تفاصيل الخبر

اقتصاد العالم أصبح رهناً بتوقيت المواجهة السعودية - الإيرانية بسلاح النفط!

22/04/2016
اقتصاد العالم أصبح رهناً بتوقيت المواجهة السعودية - الإيرانية بسلاح النفط!

اقتصاد العالم أصبح رهناً بتوقيت المواجهة السعودية - الإيرانية بسلاح النفط!

 

بقلم خالد عوض

mohamed-bin-salman

التشنج السعودي - الإيراني لم يعد شأناً إقليمياً فحسب بل أصبح له انعكاسات مباشرة على الاقتصاد العالمي، خاصة بعد فشل محادثات الدوحة. فبعد رفض إيران الاتفاق على وضع سقف للإنتاج والذي أبدت معظم الدول المنتجة للنفط استعداداً كبيراً للالتزام به من أجل دعم أسعار النفط، ردت السعودية بأنها لن تضع سقفاً لإنتاجها، بل أكدت أنه بإمكانها أن تضخ خلال أشهر قليلة حوالى مليوني برميل إضافي من النفط، مما يمكّن انتاجها من الاقتراب لمستوى قياسي هو ١٢ مليون برميل بترول ونصف المليون برميل يومياً. هذا ما أكده ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مشيراً أيضاً أن بإمكان السعودية ضخ أكثر من ذلك بكثير خلال سنوات قليلة.

هذا يعني أن التفاؤل بشأن وصول أسعار النفط إلى ٥٠ دولاراً للبرميل واستقرارها على هذا المستوى أصبح وهماً، بالعكس فإن إحتمال هبوط أسعار النفط من جديد أصبح السيناريو الأكثر واقعية.

لذلك لم يعد الخلاف السعودي - الإيراني يقتصر على مواجهات عسكرية غير مباشرة في اليمن أو سوريا، أو على مواجهة سياسية محتدمة في كل المنطقة بل تحول إلى مشكلة اقتصادية عالمية تؤثر سلباً على روسيا وإلى حد كبير على الصين والولايات المتحدة.

البداية من روسيا التي كانت أكثر المتحمسين لاتفاق الدوحة لأسباب مالية وجيهة. الميزانية الروسية مبنية على سعر ٥٠ دولاراً لبرميل النفط في عام ٢٠١٦. وحتى لو كان سعر النفط قد وصل إلى هذا المستوى واستقرّ عليه وهذا ما لم يحصل، لكان العجز في الموازنة الروسية سيصل إلى أكثر من مستوى ٣ بالمئة من الموازنة رغم كل إجراءات التقشف الحالية، التي لم يشهد الروس مثلها طوال فترة وجود الرئيس <فلاديمير بوتين> في الحكم أي منذ أكثر من ١٦ عاماً. روسيا خسرت أكثر من مئة مليار دولار من علي-النعيمياحتياطاتها المالية منذ آب (أغسطس) ٢٠١٤، وبقاء أسعار النفط تحت مستوى ٤٠ دولاراً للبرميل يهدد استقرارها المالي والاجتماعي.

بالنسبة للصين، فإن الخلاف السعودي - الإيراني يهدّد استقرارها ليس فقط بسبب عدم ثبات أسعار النفط بل بسبب إمكانية تطوّر المواجهة بين البلدين الى حرب، ولو باردة، تنعكس عل الملاحة عبر <مضيق هرمز>، وبالتالي تؤثر على الامدادات النفطية للصين. وبالإضافة إلى البعد الأمني في الخليج، فإن هبوط أسعار النفط ولو كان يفيد الاقتصاد الصيني بشكل عام إلا أنه يضرّ كثيراً بشركات النفط الصينية المنتشرة في العالم والتي تضخ أكثر من ٩ ملايين برميل يومياً.

أما لناحية الولايات المتحدة، فتراجع أسعار النفط إلى ما دون الأربعين دولاراً للبرميل، وهو مستوى كلفة استخراج النفط الصخري، يؤثر سلبا على قطاع النفط الصخري الذي خسر أكثر من ٤٠٠ مليار دولار خلال أقل من ثلاث سنوات منذ أن بدأت أسعار النفط بالتراجع.

إذاً العالم كله يتأثر بالخلاف السعودي الإيراني بطريقة أو بأخرى، لذلك أصبح هم الجميع تأمين الاستقرار بين القطبين الإقليميين حتى تستقر أسعار النفط. وان أول الذين بإمكانهم أن يسعوا إلى تثبيت هذا الاستقرار وتخفيف الاحتقان هو الرئيس الروسي <فلاديمير بوتين> لأن اقتصاد بلاده يسير نحو الهاوية بسبب هبوط أسعار النفط الذي يشكّل أكثر من نصف موارد الخزينة الروسية، وانطلاقاً من هذه الزاوية تجدر قراءة قراره الشكلي بالانسحاب من سوريا الذي يعبّر عن تركه إيران <تقلع شوكها السوري> بنفسها وعن طريق الميليشيات الداعمة لها.

الأشهر الآتية ستكون حاسمة في المبارزة النفطية السعودية - الإيرانية، فإما أن ترضخ إيران في حزيران (يونيو) المقبل، الموعد الجديد المقرر للمحادثات، لطلب وضع سقف للإنتاج وتلتزم به، وإما سيستمر سعر النفط في التراجع، الأمر الذي سينسحب بالتالي سلباً على الاقتصاد الروسي وقطاعي النفط الأميركي والصيني.

شهران من سياسة عضّ الأصابع كفيلان بتصوير دقيق لمشهد الاقتصاد العالمي خلال ما تبقى من السنة.