكرة التدرّب، وانني أساعدهم على ذلك طبعاً بالحفاظ على سريتها وكيف يتعاملون معها، نحن نطبق الطرق المعتمدة كافة في مدارس التحليل النفسي في أوروبا. ولدينا دورياً أمور نقوم بها في المركز، وتعليم البُعد التعلمي، أي نعلّمهم المهارات التدريبية لتقوية معارفهم النظرية. وهناك برامج بديلة مثل التحليل النفسي التعاضدي للأجيال او لدينا دراسة عن الأسر المركّبة او بما يتعلق زيادة الوزن وما هو البُعد النفسي له، ولكن أيضاً هناك أمر مهم هو التناظر، يعني يكون هناك فرق عمل يعملون معاً ويكون هناك مسؤول لكي يتحدثوا معه عن حالتهم بإطار من السرية دائماً وعدم استخدام الأسماء. وأيضاً هناك مجموعات بحثية تعمل على التحليل النفسي، كل سنة يكون هناك فرق بحثية.
وتتابع:
[caption id="attachment_82343" align="alignleft" width="452"] المعالجون والمتدربون.[/caption]- أيضاً نساعد بتقديم المشورة وتنظيم المؤتمرات اذ كل سنة يُقام مؤتمر سواء مع الجامعة اللبنانية او بعض الجمعيات. وتجدر الاشارة الى ان الصبايا في المركز قاموا بدعم نفسي مجاني مرتين: مرة في ظل جائحة الكورونا، ومرة بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب (أغسطس). وهذا العمل يتطلب جهداً كبيراً، فلولا أن الأعضاء لم يكونوا مؤمنين برسالتهم الانسانية ومؤمنين برسالة التحليل النفسي والدعم للناس لما استطاعوا ان يمارسوا عملهم، أصلاً نحن مجتمع نسعى لنشر الثقافة والتوعية على التحليل النفسي. قمنا بتوأمة مع جمعيات موجهّة لعامة الناس وتحتاج للتوعية، وأيضاً مع جمعيات أخرى، اما من خلال تقديم الدعم النفسي واما محاضرات تدريبية وتوجيهية باطار الدعم النفسي، وتُقدم طبعاً مجاناً. واليوم هناك ما بين 20 و 24 محللاً نفسانياً في المركز.
* هل كان هناك اهتمام بهذا الاختصاص ام أنه زاد الآن أكثر؟
- لطالما كان هذا الاختصاص موجوداً ولكننا نسعى أن ننشر ويستقطب الأشخاص الذين يحبون العلوم الانسانية والنفسية والاجتماعية ، اذ إنه مهم جداً ان يُدرس علم النفس المرضي، وطبعاً يجب ان يكون تحت رعاية وتدريب مستمر، في السابق كان الأشخاص يأتون وهم يريدون ان يعملوا على أنفسهم وأن ويتدربوا، ولكن الآن أصبح هناك اقبال على التخصص في التحليل النفسي ولكن على الرغم من محاولات حثيثة لتنظيم المهنة لا يزال الأمر مربكاً، وطبعاً هناك تعاون مع وزارة الصحة بالأطر والوثائق كافة خصوصاً باطار تنظيم المهنة وغيرها.
* ما هي أكثر الحالات التي ترونها في الآونة الأخيرة حيث زادت هموم الناس ومشاكلهم في ظل جائحة الكورونا والأزمة الاقتصادية؟
- أكثر الحالات التي نراها ترفض القول إنها تشعر بالتعب، ولكن بمعية الأهل يأتي الينا الصغار على الرغم بأننا نعيش في مجتمع لا يعبّر الصغار عن أنفسهم. ومن جهة أخرى دفعت وسائل التواصل الاجتماعي الانسان ليعبّر عن نفسه، ولكن مع ذلك لا نزال نخاف ولا نفسح المجال للولد أن يعبّر عن نفسه لأنه للأسف حرية التعبير لا تُمارس كما يجب في مجتمعنا، والدولة الغائبة في الكثير من الأماكن وصورة الأب التي تنهار تؤثر كثيراً بتربية الأولاد وتؤثر على الأسر اذ هناك حالات طلاق وهناك أسر مركّبة، ليست الأسر المركبّة هنا كما هي في الخارج فعندنا البُعد الاجتماعي خانق أكثر وبالتالي المشاكل التي يعاني منها الثنائي تكون أقسى، كما ان المشاكل المادية زادت أكثر في ظل وباء الكورونا. والسبب اننا ننشر ثقافة العلاج لأنه الناس ليست دائماً بحاجة الى أدوية، فالشعب اللبناني يستهلك الأدوية كثيراً أكثر من المجتمعات الأخرى .وكان هناك ردة فعل من قبل الأطباء النفسانيين على عدم استخدام الأدوية في فرنسا، ولهذا لا يجب أن تُعطى الأدوية لأي كان، يجب أن يعرف الشخص كيف يتحدث ليقدر ان يعبّر عن نفسه. وعندما يتكلم عليه ان يقول إنه تألم او انزعج من كذا وكذا بدل ان يكبت مشاعره.
العلاج عبر الاونلاين
* هل استمر نشاطكم خلال جائحة الكورونا؟
- هذه هي المشاكل التي عانى منها المحللون النفسانيون لأن الناس لا يحبون كثيراً الاونلاين ويفضلون وجهاً لوجه، وبهذا الاطار كنا نتابع المراجع التي نتعامل معها في الخارج، وطبعاً اضطررنا الى القيام بالعلاج عبر الاونلاين لكي لا نتوقف واقمنا حلقات بحثية لنواكب الناس، ولغاية الآن يتعلّم الأشخاص المسجلون في المركز عبر الاونلاين ضمن الأوقات التي أقدر ان أساعدهم فيها. الناس الذين لديهم مشاكل تُقدم لهم الرعاية بأي طريقة. الفريق ناشط أسس نفسه وعمل كثيراً ليقدم الاستشارة للبقية بكفاءة عالية ودائماً يعملون على تحسين أدائهم لأن هذا أمر جيد ويخدم المجتمع اللبناني. والضغوطات التي يعيشها اللبنانيون عدا عن الوضع الاقتصادي هي ضغوطات تأخذ الانسان من ذاته وتجعله غريباً عن ذاته، وتسبب له الاضطراب لهذا يجب ان نؤسس جزءاً من لبنان الجديد اذ يجب ان يكون ببُعده النفسي التصالحي.
المديرة الإدارية للمركز والمعالجة النفسية ريمي الزير والعلاج بالموسيقى
[caption id="attachment_82344" align="alignleft" width="199"] ريمي الزير: الانسان يحتاج للغة لكي يعبّر لذا أنا أستخدم لغة الموسيقة لأنها عالمية[/caption]ونسأل المديرة الادارية للمركز المحللة النفسانية ريمي الزير عن العلاج بالموسيقى فتقول:
- كوني أعمل في الموسيقى وأدرّس الموسيقى منذ العام 2008 صادف انه كان لدي بعض الحالات من ذوي الاحتياجات الخاصة فكنت استخدم الموسيقى من أجلهم وبدأت أدخل الموسيقى مع الاختصاص، وأحياناً أقوم بالعلاج بالموسيقى في المركز، ولكن ليس كثيراً لأن هذه المسألة لم تصل بعد الى الناس كثيراً كما في الغرب ولم يتقبلّوها كما يجب... بالنسبة للمركز بالأساس كان عيادة من ثم انطلق بهذه الصيغة وتوسّع كثيراً في العام 2016. المركز لا يقدم فقط العلاج النفسي الذي يعرفه كل الناس على اساس التحليل النفسي ودائماً العلاج بالتحليل النفسي يتطلب وقتاً طويلاً. اضافة الى ذلك نقوم بتدريب المعالج اذ يتدرب أقله لمدة أربع سنوات ما بين النظري والتقني والتدريبات وورش العمل وغيرها ليقدر ان يطبقه بدوره على الناس الذين يحتاجون العلاج، وفي الوقت نفسه ممنوع ان نمارس هذه المهنة قبل ان نخضع لعلاج نفسي لأن أي معالج سيعمل مع المريض يجب ان يكون قد خضع للتدريب أيضاً لأننا كلنا معرضون ولدينا رواسب معينة من طفولتنا وخصوصاً في لبنان. والمركز لا يمنحنا الشهادة ما لم نخضع للعلاج النفسي. وحتى اذا كان المعالج يخضع للتدريب فاذا لم يخضع للعلاج النفسي خلال التدريب او بعد ذلك فلن ينال الشهادة اذ ستكون شهادة ناقصة. بالنهاية اذا لم يعمل الانسان بجهد فلن يقدر ان يعمل للآخرين. مثلاً اذا كان الشخص قد تعرض لتحرش في صغره ولم تُحل المشكلة فيظن أنه لا يفكر بالأمر او يتحدث عنه فاذا أتى اليه مريض كان قد تعرّض للتحرش فأي شيء سيقوله المريض سيتذكر المعالج ما حصل معه، بالتالي لن يقدر ان يعمل مع المريض بطريقة موضوعية، أي لن يقدر ان يقدم له العلاج لأنه لم يتعالج، اذا لم يكن جاهزاً فكيف سيعمل مع المرضى. الجميع يعتقد أنه اذا كان الشخص لديه شهادة او دكتوراه أنه جاهز ليعالج وهذا غير صحيح لأن هناك مبادىء معينة يجب الالتزام بها.
وتتابع:
- بالنسبة للعلاقة مع الناس يجب أن تكون على الحياد وأي شيء يمكن ان يخترق هذه العلاقة فلن يستفيد المريض من العلاج. فاذا لم تكن الشفافية سليمة وصحيحة بين المعالج والمريض فسيؤدي ذلك الى مشكلة من الجهتين فمثلاً اذا تعلّق المريض بالمعالج كثيراً فلن يستفيد واذا لم يعجبه أبداً فهذا أيضاً لن يساعده. كما يقوم المركز بتدريب الطلاب الذين يدرسون الاختصاصات في الجامعات اذ يتطلب هذا الاختصاص أن يكون الشخص قد خضع لتدريب معين لذا يقصدون هذا المركز للتدرب. وبدورنا نقيم ورش عمل ونشاطات بالتعاون مع البلديات وبيننا في المركز، كما نقوم بعمل خيري خلال أعياد الميلاد لأن جزءاً من عملنا ان نشعر مع الآخرين. وبسبب جائحة الكورونا لم نستطع ان نقوم بأنشطة كما كنا نفعل في السابق.
مجموعة متخصصة لمعالجة الاقلاع عن التدخين والسمنة وغيرها
[caption id="attachment_82342" align="alignleft" width="375"] المعالجون النفسيون في المركز.[/caption]وعن Thematic Groupsتشرح:
- هي مجموعة متخصصة لنوع معين من العلاج. فعلى سبيل المثال اذا أراد أحدهم الاقلاع عن التدخين فلدينا مجموعة مهمتها أن تساعد المدخنين الذين يودون الاقلاع عن التدخين، ولكن عملنا يكون دائماً ضمن العلاج النفسي. فالشخص الذي يريد ان يقلع عن التدخين فأولاً لكي يبدأ بالتدخين هناك سبب لذلك وحتى لو كان صديقه قدم له السيجارة ليدخن ولكن هناك الكثير من الأشخاص حتى لو دعاهم أحدهم فلا يدخنون. والأهم من كل ذلك هو الالتزام بالسرية ضمن كل مجموعة اذ الجميع يجب ان يعرفوا أنه كشخص ضمن هذه المجموعة عليه أن يلتزم بالسرية مما سمعه من الآخرين عن تجربتهم وبالتالي يعرفون عن بعضهم البعض كثيراً ولكنهم لا يفشون ما سمعوه احتراماً لخصوصية كل انسان. كما عملنا مع الأشخاص الذين كانوا يعانون من الوزن الزائد لأنهم يأكلون كثيراً ولا يقدرون ان يخسروا من أوزانهم مع العلم أن هناك أشخاصاً يملكون الارادة لخسارة الوزن ولكن هناك أمر ما يمنعهم من القيام بذلك. وهناك مثلاً أشخاص اختبروا تجربة الطلاق. ومن ضمن المجموعات هناك مجموعة العمل معها جميل جداً وهي مجموعة Blended Family أي عندما يكون الشخص مطلقاً ولديه أولاد وارتبط بامرأة مطلقة ولديها اولاد اي اندمجت العائلتان معاً فهؤلاء الأشخاص عندما يعملون ضمن مجموعة ليس بالضرورة ان يكون اخوة ولكن البعض منهم اخوة يكون العمل معهم جميل جداً. كما قمنا بالعلاج بالموسيقى مع الأولاد الذين يعانون من صعوبات في التعلّم، اذ بهذه الحالة لا يقدر الولد ان يعبّر وبالتالي العلاج بالموسيقى يساعده كثيراً. العلاج الأساسي الذي نعتمده هو بالكلام، والعلاج بالموسيقى هو علاج مساعد. ونعمل مع الأشخاص الذين لديهم مشاكل مع أهلهم. وبعد انفجار مرفأ بيروت بيومين بدأنا بالعمل وأطلقنا الخط الساخن اذ كان يومياً يقوم شخصان في المركز بتلقي الاتصالات وذلك على مدى ثلاثة أسابيع وطبعاً مجاناً من التاسعة صباحاً لغاية التاسعة مساءً حيث كان المجال متاحاً لكل الناس وهناك الكثير اتصلوا ليكملوا العلاج لأن هناك أناساً تأذوا وأناساً شعروا بحالة الذنب او الندم بعدما رأوا ان هناك أناساً تأذوا وخسروا كل شيء في ذلك اليوم. والأشخاص الذين لا تسمح لهم امكانياتهم المادية لاكمال العلاج كنا ننصحهم بالتوجه الى جمعيات تقدم العلاج النفسي مجاناً. والذين استطاعوا تابعوا مع المعالجين النفسانيين في المركز.
* وهل يقصد المركز الأولاد من مختلف الأعمار؟
- لدى المركز معالجون نفسانيون متخصصون للأولاد مع العلم أنهم جميعاً متخصصون بكل شيء. مثلاً يقصدني الأولاد المصابون بالتوحد او الذين لديهم افراط في الحركة لأنني أقدر ان أستخدم الموسيقى معهم ولأنه سبق ان عالجت بالموسيقى، وفي الوقت نفسه يقصد المركز مثليي الجنس يعني حسب الحالات التي عمل ضمنها أكثر فنرسل اليه هذه الحالات لأنه تعمق أكثر بمعالجتها، ولكن اجمالاً كل المعالجين النفسانيين يقدرون ان يعالجوا كل الحالات. ولكن أكثر الحالات التي تقصدنا خصوصاً بهذا الوضع هم الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 27 سنة و 37 او 41 سنة لأن هؤلاء هم داخل الأزمة، فإما تجدين حالات طلاق او مشاكل زوجية واما لا يقدرون أن يتزوجوا وإما يخسرون وظائفهم وأعمالهم.
العلاج بالموسيقى لا يغني عن العلاج النفسي
[caption id="attachment_82346" align="alignleft" width="375"] ورشة عمل في المركز.[/caption]* كيف يتم العلاج بالموسيقى؟ وما هي التقنية المتبعة في هذا النوع من العلاج؟
- أولاً يجب ان يكون الأمر واضحاً بهذا الخصوص. العلاج بالموسيقى ليس علاجاً قائماً بحد ذاته، أي لا يغني عن العلاج النفسي بل نستعمله كوسيط عندما لا يقدر الشخص أن يعبّر بالكلام لأن أهم طريقة تعبير هي أن يُخرج الكلام من داخله، أي يتحدث عن وجعه لأن الكلام لوحده هو الأساس. ولكن هناك الكثير من الحالات لا يقدر الشخص ان يعبّر بالكلام عندها نلجأ الى الوسيط. وبالنسبة للأولاد نلجأ أحياناً الى الموسيقى أي نُسمعهم صوتاً ربما يكون ضجيجاً من ثم يفبرك الصوت وتفبرك الآلة. الموسيقى هي لغة وعلى هذا الأساس نعمل لأن الانسان يحتاج للغة لكي يعبّر، لذا أنا أستخدم هذه اللغة لأنها عالمية، فكيفما عبّرت ستكون موسيقى وبأي طريقة اتصرف بها ستكون موسيقى. فالجسم بحد ذاته هو آلة موسيقية يقدر ان يُخرج موسيقى وفي الوقت نفسه أقدر أن أسمع أي صوت وأحولّه الى موسيقى.
لكل حالة موسيقى معينة
* أي نوع من الموسيقى تُستخدم بهذا العلاج؟
- يعود الأمر مع من نعمل كمعالجين نفسانيين، فاذا كنا نعمل مع مجموعة من الأولاد فالموضوع مختلف عما اذا كنا نعمل مع مجموعة من الكبار. على سبيل المثال اذا كنت أعمل مع شخص مصاب بالالزهايمر وهو متقدم في السن فعلي أن اختار الموسيقى التي تقوم بتنشيط ذاكرته، أي أستخدم موسيقى من ذاكرته منذ طفولته لحين شيخوخته وأتركه يعبّر عما يسمعه. ومثال آخر الأشخاص المصابون بالتوحد اجمالاً يكونون بسن صغيرة وهم لا يقدرون أن يتواصلوا بالعيون، وبحالات متقدمة لا يقدرون ان يتكلموا، اولاً استخدم الموسيقى لكي أجعلهم يتواصلون معي وأسمعهم الموسيقى التي تعجبهم من خلال ذلك الصوت او الموسيقى واما اسمعهم موسيقى اعرف مسبقاً من معلماتهم في المدرسة أو من أهلهم أنها تعجبهم، حتى استطيع أن أعرف خلفيتهم، لأنه اذا لم أعرف خلفيتهم فلن أقدر أن أعمل معهم، وعلى هذا الاساس اختار الموسيقى التي سأستخدمها في العلاج. وأذكر هنا أمر حصل مع ولد مصاب بالتوحد، اذ أقمت حفلة موسيقية لتلاميذي وشاءت الصدف ان شقيقة الولد كانت من ضمن التلاميذ فدعوت أهله الى حضور الحفلة، وبالفعل اتوا وأحضروا معهم الولد وشقيقته وكان التلاميذ من مختلف الأعمار ويعزفون، وفي منتصف الحفلة كانت الأضواء مطفأة، وفي تلك الأثناء بدأ الولد يغني ويصرخ والناس استغربوا، وبعد انتهاء الحفلة اتى وحضنني مع العلم أنه لا يعرفني ولكن أدرك انني أوجه هؤلاء الأولاد من خلال الحفلة الموسيقية، وكان المشهد مؤثراً جداً. وبدأنا بتعليمه عزف الأغنية التي كنت أستخدمها معه على البيانو، وهي أغنية واحدة على مدى سنة لأنه لا يقبل اي موسيقى إلا تلك الأغنية ولكنها كانت مفيدة جداً. والأغنية هي:
Barney - I love you
You love me
We are happy family
بالنسبة اليه فهذه أجمل أغنية في العالم فاذا غناها على مدار اليوم لن يمل منها بل على العكس.