تفاصيل الخبر

العقوبـــــات الأميركيـــــة ضـــد رعــــــد وشــــــري وصفـــــــا جــــرس إنـــــذار... أم بدايــــــة لـ”الآتـــــي الأعظـــــم“؟!

18/07/2019
العقوبـــــات الأميركيـــــة ضـــد رعــــــد وشــــــري وصفـــــــا  جــــرس إنـــــذار... أم بدايــــــة لـ”الآتـــــي الأعظـــــم“؟!

العقوبـــــات الأميركيـــــة ضـــد رعــــــد وشــــــري وصفـــــــا جــــرس إنـــــذار... أم بدايــــــة لـ”الآتـــــي الأعظـــــم“؟!

لا يمكن الفصل بين العقوبات التي اتخذتها الخزانة الأميركية ضد رئيس <كتلة الوفاء للمقاومة> النيابية النائب محمد رعد ونائب حزب الله أمين شري والمسؤول عن الارتباط في الحزب الحاج وفيق صفا، وبين المناخ الاقليمي التصعيدي الذي يظلل العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الاسلامية الإيرانية. صحيح ان القرار الأميركي الجديد يختلف عما سبقه من قرارات في التوقيت والمضمون، إلا ان الصحيح أيضاً انه يتدرج صعوداً ليتجاوز أفراد المقاومة أو شركات ومؤسسات كانت تطالها العقوبات، الى نائبين منتخبين في مجلس النواب، إضافة الى المسؤول الأمني الأبرز لدى حزب الله والذراع الأمنية الأساسية للأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله الذي كانت ردة فعله مماثلة للمرات السابقة التي فرضت فيها عقوبات، لكنه توقف عند استهداف نائبين في سابقة يرى فيها كبار المسؤولين في الحزب أول رسالة عملية الى الدولة اللبنانية وأبرز مؤسساتها الدستورية، أي مجلس النواب.

ويرى الذين تابعوا مسار العقوبات الأميركية ضد حزب الله، قيادة وأفراداً ومؤسسات، ان أخطر ما في القرار الأميركي الأخير، مطالبة الدولة اللبنانية بمقاطعة النائبين رعد وشري ما يعني ان الادارة الأميركية تنتظر من الحكومة اللبنانية خطوات عملية في هذا الاتجاه، وإن كانت مصادر ديبلوماسية ترى ان امكان <تجاوب> لبنان الرسمي مع الرغبة الأميركية شبه معدوم للاعتبارات السياسية المعروفة وللتوازنات القائمة. من هنا لم يكن تركيز المراجع الرسمية اللبنانية على العقوبات بحد ذاتها ضد النائبين والحاج صفا لأن قادة المقاومة ونوابها والوزراء يعيشون أجواء العقوبات قبل اعلانها ويتصرفون في مداخيلهم المالية على هذا الأساس، بل على خيار التصعيد الأميركي الذي اعتمد ضد لبنان في وقت تعلن ادارة الرئيس الأميركي <دونالد ترامب>، وقوفها الى جانب لبنان ومؤسسته الأمنية ولا تنفك عن الإشادة بتجاوب الدولة والمصارف اللبنانية بالاجراءات والأنظمة المعتمدة لمنع تبييض الأموال، أو تسييلها لمصلحة تنظيمات ارهابية. ولعل الموقف الذي أعلنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تعليقاً على الاجراء الأميركي لجهة استغراب التناقض في موقف واشنطن، عكس مفاجأة لبنان للخطوة الأميركية التي قيل عنها في بعض الأوساط القريبة من واشنطن انها ترتبط بشكل أو بآخر بفشل المفاوضات حول ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان واسرائيل بوساطة أميركية كانت تسعى الى تجاوب لبناني مع طروحات ترضي الجانب الاسرائيلي من دون مراعاة مصالح لبنان.

من الهدف الثاني؟

 

وفي هذا السياق، ترى المصادر المتابعة انه إذا صح ارتباط التدبير الأميركي بالموقف اللبناني من مسألة المفاوضات، فهذا يعني ان قياديي حركة <أمل>، نواباً وغير نواب، قد يكونون الهدف الثاني للعقوبات الأميركية، لأن من تولى التفاوض مع السفير <دايفيد ساترفيلد> هو الرئيس نبيه بري الذي رفض الطروحات الاسرائيلية ــ الأميركية والتي شكلت شروطاً لا قدرة للدولة اللبنانية على القبول بها. علماً ان الذين زاروا واشنطن في وفود نيابية ووزارية قبل أشهر سمعوا كلاماً من مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون تمويل الارهاب والجرائم المالية مارشال <بيلنغسلي> الذي زار بيروت مؤخراً، مفاده ان على المسؤولين اللبنانيين أن يعيدوا النظر في مواقفهم من حزب الله، وفي التعاطي مع المسؤولين والقياديين فيه، لأن القرار الأميركي واضح بأن العقوبات على حزب الله بجناحيه العسكري والسياسي، سوف تندرج تباعاً، لاسيما وان <التعاطي> مع الحزب من باب تمويله ونظامه المالي <أصاب الحزب مباشرة، وان الآتي أعظم>! من هنا بدا ان القرار الأميركي أتى ترجمة واضحة للتوجهات الأميركية المستقبلية حيال حزب الله، وان التصعيد في العقوبات مستمر ولن يستثني أحداً من الحزب وحلفائه. ولعل في استهداف النائبين رعد وشري أكثر من إشارة بأن الخطوط الحمر التي كانت موضوعة حول هوية المستهدفين بالاجراءات الأميركية، قد سقطت، وان المطلوب <التكيف> مع أنواع أخرى من العقوبات التي سوف تشمل مسؤولين سياسيين وليس مجرد أعضاء في الحزب وحلفاء.

كلام <بومبيو> يتوضح أكثر!

وعلى رغم ان ردة الفعل الرسمية اللبنانية لم تتجاوز الأسف والادانة والاستنكار لأن لا مفاعيل عملية ومباشرة على النائبين والقيادي المستهدفين، إلا ان مراجع ديبلوماسية كشفت لـ<الأفكار> عن ان وزير الخارجية الأميركية <مايك بومبيو> أسرّ أمام مجموعة من الديبلوماسيين في واشنطن ــ وفق تقرير ورد الى بيروت ــ انه لا يتوقع <جواباً> لبنانياً يحمل <تجاوباً> مع الخطوات الأميركية، إلا انه <يتمنى> أن يدرك المسؤولون في لبنان ان مرحلة سابقة طويت، ومرحلة جديدة بدأت تتسم بتصميم أميركي على اعتماد المزيد من العقوبات والاجراءات <الردعية> التي ستشمل شخصيات ومؤسسات، وقد تصل الى حد وقف بعض المساعدات (غير العسكرية) التي تقدمها واشنطن الى لبنان في مجالات اجتماعية وتربوية وصحية، من هنا كانت الدعوة الأميركية، وفق التقرير الذي ورد الى بيروت، كي <يستخلص لبنان العبرة> ويتصرف عى أساس يرضي مصلحته لاسيما وأن الانتظام المالي في الدولة اللبنانية يتعرض لمخاطر داهمة قد تؤثر على الوضع الاقتصادي في البلاد. لذلك لا ترى واشنطن أي امكانية لمواجهة قرارها لبنانياً على المدى الطويل، لأن الوضع الاقتصادي يشكل <الخاصرة الرخوة> في مواجهة لبنان للتدابير الأميركية إذا ما اتسع نطاقها وتشعبت مفاعيلها، ولا يكفي إذذاك أن يرفضها لبنان لأن تداعياتها

ستكون مباشرة وموجعة، على حد تعبير بعض المطلعين على الموقف الأميركي من هذا الملف.

في هذا السياق توقف المراقبون عند بعض المواقف التي صدرت عن سياسيين واعلاميين قريبين من حزب الله، والذين اجتهدوا في اتهام الحكومة اللبنانية بـ<التقصير> في اتخاذ مواقف واجراءات تتجاوز مجرد سؤال السفيرة الأميركية في بيروت <اليزابت ريتشارد> عن الخلفيات والخطوات المستقبلية، وذهب البعض الى المطالبة باستدعائها وأيضاً طردها... إلا ان ما أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من انه لا يرغب في <احراج> الدولة اللبنانية والتي لا يريد أن تتخذ أي موقف حيال القرار الأميركي كي لا ينعكس ذلك على الوضع الراهن سياسياً واقتصادياً، وضع حداً للأصوات التي صدرت ما أدى الى توقف ردود الفعل وحصرها في إطار ضيق لم يتجاوز مواقع التواصل الاجتماعي. وفي رأي بعض المتابعين ان السيد نصر الله احبط بدعوته الى عدم <احراج> الدولة اللبنانية، أحد الأهداف الأميركية من اتخاذ هذه القرارات، وهو تأليب الرأي العام اللبناني على حزب الله، قيادة ومسؤولين، وإحداث خرق بين مكونات المجتمع اللبناني المتعدد بطوائفه ومذاهبه، وهو ما لم يحصل وإن كان منسوب القلق يتصاعد من امكانية اتساع رقعة العقوبات لتشمل حلفاء حزب الله في حركة <أمل> و<التيار

الوطني الحر> و<المردة> الذين تريد واشنطن أن <تحيدهم> في هذه المواجهة مع الحزب، وإن لم يتجاوبوا فإن قرار العقوبات جاهز!

ويستذكر المتابعون كيف سارت شائعات قبل أشهر عن استهداف العقوبات الرئيس بري وقياديين في حركة <أمل>، إلا ان مصادر أميركية رسمية نفت في حينه، ولو بعد تأخير متعمد، صحة هذه المعلومات التي وصفت يومها بـ<جرس الانذار> الذي استعمل لـ<فرملة> التحرك الأميركي وردود الفعل عليه.

غير ان المتابعين استذكروا أيضاً كيف ان واشنطن ألغت سمات دخول لعدد من رجال الأعمال اللبنانيين بحجة أنهم يتعاملون مع النظام السوري ويستعدون لتنفيذ مشاريع في سوريا استباقاً للوصول الى حل سياسي للأزمة. ورأى آخرون ان رسالة واشنطن العقابية، كانت أيضاً في اتجاه بعض الدول الأوروبية التي لا تزال تفصل بين الجناحين السياسي والعسكري، وذلك لاقناعها بأن لا تمييز بين جناح سياسي وآخر عسكري...

في أي حال، من الواضح ان ادارة الرئيس <ترامب> ماضية في <تصفية> حساباتها مع حزب الله وحلفائه، وقد يكون صحيحاً ما قيل بأن العقوبات ضد النائبين رعد وشري والحاج صفا، هي المؤشر الى ان ما كانت تتجنبه واشنطن خلال إلقائها عقوباتها على الحزب والقريبين منه، ليست في وارد خشيته بعد اليوم، خصوصاً ان الرئيس <ترامب> على أبواب معركة رئاسية تقوده الى ولاية ثانية، وهو يحتاج بالتالي الى <عرض عضلات> وإرضاء اسرائيل، وليس في الميدان إلا... حزب الله!