تفاصيل الخبر

الإعلامي والإختصاصي في علم النفس الإيجابي ميلاد حدشيتي: لتخطي هذه الفترة الصعبة علينا بالتفكير الإيجابي والاستفادة من الوقت باكتساب مهارات جديدة والالتفاف حول العائلة!

02/04/2020
الإعلامي والإختصاصي في علم النفس الإيجابي ميلاد حدشيتي: لتخطي هذه الفترة الصعبة علينا بالتفكير الإيجابي والاستفادة من الوقت باكتساب مهارات جديدة والالتفاف حول العائلة!

الإعلامي والإختصاصي في علم النفس الإيجابي ميلاد حدشيتي: لتخطي هذه الفترة الصعبة علينا بالتفكير الإيجابي والاستفادة من الوقت باكتساب مهارات جديدة والالتفاف حول العائلة!

 

بقلم وردية بطرس 

 

[caption id="attachment_76570" align="alignleft" width="226"]
ميلاد حدشيتي: المطلوب هو الوعي لنتخطى هذه الازمة على غرار الكثير من الازمات التي عشناها.[/caption]

 اليوم وأكثر من أي وقت مضى يحتاج الناس لجرعة من الايجابية والأمل للتغلب على الشعور بالخوف والقلق بسبب انتشار فيروس "كورونا" في لبنان والعالم... لقد أظهرت بعض الدراسات أن سمات الشخصية مثل التفاؤل والتشاؤم يمكن أن تؤثرعلى صحة الإنسان وعافيته، كما أثبتت دراسات كثيرة أن التوتر والقلق عاملان أساسيان في ضعف المناعة عند الانسان، مما يجعل جسمه أكثرعرضة للامراض على عكس الحالة النفسية الايجابية التي هي نصف العلاج...لا شك أن ما نعيشه اليوم مخيف ويدعو للقلق مما قد يحصل في الأسابيع المقبلة اذا تفشى الفيروس وازداد عدد المصابين لدرجة لا تعد المستشفيات قادرة على معالجتهم. إذاً الخوف شعور طبيعي لأنه يدفع الانسان لأخذ الحيطة والحذر ولكن الخوف الزائد يؤثر سلباً على صحته، إلا أنه يمكن تحويل الخوف الى شيء إيجابي ايضاً،  مع العلم ان التفكير الايجابي لا يعني محاولة تزييف الحقائق وتجاهل المخاطر والمخاوف، والمقصود بالتفكير الايجابي ألا يصبح الشخص خاضعاً للظروف بل أن يستفيد من الوقت ويتخلص من الأفكار السلبية.

 وهذا ما يحاول الاعلامي والاختصاصي في علم النفس الايجابي ميلاد حدشيتي القيام به، إذ يطل على مواقع التواصل الاجتماعي وينشر فيها بشكل يومي فيديوهات قصيرة يحاول فيها تقديم النصائح للمتابعين وحثهم على التفكير بطريقة ايجابية وتنمية قدراتهم الذهنية خلال هذه الفترة التي يقضيها الناس في منازلهم حفاظاً على صحتهم وسلامتهم وللحد من انتشار الفيروس.

 فكيف يمكن أن نحول الخوف والقلق الى الايجابية والتفاؤل في زمن (الكورونا)؟ وكيف يمكن الاستفادة من الوقت خلال الحجر المنزلي الصحي لتنمية القدرات والمهارات؟

حدشيتي والشعور بالخوف

 "الأفكار" تحدثت مع المدرب على التفكير الايجابي الإعلامي ميلاد حدشيتي وسألته:

 - من الطبيعي أن يشعر الناس بالخوف والسلبية في ظل الأزمة الصحية التي يمر بها لبنان والعالم ككل، ولكن هل يختلف الأمر إذا كان الانسان بطبعه سلبياً أم ايجابياً في نظرته للأمور؟

 _الخوف من المشاعر الطبيعية للانسان، ومن الضروري أن نخاف، والسبب الايجابي للخوف هو أن نحمي أنفسنا، وبالتالي الخوف الذي نعيشه طبيعي لأننا في ازمة، ويجب الاعتراف بأننا نعيش في ازمة ولسنا بحالة عادية أو كما كانت حياتنا قبل انتشار هذا الفيروس. ولكن علينا ان نعرف الفرق بين الخوف والهلع او القلق المستمر. الخوف هو انذار لكي يقول لنا إن الخوف لديه مبررات، أما القلق فهو التفكير السلبي الدائم والمتواصل واحيانا بأمور ليست منطقية كثيراً. لهذا علينا أن نسأل أنفسنا عما اذا كنا خائفين من "الكورونا" او القلق بشكل كبير أو وسواس وتراودنا أفكار سلبية. صحيح يختلف الأمر من حيث نظرة كل شخص للأمور، بما معناه ان الشخص الايجابي او المتفائل دائماً يبحث عن إمكانية لحل الأزمة، بينما الشخص المتشائم قد يرضخ للظروف الراهنة ويقع ضحيتها، وبالتالي خوفنا مبرر ولكن القلق الكبير نقدر أن نتحكم به وأن نخففه ونديره، أهم ما في الأمر هو إدارة المشاعر، وكما ذكرت أن الشعور بالخوف هو أمر طبيعي إذ إنه  ناتج عن مشاعر وانفعالات طبيعية عند الانسان، لا بل ضروري أن نخاف لنحمي أنفسنا، ولكن أن نقلق أو نهلع ليس صحياً كثيراً.

تحويل الخوف الى طاقة ايجابية 

- وهل يمكن تحويل الخوف والسلبية الى طاقة ايجابية وكيف؟

 _ إن الشعور بالخوف طبيعي، ولكن الانفعالات الطبيعية تستوجب اللجوء الى استراتيجيات للتعامل معها وتصرفات او سلوكيات سلبية أو بناءة، وأن نسأل أنفسنا عما اذا هي بناءة أو غير بناءة، فبعض السلوكيات الناتجة عن الخوف غير بناءة ومنها: الإكثار من تناول الطعام، والإكثار من شرب الكحول، والتدخين كثيراً، والنوم لوقت طويل، وقلة الحركة، فهذه سلوكيات غير بناءة. إذاً كيف سأحول هذا الخوف الى سلوكيات بناءة؟ سأبدأ بالبحث عن سلوكيات تساعدني لتجاوز هذه الأزمة، بمعنى أن أحصل على المعلومات الصحية المطلوبة لأحمي نفسي. وأقول لنفسي إذا كنت أغسل يدي وأعقمهما سأكون بخير، واذا كنت التزم الحجر المنزلي الصحي فأنا بخير أيضاً، وبالتالي يجب أن أقول لنفسي إنني اتقيد بكل الاجراءات اللازمة لأحمي نفسي. ولكن بعد ذلك علي أن أقوم بسلوكيات ايجابية بمعنى أن أقضي وقتي بطريقة أستفيد وأستمتع بها، مثلاً أن اطالع الكتب، أو أن أزاول التمارين الرياضية أو أن أكتب أو أطبخ أو أن أسمع موسيقى أو أشاهد افلاماً مسلية أو أن أجلس مع افراد العائلة، إذ لا اقدر أن أجلس لوحدي اليوم بأكمله مع افكاري السلبية لأن تلك الأفكار ستدفعني الى أفكار مشتتة والتي هي غير بناءة.

ـ اليوم الناس بأمس الحاجة لجرعة من الايجابية والأمل، كإختصاصي في علم النفس الاجتماعي بماذا تنصح الناس في هذه الفترة الصعبة التي يمر بها كل اللبنانيين كما شعوب العالم؟

_اليوم هو الوقت المناسب للتفاؤل وعدم الرضوخ  للظروف. إذ يجب أن نعرف بأن العدو الأول لـ" الكورونا" هو المناعة القوية، واليوم القلق والهلع والخوف الشديد يخفف المناعة. وعندها إذا اصيب بالفيروس لن يقدر أن يقاوم، بينما المشاعر الايجابية وكما أثبتت الدراسات فهي تعزز المناعة، وتجعل الجسم أقوى جسدياً ونفسياً، وبالتالي اليوم نحن بحاجة إلى الأفكار البناءة التي تمنحنا الايجابية والمشاعر لنحافظ على صحتنا. إذاً علينا أن نقوم بسلوكيات داخل البيت على أن تكون بناءة ولا تجعلنا نفكر دائماً بالفيروس لأن كل فكرة تدفعني الى انفعال، وكل انفعال يؤثر سلباً على الجسم. تصوري أن الشخص يقضي اليوم بأكمله وهو يفكر بأمور سلبية وانفعالات مزعجة، فهذه كلها ستؤدي إلى سلوكيات مزعجة تؤثر على الصحة.

المحبة والقيم الجديدة والبرنامج اليومي

-  تدعو دائماً إلى الارتكاز على المحبة لتخطي كل الصعاب حتى لو كان وباء "الكورونا" ينتشر في العالم وليس فقط في لبنان، برأيك هل ستختلف نظرة الناس الى الحياة ككل بعد انتهاء هذا الوباء؟

_ أي تجربة يمر بها كل إنسان ممكن أن تكون عبرة له وأن يتعلم منها، إذ هناك ما يعرف بـ "نمو الصدمات" أو "نمو الأزمات"، ولكن ليس كل الناس سيتعلمون من هذه التجربة، إذ يعود الأمر لنظرة الناس الى الأمور، وأيضاً الى العدسة الذهنية التي من خلالها ينظرون الى الحياة. هناك أناس يرون أن ما يحصل الآن هو أمر عرضي وسيمر. ولكن الناس الذين يختبرون مشاعر مختلفة سيعيدون النظر بأولوياتهم وبقيمهم. طبعاً هم يدركون أن التجربة ما بعد "الكورونا" لن تكون كما قبلها، وبالتالي هناك أناس يتعلمون من بقائهم في بيوتهم، يتعلمون أن يجلسوا مع أفراد الأسرة أكثر، ويتعلمون قيماً وروابط جديدة أبرزها المحبة والتعاون. كما يتعلم كل شخص كيف يمكن أن يعيش ضمن جماعة وليس لنفسه، أي هناك قيم كثيرة يتعلمها الناس الآن، ويتعلمون أيضاً على ماذا سيبنون حياتهم؟ فإذا كان الشخص مثلاً يبني حياته على السفر واللهو فاليوم ليس بإمكانه السفر وقصد مراكز التسلية وما شابه بسبب انتشارهذا الفيروس. وإذا كان يبني حياته على المال فالمصارف مقفلة. وإذا كان يبني حياته على اقتناء الأشياء فالمحلات والمجمعات التجارية مقفلة ايضاً. إذاً على ماذا سيبني الناس حياتهم؟ ربما هذه فرصة للناس لإعادة النظر على ماذا سيبنون حياتهم بعد انتهاء الوباء.

ـ برأيك كيف يمكن أن يستفيد الناس أثناء الحجر المنزلي الصحي بدل الشعور بالملل واليأس؟

_ بدل أن يفكر الشخص بأفكار سلبية، عليه أن يضع برنامجاً لحياته المستجدة: اولاً عندما يستيقظ في الصباح يجب ان ينزع عنه لباس النوم ويلبس ثيابه لأن ثياب النوم تعني الخمول. ويمكن أن يزاول الرياضة او يكتب أو يقرأ او يستمع إلى الموسيقى، او حتى يتعلم الطبخ.. وايضاً ان يجلس مع افراد اسرته لتبادل الأحاديث. كما يمكن الاستفادة من الوقت بتعلم دروس "اونلاين" واكتساب مهارات جديدة. واليوم مواقع التواصل الاجتماعي تنشر فيديوهات عن تمارين رياضية مختلفة ويمكن تعلمها بسهولة ايضاً. كما ننصح بالابتعاد عن مشاهدة الافلام الحزينة والأفلام التي تتناول موضوع الفيروسات، أي عليه بمشاهدة أفلام مسلية، والاكتفاء بالاستماع إلى موجز أخبار مرة في اليوم وليس على مدار الساعة. كما أنه من المستحسن ألا يتحدث الشخص مع أفراد أسرته عن "الكورونا" طوال الوقت. كما أنه في يومنا هذا تتاح الفرصة لأي شخص التواصل مع الاقارب والاصدقاء عبر "الواتساب" او" Video call" وهو يحتسي فنجان قهوة وكأنه يزورهم او صبحية "اونلاين"، أي هناك الكثير من الأمور التي يمكن القيام بها خلال اليوم بدل أن يظل سجيناً لأفكاره السلبية طوال

[caption id="attachment_76569" align="alignleft" width="373"] حملة "خليك بالبيت ".[/caption]

الوقت.

حملة "خليك بالبيت"

-  شاركت كإعلامي في حملة اعلاميّ لبنان تحت شعار "خليك بالبيت" للحد من انتشار فيروس "كورونا" فإلى أي مدى يمكن للإعلامي التأثير على الناس ليتقيدوا بالتعليمات والارشادات الوقائية؟

_ اليوم سواء  كان الانسان إعلامياً أو غير اعلامي أصبح بإمكانه أن يؤثر على اي انسان  آخر من خلال هذا العالم الافتراضي الذي نعيشه في مواقع التواصل الاجتماعي. بالنسبة الي أقوم بنشر فيديو كل يوم وأرى كيف يتفاعل الناس مع هذه الفيديوهات، اذ يتابعون باستمرار كل ما انشره. بالفعل شاركت في حملة "خليك بالبيت" لانني اعتقد ان هذا هو دورنا اليوم، فإذا كان لدينا متابعون في مواقع التواصل الاجتماعي نقدر أن ندعو الناس اكثر للتقيد بالارشادات الصحية وطرق الوقاية من التقاط فيروس "كورونا"، وطبعاً هناك تأثير ويجب أن يكون هذا التأثير إيجابياً في هذه الفترة.

ـ تسعى دائماً عبر الفيديوهات التي تنشرها في مواقع التواصل الاجتماعي الى نشر الايجابية والامل، فهل على الصعيد الشخصي ما زلت إيجابياً بالرغم من كل الألم والخوف الذي يشعر به الناس؟

_ برأيي أهم شيء في ان نكون إيجابيين في هذه الفترة هو ان تكون لدينا المرونة النفسية لنتخطى الصعاب. وأود أن أقول امراً وهو أنه أحياناً يفكر الناس ان الشخص الايجابي هو سطحي او لا يفكر بالمشكلة، ولكن هذا غير صحيح، فالشخص الايجابي  يفكر بالمشكلة ولكن لا يغرق فيها وهنا الفرق، أي أن يقبل بالأزمة او أن يخضع لها. اذ يجب ان يبذل جهده لكي لا يخضع لهذه الأزمة قدر الإمكان. فالتفاؤل لا يعني النظر فقط الى النصف الملآن من الكوب، إنما ايضاً النظر بمرونة وبحكمة وبوعي الى النصف الفارغ من الكوب، لأن النصف الفارغ سيعلمنا ايضاً الدرس، فكل اجزاء الكوب هي حالات نفسية يجب ان نعيشها ونختبرها، يجب أن يقول إن هذه ازمة وستمر كما مرت كل الازمات. فالانسان مر بأزمات مختلفة، وبالوعي استطاع ان يتغلب عليها ويتخطاها. المطلوب هو الوعي لنتخطى هذه الازمة على غرار الكثير من الازمات التي عشناها وعاشها أهالينا وأجدادنا في الماضي.