تفاصيل الخبر

اقتراح بري لانتخابات على أساس الدائرة الواحدة ”جس نبض“ لنقاش موضوعي... لكنه يقلق الأحزاب المسيحية!

03/05/2019
اقتراح بري لانتخابات على أساس الدائرة الواحدة  ”جس نبض“ لنقاش موضوعي... لكنه يقلق الأحزاب المسيحية!

اقتراح بري لانتخابات على أساس الدائرة الواحدة ”جس نبض“ لنقاش موضوعي... لكنه يقلق الأحزاب المسيحية!

خارج السياق أتى تحريك الرئيس نبيه بري لفكرة البحث في قانون جديد للانتخابات النيابية من اليوم، أي قبل ثلاث سنوات على موعد الانتخابات المقبلة في العام 2022، ذلك ان كل الأنظار مشدودة الى الوضع الاقتصادي وسبل معالجته والى الأفكار المتشعبة التي <تدفقت> على اللبنانيين لانقاذ بلدهم من <الغرق> و<الإفلاس الحتمي>، وغيرها من العبارات السلبية التي لم تغب عن وسائل لإعلام والتواصل الاجتماعي في ما بدا عملية نحر للدولة على يد سياسييها. صحيح ان الرئيس بري محق لجهة تجارب الماضي التي لم يلد فيها أي قانون جديد للانتخابات إلا قبل أسابيع قليلة من الموعد المحدد لاقتراع الناخبين، إلا ان مصادر سياسية متابعة تعتبر طرح الرئيس بري لفكرته في هذا التوقيت بالذات لن يحقق الغاية المنشودة لإقامة حوار حول قانون الانتخابات، في وقت الغالبية العظمى من السياسيين في مكان آخر غير القانون الانتخابي.

إلا ان الانشغال بالموازنة والعناوين الاقتصادية لم يلغ ضرورة تقييم فكرة الرئيس بري الجديدة التي تركز على اعتماد صيغة النسبية وعلى أساس ان لبنان دائرة انتخابية واحدة تفادياً لما يسميه الرئيس بري، <الخلل الكبير والشكوى العارمة> من الجميع على الصيغة التي اعتمدت وهي ــ في رأي رئيس المجلس النيابي ــ نسخة مصغرة عن القانون الارثوذكسي الذي عارضه الرئيس بري منتقداً خصوصاً الصوت التفضيلي فيه. ويظهر التقييم الأولي ان الصيغة المقترحة التي تعدل القانون الحالي وتحوّل 15 دائرة انتخابية الى دائرة واحدة، من شأنها إحداث تبديل واضح في النتائج، وبالتالي في موازين القوى التي أفرزتها دورة الانتخابات النيابية الأخيرة العام 2018. وتظهر قراءة متأنية بلغة الأرقام، ان 1,861,203 ناخبين شاركوا في الانتخابات بينهم 46799 ناخباً من غير المقيمين، وتوزع ما مجموعه مليون و759,068 على أساس الصوت التفضيلي على مختلف القوى والشخصيات السياسية التي شاركت في العملية الانتخابية. وتظهر الأرقام أيضاً ان حزب الله نال 343,220 صوتاً تفضيلياً، فيما نالت حركة <أمل> وحلفاؤها 204,199 صوتاً تفضيلياً. وهذا يعني ــ وفق القراءة إياها ــ ان <أمل> وحزب الله في استطاعتهما الحصول على ثلث الناخبين على مستوى لبنان دائرة واحدة الذي أظهر <الثنائي الشيعي> دعماً له غير مسبوق.

أصوات المسيحيين <تذوب>

وثمة من يعتبر ان صيغة الدائرة الواحدة تتيح لأحزاب وشخصيات سياسية أخرى صديقة ضمن تحالف <قوى 8 آذار> الفوز في الانتخابات، مع العلم ان الحزب السوري القومي الاجتماعي الحليف لحزب الله و<أمل>، نال 23881 صوتاً تفضيلياً، فيما نال <المردة> 31206 أصوات، وجمعية المشاريع الخيرية الاسلامية 18759 صوتاً تفضيلياً، وبعدها حزب الاتحاد (15111 صوتاً)، والتنظيم الشعبي الناصري (9916 صوتاً)، وحزب البعث (7171 صوتاً) الخ... وهكذا يمكن لتحالف <قوى 8 آذار> أن ينتعش من جديد ويصبح له حضور متجدد في مجلس النواب. إلا ان هذا الواقع يجد من يعارضه وفي المقدمة الحزب التقدمي الاشتراكي الذي كان نال 88268 صوتاً تفضيلياً، الذي يمكن أن يذوب في واقع سياسي جديد، فضلاً عن ان هذا التقسيم يقلل من قدرات الأقليات الصغيرة، ولاسيما منها الأقلية الدرزية، على التأثير في نتائج الانتخابات وبالتالي القدرة على نسج التحالفات قسراً أو طوعاً. ويلتقي حزب <القوات اللبنانية> على عدم تأييد الصيغة المقترحة لقانون الانتخابات لأن ذلك يجعله يفقد مقاعد نالها في انتخابات العام 2018، علماً ان <القوات> نالت مع حلفائها 162,078 صوتاً. ويرى القائلون بعدم جواز اقرار قانون على أساس الدائرة الواحدة، انه يؤثر في التوازنات الطائفية الدقيقة في لبنان لأنه لن يصب حتماً في مصلحة الأقليات المسيحية في حال اعتماد النظرة الطائفية لأن مجموع الناخبين المسيحيين في دورة العام 2018 بلغ نسبة 38 بالمئة من اجمالي الناخبين الذين يرتفع عدد المسلمين منهم!

أما <التيار الوطني الحر> الذي يعتبر نفسه حزباً متقدماً في نظرته الى لبنان، البلد المتعدد طوائفياً ومذاهب الخ... سوف يواجه الواقع نفسه لـ<القوات>، لاسيما وانه نال مع حلفائه من المرشحين الرابحين والخاسرين على حد سواء ما مجموعه 240,490 صوتاً تفضيلياً، ولن يكون قادراً على فرض الأسماء التي يريد وإعطاء المقترعين، في الداخل أو في الخارج، توجهات متناقضة يضيع فيها الكبار والصغار على حد سواء. لذلك لا بد من أن تلتقي الأحزاب المسيحية على الاعتراض على الصيغة المقترحة والتي لن يجاريها فيه تيار <المستقبل> الذي نال في الانتخابات 256,092 صوتاً تفضيلياً، وهو قادر على المحافظة عليها خصوصاً إذا ما اقترب أكثر فأكثر من القاعدة، واختار المرشحين الذين يشكلون قيمة مضافة لأعضاء اللائحة التي قالت انها لم تنته من اقرارها بعد.

بري يريده قانوناً ثورياً!

وإذا كان البعض رأى في طرح الرئيس بري <جس نبض> لرصد ردود الفعل راهناً في انتظار تطورات مستقبلية قد تعيده الى الواجهة لاسيما مع تبني <الثنائي الشيعي> له ودفاعه عنه، فإنه يُسجل لرئيس مجلس النواب انه حرك ملفاً له أهميته ولو قبل ثلاث سنوات من الاستحقاق الانتخابي، على أمل الوصول الى قانون يريده <ثورياً> خصوصاً إذا ما أصبح النائب ممثلاً فعلياً للأمة وليس محصوراً في مذهبه ومنطقته ودائرته. وهذا يؤدي الى تطوير النظام السياسي الذي يشكو منه الكثيرون، ويعبّد الطريق أمام الدولة المدنية التي تقوم على المواطنية لا المذهبية. ويقول المطلعون على الصيغة المقترحة من الرئيس بري ان نواباً من كتلة <التنمية والتحرير> عملوا بمشاركة خبراء، على وضع قانون انتخاب جديد انطلاقاً من مندرجات القانون الحالي القائم على النسبية، على ان يعرض على الأطراف المعنيين ليقولوا كلمتهم من دون تأخير كما حصل في المرة السابقة. ويقوم اقتراح القانون على ان يكون دائرة واحدة مع تطبيق قاعدة النسبية والحفاظ على تمثيل المذاهب كما هي في الأقضية من دون نقل أي مقعد. وعلى الناخب بموجب هذه الصيغة أن يصوت للائحة مقفلة، وليس من الضروري أن تكون مكتملة، وتضم 128 مرشحاً من دون صوت تفضيلي، ويمكن للناخب أن يقترع في مكان سكنه وليس في محل قيد نفوسه.

وفي الصيغة أيضاً، تثبيت لـ20 مقعداً للنساء مناصفة بين المسلمات والمسيحيات، ولا ينحصر تمثيلهما في الترشح على هذه المقاعد المخصصة لهن فحسب. كذلك هناك 6 مقاعد للمغتربين. ويعطي اقتراح القانون هيئة الاشراف على الانتخابات صلاحيات أوسع مما هي في القانون الحالي.

والملاحظ ان ردود الفعل الأولية على صيغة بري و<كتلة التنمية والتحرير> لم تكن واسعة لانشغال المعنيين بالتحضير لدرس الموازنة واقرارها واتخاذ القرارات التي سوف تنقذ الوضع الاقتصادي المتردي. إلا انه ما أن تقر الموازنة ويتراجع منسوب <المخاوف> حتى يعود الحديث على اقتراح القانون بقوة، علماً ان الرئيس بري منفتح لأي حوار ونقاش وتبديل في الصيغ، لافتاً الى ان قانون الانتخاب يعتبر الحجر الأساس في بناء المنظومة السياسية السليمة في أي بلد يحترم خيارات مواطنيه.وعندما يُسأل الرئيس بري عن <مخاوف> الأحزاب المسيحية من قانون على أساس الدائرة الواحدة، يجيب بأن لا داعي لهذه المخاوف لأنه بالتفاهم والحوار يمكن إزالة كل أسباب التحفظ و... الخوف!