تفاصيل الخبر

”العاشقان“ جورجينا رزق وعلي حسن سلامة عنوان معرض الفريد طرزي المقبل: قصتهما ”تفكفك“ الكثير مما نعتقد اننا نعرفه حول بيروت السبعينات!

02/08/2019
”العاشقان“ جورجينا رزق وعلي حسن سلامة عنوان معرض الفريد طرزي المقبل: قصتهما ”تفكفك“ الكثير مما نعتقد اننا نعرفه حول بيروت السبعينات!

”العاشقان“ جورجينا رزق وعلي حسن سلامة عنوان معرض الفريد طرزي المقبل: قصتهما ”تفكفك“ الكثير مما نعتقد اننا نعرفه حول بيروت السبعينات!

بقلم عبير انطون

 

مأزق التاريخ انه عند كتابته قد يبسط الأمور، فتذكر الحروب من سنة بدايتها حتى نهايتها مع عدد القتلى فيها.. اما الناس فتنفصل عن ذاك الماضي الأليم بسبب الاحداث والشرور والمآسي، الا ان العودة ضرورية والقيام بها جوهري لفهم ما جرى وما سيجري برأي الفنان الفريد طرزي.

الصراع السياسي الجغرافي الاجتماعي لا يغيب عن اعمال وتجهيزات الفنان المولود في العام 1980 والذي تشكل الحرب اللبنانية محورا اولا في موضوعاته. نراه من خلال أعماله <يتقصّى التاريخ ويحفّز الذاكرة لئلا تقع في طي النسيان>. عرض في أكثر من صالة في لبنان وفي خارجه، ولفت نموذج عرضه في <بيروت ديزاين ويك> لهذا العام الانظار والترقب لمعرض يعد لافتتاحه لاحقا حول قصة الحب التي جمعت ملكة جمال الكون جورجينا رزق بالوجه البارز في منظمة التحرير الفلسطينية علي حسن سلامة. فدار السؤال: لماذا هذا المعرض؟ وما الذي اراده الفريد طرزي من خلاله؟

السؤال طرحته عليه <الافكار> بعد حديث عن البدايات وشرارات الانطلاق في العالم التشكيلي التجهيزي..

 الفريد، الشغوف بالتصوير والنحت يعود الى علاقته بالصور مستعيدا لنا ما لفته يوما: <كان هناك نص نقدي كتبه سمير الصايغ عن فنان فرنسي قام بعمل تجهيزي. وفي المقالة ابرز صورة هذا العمل الذي هو عبارة عن <براميل> ووضع قبالتها صورة حاجز من الحواجز كان مهجورا مع <تركيبة براميل> ايضا، وكتب نقدا مقارنا ما بين العملين، وكان ذلك في فترة الحرب في الثمانينات. هذا الأمر جاء شديد التعبير بالنسبة لي، وقد اوردت لكم ذلك للقول ان للفن دورا في التاريخ حتى ان الفرد منا يمكنه ان يقرأ او يوثق التاريخ من خلال نظرة فنية.

 تساؤلات.. !

 

 انشغل الفريد بالعمل الفني منذ العام 2005 رسما وتصويرا ونحتا وتجهيزا بكل ما يتعلق بالحرب اللبنانية وتداعياتها، ولاسيما الاجتماعية والسياسية، من دون أن يوفر وسيلة من التصوير الفوتوغرافي الى التصوير التشكيلي والكولاج الرقمي الا ويستخدمه لابراز فكرته. يجد في الفن وسيلة لطرح التساؤلات ومحاولة الفهم. درس التصميم التخطيطي وشكل هذا منعطفا مهما له: بالنسبة لي لم يكن من فصل ما بين التصميم التخطيطي والفكر السياسي. اهمية دراستي ان في الجامعة الاميركية مجموعة اساتذة يعتبرون رواد الحداثة البصرية بينهم مثلا محمد الرواس، سمير الصايغ وغيرهما. وإن القينا نظرة جيدة على من كان يعمل في التصميم التخطيطي في السبعينات يظهر لنا انهم كانوا فنانين. ففي مجال الطباعة، والتي تعتبر الرمز الاقوى للحداثة في القرن العشرين، كانت الصحف والمجلات بحاجة الى مثل هؤلاء وكان كل ما يعد للطبع يمر تحت ايديهم، في التفصيل والرسم والصور، وكان عملهم هذا يبرز في الوقت عينه فكرهم السياسي من خلال الصحف والمجلات التي يعملون فيها والتي تنتمي لتيار ما او لحركة ما.

النصب التذكاري..!

 

ماذا عن اولى معارضه؟؟ يذكرها لنا طرزي ويشرح: بدأت نشاطي في الفن لإيماني بان البلد بحاجة الى نصب لضحايا الحرب الاهلية. تخرجت من الجامعة في العام 2004 وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، تنبّهت الى ان الحرب الاهلية بمعنى العنف الذي <يولع> ولا ينضبط لا يزال موجودا. وجدت حتمية أن يعود الانسان الى ايام الحرب، وأن يعيد مفهومه للثمن الحقيقي لها خاصة الثمن البشري. المشكلة في الثمن البشري، انه رقم، لا نستوعبه، ولا ننتبه حقيقة ماذا يمثل. ومأزق التاريخ نوعا ما انه يبسط. يكتبون <الحرب الاهلية اللبنانية 1975 ــ 1990، مئتا الف ضحية>. بالنسبة لي هذا الرقم لا يمثل شيئا ان لم يكن هناك من اسماء، من قصص وحيوات مرتبطة به، فبدأت في مجال الفن احاول بناء صورة لنصب تذكاري.

 بنيت نشاطي الفنّي على هذا الأساس. كل نشاط هو محاولة انشاء نصب، بعيدا عن المفهوم الكلاسيكي له. في العام 2010 قدمت معرضا كبيرا في بيروت في <دوم> <سيتي سنتر>، وطرحت يومها ان هذا المكان هو بحد ذاته نصب تذكاري يجب المحافظة عليه، كما عرضت قبله في غاليري جنين ربيز تحت عنوان <قطعة أرض خالية> دعوت فيها أهالي ضحايا الحرب الأهليّة إلى تعليق صور وأغراض شخصيّة ورسائل لأقربائهم الذين فقدوهم خلال الحرب على أعمدة التجهيز الذي قمت به. وكان لي في الصالة عينها أيضا معرض بعنوان <عزيزي الجنون>، تناولت فيه سنتين مفصليتين من حياة لبنان المعاصر هما سنتا 2005 و2006، وفيه وجد الكثيرون انفسهم أمام تاريخ لبنان المعاصر ككل.

الى ذلك اقمت، يضيف طرزي، أكثر من معرض خارج لبنان، بينها معرضان في فيينا وانا اعمل مع غاليري نمساوية حول مفهوم النصب التذكاري أيضا، وكان لي في المعهد الفرنسي في بيروت معرض تحت عنوان <نصب للغبار>.

 في هذا المعرض جمع طرزي ارث والدته عالمة الآثار اللبنانية ووالده بائع التحف <انتيكير> السوري معيدا العلاقات والحياة للكثير من اغراضهما... تلك البقايا القديمة التي اكلها الغبار من خلال خزائن ورفوف وكانت بانتظار اعادة نفخ الروح فيها من جديد.

ملكة جمال ومناضل..!

 <عاشقان> هو اسم المشروع الذي يعمل عليه الفنان المعاصر اليوم. والحبيبان هما ملكة جمال الكون للعام 1971 جورجينا رزق والقيادي في منظمة التحرير الفلسطينية علي حسن سلامة المعروف بـ<أبو حسن سلامة> واللذان جمعت بينهما قصة حب لم تلتفت فيها جورجينا لشيء لانها وقعت في حب سلامة، واي شخص كان يعرفه يمكن ان يؤكد مدى الجاذبية والسحر اللذين كان يتمتع بهما بحسب طرزي.

لقد استلهم الفريد في ما عرضه من خلال <اسبوع تصميم بيروت السنوي> والذي لم ينته منه بعد من آلاف الصور التي تعكس ثقافة تلك الفترة والحكايات الشفهية ومقابلات ولقاءات بينها واحدة لجورجينا رزق نفسها. و في اطار من الفولاذ، انتصبت مخطوطتان من القماش تمت تغطيتهما بالزجاج، هما عبارة عن مجموعة صور اخذت من حياة علي حسن وجورجينا مع قصاصات صحافية وصور معروفة لهما، مع بالون ميكي ماوس الشهير والذي يرمز الى شهر العسل في <ديزني

لاند> حيث قرأ طرزي ان رحلة شهر العسل التي قام بها الزوجان الى هاواي وديزني لاند في فلوريدا تم تسهيلها وتمويلها جزئيا من قبل وكالة المخابرات الاميركية.

 وبتفصيل نطلبه منه يتحدّث الفريد أكثر عن المعرض الاخير:

- أذكر انني لما كنت شابا اخبرني احدهم بقصة جورجينا رزق وعلي حسن سلامة، وصدمتني حينها، وكانا من أكثر الأزواج الذين يتحدث عنهما الناس في بيروت.. لم تدم قصتهما طويلا بفعل اغتيال الموساد لسلامة عام 1979 مع الحرب الاهلية في لبنان.

 هذه القصة يقول طرزي <بتفك كل شي بتكوني مفكرة بتعرفيه عن الحرب.. الانفصالات والخصومات فيها>، فكيف للواحد منا ان يفسر الخصومة بين الكتائب والفلسطينيين من جهة، وصداقة علي حسن سلامة ببعض الاحزاب والبيوتات السياسية المسيحية من جهة أخرى حينها؟ منذ 5 سنوات قرأت كتابا لمؤلف اميركي اسمه <كاي بيرد> بعنوان <ذي غود سباي> كتب فيه عن علاقة علي حسن سلامة بالـ<سي اي ايه> الاميركية. لما قرأته قررت ان أقوم بعمل حول ذلك. الملفت ان حبرا كثيرا سال عن علي حسن سلامة ولم يُقدم نوعا ما أي عمل عن جورجينا رزق، ولم يلق الضوء على عمل جدي عنهما هما الاثنان بشيء من المساواة، اذ تُذكر جورجينا من خلال اسطورة علي سلامة على أنه ارتبط من لبنان بأجمل بنت فيه علما ن تاريخها حافل وحكايتها لا تتلخص بارتباطها بعلي حسن سلامة فقط. ومن خلال الابحاث، رحت بمساعدة من يحضّرون المعرض معي نوثق كل ما استطعنا أن نجده، مع مختلف ما كتب ونشر او انتج عن جورجينا وعلي حسن وعن كل واحد بمفرده. المعرض لم ينته بعد وقد ننجزه السنة المقبلة. وما عرضناه في <بيروت ديزاين ويك 2019> ليس سوى نموذج عنه.

 الأساس.. الحقبة!

 

الغاية من المعرض ليست اهدافا شخصية ولا اثارة الجدل من خلال شخصيتين معروفتين تناولهما طرزي. يشرح هدفه بالقول: الحقبة هي الموضوع الاساس.. هي بحث من جديد في الحرب اللبنانية من زاوية هذه العلاقة الغريبة الني جمعت رزق بسلامة، علاقة جمعت ملكة جمال بشخص ثوري على صلة بالمخابرات الاميركية وهي كانت زوجته الثانية. هناك غموض كبير عند الناس حول فترة الحرب وما قبلها، والسبب ان الحرب تخلق انفصالا بين الفرد والماضي، وهذا ما تسبّبه الازمات والمآسي وما عاشته الناس. المعرض الذي نعمل عليه هو عودة لنفهم بيروت السبعينات باعتبارها بؤرة للافكار الاجتماعية والسياسية، ولفهم ما كان يجري في العالم، والربط بين ما كان يجري في العالم وما يجري في لبنان، وذلك من مختلف الجوانب. من خلال جورجينا وعالم الجمال والغناء والسينما والمسرح نبني فكرة عن عالم تلك الفترة والانتاجات التي تضمنتها فضلا عن اتجاهات الانتاج حينها، ونفهم من جهة أخرى عالم سلامة والقضية الفلسطينية، كذلك نحاول المقارنة ما بين الثورة <الجنسية> التي عبّرت عن رأيها بها جورجينا حينها والثورة الفلسطينية والنضال. بالمبدأ نعتقد انهما عالمان منفصلان عن بعضهما البعض ولا رابط يجمع بينهما، الا ان الرابط موجود من دون شك.

ونسأل طرزي:

ــ في أبحاث تلك الفترة وسيرتي علي حسن سلامة وجورجينا رزق، ما الذي فاجأك ولم تكن تعرفه؟

- ليست مفاجآت بقدر ما هي دراسة وفهم، فمن خلال السيرة الشخصية لعلي حسن سلامة نتعرف على حقبة من تاريخ فلسطين والنضال الفلسطيني منذ ولادته وحتى استشهاده. وهذا المسار اوضح لي على الأقل تاريخ الفكر والنضال الفلسطيني، وتاريخ الحروب الاسرائيلية مع الدول العربية، ودور الاردن وغيره. ما كان لافتا بالنسبة لي ان مجموعة الكتب التي تناولت علي حسن سلامة مثلا تبرز لنا كيف ان الغرب زور تاريخنا. في كتابه كتب <كاي بيرد> عن علاقة علي حسن سلامة بالمخابرات الاميركية ولم يسمح لنفسه مرة ان يطلق الفاظا وتعابير مسيئة عنه لانه نوعا ما يقوم ببحث وتوثيق حوله، في حين ان الكثير من الكتب التي ذكرته توجهت اليه بتعابير مسيئة تنعته بها فتجعله الارهابي الاول والرجل الاخطر فضلا عن الكثير من المزايدات حوله، وهذا ما يظهر انه منذ السبعينات تقوم اسرائيل والانكليز والفرنسيون والاميركيون بفبركة صورة الارهاب العالمي وهذا امر خطير.. هو نوع من التزوير التاريخي وهو امر ليس مفاجئا انما من المهم الاضاءة عليه لاجل فهم الماضي والحاضر والمستقبل.