بقلم جورج بشير
كثيراً ومن سمع ريما الرحباني، كريمة السيدة والعظيمة فيروز لبنان ودنيا العرب، لا بل أيقونتنا الحبيبة على قلوبنا وقلوب كل اللبنانيين والعرب، وهي تلوم الصحافيين عن عدم ردّ العدوان السافر الذي تعرضت له أيقونة لبنان ودنيا العرب السيدة فيروز من تجريح وتجنٍ، وهي الرمز الوطني والروحي النقي المترفّع الذي يناجي في كل آن وفي كل مكان وزمان الله جلّ جلاله، والمسيح ومحمد، والقدس، ومكّة، وجبال لبنان وتلاله.
هو البخور المتصاعد في السماء تكريماً للعزّة الإلهية، للوطن، للانسان، بمثابة الصلاة اليومية في الفجر، وعند صياح الديك، وفي الصباح والظهيرة والمساء والليل، يسأل القديسين والأنبياء والحكّام في الأرض والسماء أن يتنعموا على هذه الدنيا العربية وأقطارها ومن فيها، حتى الذين رحلوا، وهاجروا، أو هُجّروا قسراً بالعزّة، وبالحياة الحرّة الكريمة، والكرامة والعنفوان، والغفران، وتعميم الخير والألفة والمحبة.
إنه صوت فيروز يشق سماء لبنان والعرب والعالم، صلاة واصلة من دون شك عند الله.
صاحبة هذا الصوت، فوق الفوق الى السماء مرتفعة مع بخور كل صباح، وصلاة كل مسبّح لله والأنبياء والقدسين. إنه صوت فيروز فوق الترهات وحملات التجنّي والتجريح، وهي بمثابة الخطيئة المميتة التي لا يدرك مرتكبوها ماذا يقولون، وماذا يفعلون، وماذا يكتبون.
لا شك ان هؤلاء وأمثالهم لا يدرون ماذا يفعلون. وعندما يدركون لن يضطروا للجوء الى شجرة التين كما فعل يوضاس، لأن صاحبة هذا الصوت السيدة الأم الحنون سرعان ما ستغفر لهم وتسامحهم وتصلّي وتُقدّم البخور من أجلهم لأنها مؤمنة، وقلبها حلو وكبير، وصدرها واسع لانسان ما عرف الأذى لأي أحد، وما مجّد إلا الله وحده، والوطن والانسان الذي خلقه الله على صورته ومثاله.
صاحبة هذا الصوت الإلهي الذي يقّدم الصلاة من أجل الوطن وكل أوطان العرب ما توجّهت الا بالحب والرجاء والتضرّع للانسان وللبنان، وللمعذّبين على الأرض، والمظلومين المقهورين، والمطرودين قسراً من أوطانهم وبيوتهم، والمقتلعين من الأرض التي ربّتهم، والخطأة والفريسيين كي ينعموا بالرحمة والسماح والغفران.
صوت ريما الرحباني لم يهّزني وحدي على ما يبدو، بل انه هزّ ضمائر كل المؤمنين بالله، بلبنان، بالحق، أولئك الذين يرذلون الباطل، أولئك الذين يصلّون عنا وحتى عن الخطأة والفريسيين والمرائين مع الملائكة مرددين صلوات فيروز الواصلة مباشرة عند الله.
كل تجريح أو تجنٍ أو حتى شتيمة، تُوجّه نحو السيدة الكبيرة، سيدة لبنان من التحت، لا بل من تحت التحت، هيهات أن تنال من كبرها، وبهائها، والإرث الروحي والوطني والانساني الذي ستتركه بعد عمر طويل لأجيال لبنان والعرب في كل مكان بصوتها الملائكي العذب منذ أول يوم غنّت فيه لبنان والانسان والحق تحت كل سماء.
الى السيدة ريما نقول: لا تعتبي على أحد، ولا تؤاخذيهم لأنهم لا يسمعون، ولا يدرون ما يكتبون ولا ما يفعلون، لأن في لبنان ودنيا العرب، لا بل في الدنيا كلّها مئات آلاف المؤمنين الذين يصلّون ويكرّمون العزة الإلهية في كل لحظة كلما ارتفع صوت فيروز الصارخ بجماله وعذوبتــــــه وقوتــــه، بالصـــلاة مع أطفـــــال بيت لحم، وحُجّاج مكة وسائر المعذّبين على الأرض مرددين مع السيد المسيح: <إغفر لهم يا أبتاه، لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون>.
من بيروت، سلام لفيروز.