تفاصيل الخبر

العقوبات على باسيل.. تسهيل أم تعطيل؟

11/11/2020
العقوبات على باسيل.. تسهيل أم تعطيل؟

العقوبات على باسيل.. تسهيل أم تعطيل؟

بقلم علي الحسيني

 

[caption id="attachment_82837" align="alignleft" width="375"] الرئيس ميشال عون: أين الدليل؟[/caption]

اختتم الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" عهده الرئاسي، بعقوبات على رئيس التيّار الوطني الحر النائب جبران باسيل، منعه بموجبها من السفر الى الولايات المتحدة الاميركية والتصرّف بأمواله المودعة في المصارف التي تتعامل بالدولار في جميع انحاء العالم. واللافت أن العقوبات هذه، جاءت بعد فترة زمنية قصيرة على العقوبات بحق الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس والحديث عن عقوبات أخرى سوف تطال 23 شخصية لبنانية.

أسباب العقوبات على باسيل

بالعودة قليلاً الى الوراء وتحديداً الى الفترة التي طرح فيها الرئيس سعد الحريري نفسه لتولّي مهمة تشكيل الحكومة، برز كلام بارز لمساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى "ديفيد شينكر" مفاده أن واشنطن ستواصل فرض العقوبات على حزب الله وحلفائه اللبنانيين والمتورطين في الفساد. ويوم الجمعة الماضي، صدر قرار العقوبات

[caption id="attachment_82838" align="alignleft" width="400"] العقوبات بين الرئيس الحالي "دونالد ترامب" والرئيس المنتخب "جو بايدن".[/caption]

من وزارتي الخزانة والخارجية الأميركيتين على باسيل بسبب دوره في انتشار الفساد في البلاد، بموجب القرار التنفيذي رقم 13818، والذي يستهدف مكافحة الفساد ومنع انتهاكات حقوق الإنسان حول العالم. وقال وزير الخزانة الأميركي "ستيفن منوتشين"، إن الفساد الممنهج في النظام السياسي اللبناني، المتمثل في باسيل، قد ساعد على تآكل الأساس لحكومة فعالة تخدم الشعب اللبناني.

وجاء في القرار أن باسيل وثّق في عام 2017، قاعدته السياسية بتعيين أصدقاء له في مناصب، بجانب شرائه نفوذ داخل الأوساط السياسية اللبنانية بأشكال مختلفة. وفي عام 2014، تورط عندما كان وزيراً للمياه، في عدة مشاريع، كان هدفها توجيه أموال الحكومة اللبنانية إلى أفراد مقربين منه، من خلال واجهة من الشركات. ونتيجة التهم السابقة، فإن جميع الممتلكات والمصالح الخاصة بباسيل، وأي كيانات يملكها بشكل مباشر أو غير مباشر بنسبة 50 بالمئة أو أكثر، بشكل فردي أو مع أشخاص محظورين آخرين في الولايات المتحدة، سيتم حظرها وسيتم الإبلاغ عنها في مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، وفقاً للبيان.

هل ابتزّ باسيل "حزب الله"؟

[caption id="attachment_82841" align="alignleft" width="436"] سلاح حزب الله.. المشهد الأبرز.[/caption]

لا العقوبات أخافتني ولا الوعود أغرتني... لا أنقلب على أي لبناني ولا أُنقذ نفسي ليَهلك لبنان... اعتدت الظلم وتعلّمت من تاريخنا.. كُتب علينا في هذا الشرق أن نحمل صليبنا كل يوم .. لنبقى".

بتغريدة مُختصرة، أوحى باسيل، أن العقوبات التي فُرضت عليه، إنما جاءت بسبب تحالفه مع حزب الله وبسبب مواقفه الرافضة للإملاءات الأميركية. في هذا السياق، تُشير مصادر سياسية بارزة أن باسيل حاول في كلامه هذا، حرف بوصلة العقوبات المبنية أصلاً على الفساد الذي ارتكبه ليس لوحده فقط بل كل هذه المنظومة السياسية الحاكمة، طوال فترة وجودها في الحكم، وبالنسبة له خلال فترة وجوده في السلطة وتحديداً في وزارة الطاقة واستغلالها بأسوأ انواع الاستغلال، وذلك بموجب قانون "ماغنيتسكي".

ولفتت المصادر إلى أن باسيل تقصّد أن يجمع بين العقوبات وبين علاقته بحزب الله لسببين: الأول تحميله المسؤولية والضغط عليه لأسباب كثيرة منها سياسي كضرورة دعمه في رحلة سيره نحو رئاسة الجمهورية، والثاني التعويض عليه مادياً ومعنوياً أو القبول بإطلاق يده في أي موقع أو منصب يحتله هو او فريقه السياسي في أي حكومة. وعلى الرغم من ان العقوبات قد انعكست في أكثر من مكان سلباً على عملية تأليف الحكومة، إلا أن المصادر نفسها تعتبر أن أي خربطة في الوضع الحكومي، أو إعادة عقارب التأليف إلى الوراء، فإن ذلك سيضع باسيل هذه المرة في مواجهة مع الشعب اللبناني الذي ملّ طول إنتظار الفرج، في وقت يُهدد "كورونا" مرّة جديدة، كل الشعب اللبناني، بمزيد من الخناق ومن وضع صحي كارثي، واجتماعي صعب.

وتُضيف المصادر: أمّا من جهة حزب الله، فهو يعلم أن هذه العقوبات وما سيليها هدفها شد الخناق حول رقبته أولاً، وأيضاً بهدف عزله سياسياً وتحديداً مسيحياً. والحزب يعلم أيضاً، أن المزيد من حلفائه سوف يشتد الخناق حولهم في الفترة المقبلة تحت اسم محاربة ومكافحة الفساد.

صفير: هذا ما يُمكن لباسيل أن يفعله

[caption id="attachment_82840" align="alignleft" width="315"] أنطوان صفير: الأميركي أخذ العقوبات من زاوية قانون "ماغنيتسكي" وليس بسبب تحالف باسيل مع حزب الله.[/caption]

 أما السؤال حول ما يُمكن لباسيل فعله بعد العقوبات، فيؤكد الدكتور في القانون الدولي أنطوان صفير أن الشخص المُدرج على لوائح العقوبات الأميركية تُقفل جميع حساباته في كل دول العالم التي تتعامل بالدولار الأميركي. وفي حال تبيّن أن أي مصرف لم يمتثل للقرارات الأميركية يُصبح غير قادر على التعامل بالعملة الأميركية ولا إصدار أي شيكات مصرفية، ولا حتّى التعامل مع أي من المصارف التي تتعامل بالدولار في كل أنحاء العالم.

 ويقول صفير، إن الأميركي أخذ العقوبات من زاوية قانون "ماغنيتسكي" وليس بسبب تعامل باسيل او تحالفه مع حزب الله، أقله في العلن لذلك لا يُمكن الافلات من هذه العقوبة إلا بالطرق القانونية. وكل ما يستطيع باسيل فعله الآن، هو اللجوء الى القضاء الأميركي المختص لإبطال هذا القرار وبالتالي عليه أن يُشكل ملف في هذا الاطار ليدافع عن نفسه أمام المحاكم الأميركية المُختصّة".

ما يراه صفير في قضيّة العقوبات على باسيل وخصوصاً لجهة الطريقة التي يُمكنه فيها الدفاع عن نفسه، تُفسره جهات أخرى بأن ارتدادات هذه العقوبات ومفاعيلها ستكون دولية كونها صادرة وفقاً للقوانين الأميركية، وبالتالي ليس هناك إلزام على أي دولة بما فيها لبنان تطبيقها بحكم القانون، ولكنها في الواقع تفرض أخذها بعين الاعتبار عالمياً، فلا المصارف اللبنانية قادرة على المخاطرة بقطع علاقاتها مع المصارف المراسلة الأميركية، ولا أي مصرف دولي او شركة تجارية تتجرأ على التعاطي مع شخصية عليها عقوبات، وبالتالي عندما يتم وضع شخص على لائحة العقوبات كما هو الحال مع جبران باسيل، ذلك يعني انه اخرج من النظام المالي العالمي بشكل كلي، ولا يحق له التعاطي بأي حسابات او عمليات تجارية ويطال ذلك أصوله وفروعه وفق آلية معقدة.

طيّارات باسيل تمر فوق التأليف

في مؤتمره الصحافي الذي خصّصه للرد على العقوبات الأميركية، وجّه باسيل أكثر من رسالة الى الداخل قبل الخارج. ففي الشق الخارجي أكد انه لا يمكن أن نطعن اي لبناني لصالح اجنبي، هذا مبدأ سياسي بالتيار لا يمكن ان نخلّ فيه، وانا قلت بـ 13 تشرين، لأني كنت أعرف "لوين واصلين": "عزل اي مكوّن لبناني ما رح نمشي فيه ولو كلّفنا غالي، ما عملناها قبل ولا رح نعملها وما

[caption id="attachment_82839" align="alignleft" width="516"] النائب جبران باسيل: هذا ما طلبه الاميركيون مني.[/caption]

بينفع معنا، لا طيّاراتكم، ولا تهديداتكم ولا عقوباتكم. وأكمل في الشق نفسه قائلاً: تبلّغت من رئيس الجمهورية انّو مسؤول اميركي كبير اتصل فيه وطلب منه ضرورة فك علاقة التيار الوطني الحرّ بحزب الله فوراً، وطلب منه إبلاغي بعجالة الأمر. وفي اليوم الثاني تبلّغت من السفيرة الأميركية مباشرةً بضرورة تلبية 4 مطالب فوراً وإلاّ ستفرض عليّ عقوبات اميركية والمطالب هي: فك العلاقة فوراً مع حزب الله وثلاث نقاط أخرى.

وفي الشق الداخلي، أعتبر باسيل أن العقوبات يجب أن تكون سبباً لتسريع عملية التأليف في حال وجود نيات حقيقية لتشكيل الحكومية. ومنذ البداية نحنا قلنا إننا مع التسهيل والاسراع بتأليف الحكومة، ولم نضع أي شرط ولم نتمسّك بحقيبة، وكلّ ما طالبنا به هو اعتماد معايير واحدة للتأليف من اجل الاسراع، لأن غير ذلك يؤخّر ويعرقل وهذا ما علّمتنا ايّاه التجربة. أضاف: ولكن تساهلنا وتسهيلنا لا يصل لدرجة أننا لا نستطيع إبداء رأينا أو اعطاء ملاحظاتنا.

وفي السياق، ترى مصادر اعلامية أن مُختصر كلام باسيل يدل على أن الولادة الحكومية باتت مستحيلة من دون سير الرئيس الحريري بشروطه: اما مداورة شاملة تطال المالية ايضاً، أو لا مداورة، مع اصراره على تسمية الوزراء المسيحيين. هذا من دون ان ننسى أن العقوبات بحد ذاتها، إنما تستهدف بشكل أساسي العهد ورئيس الجمهورية صاحب التوقيع على اتّفاق مار مخايل مع حزب الله.