تفاصيل الخبر

الاعلامية جيزيل خوري: كلمات سمير قصير حاضرة في كل زمان ومكان

03/06/2020
الاعلامية جيزيل خوري: كلمات سمير قصير حاضرة في كل زمان ومكان

الاعلامية جيزيل خوري: كلمات سمير قصير حاضرة في كل زمان ومكان

بقلم وردية بطرس

  [caption id="attachment_78489" align="alignleft" width="178"] الشهيد سمير قصير... سلاحه كان قلمه[/caption]

15 سنة مضت على اغتيال الصحافي سمير قصير ولا تزال كتاباته ومقالاته حاضرة وكلماته راسخة في أذهان الناس وخصوصاً الشباب الذين يستشهدون دائماً بكلماته... وفي ذكرى اغتيال سمير قصير نجري حديثاً مع أرملة الشهيد الاعلامية المتألقة دوماً جيزيل خوري التي تشعر بأنه بالرغم من مرور 15 سنة على اغتياله لم يزل الجرح ولكنها حريصة على احياء ذكراه من خلال مؤسسة سمير قصير والمضي بجائزة سمير قصير لحرية الصحافة مهما كانت الظروف صعبة، وهي تردد جملة قالها يوماً الصحافي سمير قصير: "الاحباط ليس قدراً"... ونسألها:

* سمير قصير قالها يوماً: "عودوا الى الشارع ايها الرفاق، تعودون الى الوضوح"... لو كان سمير قصير بيننا، ماذا كان موقفه ورأيه ليكونا مما يحصل في لبنان وما ينتظرنا من أيام صعبة من فقر وعوز وبطالة؟

- من الصعب ان أقول ماذا كان ليفكر، ولكن قناعتي وربما اكون مخطئة تقول بأن الشباب اللبناني الذي ينتفض في الشوارع هم الثوار حتى لو كان بينهم اناس كثيرون لا يعرفون فهم ثمرة هذا الفكر الذي أسسه سمير قصير، اذ ان أكثر التغريدات انتشاراً عبر "تويتر" تعود لما قاله سمير ذات يوم (عودوا الى الشارع أيها الرفاق، تعودون الى الوضوح) وهو ما يظهر بوضوح أن سمير اعتبر عندما نصل الى أفق مسدود بالكامل الناس سيثورون، طبعاً سمير ثائر كبير ولا أرى انه كان ممكن ان يكون بمكان آخر.

* لبنان يمر بظروف صعبة حتى قبل جائحة "الكورونا" فكيف ترين عودة الشباب الى الشوارع والساحات؟

- الشباب جربوا هذا النظام واختبروا فشله بكل شيء، تذكري ان أول تظاهرة بدأت تظهر كانت بسبب أزمة النفايات في لبنان.. فهم فاشلون اذ انهم فشلوا حتى في حل ازمة النفايات، وفشلهم هذا دفع الناس للنزول الى الشارع، وقد تبين ان هؤلاء المسؤولين ليس لديهم ما يقدمونه لنا، وليست لديهم رؤية ولا حلول ولا محبة لوطنهم، ليس لديهم شيء فهم موجودون ليسرقوا البلد. ومنذ أزمة النفايات لم يعد اللبنانيون يتحملون الوضع، اذ تبين لهم أن هناك محاصصة للسرقة بدون حل، وكان الجوع قد بدأ يدق أبوابهم، ولقد شعر به الناس حتى لو كانوا قد شعروا بذلك من قبل ولكنهم وصلوا الى مكان حيث شعروا أنه لم يعد هناك شيء يخسروه ولهذا نزلوا الى الشوارع.

عودة الشباب الى الشوارع

* كاعلامية تتابعين ما يحصل في لبنان من نزول الناس الى الشوارع في 17 تشرين الأول (اكتوبر) الماضي وصولاً الى أزمة المصارف والفقر والبطالة خصوصاً في ظل وباء "الكورونا"، كيف ترين الوضع ككل وكيف تقيّميه خصوصاً اننا نعاني الكثير بسبب الوضع المعيشي والاقتصادي؟

-  أرى ان الشعب نزل وقال كلمته ولا أحد سأل عنهم، فنحن أمام عصابات، وسمير كتب يوماً "عصابات بيروت"، اذاً نحن امام عصابات يعرفون أن هناك خطراً عليهم وليست لديهم حلول لمشاكلنا، فهم اما غير قادرين وغير جديرين، او ان الناس سيقبلون بالوضع بحجة ان هناك شعوباً من حولنا تعاني من الحروب والصراعات والفقر وقد استطاعوا ان يسيطروا عليهم فيقولون لأنفسهم: فلنسيطر على اللبنانيين أيضاً. ليست هناك ثورة وأعني ثورة حقيقية الا عندما ينعدم الأفق، ونحن في لبنان وصلنا الى مكان انعدم فيه الأفق ولم يعد لدينا أفق في البلد نهائياً، فشبابنا على الطريق يثورون لتغيير أحوالهم وفي الوقت نفسه يفكرون كيف سيغادورن البلد. بصراحة الـ"كورونا" انقذت الحكومة لوقت قصير وربما عملوا جيداً بما يتعلق بمعالجة الوباء، ولكن ظل اعضاء الحكومة يرددون انهم مستقلون وتكنوقراط وأنهم حققوا الانجازات فيما فشلوا في أول مطب للتعيينات. وفي ما يتعلق بموضوع سلعاتا فقد اعادوا وضع المسألة على طاولة مجلس الوزراء وأعادوا توقيع العقود مع الشركة نفسها، وبصراحة لا أعرف اذا كانت هي وراء الفيول المغشوش ام لا ولكنهم وقعوا الاتفاقيات نفسها فماذا يعني ذلك؟ اي انهم مثل غيرهم لم يحققوا شيئاً.

الثورة تحتاج لقيادة

[caption id="attachment_78490" align="alignleft" width="250"] جيزيل خوري: الثورة عادت ولا بد ان تعيد حساباتها وتشكل قيادة لها[/caption]

* بالرغم من التزام الناس بالحجر المنزلي لأسابيع ولكننا رأينا الشباب والناس عادوا الى الشارع حتى قبل تخفيف التعبئة، فهل ان عودتهم تعني انهم لم يفقدوا الأمل وممكن ان يحققوا ما يطالبون به؟

- برأيي الثورة عادت وتعيد حساباتها بمعنى انه من الجميل ان نبدأ الثورة دون قيادات ولكن لا نقدر ان نكمل بدون قيادة. أتمنى ان يكون الشباب مدركين لهذا الأمر، فنحن كلنا معهم وهم سيفرضون قيادات جديدة وسيتعالون ويقولون ان البلد في خطر، صراحة الجوع لن يرحم أحداً. اعتقد انه ستكون هناك تطورات سيئة جداً وستكون هناك أيام صعبة، ولكن في الوقت نفسه اقول ان هذه الطبقة السياسية انتهت واذا كانت لا تزال تقاوم لتبقى فهي مسألة وقت. أتمنى الا يتبع الناس زعماء الطوائف والزعماء السياسيين، فانني مع الأحزاب ولكنني ضد التبعية للأشخاص، وهنا اذكّر بكلام سمير قصير اذ   قامت الدنيا ولم تقعد وتمت ملاحقته عندما قال: "هذا ليس جهاز أمن عام بل هذا جهاز أمن خاص"، فهذا ليس حرساً جمهورياً او حرساً برلمانياً بل هو حرس أشخاص.

* كلمات سمير قصير استخدمها منذ سنوات واليوم الناس ترددها، فكم كانت لديه رؤية واضحة عما ينتظرنا وماذا تقولين كأرملة سمير قصير؟

- لم اكن اعرف في العام 2005 اننا سنفشل بهذا الشكل وان السياسيين سيقومون بتفشيل الفريق الذي كنا قد بدأنا به. لا أعتقد ان سمير قصير كان يظن ذلك، ولكن اذا تحدثنا عن وضعنا الآن فسمير كان ضليعاً في هذه الأمور، واذا عدت الى مقالاته فانك ترين انها كانت مقالات عن الطبقة السياسية التي أتت بعد الحرب الأهلية وكانت نفسها، رغم اننا حاولنا ان نتخلص منهم بوقت ما في العام 2005 وان نقوم بثورة، ولكن المسؤولين بقوا هم أنفسهم لا بل أصبحوا أسوأ اذ أصبحوا محميين بالسلاح، بمعنى ان كانت هناك عودة الى البداية، وهذا في رأيي يعطي أهمية للكتابات، والكاتب المهم هو الذي يكتب بظرف معين ويبقى مقاله، فسمير قصير كان شخصاً استثنائياً ولم تنته مقالاته لا بل بقيت حاضرة طوال الوقت... أعداء سمير تخلصوا منه ولكنه سيظل حاضراً في أذهان الناس.

* لا تزال كلمات سمير قصير راسخة في أذهان الناس والشباب ويتأثرون بما كتبه وقاله، فكم يؤلم أعداء سمير الذين قتلوه انه لا يزال حياً بكتابته ومقالاته؟

- هذا نوع من الانتقام. تعلمين ان الذين قتلوا سمير قصير ربما شعروا بسرور للحظة انهم تخلصوا منه ولكن ذلك سيبقى وصمة عار عليهم يورثوها لاولادهم وأحفادهم، اما بالنسبة لسمير فسيظل الناس يقولون لأولاده وأحفاده: انتم أبناء وأحفاد سمير قصير... اي ان الذين قتلوا سمير لم يربحوا شيئاً لا بل خسّروا الوطن وخسرّوا العرب فكره... فماذا كان بحوزة سمير؟ هل كان يحمل سلاحاً؟ طبعاً  لا، واليوم انظري الى الشباب اللبناني فهم لا يخشون ولا يخافون من شيء... ان الذين يقتلون الكتّاب والمؤرخين والفنانين هم عار على كل مجتمع يبقى لسنين طويلة ولا يبقى من القتلة شيء لأنهم ضعفاء وعملاء وغير أحرار وقبيحون ولا يحبون الحب ولا شيء وحتى لا يحبون أنفسهم لأن الذين يحرضون والذين يقتلون هم عملاء ليس الا.

جائزة سمير قصير لحرية الصحافة

* ماذا عن احياء ذكرى سمير قصير؟

- كما في كل سنة نحضر لجائزة سمير قصير لحرية الصحافة التي تمنح ثلاث جوائز لصحافيين والتي يقدمها الاتحاد الأوروبي لبلاد الشرق المتوسط. وهذه الحفلة ستُقام في ايلول (سبتمبر) المقبل في حال كان الوضع الاقتصادي جيداً حيث نقيم حفلة او حفلتين، ونحن  كنا نحضر لهذه المناسبة بصراحة ولكن من الممكن الا نقيم هذه السنة المهرجان لأسباب لها علاقة بالاقتصاد. ربما ستكون هناك فكرة ما او بالأحرى هناك أفكار عديدة، ولكن سننتظر لنرى ماذا سيحصل اذ هناك أولويات. فهذه الجائزة ممولة من الاتحاد الأوروبي وهي جائزة مهمة تُقدم للشباب ونحن ما نريد القيام به هو ان تكون هناك مبادرات تجعل الشباب يعملون دائماً. اما بالنسبة للموضوع فهو يُعالج دائماً دولة القانون، واي مقال يفيد دولة القانون سواء عبر مقال او تقرير مرئي او مسموع، يُعتبر صاحبه مرشحاً للجائزة. وفي الوقت نفسه اليوم عند الساعة الحادية عشرة الا ربع اي وقت الانفجار الذي استهدف سمير قصير قمنا بـ"Webinar" او نقاش عبر "الويب" اذ كان معنا دينا عطا لله من مصر، ونادين ناشف من فلسطين، وجان قصير من لبنان، فيما كانت رنا خوري تدير حلقة النقاش. ولقد تناولنا في هذا النقاش وضع حرية التعبير في العالم العربي وكم كان لازمة "كورونا" تأثير وكذلك تناولنا الدول والديكتاتوريات والحكام، وكان نقاشاً جميلاً سمعته الناس، واليوم هو التغريدة الاكثر تداولاً في البلد.

* كل سنة تحرصين على اقامة هذه الجائزة، فهل تعيشين الحالة نفسها ام تختلف من عام لآخر؟

- هذا صحيح، هناك أمور تختلف لها علاقة بالوقت وما يحصل على الأرض، ففي النهاية نحن بشر، وتعلمين ان الجرح لا يزول بل يهدأ قليلاً ومن ثم يعاود الوجع وتعيشين معه بطريقتك... لا أعرف اذا كان الأمر مختلفاً ولكنني أعرف ان يوم ذكرى استهداف سمير قصير هو يوم صعب علي ودائماً أتذكر مَن هو الغبي قاتل سمير.

* لا شك انك تذكريه دائماً ولكن هل هناك وقت معين او ظروف معينة حيث تشعرين بوجوده بشكل اكبر؟

- طبعاً خلال الظروف السياسية المتأزمة أشعر انه موجود وعندما نرى الناس في الشوارع يطالبون بحقوقهم وغيرها، وعندما أريد ان أكتب أشعر بأنه موجود.

"الاحباط ليس قدراً"

* هل تخطر على بالك جملة كان سمير قصير يرددها واليوم تردديها بنفسك؟

- "الاحباط ليس قدراً"...

* اذاً ستعملين دائماً لاستمرار هذه الجائزة مهما كانت الظروف؟

- ان شاء الله، فهذه الجائزة مستمرة منذ 15 سنة. هذا أجمل ما قمت به وكأن مؤسسة سمير قصير هي ابني الثالث، فأنا لدي ولدان وهذه المؤسسة اعتبرها ابني الثالث، وسأحاول ان أحافظ عليها طوال حياتي واتمنى ان تستمر من بعدي... هناك مجموعة من الشباب المجتهدين الذين يعملون بكد وهم طيبون ويتحلّمون ويثابرون فيما العصابات تقف حائلاً أمام أحلامهم، وهذا يدفعني لان أكون شرسة أكثر في نضالي.

* الكون كله يعيش ظروفاً صعبة والـ"كورونا" قلبت الأمور رأساً على عقب...

- بالفعل هذا ما يحصل ولكن على الناس ان يهدأوا قليلاً وان يفكروا جيداً... بالنسبة الي فلا أخاف على البلدان المتحضرة والمتقدمة لأنها تعيد التفكير بالأمور بروية اذ لديها ديموقراطية وحرية تعبير ولديها انتخابات، ولكن نحن ماذا لدينا؟ فأي بلد في العالم يعاني هكذا فيما يبقى رئيس الحكومة في منصبه وكذلك رئيس المجلس؟ فهذا طبعاً لا يحصل في البلدان المتقدمة، وما يحصل في الولايات المتحدة مخيف ولكن لدي ايمان ان الشعوب الديموقراطية ستصل الى مكان حيث ستحاسب، وكذلك نحن كلبنانيين علينا ان نبدأ بمحاسبة المسؤولين.

* لا شك ان العالم العربي مقبل على أيام صعبة في ما بعد "الكورونا" ونحن في لبنان وضعنا بات أسوأ، فهل على الثورة ان تقوم بجهد اكبر؟

- ليس لدي الحل ولكن أقول ان هناك أموراً واقعية بالسياسة، فنحن اليوم ليس لدينا المال بل نحن بلد مفلس، فالبلد كله مفلس وقد صرفنا أموالنا والمسؤولون سرقونا واصبح البلد (عضمة) ومع ذلك ما زالوا يسعون لتقاسم هذه العضمة... هذه هي الحقيقة. وفي الموضوع الاقتصادي هناك حلول ولكن المسؤولين لغاية الآن يتعاملون مع صندوق النقد الدولي وكأنه بلدة من البلدات او منطقة موجودة بعيدة بأي جرد. بالنسبة لصندوق النقد الدولي فان الأمر يحتاج لمفاوضات جدية ولقرار سياسي، فيما الواضح ان المسؤولين لا يزالون يلعبون هنا وهناك مثل العادة ويقومون باضاعة الوقت لربما يحصل أمر ما طارئ، اذ ربما يراهنون على ان تأتي الانتخابات الرئاسية الأميركية بغير رئيس او ربما حصلت أعجوبة وربما فجأة لم تعد هناك عقوبات الى آخره... ولهذا أقول ليست هناك جدية بالتعاطي بأي ملف... الحل ليس عندي بل ان المسؤولين يعرفون ما هي الحلول، فإما يعملون عليها واما سننتهي كلنا... وانني لاقول لهم: بانهيار البلد سينهارون معه لا بل سينهارون قبل الشعب.