تفاصيل الخبر

الـعـــلاج الـمـتـقــــدم:«فـكـــر» و«اسأل» و«تـعلم» و«تابع»  

04/12/2015
الـعـــلاج الـمـتـقــــدم:«فـكـــر»  و«اسأل» و«تـعلم» و«تابع»   

الـعـــلاج الـمـتـقــــدم:«فـكـــر» و«اسأل» و«تـعلم» و«تابع»  

بقلم وريدية بطرس

11 هل واجهت في الآونة الأخيرة أعراضاً مثل الارتجاف، والتعرق، والدوخة، أو دقات قلب سريعة؟ هل تشعر بالتعب والضعف او تجد صعوبة في التركيز؟ هل غالباً ما تتناول وجبات خفيفة او تشعر بزيادة في الجوع؟ هل تعاني من الصداع او اي زغللة في العيون؟ اذا كنت تعاني من واحدة او أكثر من هذه العوارض تحدث عنها مع طبيبك، فقد تكون حالتك معاناة من هبوط سكر الدم. وتُقام حملات عديدة حول ارتفاع نسبة السكر في الدم انما لا يُسلط الضوء على هبوط السكر في الدم مع العلم ان نسبة الاصابة بها عالية، اذ تبين الدراسات العالمية انه في لبنان 79 بالمئة من مرضى السكري من النوع الثاني قد اختبروا حالة هبوط السكر في الدم.

ويتراوح مستوى السكر في الدم عند الانسان العادي، في مجال ضيق 60 ــ 150 ملغ/ <ديسيليتر>، على الرغم من التغييرات الكبيرة في استهلاك السكر واستغلاله. ويُعرف نقص سكر الدم بانخفاض قيمة السكر في الدم، لقيمة أقل من 45 ــ 50 ملغ/ <ديسيليتر>. ان المصدر الرئيسي للسكر في الجسم هو الغذاء، والحفاظ على مستوى السكر في الدم يتم بواسطة عمليتين: تحليل السكر المخزون في الكبد الذي يُدعى <غليكوجين>، واعادة انتاج السكر من جديد، بالأساس في الكبد وبصورة أقل من الكلى، وتُسمى هذه العملية استحداث السكر. ان الهرمون الرئيسي المسؤول عن تنظيم نسبة السكر في الدم هو <الأنسولين>، حيث انه يخفض مستوى السكر في الدم، وعندما تنخفض نسبة السكر في الدم الى أقل من 80 ملغ/ <ديسيليتر> يتوقف افرازه. وعندما ينخفض مستوى السكر في الدم لـ65 ــ 70 ملغ/ <ديسيليتر> تفرز عدة هورمونات، يكون نشاطها مضاداً لعمل <الأنسولين>. في البداية يُفرز <الغلوكاغون> و<الأدرينالين> اللذان يحفزان عملية تحليل <الجليكوجين> واعادة انتاج السكر، مما يؤدي الى رفع مستوى السكر ومنع حدوث حالة نقص السكر في الدم، وفي وقت لاحق يُفرز أيضاً هرمون النمو و<الكورتيزون> اللذان يتميزان بنشاط أبطأ ولكنه طويل.

وقد يحدث نقص السكر في الدم عند الأشخاص الأصحاء والمرضى غير المصابين بالسكري، ومرضى السكري الذين يأخذون علاجات مختلفة من الأدوية لخفض السكر في الدم، سواء كان <الأنسولين> او العقاقير التي تُعطى عن طريق الفم. ان ظهور نقص سكر الدم لدى المرضى غير المصابين بالسكري، يمكن ان يكون لأحد الأسباب الآتية: تلوث حاد، وجود أورام، نقص في الهورمونات، خصوصاً <الكورتيزون> وهرمون النمو، وأمراض الكبد او الكلى المزمنة الحادة. ويوجد هناك العديد من الأسباب الأخرى التي يمكن ان تؤدي الى نقص السكر في الدم، وكلها نادرة جداً مثل نقص في <الانزيمات> منذ الولادة.

ان السبب الأكثر شيوعاً لدى مرضى السكري من حيث نقص السكر في الدم، هو أخذ علاج بجرعة زائدة لخفض السكر. ان مرضى السكري الأكثر عرضة لخطر الاصابة بنقص السكر في الدم، هم المرضى الذين ينعدم لديهم افراز <الأنسولين> والذين يعتمدون على حقن <الأنسولين>. لا توجد لدى هؤلاء المرضى آلية الدفاع الأولى ضد نقص السكر في الدم، اي الآلية التي تبطىء او توقف افراز <الأنسولين> عند انخفاض مستوى السكر، وكذلك عند مرضى السكري الذين يعانون من حالات متكررة لنقص السكر في الدم حيث تنخفض عندهم عتبة الحد الادنى للسكر لافراز <الادرينالين> بالاضافة الى اضطراب في افراز <الغلوكاغون>. وقد يكون العارض الأول لنقص السكر في الدم عند هؤلاء المرضى انخفاض حالة الوعي من دون وجود أعراض مسبقة مثل التعرق او الجوع.

تجب الاشارة هنا الى ان حوالى 382 مليون شخص يعانون من داء السكري حول العالم، وهو رقم من المتوقع ان يرتفع ليناهز الـ600 مليون بحلول العام 2035. وبحسب الاتحاد العالمي للسكري تُقدر نسبة انتشار المرض بـ14.4 بالمئة لدى الفئة العمرية بين 20 و79 سنة في لبنان، ما يشير الى تسجيل 494 ألف حالة في العام 2014. كما تكشف دراسة عالمية عن بيانات لبنان أن 79 بالمئة من مرضى سكري النوع الأول و47 بالمئة من مرضى سكري النوع الثاني قد اختبروا حالة هبوط السكر في الدم.

ولهذا أطلقت الجمعية اللبنانية لأمراض الغدد الصم والسكري والدهنيات رسالة مفادها ان مرضى السكري يجب ان يتحدثوا الى أطبائهم وأن يتخذوا تدابير بسيطة لتفادي حالة هبوط السكر في الدم، وهي حالة غالباً ما تكون معتدلة الا ان ذلك لا يحد من خطرها.

وتأتي هذه الصرخة في وقت تُطلق فيه حملة للتوعية بعنوان <TALK Hypos> ويُلخص كل حرف من كلمة <TALK> باللغة الانكليزية فكرة تهدف الى تشجيع مرضى السكري على مناقشة المسائل المتعلقة بهبوط مستوى السكر في الدم مع أطبائهم او ممرضاتهم على مدار الساعة.

ــ <THINK> (فكّر): هل تعرف ما هو هبوط السكر في الدم؟ هل تعاني من هذه المشكلة؟

ــ <ASK> (اسأل): اسأل طبيبك او ممرضتك عن هبوط السكر في الدم وتحاور معهما كجزء من الاستشارة.

ــ <LEARN> (تعلّم): تعلّم ما يمكن القيام به لادارة هبوط السكر في الدم بما في ذلك نمط الحياة وخيارات العلاج.

ــ <KEEP> (تابع): تابع مستوى السكر في الدم عن كثب لاعلام طبيبك او ممرضتك عند الحاجة.

الدكتور صالح وتوجيهات لمرضى السكري

فكيف يحدث هبوط السكر في الدم؟ وكيف يعالج؟

الدكتور منذر صالح رئيس الجمعية اللبنانية لأمراض الغدد الصم والسكري والدهنيات يقول:

- على المرضى ان يتأكدوا من زيارة أطبائهم لاعتماد نظام أدوية يتلاءم مع حاجاتهم الخاصة ونمط حياتهم، وان يتبعوا خطة غذائية من دون حذف اي وجبة، وان يتأكدوا من مستوى السكر في الدم قبل القيام بتمارين بدنية او بأي نوع آخر من النشاطات التي قد تسبب الاجهاد. ومن الضروري التوعية في المدارس حول مرض السكري اذ يُعد المرض الأول الذي يصيب الأطفال، كما ان الشرق الأوسط يسجل النسبة الأكبر للإصابة بمرض السكري.

ويتابع:

- بالاضافة الى مضاعفات هذا المرض، وضرورة تفاديها عبر الانتباه والالتزام بالعلاج، نأسف ان نقول ان نسبة قليلة في لبنان تصل الى النتيجة المرجوة من الطبيب. ولا بد من مراقبة الخطوات الواجب اتباعها لتجنب هبوط السكر في الدم، اذ ان هبوط السكر يؤثر بشكل أخطر من ارتفاع السكري على صحة الانسان. لذا، من الضروري المراقبة الذاتية للمريض، وضروري فحص السكر أكثر من مرة في اليوم. ويصف الأطباء علاج <الأنسولين> للأشخاص الذين يعانون من السكري سعياً لتحقيق أهداف غير سهلة تتمثل في تحسين السيطرة على نسبة السكر في الدم بهدف تفادي المضاعفات على المدى الطويل وتخفيض مخاطر هبوط السكر في الدم في الوقت عينه. ولهذا السبب نحن بحاجة الى مرضى يعون كل جوانب هذه المشكلة ويجيدون تحديد العوارض لتفادي حالات هبوط السكر في الدم، وإننا نشجع المرضى على التحدث عن هبوط السكر في الدم الى أطبائهم لتفادي اتخاذ تدابير مؤذية او غير ضرورية.

الدكتور-سليم-جنبرت22نظرية الدكتور <بسيمينوس>

ويعتبر السيد <ستاتيس بسيمينوس> ان ستة بالمئة من مرضى السكري فقط يعيشون حياة خالية من المضاعفات الناتجة عن دائهم ويقول:

- هذا ناتج عما يُسمى <قاعدة الأنصاف> التي تعكس الواقع بأن نصف مرضى السكري يتمّ تشخيصهم، وان نصف هذا العدد فقط يتلقى العلاج، ونصف العدد الأخير يحقق أهداف العلاج، ونصف هذه المجموعة الصغرى تحقق النتائج المرغوبة ألا وهي عيش حياة خالية من المضاعفات.

وتجدر الاشارة الى ان أعراض هبوط السكر في الدم والتي تتراوح بين المعتدلة والحادة، تتمثل في الرجفة وخفقان القلب والتعرق والقلق والجوع والتنميل والضعف الادراكي والتبدل في السلوك والشعور بالدفء والشعور بالضعف والتعب، بالاضافة الى آلام الرأس. أما الأعراض الأكثر حدة فتشمل الانخفاض في سرعة خفقان القلب، والسكتة الدماغية، والنوبة القلبية، والتشنج والغيبوبة. وتستجيب الأعراض عادة لتناول السكر، كما قد يحتاج المريض في بعض الحالات الى مساعدة من شخص آخر.

وان 58 بالمئة من حالات هبوط السكر في الدم تحصل مساء خلال النوم، وقد تتكرر الحالات غير المشخصة أيضاً لدى المرضى الذين يسيطرون بشكل جيد على داء السكري.

لقد تضاعفت جهود السيطرة على هبوط السكر في الدم في لبنان بعد دراسة <HAT> (حالات هبوط السكر في الدم التي يتم التبليغ عنها من قبل المريض: دراسة عالمية عن 24 دولة بالتعاون مع 585,27 مريض سكري يُعالج بحقنات <الأنسولين>) التي كشفت ان المعدل المحلي لظهور حالات هبــــوط السكر في الـــدم تبلــــغ 79 بالمئــة لمرضى السكري من النوع الأول و47 بالمئة لمرضى السكري من النوع الثاني.

وبالسؤال عن نتائج احدى الدراسات العلمية التي شارك فيها لبنان يقول الرئيس السابق لقسم السكري وجهاز الغدد الصماء في مستشفى <اوتيل ديو دو فرانس> الدكتور سليم جنبرت:

- ان اكثر من 50 بالمئة من زهاء ألف شخص شاركوا في الاستطلاع في لبنان قد أعربوا عن خوفهم من هبوط السكر في الدم، ما يشير الى احتمال تبني سلوكيات مضرة ومكلفة مثل الأكل المفرط الذي يؤدي الى زيادة في الوزن، والتقليل من ممارسة الرياضة، وعدم تناول الأدوية، وقياس متكرر لمستوى السكر في الدم وانخفاض في الانتاج.

ويتابع:

- ان نسبة هبوط السكر مرتفعة لدى المرضى في لبنان، ومن الضروري تثقيف المريض حول موضوع هبوط السكر لأنه أمر خطير، وخصوصاً ان نسبة التوعية والتثقيف حول هذه المسألة غير مرتفعة بين المرضى في لبنان. وتشير دراسة محلية أخرى الى ان 43 بالمئة من المرضى لا يتحدثون الى أطبائهم عن حالات هبوط السكر في الدم التي يتعرضون لها.