تفاصيل الخبر

الـــــــى الــعــزيـــــــــــزة إلــهـــــــــــام!

05/10/2018
الـــــــى الــعــزيـــــــــــزة إلــهـــــــــــام!

الـــــــى الــعــزيـــــــــــزة إلــهـــــــــــام!

 

بقلم وليد عوض

ليس في الصراحـــة أجمــــل مـــن الاعتراف، وأنا كعضو سابق في مجلس نقابة الصحافة وصاحب مطبوعة <الأفكار> السياسية و<المشاهير> الأدبية التي لم تتوافر لها ظروف الصدور، أعترف بأن الصحافة اللبنانية في محنة، والأزمات تطول أعرق الصحف ومنها <النهار>، وقد آلمني أن يتناهى اليّ في الأسبوع الماضي أن دار <الصياد> جوهرة الحازمية وكوكب الصحافة العربية تهيئ الأغلال للاحتجاب بكل اصداراتها، وهو أمر يدعو الى الأسف.

وقد أسعدنا في القرن الماضي أن تتسلم العزيزة إلهام فريحة دفة رئاسة تحرير <الأنوار> وتحاول أن توفق بين كل التيارات، ولكن ذلك وحده لا يكفي. فالصحافة في حرب، وقد سئل <نابوليون بونابارت> عن الحرب فقال: <أولاً المال، ثانياً المال، ثالثاً المال>.

وعندما نقل الأستاذ الكبير سعيد فريحة، رحمه الله، مكاتبه من شارع <فوش> الى داره الصحافية الجديدة في منطقة الحازمية اعتمد في الدرجة الأولى على تمويل من المليونير الراحل نجيب صالحة، وعلى مكرمات من أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد. ومثله فعل الصحافي الكبير الراحل سليم اللوزي حين نقل مكاتبه من كورنيش المزرعة الى منطقة سكة الحديد في عين الرمانة وجعل من <الحوادث> درة اعلامية تبهج دول الخليج، وأولها الكويت، وبدلاً من المال الآتي من نجيب صالحة لدار <الصياد> استعان سليم اللوزي بصديقه الملياردير الإيراني الأصل مهدي التاجر لينطلق بمشروع <الحوادث> الجديد، ولكن ظروف المنطقة لم تعد تسمح بكرم اليد الخليجية، فاعتمد سليم اللوزي على سباقاته الصحافية، وكان في طليعة من سحبوا السجادة من تحت الرئيس الراحل حافظ الأسد في حملة صحافية زمن الرئيس صائب سلام كرئيس وزارة. وفي غياب صائب سلام عن لبنان، تعرضت دار <الحوادث> في عين الرمانة للتفجير وجاء وزير الداخلية الدكتور جميل كبي نيابة عن الرئيس سلام الى مقر المجلة في عين الرمانة عند الثانية من الصباح ليقول لسليم اللوزي: سلامتك يا أبا ربيع!

وقد جف ضرع المال الخليجي في السنوات الأخيرة، فكانت منشورات دار <الصياد> تصدر وسط الصعوبات المالية الكاسرة وكانت الهام فريحة وحيدة مؤسس الدار الى جانب شقيقيها عصام وبسام، وكان مصدر التمويل هذه المرة بسام فريحة معتمداً على صداقاته في دولة الامارات ومملكة البحرين والكويت، إلا ان بسام فريحة قال لشقيقته إلهام: <انتبهي الى الوضع المالي، فلم تعد الأمور كما كانت من ذي قبل>!

وبالفعل تحملت إلهام فريحة مسؤولية الاصدار بكل رباطة جأش وصبر على المكاره، واستطاعت أن تحفظ لدار <الصياد> كرامتها الصحافية، وأن تحتفظ بأصحاب الإقلام الذين انطلقوا مع سعيد فريحة، الذي عاش فترة من عمره في مدينة حلب وبقي وفياً لهذه المدينة وأهلها، وكان يحب الطرب والقدود الحلبية بحيث كان بين الفترة والأخرى يقيم السهرات الغنائية التي يطرب فيها ملك القدود الحلبية صباح فخري. وكان عدد السبت الماضي من <الأنوار> العدد الختامي للإصدار.

وقد اتخذت إلهام فريحة من كفاح السيدة روز اليوسف بنت زغرتا ووالدة الروائي الأشهر إحسان عبد القدوس قدوة، وقدمت الدليل على أن المرأة تملك القدرة الصحافية المطلوبة، وتحسن اختيار الأحباء والأصحاب.

وكنت ألتقي وأنا في القاهرة بالأستاذ سعيد فريحة داخل مقهى فندق <شيراتون> وكان إذا سأله محدثه عن حال المهنة ضحك وقال: <انت شو بتقول؟>! فقد كان يحرص على الأفكار التي يخص بها جليسه، وكان من أهم أصدقائه إحسان عبد القدوس، ومصطفى أمين وعلي أمين الذي أعطاه قاعة في دار <الصياد> وقال له: <تصرف انت في بيتك>!

ولا بد أن نعترف بأن عاملاً أساسياً طرأ على عالم الصحافة، وهو وسائل التواصل الاجتماعي التي أغنت ألوف القراء عن قراءة المطبوعات الورقية، وهذا الأمر لا تتنبه له الصحافة كفاية، والحل هو أن يكون لكل مصدر صحافي موقع تواصل اجتماعي خاص به، وأن يفتح باب الاعلانات في شبكات هذا التواصل ليحمي الصحافة الورقية من المكاره!

وأنا أرسل هنا تحية الى السيدة إلهام فريحة التي رأت مع شقيقيها عصام وبسام أن كسر الشر يكون بإعطاء التعويضات المستحقة للموظفين محررين ومستخدمين، فلا يضيع حق على واحد منهم.

وسلام عليك يا ماضي الصحافة الجميل، ولا مكان لعتاب بعض أهل الخليج الذين حبسوا عنا مكارمهم!

وتحية الى إلهام التي عرفت كيف تتعامل مع الحمل الثقيل في حياة الصحافـــة وتبقــــى شامخـــة وســـط الأعاصير!