تفاصيل الخبر

العفو العام عند المقدرة. .. والوعود في مواجهة الموانع

26/03/2020
العفو العام عند المقدرة. .. والوعود في مواجهة الموانع

العفو العام عند المقدرة. .. والوعود في مواجهة الموانع

علي الحسيني

[caption id="attachment_76302" align="alignleft" width="188"] الشغب في سجن رومية بعد الإفراج عن عامر فاخوري... هل أصبح الخروج قريباً؟[/caption]

  بمجرد ما انتشر خبر إسقاط المحاكمة عن العميل عامر الفاخوري (جزّار الخيام) وتقرير المحكمة العسكرية إخلاء سبيله وكف التعقبّات عنه، حتّى ضجّ سجن رومية بأعمال الشغب والإضراب عن الطعام بعدما راح السُجناء فيه يُطالبون بإخلاء سبيلهم. وقد نزل خبر إخلاء سبيل الفاخوري على المساجين كالصاعقة خصوصاً الفئة التي لم تصدر بحقها حتى اليوم أي أحكام، مما زاد في الأمور توتراً خصوصاً وأن نزلاء السجن يعيشون منذ فترة حالة من الخوف خشية انتشار فيروس "كورونا" بينهم.

 

هل يُعجل "كورونا" وخروج الفاخوري إقرار قانون العفو العام؟

البلد على شفير الهاوية والوضع برمته على المحك. فيروس "كورونا" يحتل الأجواء ويُسيطر على مفاصل البلد ويفرض هيمنته على الجميع من دون استثناء ولا مراعاة بين الصفات الرسمية أو العسكرية او المدنية، فالجميع يخضع لحجر منزلي أو فندقي رغماً عنهم بالإضافة إلى حجر وطني حيث إغلاق المعابر البرية والجوية والبحرية محكم بقوّة، لكن هذا الإحكام لم يُوزّع بالعدل على كافة من هم في لبنان إذ من بين هذا الخوف والصخب ورائحة الدخان التي تصاعدت من سجن رومية بعدما أحرق المساجين كل ما هو قابل للإشتعال نتيجة الغضب الذي انتابهم، كانت طائرة أميركية تعبر الأجواء اللبنانية باتجاه قبرص وعلى متنها العميل عامر الفاخوري بعد اطلاق سراحه بطريقة ملتوية نتيجة ضغوط اميركية وصلت الى حد تهديد لبنان بأمنه واقتصاده.

من بين أزمة "كورونا" وقضية الفاخوري، طفا على سطح الأحداث في لبنان مجدداً قانون العفو العام الذي كانت أدرجته حكومة الرئيس سعد الحريري السابقة ضمن بيانها الوزاري وتعهدت بتنفيذه طبقاً للقواعد المنصوصة. اليوم ومع بروز كل هذه المستجدات أكدت مصادر متابعة لملف العفو العام، أن انتشار فيروس "كورونا" سيُعجل في إقرار القانون الذي أحيل إلى مجلس النواب في عهد الحكومة السابقة، وأشارت إلى أن إنتشار الفيروس في أحد السجون اللبنانية لا يمكن تفاديه لأن السجون مكتظة جداً ويمكن في حال إنتشاره أن يقضي على سجناء يقضون أحكاماً بسيطة بالمقارنة مع غيرهم من السجناء. وتحدثت المصادر عن تحركات شعبية ستنطلق من تنظيم أهالي السجناء للمطالبة بإقرار القانون.

وترى المصادر أن الرئيس دياب الذي دخل السراي الحكومي من دون العباءة السنّية على وقع رفض الشارع السنّي له لأسباب مرتبطة بطريقة تكليفه التي اعتبرها انتقاصاً من صلاحيات الرئاسة الثالثة وعبّر عنها بشكل واضح مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان عند اعلان المهندس سمير الخطيب انسحابه من السباق الرئاسي نحو السراي ثم رؤساء الحكومات السابقون، يسعى الى خرق هذا الجدار السنّي المرفوع امامه بقانون العفو العام الذي تستفيد منه عائلات سنّية كثيرة وتحديداً من يُطلق عليهم "الموقوفين الاسلاميون".

 

العمل جار على حل للملف

[caption id="attachment_76304" align="alignleft" width="375"] مجلس الوزراء مجتمعاً ... العفو يُصالح دياب مع طائفته[/caption]

من المعروف أن حكومة الرئيس دياب كانت اتخذت في الآونة الاخيرة قراراً بإقرار قانون العفو العام، بعد اجماع سياسي حوله على الرغم من ان البيان الوزاري الجديد تضمّن فقط ملف السجون ولم يشر إلى قانون العفو العام مع العلم أن وزير الداخلية محمد فهمي أوكل في الفترة الأخيرة إلى العميد فارس فارس مهمة متابعة الملف بالإضافة إلى التواصل مع كافّة المعنيين من أجل طرحه مجدداً أمام الهيئة العامة لمجلس النواب، في ظل معطيات تتحدث عن دخول تعديلات عليه في الهيئة العامة. وإن كان الإلتباس والنقاش يُثار في جميع أقسام هذا القانون، إلا أنه يدور بشكل كبير بما يتعلق بملف العمالة والعفو الذي سيطال من دخل إسرائيل من دون أذن مسبق من الدولة اللبنانية.

ومنذ  ثلاثة أسابيع وعدت وزيرة العدل ماري كلود نجم  لجنة المطالبة بإقرار قانون العفو العام، بمتابعة حثيثة لهذا الملف وذلك خلال لقائها في مكتبها وفداً من اللجنة استمعت منه  الى مطالبه المتعلقة بضرورة إيجاد حل نهائي لهذا الملف العالق منذ أعوام من خلال الإسراع في إقراره. وفي ذلك الوقت أبدى الوفد ارتياحه للتفهم والموقف الإنساني اللذين عبرت عنهما الوزيرة نجم تجاه مطالبه خصوصاً وأن البحث تطرق الى موضوع السجون والإكتظاظ الهائل الذي تشهده وقلق الأهالي على أبنائهم في ظل أزمة فيروس "كورونا" المتفشي. وكان لافتاً أن اللقاء تم وسط اعتصام أمام البوابة الرئيسية لوزارة العدل حيث احتشد عدد من الأهالي رافعين اللافتات المطالبة بإقرار القانون في كل لبنان. لكن السؤال الأبرز الذي يُطرح على طاولة البحث اليوم، يتعلق بالموانع التي تحول دون تنفيذ قانون العفو وما إذا كانت قضائية ام سياسية؟.

 

العفو العام بين الوعود والموانع

بالنسبة إلى "التيار الوطني الحر" وأهالي العسكريّين الشُهداء وغيرهم من الأطراف يضعون "فيتو" على إطلاق أي موقوف أو العفو عن أي متورط بقتال الجيش اللبناني، ويضع حزب الله من جهته "فيتو" على إطلاق او العفو عن إسلاميين متشددين مثل أحمد الأسير وخالد حبلص وسواهما من السلفيّين المتشددين وكل من قاتل إلى جانب تنظيمي "داعش" أو "النصرة" أو تعاملوا معهما، بينما يضع تيّار "المستقبل" "فيتو" على إطلاق الموقوف الوزير السابق ميشال سماحة والمتورطين بتفجيري جامعي التقوى والسلام.

ومقابل كل هذا الضجيج، يعود مصدر مقرب من بيت الوسط بالذاكرة إلى أحداث الشمال فيقول: خلال احداث طرابلس اوقف العديد من الشباب لاشتراكهم في القتال، وبمنتهى الصراحة وبكل جرأة نقول إن معظمهم تعرض لتحقيق ظالم، وأحكام ظالمة. وأشار إلى أنه في ظل فصل السلطات ليس هناك من حكومة ولا مجلس نواب قادرين على التدخل بعمل القضاء، ونحن لو اننا لسنا مقتنعين بالعفو لما سرنا به، ولقد وعد الرئيس سعد الحريري به، لكن جاء من يقول انه سلعة انتخابية، وعندما تأخر العفو قالوا لماذا لم ينجز؟ فما هذا الناقض والمنقوض. وتابع المصدر: نحن مقتنعون بالعفو، ونعمل عليه، ولكن كتلة "المستقبل" وحدها لن تتمكن من اصدار قانون العفو فلا بد من تصويت الآخرين عليه. وبدورنا نشدد على ان هذا العفو، هو للذين ظلموا بأحكام جائرة أو للذين حملوا السلاح للدفاع عن أنفسهم وليس

[caption id="attachment_76303" align="alignleft" width="299"] النائب ياسين جابر هذه بنود القانون[/caption]

لمن مارسوا الإرهاب وقتلوا أبناء المؤسسات الأمنية.

أمّا محامي الموقوفين الاسلاميين محمد صبلوح، فقال في تصريح صحافي أن وزارة الداخلية مهتمة وتعمل حالياً على هذا الملف، كذلك أشار إلى أنّ هناك إصراراً من كافة الأفرقاء السياسيين لإقرار قانون العفو العام، وإن كان هناك خلاف فهو على الآلية. وقال إن مقربين من الرئيس سعد الحريري، أكدوا إصراره على المسودة التي جرى إعدادها من قبل، أي في السنوات الماضية، حيث أنها تنصف المظلومين.

أما في البقاع المحسوب على "الثنائي الشيعي"، فثمة رأي واحد لدى الجميع وهو أن الدولة لم تنظر منذ الأربعينات إلى أبناء المنطقة كجزء من النسيج اللبناني، وتركتهم وحدهم يومذاك في ظل التحريضات التي كان يقوم بها ضباط من المكتب الثاني ضد العشائر بحيث كانوا يحرضونهم ضد بعضهم البعض، وعلى الرغم من ذلك كان باستطاعة عنصر من المخفر أن يُحضر اكبر "طافر" من خلال التواصل مع وجيه عشيرة أو بلدة أو مختارها. وبرأي معظم البقاعيين ان الدولة أمعنت في ترك المنطقة على حالها، فهي لم تضع أي خطة وتنفذها في البقاع، لا على صعيد الأشغال ولا المياه ولا الزراعة أو الصناعة. وفي الوقت ذاته كان نواب المنطقة يغضون الطرف عن الإهمال لأسباب تتعلق إما بوضعهم او بمصالحهم.

 

جابر يشرح قانون العفو العام؟

يُذكر أن ثمة ضجّة كبيرة أثيرت مع إدراج قانون العفو على الجلسة التشريعية في تشرين الثاني(نوفمبر) الماضي حيث جرى التسويق من جانب الشارع بأن ذلك سيشكّل مدخلاً لحماية ناهبي المال العام، لكن الصيغة الحالية التي يُعمل عليها تستثني بشكل واضح من العفو الجرائم المالية كافة، ومنها تبييض الاموال وتمويل الارهاب، والجرائم المتعلقة بالاثار، وجرائم الاعتداء على الأموال والاملاك العمومية والخصوصية العائدة للدولة والبلديات، وأموال وأملاك المؤسسات العامة والمشاعات، واملاك الافراد العقارية، الجنايات المخلّة بواجبات الوظيفة (الرشوة)، والجرائم المنصوص عليها في قوانين الجمارك وقوانين البناء واكتساب غير اللبنانيين للحقوق العينية والعقارية، قانون النقد والتسليف، وسائر القوانين المتعلقة بالنقد والمصارف، قانون الضمان الاجتماعي، الاثراء عير المشروع، الاختلاسات.

من جهته يُشير عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب ياسين جابر الى ان قانون العفو العام أعدته اللجنة الوزارية للعفو العام، وحين اجتمعت هيئة مكتب مجلس النواب وبحثت في القوانين التي أعدتها اللجان الوزارية"، لفتت الى "ضرورة تبنيها من النواب للاسراع في اصدارها. وأكد أن قانون العفو لا علاقة له بالجرائم المالية، ولا يعفي أحداً من اي تهمة مالية مستقبلية، بل سيتم تعزيزه برفض العفو عن مرتكبي الجرائم البيئية، ونحن منفتحون على التعاون والبحث بأي فكرة، والهدف من الجلسات التشريعية تلبية مطالب المتظاهرين.

ومن باب العلم، فإن القانون المعجل المكرر للعفو، والموقع من النائب جابر، يمنح العفو عن الجرائم المرتكبة قبل 3-10-2019، على أن يشمل: المخالفات على أنواعها، الجنايات غير المستثناة، جرائم تعاطي أو تسهيل تعاطي المخدرات أو تسهيل الحصول عليها أو ترويجها من دون عوض ومن دون أيّ نية ربحية، وكذلك جريمة زراعة النباتات الممنوعة. فيما لا يستفيد من العفو: الأشخاص المتورطون بقتل مدنيين أو عسكريين أو إيذائهم عمداً أو خطفهم أو حجز حريتهم، من قام باستخدام أو صنع أو اقتناء أو حيازة أو نقل مواد متفجرة أو ملتهبة، من قام بتدريب أشخاص للقيام بأعمال إرهابية. وبموجب قانون العفو المقدم، فإنّ يوم العقوبة يحتسب 24 ساعة والشهر 30 يوماً والسنة 12 شهراً.