بقلم علي الحسيني
[caption id="attachment_81535" align="aligncenter" width="592"] الرئيس نبيه بري والوزير السابق جبران باسيل ووزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن ... أصحاب الدعاوى.[/caption]
يحتلّ لبنان المرتبة 102 من أصل 180 دولة ضمن التصنيف الذي تُصدره منظمّة "مراسلون بلا حدود" سنويّاً حول حريّة الصحافة، ما يعني استمراراً للإنحدار لجهة تعاطي الدولة اللبنانية مع حريّة التعبير في البلد والتي بدأته منذ العام 2015. وقد لوحظ في الفترة الأخيرة، استمرار هذا النهج من خلال ملاحقة الدولة لعدد من الإعلاميين لمجرد اتاحتهم الفرصة لبعض الشخصيات السياسية أو الاجتماعية، للتعبير عن آرائهم الشخصية في ما يتعلّق بانتقاد السلطة. وأبرز هؤلاء الإعلاميين، نوفل ضو، ديما صادق ورياض طوق.
إنتهاكات بحق الصحافيين
[caption id="attachment_81537" align="alignleft" width="375"] نقيب المحررين جوزف القصيفي الصحافي لا يمثل الا أمام قاض.[/caption]فــي أعقــاب الربيــع العربــي، ارتفــع عــدد الانتهــاكات لحريــة التعبيــر فــي البلــدان العربية، ويذهــب لبنــان حالياً فــي الاتجــاه نفســه، على الرغــم مــن أن الحكومة اللبنانية لطالما أعربت عن التزامها باحترام هذا الحق الاساسي على الصعيدين الدولــي والمحلي، ولا سيما أن المــادة 13 من الدســتور (1) تكفل ممارســة هذا الحق، وكذلــك الاعــلان العالمي لحقوق الانســان المندرج ضمن الدســتور (2) والذي يحمي حرية التعبير ويضمنها طالما هي ضمن الحدود التي يحددها القانون، وأيضاً الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية (3) التي وقع عليها لبنان عام 1972، وتؤكد على أهمية حرية التعبير.
على الضفّة الأخرى للربيع العربي وبعيداً عن التشبيه أو التشبّه به، يبدو واضحاً أن انتفاضة 17 تشرين قد كسرت الخطوط الحمر التي كانت تُعيق عمل الصحافة في لبنان لجهة البحث عن الخبر ونقله عبر وسائل الاعلام أولاً، وثانياً لجهة التعبير عن الرأي الصحافي بتجرد على كافة وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية على وجه التحديد. وبدا واضحاً ولافتاً، أن هذه الحريّة التي انتزعتها الصحافة بكل أشكالها نزعاً من فم السلطة، قد أدت إلى ارتكاب هذه الاخيرة ممارسات أقل ما يُقال فيها أنها غير أخلاقية ولا إنسانية، ولا حتّى قانونية. فمنذ بداية العام الحالي تخطّت الانتهاكات التي ارتكبت بحق الصحافيين بحسب مصادر موثوقة، 25 حكماً قضائياً، 12 حالة منع تصوير، 17 حالة ضرب، 7 حالات رشق حجارة وقنابل غاز، و3 حالات رصاصاً مطاطياً، بالإضافة إلى حالات لرصاص عادي من مصدر مجهول، إلى جانب 3 حالات اعتقال مصورين، مع اعتقال صحافي واحد.
ضو: القصة أبعد من مجرد دواء
في إطار استدعاء الإعلاميين أمام المباحث الجنائية وليس أمام محكمة المطبوعات، كان حضر الإعلامي نوفل ضو الاسبوع الماضي الى قسم المباحث الجنائية للاستماع إليه في الشكوى المقدّمة ضده من وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أمام النيابة العامة التمييزية، على خلفية تغريدات كان اتهم
[caption id="attachment_81533" align="alignleft" width="366"] الإعلامي نوفل ضو... جبناء[/caption]فيها وزير الصحة السماح بانزال أدوية ايرانية مخصّصة لأمراض السرطان في الأسواق اللبنانية من دون المرور بالإجراءات القانونية وإخضاعها للمعايير الدولية. وبعد الاستماع إليه مطولاً، أشار المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري بترك ضو بسند إقامة وختم التحقيق، على أن يتخذ الإجراء القانوني اللازم.
في السياق، يُشير ضو عبر "الأفكار" إلى أن وزير الصحّة اعتبر ان التداول بهذا الدواء من دون فحوصات في المختبرات هو خبر مُلفّق. وبدورنا أكدنا لهم أن الأدوية الايرانية هذه لم تخضع لتحاليل موثقة في وقت سجّلت فيه وزارة الصحّة في لبنان الدواء بناء لطلب الوزير وتم تسعيره ليُباع في السوق اللبنانية أيضاً من دون اخضاعه لتحاليل في أوروبا. وقال ضو: لقد كانوا جبناء ولم يُفصحوا حول حقيقة ادعائهم عليّ، لكن القاصي والداني يعلم أنها دعوى سياسية نتيجة المواقف السياسية التي أعلنها على الملأ. والجميع يعلم في السياق أيضاً، أن كل شيء يدخل الى لبنان بطريقة غير شرعية.
أضاف: نعم، هناك تغطية للمشروع الايراني وأنا أعلنت هذا الأمر بأكثر من موقف لي، لذلك لم تكن لديهم الجرأة لكي يُقاضوني على مواقفي، فذهبوا الى تفصيل صغير هو الدواء، علهم يُخيفونني. وانا أقول لكل هؤلاء، إنكم سوف ترحلون عاجلاً ام آجلاً مع المشروع الايراني. ونحن سنحصل على ما نُطالب به وهو أدنى حق لنا ويتعلق بتطبيق القوانين والدساتير، لأننا لن نقبل بعد اليوم أن يأتي من يُزوّر هويتنا العربية أو يُخضعنا لهذا المشروع أو ذاك. ورأى أن هذه الدعاوى على الصحافيين تردّنا إلى الأنظمة البوليسية وهذا أمر مرفوض، فقد ضحّينا كثيراً من أجل الحرية في هذا البلد وسنحميها ونصونها، معتبراً أنه الأجدى بالسلطة الاهتمام بمآسي الناس بدل ملاحقتهم بسبب تغريدات أو مواقف سياسية.
طوق: أتوقع خيراً من القضاة
[caption id="attachment_81532" align="alignleft" width="252"] الإعلامي رياض طوق .. شرطة القتل والتشبيح.[/caption]مجموعة ملفّات لم يتقاعس الاعلامي رياض طوق عن طرحها ضمن برنامج "باسم الشعب" الذي يُقدمه على شاشة "أم تي في". في الملف الأول الذي تمّ بسببه ملاحقته أمام القضاء، تطرق طوق الى الإصابات التي كان تعرّض لها عدد من المتظاهرين بالرصاص الحيّ خلال وجودهم في إحدى التظاهرات ضد السلطة في مُحيط مجلس النواب. أمّا الملفان الآخران، فهما: ملف وزارة الطاقة الذي دفع الوزيرة في حكومة تصريف الأعمال ندى البستاني الى رفع دعوى قضائية عليه، وملف تسجيل حالات وفاة في المستشفيات باسم "كورونا".
يوضح طوق بداية في حديث لـ"الافكار" أنه خلال التظاهرة التي أعقبت إنفجار المرفأ والتي عبّر فيها الناس عن وجعهم وعن استهتار السلطة بحياتهم وأرزاقهم، حصل يومها اطلاق نار على المتظاهرين بالرصاص الحيّ وتبيّن بالصدفة أن كل الإصابات تركزت في العيون. وهذا أمر مناف للأخلاق والقانون ومُخالف لشرعة حقوق الإنسان، لذلك لم اتغاض عنه ولذلك قمت بإجراء مقابلات مع هؤلاء المصابين وأجرينا بدورنا تحريّاتنا الإستقصائية الخاصة ليتبيّن لنا بعدها أن مصدر الرصاص هو شرطة مجلس النوّاب.
ويُتابع طوق: المؤسسة العسكرية (الجيش) نفت أن يكون قد أطلق أي من عناصرها النار باتجاه المواطنين، وكذلك فعلت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، بينما وحدها شرطة المجلس لم يصدر عنها أي بيان نفي. هذا مع العلم أن وزيرة الداخلية السابقة ريّا الحسن، كانت اتهمت في إحدى المرّات شرطة مجلس النواب، بإطلاق الرصاص الحيّ على المتظاهرين. ونحن وخلال تحريّاتنا، ثبت لدينا أن الرصاص قد أطلقه عناصر من شرطة المجلس الأمر الذي جعلنا نُطلق توصيف "عصابة" و"ميليشيا" على هؤلاء العناصر، لكن يبدو أن هذا الأمر لم يُعجب رئيس مجلس النواب نبيه بري، فقرروا إقامة دعوى ضدنا.
ويؤكد طوق أنه ليس من مهام شرطة المجلس أن توجد أصلاً ضمن الجغرافيا التي كان ينتشر فيها المتظاهرون ولا من مهامه ردع الناس، فحدود تحركاتهم هي فقط ضمن مُحيط مجلس النواب. ومن هنا، فإن الدعوى القضائية ضدي، هي فقط من أجل الإيحاء بأنهم أبرياء أمام الرأي العام، أو بأنهم مظلومون. وحول توقعه لطبيعة الحكم الذي سيصدر بحقه، أكد طوق هناك قُضاة يعملون على نهج قسم اليمين الذي أدلوا به، ولذلك أتوقع الأفضل دائماً من مؤسسة القضاء.
أمّا عن نهج التعاطي في المستقبل بين المؤسسة الرابعة وبين السلطة، فيرى طوق أننا ذاهبون إلى صراع مفتوح طالما أن هذه السلطة تتعاطى معنا على أننا أعداء لها، والصحيح أن عملنا ضمن هذه المهنة هو تسليط الضوء على كل الارتكابات والتجاوزات، لا من أجل التشويه والتشهير، إنما من اجل تصحيح الخلل الذي يُصيب مؤسسات الدولة.
.. وأيضاً ضد صادق
[caption id="attachment_81534" align="alignleft" width="250"] الإعلامية ديما صادق... المعركة المفتوحة مع باسيل.[/caption]في الشهر المنصرم، أعلن المحامي ماجد بويز أنّه تقدّم بوكالته عن رئيس "التيار الوطني الحر"، النائب جبران باسيل، بدعوى أمام المحكمة الإبتدائية في بيروت بحقّ الإعلامية ديما صادق لمطالبتها بالعطل والضرر لبثها إشاعات وأخبار كاذبة مقصودة بهدف إيهام الرأي العام عن وجود مسؤولية ودور مزعومين للنائب باسيل في انفجار المرفأ، وذلك بتغريمها مبلغ مئة وعشرة ملايين ليرة لبنانية.
وكانت صادق أطلقت بعد فترة وجيزة على وقوع الإنفجار تغريدة تحت عنوان "جبران جاب باخرة الامونيوم ع لبنان"، قائلة: طلعت باخرة الأمنيوم جاي بطلب من وزارة الطاقة لما كان جبران وزير. وزير الطاقة كان بدو يعمل مسح بري اذا في نفط بالبترون. جاب معدات للمسح. طلع فش نفط. قال خلّيني رجع هالمعدات. اجت وزارة الطاقة قالت جيبولي ارخص باخرة تنقل هالمعدات عالاردن. اجت باخرة الموت المهترية، وضلت عنا وبجت فينا. غلطة، صدفة، مقصودة، ما بعرف. بعرف ان الباخرة اجت بطلب من وزارة الطاقة، بطلب من جبران، والقاضي غسان عويدات وصل لهل شي بالتحقيقات وعنده كل المستندات، واليوم العونية عاملين حملة علي هلق. وختمت: يعني يا جبران اللي اكيد انك تركت بصمتك لاجيال ورا اجيال تحكي عنك.
والمعروف أن المواقف الحادة بين صادق وباسيل هي ليست وليدة الساعة، ففي نيسان الماضي غرّد باسيل قائلاً: لبنان يعيش أكبر من أزمة صحيّة بل هو يعيش نكبة لأن هناك تراكم أزمات كبيرة، من الوضع الاقتصادي المالي الصعب الذي زاد عليه حراك 17 تشرين فجعله أكثر تعثّراً، والآن زاد عليه الكورونا فحوّله الى نكبة ستظهر معالمها أكثر بعد انحسار الكورونا. وقد ردّت صادق عليه بالقول: هو مبدئياً بـ ١٧ ت البلد كلّو اجتمع على فكرة انه أنت اكبر نكبة عرفها لبنان بتاريخه. كان في اجماع قل نظيرُه على هالفكرة. وهيلا هيلا هيلا هيلا هيلا هووووو.
والسبحة تكر نحو بشارة
[caption id="attachment_81536" align="alignleft" width="312"] الصحافي أسعد بشارة ... الاستدعاء الى فرع المعلومات.[/caption]ومن جهته، أعلن الكاتب والصحافي أسعد بشارة في تغريدة على حسابه أنه تم استدعاؤه إلى فرع جرائم المعلوماتية، من دون إعلامه بسبب الاستدعاء. وعلى اثره أعلن نقيب محرري الصحافة جوزف القصيفي، أن مكتب جرائم المعلوماتية استدعى الزميلين المسجلين على الجدول النقابي أسعد بشاره ونوفل ضو من دون إعلامهما سبب الإستدعاء، مؤكداً رفض النقابة القاطع لمثل هذه الإستدعاءات من قبل هذا المكتب، داعياً الزملاء إلى عدم المثول أمامه، فالصحافي لا يمثل إلا أمام قاض، وذلك وفقاً لأحكام قانون المطبوعات الذي نصّ في المادتين ٢٨ و ٢٩ منه، أن محكمة المطبوعات وحدها تنظر في جميع قضايا المطبوعات.
وتابع القصيفي: إذا اقتضت الدعوى تحقيقاً فيقوم به قاضي التحقيق، وكرر وجوب إلغاء كلمة جرائم المطبوعات، لأن الصحافيين والإعلاميين ليسوا مجرمين. وإذا كانت ثمة مخالفة، فإن سقفها قانون المطبوعات. وأسف القصيفي لعدم استجابة المراجع العدلية والقضائية لطلب نقابة المحررين الا تلجأ إلى هذا الأسلوب في الإستدعاء، وأؤكد ما سبق أن طالبت به بوجوب إخطار النقابة قبل لجوئها إلى مثل هذا التدبير، وسوف تواصل نقابة المحررين إتصالاتها لبلوغ هذا الهدف.