تفاصيل الخبر

الاعتراف الاميركي بالسيادة الاسرائيلية على الجولان يواجهه لبنان بـ”مقاومة ديبلوماسية“ منعاً للتصعيد!

05/04/2019
الاعتراف الاميركي بالسيادة الاسرائيلية على الجولان  يواجهه لبنان بـ”مقاومة ديبلوماسية“ منعاً للتصعيد!

الاعتراف الاميركي بالسيادة الاسرائيلية على الجولان يواجهه لبنان بـ”مقاومة ديبلوماسية“ منعاً للتصعيد!

عندما وصف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم إعلان الرئيس الاميركي <دونالد ترامب> الاعتراف بسيادة اسرائيل على منطقة الجولان السورية المحتلة، بأنه <يوم أسود> في حياة الدول والشعوب العربية، لم يكن يقصد فقط إدانة الموقف الاسرائيلي الذي أتى بعد قرار اميركي مماثل بالنسبة الى القدس، بل كذلك رفضاً قاطعاً للقرار خصوصاً أن ثمة أراضٍ لبنانية في منطقة الجولان أو مجاورة لها قد تعمد اسرائيل الى ضمها نهائياً الى الاراضي المحتلة وفقاً لما ستفعله في الجولان، وهذه الأراضي تقع ضمن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر اللبنانية المحتلة، والتي طالما سعى لبنان لاسترجاعها منذ تحرير الجنوب في العام 2000 من دون نتيجة. ويتمسك الاسرائيليون بهذه الأراضي بحجة أنها أراض سورية احتُلت في حرب العام 1967 وتتبع بالتالي للقرار 242 الصادر عن مجلس الامن وليس للقرار 425 الذي أنهى اجتياح اسرائيل لمساحات واسعة من لبنان. إلا أن التذرع الاسرائيلي بواقع هذه الاراضي بات حجة مكشوفة إذ سلمت مراجع دولية بـ<لبنانية> هذه الأراضي ومن بينها مزارع شبعا التي تقع على الحدود بين لبنان والجزء المحتل من الجولان السوري، وتتبع منطقة العرقوب وتمتاز بموقع استراتيجي باعتبارها حلقة وصل مع المستعمرات الاسرائيلية الشمالية والجولان المحتل.

إلا أن المخاوف اللبنانية مبررة لأنه حين طالب لبنان باستعادة مزارع شبعا وكفرشوبا بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي في العام 2000، كان جواب الامم المتحدة انها أرض مرتبطة بالجولان ولا تخضع لولاية القوات الدولية <اليونيفيل> بل لفريق المراقبين الدوليين <الاندوف>، علماً أن نيويورك كانت تذرعت في حينه بوجود خلاف لبناني - سوري حول هوية هذه الاراضي المتداخلة بين البلدين ولم تحصل عملية ترسيمها بشكل رسمي على رغم إعلان سوريا أن هذه الأراضي لبنانية وتأكيد الرئيس السوري بشار الأسد لهذه المعطيات، لكن كل التأكيدات السورية لم توثق بشكل رسمي ما أعطى للجانب الاسرائيلي حجة لابقاء احتلاله لهذه الاراضي، خصوصاً ان الرئيس الاسد قال في أحد خطبه في كانون الثاني/ يناير 2006 إن مزارع شبعا لبنانية، لكنه شدد يومذاك على أن ترسيم الحدود يكون بعد انسحاب اسرائيل من هذه المنطقة!

 

قلق لبناني مبرّر!

وقد سعت مراجع ديبلوماسية غربية لـ<طمأنة> لبنان بأن القرار الخاص بالجولان لا يعني لبنان بدليل عدم الإتيان على ذكره لا من الرئيس <ترامب> ولا من رئيس وزراء اسرائيل، في وقت كانت فيه هذه المراجع <تشجع> على إدانة الموقف الاميركي وتحصره بالجولان السوري ولا تأتي على ذكر لبنان، لكن القلق الحقيقي لدى المسؤولين اللبنانيين تأتى من أن ثمة مراجع دولية اعتبرت أن ما دامت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر هي بالنسبة الى اسرائيل اراضٍ تابعة للجولان احتلت معظمها في العام 1967، فإن الاعتراف بسيادتها على الجولان يعني تلقائياً سيادتها على الاراضي التابعة له ومنها الاراضي اللبنانية المحتلة. إلا أن الجانب اللبناني واجه هذه المراجع من خلال سلسلة مواقف أطلقها الرئيس عون خلال وجوده في موسكو، ثم في القمة العربية في تونس، خصوصا ان الخرائط التي لدى لبنان تثبت أن مزارع شبعا أراضٍ لبنانية لا تزال تحت الاحتلال الاسرائيلي وما نتج عنه من اقتطاع للاراضي واعتداء على السيادة وطرد للسكان أصحاب الارض وتدمير منازلهم وسائر ممتلكاتهم ومنعهم من استثمار أراضيهم.

وتعدد مصادر رسمية الأراضي التي اقتطعتها اسرائيل وهي القرى التي يملكها أهالي شبعا المعروفة بمزارع شبعا ومنها: مراح الملول، برختا، رمثا، الربعة، بيت البراق، زبدين، بسطرا، قفوة، القرن، خلة غزالة، فشكول، كفردورة، المغر، إضافة الى مقام مقدس يعرف باسم <مشهد الطير>، كذلك هناك خراج بلدة كفرشوبا وحلتا، وجزء من خراج بلدتي الهبارية وشبعا، وشريط القمم في جبل الشيخ منها ملحاتا، إضافة الى مركز التزلج والسياحة الشتوية الواقع في خراج بلدة شبعا، وتبقى بلدة الغجر وفيها النخيلة وموقع العبّاد. وتأكيداً على لبنانية هذه الأراضي، اتخذ القاضي العقاري في النبطية أحمد مزهر قراراً بإجراء مسح للأراضي اللبنانية التي تحتلها اسرائيل في بلدة كفرشوبا وصولاً الى حدود منطقة شبعا، وتكليف شركة

الاستحصال على الوثائق المناسبة لإتمام عملها. ويعد هذا القرار الثالث من نوعه بعد قرارين بمسح الأراضي المحتلة في بليدا وعديسة (منطقة مرجعيون).

في أي حال، لبنان لن يتراجع عن المطالبة بحقوقه في هذه الأراضي، ويتجه الرئيس عون الى توجيه رسالة الى الامم المتحدة معززة بالوثائق والمستندات منعاً لأي عملية وضع يد اسرائيلية على هذه الأراضي وإلحاقها بـ<السيادة> الاسرائيلية على الجولان السوري المحتل. وقد بدأت الدوائر المختصة تحضير النصوص والوثائق المطلوبة لتدعيم الموقف اللبناني وقطع الطريق على أية محاولة اسرائيلية لقضم المزيد من الاراضي اللبنانية.

احتمالات التصعيد... واردة!

 

إلا أنه، وفي موازاة التحرك اللبناني، فإن ثمة من يرى أن الاعتراف الاميركي بالسيادة الاسرائيلية على الجولان السوري المحتل يفتح الباب أمام احتمالات التصعيد، علماً أن هذه المنطقة ظلت هادئة حتى قبل حرب تموز/ يوليو 2006 وبعدها باستثناء بعض حوادث تفجير عبوات ناسفة، وذلك لأن لا قرار لدى المقاومة بالتحرك من هذه المنطقة منذ العام 1974 انطلاقاً من اتفاق فصل القوات الذي وقع عامذاك بعد حرب الاستنزاف السورية في الجولان حيث انتشرت قوات <الاندوف> الدولية. ويعتبر المتخوفون من تصعيد جديد في المنطقة غير مسبوق، إن أية خطوة يمكن أن تتخذها اسرائيل عندما تطبق قرار السيادة على الجولان المحتل، تقتضي بأن تشمل المناطق اللبنانية ايضاً، من شأنها <تبرير> أية ردة فعل للمقاومة لتحرير الاراضي من الاحتلال الاسرائيلي، لاسيما وأن المطالبة بعودة هذه الأراضي الى السيادة اللبنانية اقتصرت حتى الآن على المواقف الرسمية في المحافل الدولية والاقليمية وعلى تأكيد حق لبنان باسترجاع اراضيه <بكل الوسائل المتاحة>. وعليه، لا تتوقع مصادر متابعة أن يتبدل موقف حزب الله إذا امتنعت اسرائيل عن ضم الأراضي اللبنانية الى سيادتها كما ستفعل بالنسبة الى الجولان السوري المحتل، وان كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أوحى في إطلالته الاعلامية الاخيرة باستعداد الحزب للمواجهة والتقدم خطوات <في حال تطورت الأمور نحو الأسوأ>، وقد اعتبرت جهات متابعة ان الإعلان عن لقاء السيد نصر الله مع قيادة حركة <حماس> الاسبوع الماضي شكل رسالة واضحة <لمن يهمه الأمر>، لكن المصادر المتابعة نفسها ترجح ألا يفتح الاعتراف الاسرائيلي بالسيادة على الجولان المحتل حرباً من الجنوب اللبناني، إلا ان استمرار التوتر، ولو إعلامياً وسياسياً، قد يعيد القلق الى قلوب الجنوبيين ويجعل أي حادث فردي وبسيط يمكن أن يقع في مكان ما من الجنوب مدخلاً لهز الاستقرار، مما يربك حزب الله ويضيف الى الصعوبات التي يواجهها مادياً وتنظيمياً واجتماعياً صعوبات جديدة. وتخشى المصادر نفسها من حصول <استفزازات> اسرائيلية بتوجيه اميركي قد تجر حزب الله الى المواجهة، وهو ما يريد الجانب الاسرائيلي حصوله كي يصب أي تطور عسكري في مصلحة الحملة الانتخابية لرئيس حكومة العدو <بنيامين نتنياهو> الذي تقود المعارضة الاسرائيلية حملة ضده وتكيل له الاتهامات بأنه وراء التصعيد في الجنوب اللبناني منذ أزمة الأنفاق وصولاً الى الصراع على الحدود البرية والبحرية.

وفي محاولة لتفادي حصول أية مواجهات جديدة نتيجة القرار الاميركي والإجراءات الاسرائيلية، فإن مراجع سياسية متابعة لهذا الملف تشير انه على لبنان تحريك ملف مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر مجدداً، وإطلاق حملة واسعة لإثبات لبنانيتها، وتحريك <المقاومة الديبلوماسية> لشرح ما يحصل للرأي العام العالمي، والتركيز خصوصاً على ما فعلته اسرائيل بأهالي هذه المناطق والمطالبة استطراداً بالتعويض عليهم أسوة بالقرارات الدولية السابقة التي صدرت في أعقاب الهجوم الاسرائيلي على مطار بيروت وتدمير الاسطول الجوي المدني اللبناني، وكذلك بعد مجزرة قانا وما كان يحصل في معتقل الخيام من تعذيب وقتل. وللوصول الى هذه النتائج، تضيف المراجع نفسها بأنه ينبغي تشكيل لجنة من خبراء في القانون الدولي والحقوق وخبراء موثوقين في موضوع الحدود لوضع خطة عملية ترتكز على المفاهيم العلمية والحقوقية والقانونية والدولية لملاحقة المطالب المحقة وعدم السكوت عنها، وتعويض أصحاب المزارع الذين فقدوا أرضهم ودمرت بيوتهم وحُرموا من استثمار أراضيهم.

فأي خيار سيعتمد، المقاومة المسلحة أم <المقاومة الديبلوماسية> إذا ما امتدت يد اسرائيل الى الاراضي اللبنانية المحتلة عند تخوم الجولان السوري المحتل؟