تفاصيل الخبر

”العقــدة الـسنـيــة“ تـؤخــر هـي أيضـاً تـشكـيــل الحكـومــة والـحـريـــري يـؤكّــد أن حلّهـــا لــن يكــون علـى حسابــه!

13/07/2018
”العقــدة الـسنـيــة“ تـؤخــر هـي أيضـاً تـشكـيــل الحكـومــة  والـحـريـــري يـؤكّــد أن حلّهـــا لــن يكــون علـى حسابــه!

”العقــدة الـسنـيــة“ تـؤخــر هـي أيضـاً تـشكـيــل الحكـومــة والـحـريـــري يـؤكّــد أن حلّهـــا لــن يكــون علـى حسابــه!

بين العقد التي حالت دون تشكيل الحكومة العتيدة، تبرز ما بات يُعرف بـ<عقدة النواب السنّة المستقلين> أي الذين هم خارج عباءة تيار <المستقبل> وحلفائه من النواب السنّة، والذين يرفض رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري توزير أي منهم في الحكومة العتيدة معتبراً أن التمثيل السني يجب أن يكون للفريق الأقوى تمثيلاً وحضوراً. وخلال اللقاءات التي كان يعقدها الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كانت وجهة نظر الرئيس الحريري تتباين مع رأي الرئيس عون الراغب في تمثيل هذه المجموعة من النواب، لاسيما وأن بعضهم مثل النائب عبد الرحيم مراد حلّ أولاً في دائرة البقاع الغربي الانتخابية بين المرشحين السنّة، وكذلك الرئيس نجيب ميقاتي الذي حلّ أولاً في دائرة طرابلس - المنية - الضنية، علماً أن <أبو ماهر> يعتبر نفسه خارج النواب السنّة واختار مع كتلته النيابية موقع الوسطية التي طالما نادى بها ونظّر من أجل تطبيقها.

وفيما لم يوفق الرئيس عون في إقناع الرئيس الحريري بتمثيل الفريق السنّي الذي يقول رئيس الحكومة انه يمثل 8 آذار وزمن الوصاية السورية... فإن رئيس الجمهورية لا يزال يعتبر أن تمثيل هؤلاء ممكن انطلاقاً من حجمهم السياسي الذي أفرزته الانتخابات النيابية الأخيرة التي افقدت الرئيس الحريري ثلث المقاعد النيابية السنية ولم يعد يمتلك <حصرية> تمثيل تياره السياسي للطائفة السنية بأكملها. وبلغ النقاش بين الرئيسين الى حد تلميح الرئيس الحريري بقبول توزير أحد النواب السنة الستة على أن يكون من حصة الرئيس عون، أي ان الوزير السنّي الذي طلبه رئيس الجمهورية يفترض - في حسابات الحريري - أن يكون من النواب الستة الذين سمى أربعة منهم الرئيس الحريري لتكليفه رئاسة الحكومة، إلا أن الواقع هو شيء آخر، فالرئيس عون يريد تسمية الوزير السني الذي من حصته من بين فريق عمله ويطرح في هذا المجال اسم مستشاره للشؤون الخليجية فادي عسلي، ويطالب بالتالي أن يكون المقعد السني خارج كتلة الحريري الذي ما زال يعتذر عن عدم قبول هذا الطلب.

أسباب المطالبة بتمثيل النواب الستة

إلا أن مطلب تمثيل <سنّة 8 آذار> كما - يسميهم الرئيس الحريري - يلقى جرعة دعم واسعة من الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بعدما كان تحرك النواب الستة يقتصر على اجتماعات هنا ولقاءات هناك، فأتى موقف السيد نصر الله بضرورة تمثيل هؤلاء النواب ليعطي لهذه المسألة بُعداً آخر طرحها بقوة على بساط البحث، خصوصاً أن <السيد> اعتبر أن تشكيل <حكومة وفاق وطني> لا بد أن يعني مشاركة أكبر عدد ممكن من المجموعات النيابية، وبالتالي فإن الفريق السني السداسي شكّل كتلة نيابية متماسكة تلتقي دورياً وتصدر عنها مواقف منسقة ما يعطيها حجماً نيابياً تطبق عليه المعايير المعتمدة للتوزير، ومنها وزير لكل 4 نواب. وفي هذه الحالة، فإن الكتلة السنية السداسية يمكن ان تتمثل بوزير وإن كانت تطالب بوزيرين! وتُرجم دعم السيد نصر الله من خلال مواقف صدرت عن المجموعة النيابية السنية كان ابرزها موقف النائب فيصل كرامي الذي أكد التقاء النواب الستة في إطار واحد وتحت سقف توجه سياسي عريض حول قضايا وملفات عدة في مقدمها ضرورة تمثيلهم في الحكومة العتيدة، نافياً أن يكون الهدف تشكيل كتلة نيابية مذهبية، بل الهدف من اللقاءات التي يعقدها النواب الستة ينحصر تحديداً في المطالبة <بحقنا الطبيعي> في التمثيل وفق المعايير التي يجري اتباعها مع كل الطوائف. وفي رأي النائب كرامي أن تغييبهم عن الحكومة المقبلة سوف ينفي عنها صفة <حكومة الوحدة الوطنية> لأن من يريد تأليف مثل هكذا حكومة عليه أن يأخذ في الاعتبار نتائج الانتخابات النيابية والواقع التمثيلي لكتلة شعبية وازنة في لبنان انتخبت عشرة نواب سنّة من خارج تيار <المستقبل>، وإلا فليذهبوا الى حكومة أقلية وأكثرية، وفي هذه الحالة، فإن موقفنا الطبيعي هو في المعارضة، علماً أن التحديات التي يواجهها لبنان تجعل من مصلحة قوى السلطة إشراك الجميع في مواجهة هذه التحديات... لكن - يضيف كرامي - <يبدو لنا أن أولويات القائمين على تشكيل الحكومة هي في مكان آخر>!

وإذا كان النائب كرامي يفضل عدم توصيف دور النواب الستة في المعارضة في حال أبقاهم الرئيس الحريري خارج التركيبة الحكومية، فإن النائب عبد الرحيم مراد يتحدث عن <سوبر معارضة> سوف يمارسها مع رفاقه <لأن الرئيس الحريري يجب أن يقر بوجود 40 بالمئة من الطائفة السنية خارج خطه السياسي>، ويستغرب مراد إصرار الحريري على تجاهل <معارضيه> واستبعاده أي سلوك يؤدي الى تكريس ثنائية أو ثلاثية في الطائفة السنية كما هو الحال عند الشيعة والمسيحيين والدروز، لا بل أكثر من ذلك، فإن النواب الستة باستثناء جهاد عبد الصمد وأسامة سعد، سموا الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة في خطوة يصفها مراد بأنها أعطت الرئيس المكلف <شرعية> يصر هو - أي الحريري - بالرد عليها بإنكار وجودهم!

وفي إطار الرد على اتهامات نواب <المستقبل> للنواب السنّة الستة بأنهم يقفون في صف المقاومة وسوريا ما يحول دون توزير أحدهم، يرد النائب مراد بسرد ما دار بينه وبين الرئيس الحريري قبيل الانتخابات النيابية في لقاء حضره الوزير نهاد المشنوق حين قال له إنه <لا يمكن القول بأننا نقف في صف سوريا والمقاومة ومهاجمتنا على هذا الأساس، فهل ان حزب الله خاض معارك المعارضة السنية أم اعترض على تمثيلكم حتى ينقلب <الفيتو علينا>؟! ويضيف مراد: بالعكس فإن السيد نصر الله نادى بتوزير أحدنا في حكومة يرأسها الرئيس الحريري بالذات، إضافة الى أن الحزب سيكون ممثلاً فيها بثلاثة وزراء، أي نصف الحصة الشيعية في حكومة ثلاثينية ويكون النصف الثاني لحركة <أمل>.

الحريري لن يتنازل عن حصته السنية!

 

في مقابل موقف النواب الستة، يبدو أن الرئيس الحريري في جو آخر لأنه يعتبر أن تمثيلهم ممكن في الحكومة، ولكن ليس من الحصة السنية التي يريدها له، وهو تخلى عن موقع سني للرئيس عون في مقابل حصوله على موقع مسيحي (وتحديداً ماروني) من حصة الرئيس وتياره السياسي، وبالتالي فلم يعد معه سوى 4 وزراء سنّة، فإذا تخلى عن موقع إضافي يكون تمثيله السني بثلاثة وزراء، في حين أن تمثيل الطائفة الشيعية هو بـ6 وزراء <صافيين>، وتمثيل الفريق الماروني هو بـ5 وزراء <صافيين>، أي ان التمثيلين الماروني والشيعي يتجاوزان تمثيله السني، وهو أمر لا يمكن أن يسلّم به في حكومة يمكن أن تدوم ولايتها طويلاً، وفيها مجموعة كبيرة من <الصقور> سواء من حركة <أمل> أو حزب الله أو التيار الوطني الحر إلخ... ويعتبر الرئيس الحريري استطراداً، أن وجود أحد هؤلاء النواب في الحكومة يرفع حصة الفريق المعارض داخلها لأنه سيتضامن مع توجهات وزراء <الثنائية الشيعية> الذين يمكن أن يستقطبوا عند الحاجة وزراء <التيار> إضافة الى ممثل <المردة>، ما يعرض التوازن داخل الحكومة للخلل، ويضيف ان الرئيس عون قادر أن يمثل هذا الفريق إذ كان يرغب في ذلك من خلال الوزير السني الذي طالب به مقابل حصول <المستقبل> على وزير مسيحي (الأرجح أن يكون غطاس خوري أو  عاطف مجدلاني إذا كان التمثيل المسيحي للحريري

ارثوذكسياً)، علماً أن الحريري يعرف أن التمثيل السني للرئيس عون في حكومته معقود اللواء لعضو في فريق عمل رئيس الجمهورية.

وفيما تستبعد مصادر سياسية مطلعة الوصول الى حل قريب لما يعرف بـ<العقدة السنية>، فإنها ترى أن إمكانية توزير النائبين أسامة سعد وجهاد الصمد غير واردة مطلقاً، فيما توزير النائب مراد صعب جداً نظراً لكونه أحد المنافسين الطبيعيين للرئيس الحريري على رئاسة الحكومة ذات يوم، فيبقى في الميدان النواب فيصل كرامي وعدنان طرابلسي وقاسم هاشم، ما يجعل حظوظ توزير كرامي الأكثر جدية باعتبار أن هاشم ينتمي عملياً الى كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها الرئيس نبيه بري، وطرابلسي يمثل <جمعية المشاريع الاسلامية> التي لن تعطى <نعمة> التوزير راهناً لاعتبارات سياسية معروفة، إضافة الى أن توزير كرامي - إذا حصل - يرضي الكتلة الشمالية التي تضمه والنائب الصمد مع نواب <المردة> ونائبي جبيل وكسروان فريد هيكل الخازن ومصطفى الحسيني. ولعل مواقف النائب كرامي غير الحادة تجاه الرئيس الحريري تشكّل سبباً إضافياً للقبول به إذ كان من الحصة السنية للرئيس عون الذي لا يزال موقفه حيال هذه المسألة غير واضح.