تفاصيل الخبر

العائلات صمدت والأحزاب ”تشظّت“ وإن حقّقت نجاحات، والنتائج جعلت من خيار النسبية ”الضحية الأولى“!

10/06/2016
العائلات صمدت والأحزاب ”تشظّت“ وإن حقّقت نجاحات،  والنتائج جعلت من خيار النسبية ”الضحية الأولى“!

العائلات صمدت والأحزاب ”تشظّت“ وإن حقّقت نجاحات، والنتائج جعلت من خيار النسبية ”الضحية الأولى“!

3فرنجية-معوض أما وقد انتهت الانتخابات البلدية والاختيارية وطُويت صفحتها الى ما بعد ست سنوات، فإن مرحلة استخلاص العبر والدروس من مسار العملية الانتخابية بدأت على أكثر من صعيد بين الأطراف التي خاضت غمار المعارك البلدية والاختيارية، لاسيما وأن ما من طرف سياسي إلا وقد خرج من هذه المعارك، مشتتاً في مناطق، ومرتاحاً في مناطق أخرى وغير مبالٍ في مناطق ثالثة. إلا أن مصادر متابعة ترى أن المكابرة في التعاطي مع نتائج الانتخابات البلدية ترتب مفاعيل سلبية، في حين أن التعاطي بواقعية وموضوعية يمكن أن يُساهم في تصحيح الخلل الذي اعترى الانتخابات، وسد الثغرات التي لم يكن في الإمكان تفادي بروزها. ويصبح هذا التعاطي ضرورياً، إذا ما بدا أن الاستحقاق الانتخابي النيابي لن يتأخر عن شهر حزيران/ يونيو 2017 سواء تم التوصل الى قانون جديد للانتخابات، أو فرضت الضرورة السير بالقانون النافذ حالياً أي قانون الستين المعدّل لمرة واحدة في الدوحة.

وتعتبر المصادر نفسها أن مرحلة ما بعد الانتخابات البلدية لن تكون مثل مرحلة ما قبلها، خصوصاً أن ما جرى في المدن والبلدات والقرى اللبنانية أفرز معطيات لن يكون من السهل تجاوزها سواء على صعيد التحالفات المحلية، أم على صعيد علاقات الأحزاب بعضها مع البعض الآخر، وطريقة التعاطي مع القاعدة الشعبية، لاسيما تلك التي <انشطرت> الى أكثر من مجموعة تدين بالولاء لحزب أو لمرجعية. من هنا كانت الدعوات الى جلسات تقييم للانتخابات البلدية والاختيارية ومعاينة مراكز قوة كل طرف ومراكز ضعفه، ليكون ما حصل درساً يفترض ألا تتكرر سلبياته وأن تُحصّن إيجابياته.

نهاية 8 و14 آذار؟

وبعيداً عن مواصفات الربح والخسارة، فإن القاسم المشترك الذي يمكن استخلاصه هو حاجة الأحزاب المسيحية والإسلامية على السواء الى قراءة موضوعية متأنية لما حصل على مدى أربعة أسابيع، لأن ما من حزب يستطيع أن يدّعي أنه كان في منأى عن الشظايا التي أصابت الجسم السياسي عموماً والجسم الحزبي خصوصاً، الى درجة باتت فيه حالتا قوى 8 و14 آذار في خبر كان، بعدما تفرق أطراف هذه القوى أيدي سبأ، وقامت تحالفات مع خصوم الأمس، وخيضت معارك في بلدات وقرى بين المجموعة الواحدة التي تواجه أنصارها مع بعضهم البعض، فيما تحالفت أحزاب من القوتين ما كانت لتلتقي لو أن قوى 8 و14 آذار ظلّت موحدة ومتماسكة و<متمرّسة> خلف المبادئ التي قامت من أجلها. ولعل ما يدفع للاعتقاد بأن لا قيامة قريبة لقوى 8 و14 آذار كما كانت بعد <ثورة الأرز> في عام 2005 واستمرت حتى الأمس القريب، هو أن حلفاء الأمس تفرقوا بسرعة بحيث لم يكن من المستغرب وجود القوات اللبنانية في مواجهة رئيس حزب الوطنيين الأحرار المهندس دوري شمعون مثلاً، ولا رؤية القوات اللبنانية بعيدة عن حلفائها التقليديين، ولا حزب الكتائب ضد <القوات> في كسروان وفي بعض مناطق البترون، في وقت كانت المواجهة واضحة في طرابلس بين الرئيس سعد الحريري والوزير أشرف ريفي الذي انتزع فوزاً لافتاً في المدينة على رغم قوة اللائحة التوافقية التي وُلدت في الفيحاء.

وكما عجزت الأحزاب في ضفتي 8 و14 آذار عن مواجهة المعارك الجانبية من خصوم كانوا بالأمس حلفاء، وكذلك في الحد من الصراعات الداخلية في كل حزب، فإن الأمر انسحب أيضاً على العلاقات مع العائلات والزعامات المحلية والقياديين الموجودين في قراهم وبين أهلهم، بحيث لم تتمكن الأحزاب من <إلغاء> هذه العائلات أو تحجيمها في أكثر من منطقة، الأمر الذي جعل حضور هذه العائلات والزعامات يتنامى بشكل ملحوظ، خصوصاً بعد ما قيل عن ردود فعل متضامنة سُجلت مع العائلات التي كانت مهدّدة سياسياً بالانقراض. صحيح ان الانتخابات البلدية لا تقارن من حيث التحالفات في القرى بالانتخابات النيابية، إلا أن ما كان يهم الأحزاب هو جر العائلات الى ملعبها لتصبح هي الأقوى، إلا أن هذه المحاولات فشلت في العديد من القرى والبلدات حيث هُزمت الأحزاب وصمدت العائلات!

المجتمع الأهلي كان حاضراً

وسجلت المصادر المتابعة حضوراً متنامياً لهيئات المجتمع الأهلي والناشطين الاجتماعيين الذين خرق <أنصارهم> في بلديات وألحقوا بالقيمين على اللوائح الاساسية خسائر امتدت الى عدد من البلدات الأخرى. واعتبر قيمون على عمل هيئات المجتمع الأهلي أن حضورهم في الانتخابات البلدية والنتائج التي حققوها دفعت بالكثيرين من السياسيين التقليديين الى إطلاق الدعوات لـ<استيعاب> هذه الظاهرة التي تشهد اضطراداً منذ بداية أزمة النفايات وما رافقها من ملابسات لا تزال موضع أخذ ورد، وهذا يدل في رأي المصادر المتابعة أن دخول أنصار المجتمع الأهلي طرفاً في المواجهات، ينبغي أن يتم التعاطي معه بهدوء وموضوعية وعدم دفن الرؤوس في الرمال، لأن ظاهرة المجتمع المدني مثل كرة الثلج التي تبدأ صغيرة ثم تصبح كبيرة... وقد كان الرئيس نبيه بري <حساساً> أكثر من غيره تجاه دور المجتمع الأهلي، فاعتبر في تقييم أولي لنتائج الانتخابات التي امتدت طوال شهر أيار/ مايو الماضي انه من الضرورة <التقاط> مؤشرات الانتخابات البلدية، لاسيما وأن جزءاً من النتائج - قال بري - هو رد فعل عفوي من قبل الناس على سلوك الطبقة السياسية وما أفرزته من أزمات، ويكفي أن يقول رئيس الحكومة تمام سلام ان حكومته <هي الأفسد والأفشل>، حتى يكون لكلامه الصدى المناسب. كذلك ساهمت أزمة النفايات وما رافقها من تطورات امتدت على مدى 10 أشهر، في رفع منسوب <انتقام> الناس من الدولة، وقد دفع الثمن هذه المرة مجموعة من المرشحين في مختلف المناطق ممن لم تكن لهم مواقف متضامنة مع أجهزة الدولة أو مؤسساتها، لكن <الموجة> كانت عاتية نسبياً وأخذت بدربها <المنيح بضهر الوحيش>.

خيار النسبية.. الضحية الأولى

وإذا كانت الدعوات قد أُطلقت في أكثر من اتجاه كي تقوم الأحزاب بمراجعة حساباتها، مع ما يتطلب ذلك من شجاعة ومسؤولية في مواجهة الحقائق بدلاً من الاستمرار في الهروب الى الأمام، فإن ثمة من يعتبر أن <الضحية> السياسية الأولى للانتخابات البلدية هو خيار النسبية الذي يعمل البعض كي يُعتمد في القانون الانتخابي الجديد الذي يجري إعداده، ذلك أن ثمة نتائج أفرزتها الصناديق في كل المحافظات من دون استثناء زرعت قلقاً وخوفاً في نفوس الأحزاب الكبيرة التي تخشى أن تفقد قدرتها على السيطرة على نتائج الانتخابات النيابية في ما لو اعتمد النظام النسبي الذي سيفسح في المجال امام الأحزاب الصغيرة أو المستقلين أن يتمثلوا في المجلس النيابي العتيد من خلال الفوز بنسبة معينة من الأصوات وفقاً للقاعدة المعتمدة.

عون-جعجع---2<الثنائية المسيحية>

وتبقى المراجعة ضرورية لدى الأحزاب الرئيسية التي رمت بكل ثقلها لتسجيل انتصارات بلدية واختيارية تعكس <الأحجام> الحقيقية، لكن العائلات والزعامات التقليدية كانت لها بالمرصاد ولم تدعها تحقق أهدافها في أكثر من بلدية، وذلك انطلاقاً من المشهد الحزبي الآتي:

- بالنسبة الى الأحزاب المسيحية، يبرز في المقدمة وضع <الثنائية المسيحية> التي نتجت عن <تفاهم معراب> بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، والمدعوة الى إعادة قراءة نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية بعين الناقد الموضوعي، لاسيما وأن هذه <الثنائية> تحتاج الى عملية ترميم سريعة ودراسة متأنية لأسباب سقوطها في عدد من البلدات والقرى، فيما سجلت خروقات في أمكنة أخرى، وحققت فوزاً في بلديات لا يمكن وصفها بـ<الكبيرة> والأساسية. ولا بد أن تلحظ الدراسة المعمّقة في رأي مصادر متابعة، الأسباب التي أدت الى حصول <تمييز> في التعاطي مع التحالفات البلدية بين منطقة وأخرى، وعدم تجاوب القاعدة دائماً بما اتفقت عليه القيادتان، والأمثلة كثيرة خصوصاً في جبل لبنان والشمال. ولا يكفي - تضيف المصادر نفسها - إيراد أرقام بعدد البلديات التي <انتصر> فيها تحالف <القوات - التيار>، بل ينبغي مقاربة موضوع الخلافات التي نشأت خلال العملية الانتخابية، على نحو يحصّن <تفاهم معراب> الذي بات في نظر كثيرين ضرورة لأنه أعطى المسيحيين زخماً جديداً ووضع حدّاً لمسار اليأس والانكفاء واللامبالاة الذي كاد أن يصبح ملازماً للحياة السياسية لدى المسيحيين.

إلا ان أخطر ما ينبغي على <الثنائية المسيحية> أن تقيّمه بهدف المعالجة وتفادي التكرار، فهو الصراعات الداخلية التي برزت بين المحازبين قبل الأنصار والخصوم، ما أدى الى حصول انقسامات أثرت على مسار المعارك الانتخابية في عشرات القرى والبلدات، لاسيما وأن معالجة <التمرّد> لم تتم بسرعة، لا بل ترك الحبل على غاربه في أكثر من مكان، الأمر الذي رسم علامات استفهام كثيرة عن الهدف والغايات.

وكما سجلت في صفوف القوات اللبنانية عمليات خروج عن قرار القيادة، كذلك حصل داخل التيار الوطني الحر، لاسيما وان الإشكالات التي وقعت لم تكن فقط بين مناصرين عاديين بل ان ثمة تداعيات سجلت بين نواب ومسؤولين في <التيار> كالذي حصل في الاشرفية وجل الديب وبعبدات والدامور، ما يجعل من الملحّ في نظر المصادر نفسها، ضرورة إجراء قيادة <التيار> مراجعة شاملة لاستدراك ما حصل لجهة عدم التزام القرار المركزي، وإعادة وصل الحلقة بين القيادة والقاعدة في عدد من البلدات، وعدم اللجوء الى تدابير زجرية مثل الطرد أو تعليق العضوية أو المحاسبة التأديبية لأن ذلك سوف يزيد الأمور تعقيداً ولن يقرّب بل يباعد أكثر.

الكتائب و<المردة> و<الطاشناق>

في المقابل، فإن حزب الكتائب مدعو ايضاً الى تقييم ما حصل في العملية الانتخابية، على رغم أنه خاض المواجهات متحالفاً مع العائلات والزعامات التقليدية في وجه <الثنائية المسيحية>، وكان لمشاركاته في عدد من البلدات الدور الأساس في إلحاق الهزيمة باللوائح المدعومة من <الثنائية> (القبيات مثلاً) ما مكّن حزب الكتائب من الحصول على مقاعد متفرقة في عدد من البلديات في مختلف المناطق اللبنانية بلغت نسبتها حسب مصادر كتائبية عشرة أضعاف مما كان عليه الحضور الكتائبي في دورة عام 2010 البلدية.

أما تيار <المردة>، فإن حضوره المقتصر على منطقة الشمال تأثر سلباً بتمدد <الثنائية المسيحية>، وإن كانت التحالفات التي عقدها مع العائلات والأحزاب غير المنضوية في <الثنائية>، قد أمّنت له حضوراً بلدياً محدوداً باستثناء زغرتا المدينة التي فازت بها <لائحة التوافق> على رغم الملاحظات على تركيبتها ووجود أقرباء لكل من النائب سليمان فرنجية والسيد ميشال معوض في عداد المجلس البلدي الجديد. وسيكون على النائب فرنجية في معرض تقييمه للانتخابات، أن يعيد التواصل أكثر مع حلفائه خارج زغرتا، لاسيما في بلاد البترون والكورة إذا أراد أن يبقي لنفسه الزعامة الشمالية الواسعة الانتشار... ويتضح أن في حساب الربح والخسارة، أن تيار <المردة> لم يربح كل ما كان يتوقـــــع ويأمــــــل، لكنــــــه في المقابل لم يخسر لأنه لم يخض معارك جانبية وركز عمله في زغرتا وقرى القضاء.

في غضون ذلك، خرج حزب <الطاشناق> الأرمني من الاستحقاق البلدي منسجماً مع سياسته القائمة على الانفتاح على الجميع وعدم معاداة أحد، وهذا ما تُرجم توزيعاً للأصوات في المناطق التي يتمتع بنفوذ فيها، ومنها بيروت وزحلة والمتن وكسروان، وجبيل بنسبة ضئيلة.

أما الحزب المسيحي الذي أخرجته الانتخابات البلدية من المعادلة، فكان حزب الوطنيين الأحرار الذي حقق وجوداً محدوداً ومتفرقاً في عدد من البلديات والهيئات الاختيارية، إلا أنه خسر بقوة في عرينه الشوف وخصوصاً في دير القمر. لكن لا يبدو أن رئيس الحزب المهندس دوري شمعون في وارد إعادة تقييم أداء الحزب ومناصريه، أقله في المدى المنظور.

خيارات تيار <المستقبل>

وما يقال عن الأحزاب المسيحية الأساسية، يقال أيضاً عن الأحزاب الاسلامية التي واجهت حالات لم ترتقِ إلى المستوى الذي واجهته <الثنائية المسيحية>، إلا أن في بعض ما جرى من متغيرات ما يدعو الى التنبه والعمل لاستعادة الأرض.

ويبرز تيار <المستقبل> في مقدمة الأحزاب التي يفترض أن تعيد تقييم خياراتها، لاسيما بعد النتائج التي أفرزتها صناديق بيروت حيث تراجع التصويت ووجدت أوراق بيضاء وألقيت أوراق أخرى، و<الكارثة> التي حلّت بـ<التيار الأزرق> في طرابلس بعد فوز اللائحة التي دعمها الوزير المستقيل أشرف ريفي وما صدر عنه من مواقف وتعليقات، علماً أن الوضع في الضنية والمنية وإقليم الخروب لم يكن أفضل حالاً بالنسبة الى <المستقبل>، في وقت كان لقبول الرئيس الحريري بالتوافق مع العائلات في بلدات البقاع الغربي، النتيجة الايجابية التي جنّبت <التيار الأزرق> معارك لم يكن من المضمون أن يربحها. وتعتبر المصادر المتابعة أن <الأرض> قدّمت أكثر من مؤشر على أن تيار <المستقبل> بحاجة الى إعادة نظر سريعة بأدائه وعلاقاته وحضوره الميداني، لاسيما وأن ردود الفعل في عدد من البلدات لم تكن متوقعة، خصوصاً على التحالفات التي أجراها <التيار الأزرق> تفادياً لحصول معارك لن تكون نتائجهــــا مرضية. وبصرف النظر عـن الأسبــــــاب التي أوصلت <المستقبل> الى هــذا الواقــــع، فإن المصـــــادر المتابعة تتحدّث عن أن عودة الرئيس سعد الحريري للإقامة بشكلٍ دائم في بيروت من شأنها أن تسهّل الإجراءات التصحيحية الضرورية لمسار <التيار>، خصوصاً في المناطق التي كانت خزاناً شعبياً له.

الحريري-ريفي---1

<شظايا> في جسم <الثنائية الشيعية>

أما <الثنائية الشيعية>، فهي مدعوة أيضاً في رأي المصادر نفسها الى إجراء تقييم موضوعي لما حصل في الانتخابات البلدية من زاويتين: الأولى على صعيد العلاقة بين حزب الله وحركة <أمل> التي أظهرت الانتخابات أنها جيدة على مستوى القمة وضعيفة على مستوى القاعدة، ولا يكفي أن يكون خيار المقاومة هو القاسم المشترك بين الحزب والحركة، لأن ما حصل من ممارسات في عدد من البلدات الجنوبية والبقاعية على حدٍ سواء، وما سُجّل من مواجهات يمكن أن يصبح كرة ثلج يتطور حجمها يوماً بعد يوم، ما لم يعالج الموقف بشكل حاسم.

أما الزواية الثانية، فهي تتعلق بظاهرة <التمرّد> التي سُجّلت في عدد من القرى على قرارات القياديين، فحصلت إشكالات في صفوف مناصري <أمل> في ما بين بعضهم البعض، أفرزت اتجاهات مختلفة في البلدة الواحدة، وكذلك حصل داخل صفوف مناصري حزب الله ولكن بنسبة محدودة، إلا أن <ظاهرة التمرّد> لم تؤثر على المسار الانتخابي ولا على النتائج إلا بنسبة محدودة استفاد منها مرشحو الأحزاب اليسارية الذين حققوا خروقات ضئيلة.

أما <الجماعة الإسلامية> و<جمعية المشاريع> (الأحباش) فقد أمّنتا حضوراً، لاسيما في صيدا وطرابلس وبعض بلدات عكار وإقليم الخروب.

اهتزاز <الثنائية الدرزية>

في المقابل، فإن <الثنائية الدرزية> لم تكن كذلك في العملية الانتخابية، بل ان المواجهات بين الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديموقراطي اللبناني، فرزت الموحدين الدروز في مناطق نفوذهم الى معسكرين تقليديين: جنبلاطي وأرسلاني، وما حصل في كل من الشويفات وحاصبيا خير دليل على حصول تباعد بين النائب وليد جنبلاط والنائب طلال ارسلان الذي ألقى بثقله على معظم البلدات ذات الغالبية الدرزية التي لم تحصل فيها إنجازات توافقية. وتعتبر المصادر المتابعة أنه سيكون على الزعيمين الدرزيين إعادة تقييم ما حصل في الانتخابات تفاديــــاً لازديــــاد الشرخ الذي يفتــح <دفاتــــر قديمــــة> لا يــــرغب لا جنبـــلاط ولا ارســــلان بفتحها من جديد.

وفي الإطار الدرزي أيضاً، سجّلت الانتخابات حضوراً لحزب التوحيد العربي برئاسة الوزير السابق وئام وهاب لاسيما في قضاء الشوف.

وبعيداً عن التوصيف الطائفي للأحزاب، يمكن تسجيل عودة الوهج السياسي للحزب السوري القومي الاجتماعي، خصوصاً في طـــرابلس وبعض قـــرى حاصبيـــا والبقـــاع الغربي، وكذلك يبرز حضور الحزب الشيوعي في عدد من البلــدات الجنوبيـــة والشماليــــة والبقاعية وإن كان بنسبة محدودة لم تسجل في الانتخابات البلدية السابقة.

في الخلاصة، يتضح أن الأحزاب اللبنانية تساوت في معظم العملية الانتخابية بالربح والخسارة، فلم تربح كلياً ولم تخسر كلياً، وهي ستقرأ بتأنٍ الأرقام التي سجلتها صناديق الاقتراع وتعيد تحديد خياراتها وتحالفاتها وتموضعها. إلا أن ثمة رابح في المراحل الانتخابية الأربع، هو الاستقرار الأمني الذي تمت الانتخابات في ظله بأداء منسّق بين الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة من خلال إدارة سليمة في وزارة الداخلية، أمنية وإدارية ولوجستية، ضبط إيقاعها وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مع فريق عمل متجانس تمكّن من معالجة الثغرات التي برزت في مسار الانتخابات. ولعلّ هذا النجاح الذي حققه وزير الداخلية، سيكون الحافز في إسقاط ذريعة تأجيل الاستحقاق النيابي المقرر مبدئياً في ربيع 2017، على رغم أن ظروف الانتخابات النيابية تختلف عن ظروف الانتخابات البلدية والاختيارية، إلا أن المناخات التي رافقت الاستحقاق البلدي لا تختلف كثيراً عن تلك التي يفترض أن ترافق الاستحقاق النيابي خصوصاً إذا ما استمرّت الأجواء السياسية على ما هي عليه!