تفاصيل الخبر

اقتراح «استطلاع الرأي » يتعثر مارونياً... ومسيحياً وسط إصرار «عوني » و «قواتي » على إجرائه من دون ضمانات!

24/07/2015
اقتراح «استطلاع الرأي » يتعثر مارونياً... ومسيحياً  وسط إصرار «عوني » و «قواتي » على إجرائه من دون ضمانات!

اقتراح «استطلاع الرأي » يتعثر مارونياً... ومسيحياً وسط إصرار «عوني » و «قواتي » على إجرائه من دون ضمانات!

aoun-geagea1 خيار <استطلاع الرأي> الذي توافق رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع على إجرائه لمعرفة <مزاج> المسيحيين وخياراتهم بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي المعلق منذ سنة وشهرين قد يتعثر وهو في أولى خطواته التسويقية رغم الدعم الذي وفّره له العماد عون من جهة، والدكتور جعجع من جهة أخرى. وفيما كانت الأنظار متجهة الى دور يمكن ان يلعبه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي <لإقناع> القيادات المسيحية بأهمية <الاستطلاع> وضمان <إقرار> إسلامي بنتائجه، بدا ان سيد بكركي لم يظهر <حماسة> خاصة تجاه الاقتراح <العوني - القواتي> مكتفياً بطرح سلسلة تساؤلات حوله لعل أبرزها المفاعيل التي يمكن ان تنتج عنه للإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية الذي يعطيه البطريرك الراعي أولوية على أي شيء آخر. وخلال جولاته الرعوية الأسبوع الماضي، كان البطريرك يتفادى الإفصاح مباشرة عن رأيه في فكرة <الاستطلاع> لا بل غابت كلياً عن العظات والمداخلات التي ألقاها في البلدات التي شملتها جولته الرعوية، ولاسيما في ضبيه وعوكر وضواحيهما حيث كانت للبطريرك وقفات سياسية بارزة. غير ان الذين التقوا البطريرك خلال هذه الزيارات لاحظوا ان سيد بكركي كان يسأل عما إذا كانت هناك ضمانات بأن <الفريق الآخر> في لبنان سيتجاوب مع نتيجة <الاستطلاع>، وهل الشارع المسيحي على رأي واحد حياله، ليعود فيستدرك بأن <الجهد الحقيقي> يجب أن ينصب على إجراء الانتخابات الرئاسية لأن <الاستطلاع> لن يكون سبباً في إجراء هذه الانتخابات إذا ظلت التجاذبات السياسية على حالها... هذا إذا لم يكن سبباً إضافياً لمزيد من التأجيل والتعطيل!

فرنجية متحفظ... ويسأل عن موقف المسلمين

 

وإذا كان البطريرك الراعي يتجنب اتخاذ موقف علني معارض لـ<الاستطلاع> حتى لا يتهم بالانحياز الى فريق مسيحي دون آخر، فيما هو يعتبر نفسه على مسافة واحدة من الجميع، بدا ان حليف العماد عون رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية تحفظ سلفاً على مبدأ الالتزام بحصيلة <الاستطلاع> إذا ما تقدم فيها الدكتور جعجع معلناً انه لن يحيد عن دعم العماد عون للرئاسة ولو فاز جعجع في المرتبة الأولى.

وقد تركت مواقف فرنجية انطباعات بأن فكرة <الاستطلاع> أصيبت بنكسة أساسية لأن ثمة من يعتبر أن المعارضين للفكرة في صفوف المسيحيين سيجدون في مواقف فرنجية متنفساً لهم لإظهار معارضتهم بدلاً من التزام الصمت حيالها من خلال القول بأن عدم الالتزام بنتيجة <الاستطلاع> تجعله من دون فائدة عملية، لأن أهمية هكذا استطلاعات تكمن في <احترام> نتائجها خصوصاً إذا ما كانت تتناول استحقاقاً مهماً وحساساً مثل الاستحقاق الرئاسي.

في هذه الأثناء، لم تتوقف محاولات التنظير من قريبين من العماد عون يعارضون فكرة <الاستطلاع> وإبراز <مخاطره> على أساس ان الدكتور جعجع هو المستفيد الأول من هذه الخطوة سواء حلّ أولاً (وهو أمر مستبعد حسب العماد عون) أو حلّ ثانياً لأنه يكرس بذلك <الثنائية المسيحية> (على غرار الثنائية الشيعية بين <أمل> وحزب الله)، ويقصي سائر المكونات الحزبية المسيحية الأخرى، ولاسيما حزب الكتائب و<المستقلين> و<المردة> وغيرهم، ويتمكن أيضاً من <تلميع> صورته على المستوى الوطني، إضافة الى <تمهيد> الطريق أمام الزعامة المسيحية بعد سنوات، خصوصاً إذا ما استمرّت <القوات> في تنظيم مؤسساتها وتوسيع هامش استقطاب الشباب المسيحي القلق على مستقبله في لبنان.

ويتحدث المعترضون عن ان <استطلاعات الرأي التي تجريها عادة شركات احصائية مختصة هي مجرد <مؤشر> لمعرفة اتجاه الناخبين في الانتخابات النيابية، أو في مواضيع اجتماعية أو سياسية أو ثقافية، وبلورة نقاط القوة والضعف لدى الأطراف المعنيين بالاستطلاع، في حين ان ربطه بمسألة الاستحقاق الرئاسي يجعل عينة محددة من المسيحيين قد تكون كبيرة أو صغيرة أو متوسطة الحجم توحي في اتجاه تبني شخص  ما، في حين ان اختيار رئيس الجمهورية لا يجوز أن يخضعلـ<مزاج> عينة عشوائية من المسيحيين قد لا تعكس عملياً إرادة شرائح واسعة منهم.

ملاحظات عونية ورفض أرثوذكسي

وفي الاتجاه نفسه، لفت <عونيون> الى ان العماد عون يملك الشرعية الشعبية المسيحية من خلال واقعين: الأول التمثيل النيابي الذي وفرته الانتخابات النيابية الأخيرة والتي واجه خلالها عون السلطة والمال واستقدام المغتربين، لكنه تمكن من الحصول على أكبر كتلة مسيحية في مجلس النواب. أما الواقع الثاني، فيتمثل من خلال حضور <التيار الوطني الحر> في الجامعات والمؤسسات العلمية والتربوية والنقابية، إضافة الى الدعم الذي يلقاه من فريق  أساسي في البلاد هو حزب الله الذي له تمثيله الشامل لدى الطائفة الشيعية. ويضيف هؤلاء ان لا حاجة بالتالي لتجديد تأكيد <زعامة الجنرال> طالما ان كل المعطيات تؤكد ذلك. وفي رأي هذا الفريق، ان لا ضمانات لدى العماد عون بأن الدكتور سمير جعجع سينسحب له إذا ما نال هو الأكثرية الشعبية (كما هو متوقع)، أو ان نواب الفريق المسيحي المناوئ لـ<الجنرال> سيصوتون له في ظل غياب <ضوابط> لنتائج الاستطلاع. أما الفريق المسلم باستثناء نواب حزب الله، فلا معطيات أكيدة بأن العماد عون سيحصل على أصوات نواب حركة <أمل> في ظل العلاقة المتوترة مع الرئيس نبيه بري، أو أصوات نواب <المستقبل> للاعتبارات المعروفة والمعلنة في مناهضة عون ورفضه رئيساً للجمهورية بعد فشل الحوار الذي كان قائماً بين عون والرئيس سعد الحريري.

وانطلاقاً من عدم الحماسة لدى المسيحيين الآخرين حيال موضوع <الاستطلاع>، فإن ثمة من بدأ يتحدث، لاسيما بعد تصريحات النائب فرنجية، عن ضرورة تحصين شرعية المرشح المسيحي الأقوى، بقبول عام من المسيحيين والمسلمين على حد سواء، ما يفرض توسيع نطاق <الاستطلاع> ليشمل الشارع الإسلامي أيضاً، إذ من يضمن ان الفائز الأول عند المسيحيين سيكون مقبولاً من المسلمين أيضاً، وأي فائدة من تصدره بيته المسيحي وتراجعه في البيت الإسلامي، فضلاً عن ان المرشح الجميل-فرنجيهالثاني في الاستطلاع قد يحظى بأكثرية مسلمة...

في هذه الأثناء، لاحت في الأفق المسيحي <ملاحظات> من مرجعيات أرثوذكسية وازنة اعتبرت ان المبادرات المطروحة من زعماء موارنة تتجاوز في أحيان كثيرة المرجعيات الأرثوذكسية، وما حصل خلال طرح <القانون الأرثوذكسي> يتكرر اليوم مع فكرة استطلاع الرأي الذي تحاول <الثنائية المارونية> (عون وجعجع) فرضه على القواعد الأرثوذكسية والمسيحية الأخرى غير المارونية، من دون تشاور مسبق مع مرجعيات مسيحية غير مارونية، وكأن هذه المرجعيات لا رأي لها أو اقتراحات أخرى ما يحدث نفوراً من القواعد غير المارونية حيال اخوتهم الموارنة، ما يدفع هذه المرجعيات الى المطالبة بتغيير أسلوب التعاطي الماروني مع الأزمات الراهنة والتشاور لأن المسيحيين ليسوا كلهم موارنة، وان كان منصب رئيس الجمهوريـــــة مخصص عُرفاً للموارنة، لكن للقيـــــادات المسيحيـــــة الأخرى ان تبدي رأيها وملاحظاتها لأن الرئيس الماروني سيمثل في النهاية جميع المسيحيين على الصعيد الطائفي، وجميع اللبنانيين على الصعيد الوطني.

 

الرابية تدرس المعايير والآلية... وجعجع <يساير>

في المقابل، يواصل العماد عون وفريق عمله التحضير اللوجستي للاستطلاع من خلال البحث مع أكثر من شركة مختصة في المعايير الواجب اعتمادها  في ما خص حجم العينة الشعبية التي سيتم استطلاعها، ونوعية الأسئلة التي ستطرح على المستطلَعين والمناطق التي ستشملها لاسيما وان مناخات سكان كل منطقة تختلف عن المناطق الأخرى، إضافة الى أسماء المرشحين الذين سيعتمدون في الاستطلاع، وهل ستقتصر على الأقطاب الأربعة أو على اثنين منهم فقط؟ لاسيما وان المرشح المستقل الأبرز الوزير السابق جان عبيد أصدر بياناً اعتبر فيه انه <غير معني بالترشيحات والترجيحات والاستطلاعات المتصلة بمعركة الرئاسة>، مضيفاً انه لم يعلن ترشيحه <حتى الآن> لمنصب رئاسة الجمهورية لغياب فرصة كريمة لمرشح مستقل وتوفيقي مثله، وبسبب حدة التنافس والصراع بين الأطراف المختلفين. وفي هذا السياق، طرحت مراجع معنية بالاستطلاع من هي الجهة التي ستقرر أسماء المرشحين المحتملين طالما ان أحداً لم يقدم ترشيحاً رسمياً ولا أعلن ذلك صراحة مثل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وقائد الجيش العماد جان قهوجي والوزير السابق جان عبيد والوزير السابق وديع الخازن، والوزير السابق زياد بارود، والسفير جورج خوري، والوزير السابق دميانوس قطار، وغيرهم ممن تتناول الصحف الأخبار عن <نشاطاتهم الرئاسية>...

ويبرز في هذا السياق أيضاً عدم وجود توصيف واحد لـ<الرئيس القوي> ليَرِد اسمه في <الاستطلاع> أو يؤخذ رأي المسيحيين به.

وفيما تؤكد مصادر العماد عون ان <الاستطلاع> لن يكون مفصلاً على قياس <الجنرال> بل سيعتمد أقصى معايير الشفافية والنزاهة ليكسر الحلقة المفرغة التي يدور فيها الاستحقاق الرئاسي ولتقديم مخرج ديموقراطي للأزمة يبدأ من القاعدة ليصل الى ساحة النجمة للاختيار بين مرشحين اثنين قويين يفترض ان ينالا أعلى نسبة من الأصوات في <الاستطلاع>، تقول المصادر المعارضة داخل <القوات> ان الفكرة التي طرحها العماد عون أيدها الدكتور جعجع لإعطاء <إعلان النيات> بين <العونيين> و<القوات> نكهة جديدة وطعماً تنفيذياً لا أكثر ولا أقل، وأنه <ساير> العماد عون مع علمه بأن نتائج الاستطلاع ستكرسه زعيماً مارونياً بارزاً، لكنها لن تكون قابلة للصرف في السياسة أو في مجلس النواب، لأن الأطراف المسلمين يعانون أيضاً، كما القيادات المسيحية، من انقسام في الرأي بين رافض لانتخاب عون وبين مؤيد له، وكذلك الأمر بالنسبة الى الدكتور جعجع الذي يرفض الشيعة وفريق من السنّة انتخابه، فيما يعلن الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط معارضته للاثنين معاً، <الجنرال> و<الحكيم>.

وتتحدث مصادر معنية بالاستحقاق الرئاسي وتتعاطى مع فكرة <الاستطلاع> بحذر عن انه إذا كان هناك ثمة فائدة يمكن ان تتحقق من حصول <الاستطلاع> فهي اقتناع الموارنة الأربعة باستحالة وصول احدهم الى قصر بعبدا، ولاسيما العماد عون والدكتور جعجع، والتسليم بضرورة الانتقال الى المرحلة <ب> أي التفتيش عن خيار آخر لـ<الجنرال> و<الحكيم>... لكن بالتفاهم معهما على اسم الرئيس العتيد، وإذ ذاك فإن الأسماء المطروحة والتي قد يستبعدها <الاستطلاع> تصبح واردة من جديد لأن لكل منها <حيثيته> و<إيجابياته>، كما سلبياته، فهل تُطرح إذ ذاك إمكانية إجراء <استطلاع> حول الخيار الثالث، ومن يضمن أيضاً التزام الكتل النيابية بنتائجه؟

الحريري-جعجع«الحكيم »استوعب ردود فعل فريقه وعون أكد عدم معرفته بالأمر مسبقاً!

 

في الوقت الذي يخوض فيه رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، كل من موقع مختلف ولأسباب مختلفة <معركة> تمرير <استطلاع الرأي> لمعرفة من يريد المسيحيون رئيساً للجمهورية، كان أمين سر <التكتل> النائب إبراهيم كنعان و<رفيقه> في الحوار العوني - القواتي ملحم رياضي، يخوضان معركة من نوع آخر لتطويق ذيول <الاهتمام الإعلامي> الذي أبدته الوسائل الإعلامية التابعة للتيار الوطني الحر بمضمون وثائق <ويكيليكس> لاسيما تلك المتعلقة بالعلاقة الحالية بين القوات اللبنانية والمسؤولين في المملكة العربية السعودية، لاسيما بعدما كاد هذا <الاهتمام الإعلامي> العوني ان يهز ركائز ورقة <إعلان النيات< التي ولدت بعد أشهر من الحوار بين كنعان ورياشي بتكليف من العماد عون والدكتور جعجع.... وقد اصطدمت جهود الثنائي كنعان - رياشي التي توافق عليها الطرفان، وبالتالي فإن <الجنرال> لا يقبل، بأي خلل في هذا الاتجاه.

الخلل حصل... وتطويقه نجح

 

ويبدو ان هذه التطمينات التي نقلها كنعان الى رياشي ومنه الى <الحكيم> ساهمت في الحد من التأثيرات السلبية على <إعلان النيات> الذي <اهتز> بعض الشيء... لكنه لم يقع، لاسيما وان جعجع اكتفى بالتوضيحات التي وردت إليه وهدأ <خواطر> المعترضين داخل صفوف القوات وفي فريق العمل القريب منه و<أخمد> مواقع التواصل <القواتية> التي كادت ان تستعيد لغة مرحلة ما قبل الاتفاق على <إعلان النيات> وزيارة جعجع للرابية. وبذل <الحكيم> جهداً استثنائياً في استيعاب ردود الفعل <القواتية> على إعادة وسائل الإعلام البرتقالية بنشر الوثيقة التي تخصه، علماً انه كان قد أبلغ مقربين إليه ان موقف الإعلام العوني جاء من دون علم <الجنرال> أو موافقته، وإن كان العماد عون يتغنى ؟؟؟؟ - حسب مصادر القوات - بأنه وتياره لم يرد ذكرهما مطلقاً في وثائق <ويكيليكس> التي نُشرت مؤخراً.

إلا أن ثمة من يرى ان خللاً ما حصل في مسار العلاقة العونية - القواتية يؤكد ان <إعلان النيات> سيبقى من دون ترجمة عملية باستثناء موضوع <استطلاع الرأي>، لأن <إعلان النيات> لم يصل الى مستوى يتجاوز فيه السقف الذي يعرفه الطرفان للتفاهم في ما بينهما، لاسيما وان العماد عون غير قادر على تغيير أفكار جعجع وخياراته، و<الحكيم> ليس في وارد <المغامرة> في جعل العماد عون <قواتي> التوجه والهوى... والمسافات القائمة بين الرجلين ستبقى حيث هي، ان <إعلان النيات> بدا وكأنه حاجة للطرفين كل منهما يريد استثماره في الشارع المسيحي وفق مصلحته.