تفاصيل الخبر

العجز التجاري الذي يشكو منه ”ترامب“ خدعة كبيرة!

14/06/2018
العجز التجاري الذي يشكو منه ”ترامب“ خدعة كبيرة!

العجز التجاري الذي يشكو منه ”ترامب“ خدعة كبيرة!

 

بقلم خالد عوض

kim-jong-un

الاقتصاد الأميركي في أوجه. الأسواق المالية تنشط صعودا رغم سياسة الإحتياطي الفيديرالي بالإستمرار في رفع الفائدة على الدولار. البطالة في أدنى مستوى لها منذ حوالى ثلاثين سنة والشعور العام عند المستهلك الأميركي هو الثقة بالمستقبل. هل هذا فعلا ناتج عن وجود <دونالد ترامب> في البيت الأبيض كما يحب أن ينسب إلى نفسه باستمرا

الخلط بين الأعداء والحلفاء!

كل هذا الوهج الاقتصادي في الولايات المتحدة يحصل رغم أن الرئيس الأميركي  يعادي مَن من المفروض أنهم الأصدقاء ويتصالح مع مَن كانوا تاريخيا في خانة الأعداء للولايات المتحدة.

قمة مجموعة السبع التي انعقدت في مدينة <شارلوفوا> في مقاطعة <كيبيك> الكندية منذ أسبوع لم تنته على خير. الرئيس الأميركي هدد ووعد أصدقاء الولايات المتحدة الستة المجتمعين هناك بأنهم سيدفعون ثمن مقارعتهم لاقتصاد بلاده مزيدا من الرسوم، حتى أنه إنتقد رئيس الوزراء الكندي <جاستين ترودو> بشكل غير مسبوق عندما وصفه بالضعيف والوديع وقال أن الشعب الكندي سيدفع ثمن سياسة رئيس وزرائه المتشددة مع الولايات المتحدة في المسائل الزراعية. الرجل خرج عن كل اللياقات الرئاسية وأحرج حلفاءه وتصرف معهم وكأنه رئيسهم. بعد ذلك توجه <ترامب> إلى سنغافورة للقاء الزعيم الكوري الشمالي <كيم يونغ -أون> وهناك تصرف بمنتهى اللياقة والدبلوماسية وتعامل مع الرجل الذي هو بسن إبنه كما لو كان والده، وفي الوقت نفسه أعاد التذكير بصداقته مع الرئيس الصيني <شي جين بينغ> وشكره على دعمه لتحقيق أول قمة كورية شمالية - أميركية.

هل تؤدي عنترة <ترامب> إلى ردة فعل تجارية أوروبية؟

donald trumpكيف بل هل سيرد حلفاء أميركا الستة أي اليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وكندا وإيطاليا؟ هناك حالة تململ واضحة من <العنترات الترامبية> عليهم وكلهم ممتعضون من الرسوم القاسية على الحديد والألومنيوم الأوروبي والكندي والياباني التي فرضها الرئيس الأميركي، في المقابل تفرض عليهم الواقعية الاقتصادية عدم الإنجرار في حرب تجارية عالمية يخسر فيها الجميع، وهم أولا. الاقتصاد الأميركي وحده يساوي حوالى ٢٠ ألف مليار دولار أي أكثر من كل الاقتصادات الستة الأخرى مجتمعة، والتي لا يتخطى مجموع ناتجها المحلي ١٧ ألف مليار دولار، أي أن <ترامب> ينطلق من موقع الأقوى الذي لا يريد التنازل بعد اليوم، فيما الدول الست الأخرى تعرف أنها ليست بوارد معاداة العملاق الاقتصادي الأميركي خاصة في ظل ظروف اقتصادية غير مناسبة في أوروبا وحتى في اليابان، اذ كل ما يمكنها أن تفعله هو التشدد مع الشركات الأميركية في مسألة الضرائب.

 المحللون الاقتصاديون الأوروبيون يقولون أن الرئيس الأميركي لا يقول كل الحقيقة عندما يتكلم عن العجز التجاري الأميركي مع دول العالم، فهو يتحدث فقط عن مجموع ما تستورده الولايات المتحدة مقابل ما تصدره. ولكن ماذا عن السلع الأميركية التي تصنع في الخارج وتغزو العالم؟ ماذا عن الأرقام التي تؤكد أن الصينيين مثلا يشترون منتجات شركات <آبل> وسيارات <جنرال موتورز> أكثر من الأميركيين؟ فحسب دراسة لـ<دويتشه بنك> الألماني هناك فائض تجاري أميركي مع العالم يناهز ١٤٠٠ مليون دولار إذا احتسب مجموع مبيعات الشركات الأميركية في كل دول العالم. الرئيس الأميركي لا يذكر ذلك ويعتبره جزءا من المنافسة التجارية بين الشركات العالمية بينما يعتبر الأوروبيون أن الضرائب على أرباح هذه الشركات تستفيد منها الخزينة الأميركية، ولذلك يتطلع الأوروبيون اليوم بجدية إلى تغريم الشركات الأميركية الكبرى، وخاصة <غوغل> و<آبل> و<فايسبوك> و<أمازون> أو مجموعة <GAFA> (بالعودة إلى الحرف الأول من اسماء هذه الشركات)، ضرائب كبيرة عن اعمالها في دولهم.

هذا منتهى ما يقدر عليه اليوم حلفاء الولايات المتحدة الذين يتعالى عليهم الرئيس الأميركي بحجم اقتصاده. الحرب التجارية الحقيقية ليست معهم بل هي مع الصين التي يقترب اقتصادها سنة بعد أخرى من حجم الاقتصاد الأميركي.

قولوا ما تريدون عن <ترامب>: أهوج ومتسرع وصاحب ماض مشبوه ومتفلت الكلام وغير دبلوماسي وإلى ما هناك من نعوت يستأهل معظمها، إلا أن الرجل خلق واقعا جديدا على الأرض يقضي بعدم الإستهانة بقوة الولايات المتحدة الاقتصادية والعسكرية، وهذا الواقع عزز الثقة بالاقتصاد الأميركي الذي كان يستعيد عافيته أساسا قبل <ترامب>، ولكن الرئيس الأميركي دعم النمو الاقتصادي وتدفق رؤوس الأموال بقوة إلى الداخل الأميركي، فهو أعاد التذكير ولو بأساليب خرجت عن المألوف بأن الاقتصاد الأميركي لا يزال هو وحده يساوي ربع اقتصاد العالم وموازنته العسكرية تساوي ثلث كل الموازنات العسكرية لكل العالم... وعلى الآخرين، الحلفاء قبل الخصوم، التعامل مع الولايات المتحدة على هذا الأساس.