تفاصيل الخبر

اقتراح ”الرئيس الانتقالي“ وُلد لبنانياً قبل أن يصبح دولياً، لكن تحديد ”ولاية السنتين“ أسقطه من دون بديل!  

06/05/2016
اقتراح ”الرئيس الانتقالي“ وُلد لبنانياً قبل أن يصبح دولياً،  لكن تحديد ”ولاية السنتين“ أسقطه من دون بديل!   

اقتراح ”الرئيس الانتقالي“ وُلد لبنانياً قبل أن يصبح دولياً، لكن تحديد ”ولاية السنتين“ أسقطه من دون بديل!  

francois-hollande-jean-marc عندما سيصل وزير الخارجية الفرنسي <جان مارك ايرولت> الى بيروت يوم 27 أيار/ مايو الجاري، أي قبل يومين فقط من انتهاء الانتخابات البلدية والاختيارية، وذلك في إطار استكمال جدول أعمال زيارة الرئيس الفرنسي <فرنسوا هولاند> الأخيرة للبنان، لن يكون اقتراح انتخاب رئيس جديد للجمهورية لمدة سنتين تجري خلالهما الانتخابات النيابية والإصلاحات الدستورية الضرورية على طاولة البحث عندما سيطرح الوزير الفرنسي فكرة إحداث خرق في الملف الرئاسي، لأن هذا الاقتراح مات قبل أن يولد، ولم يشارك في مراسم دفنه أحد لئلا تنكشف الهوية الحقيقية لوالديه اللذين فضّلا أن يبقى اقتراحهما... لقيطاً خصوصاً بعد ردود الفعل التي صدّرت تعليقاً عليه!

مقترحات <ايرولت>

ولأن لا بدّ أن يحمل رئيس الديبلوماسية الفرنسية شيئاً معه يطرحه على بساط البحث، فإن الحديث كثُر خلال الأيام الماضية عن <السلة المتكاملة> التي لا بد من مناقشتها والتي تتضمن مجموعة عناوين، من بينها انتخاب مجلس للشيوخ وفق <القانون الأرثوذكسي>، وتقييم وضع الصلاحيات الرئاسية والمهل المعطاة لرئيس الجمهورية، وغيرها من الأفكار التي تصل الى حد تبني حركة مناقلات في وظائف الفئة الأولى واعتماد مبدأ المداورة فيها باستثناء بعض المواقع الحساسة، مثل حاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش وغيرهما، علماً أن اقتراح انتخاب مجلس الشيوخ بات على كل شفة ولسان من بعض سفراء مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان التي يعمل الجانب الفرنسي على جمعها وتقديم مقترحات إليها، من بينها إنشاء مجلس الشيوخ. وقد أكدت مصادر ديبلوماسية لـ<الأفكار> أن الوزير <ايرولت> سيكون <منفتحاً> على الاقتراحات التي ستُقدّم إليه، لاسيما وأن زيارته واضحة الأهداف والأسباب، ولن يجد أي حراجة في لقاء قياديين ورسميين ومرشحين رئاسيين لبنانيين من دون أن تخضع هذه اللقاءات للاعتبارات التي خضعت لها لقاءات الرئيس الفرنسي خلال وجوده داخل قصر الصنوبر في بيروت. إلا أن المصادر نفسها أبدت خشيتها من <إغراق> مهمة <ايرولت> بالمذكرات والدراسات والمطالب التي ستجعل من المتعذر الوصول الى نقاط محدّدة واقتراحات عملية، وهو ما دفع السفير الفرنسي في بيروت <ايمانويل بون> لإعادة الكرة الى الأحزاب اللبنانية للاتفاق على <التسوية> التي يمكن أن تشمل المسائل الأساسية لأنه لا يمكن لأحد أن يطلب من اللبنانيين أو من الأحزاب اللبنانية أن يتفقوا على كل المسائل، لأن ذلك لا يمكن أن يحصل لا في لبنان ولا في فرنسا ولا في أي بلد آخر.

واعتبرت المصادر أن كلام السفير <بون> أوحى سلفاً بالتوجه الفرنسي الذي سيصرّ عليه الوزير <ايرولت> في لقاءاته مع القيادات اللبنانية لجهة عدم <تكبير الحجر> والدخول في مطالب واقتراحات <تعجيزية> كما يحصل في كل مرة، بل <التواضع> في طرح المواضيع لضمان الوصول الى نتائج عملية فيها، خصوصاً وأن الفرنسيين يتابعون التواصل مع الإيرانيين والسعوديين والأميركيين في شأن الاستحقاق الرئاسي انطلاقاً من حرص دولي لا يزال قائماً لحماية لبنان وإبعاده عن الأزمات الإقليمية المشتعلة. وفي قناعة المصادر أن الجانب الفرنسي قد يجد صعوبة في إقناع القيادات اللبنانية للتجاوب معه في التوصل الى تفاهم على <سلة> تقود الى انتخاب الرئيس العتيد، إلا أن تلك القناعة لن تؤثر على <حماسة> الفرنسيين في تحقيق إنجاز سياسي على الساحة اللبنانية طالما أن التفويض الدولي، وخصوصاً الأميركي، المعطى لهم، لا يزال ساري المفعول.

 

قصة الاقتراح من لبنان الى الخارج

وفيما انضم السفير الفرنسي في بيروت الى <جوقة> الذين نفوا أن تكون لهم أي علاقة باقتراح <ترئيس> العماد ميشال عون لمدة سنتين، أو الذين تنصلوا من الاقتراح في الداخل اللبناني، أكدت مصادر مطلعة ما سبق أن أشارت اليه <الأفكار> في عددها السابق، من أن الاقتراح وُلد في لبنان على يد <قابلة قانونية> لبنانية وتنقل من مقر رئاسي الى آخر، وصولاً الى أماكن إقامة <سياسيين فاعلين>، ليعود ويغادر جواً مع حامله الى عاصمتين أوروبيتين كبيرتين، وأخرى معنوية، ليعود ويستقر في لبنان بعد إدخال تعديلات عليه. وكان من المفترض ان يبقى الاقتراح <طي الكتمان> الى حين حضور وزير الخارجية الفرنسي الى بيروت فيقدّمه على أساس أنه اقتراح دولي يحظى بموافقة دول القرار والمرجعيات المؤثرة عربياً ودولياً وإقليمياً، ولا مجال بالتالي لرفضه أو <المزايدة> على واضعيه.

وتضيف المصادر أن الاقتراح هو تطوير للطرح الذي تقدّم به الرئيس حسين الحسيني (وكان قد اقترح سنة واحدة انتقالية) وتكرار لصيغة مماثلة كادت أن تبصر النور في العام 2007 قبيل انتهاء ولاية الرئيس الأسبق العماد اميل لحود حين وقعت البلاد في أزمة مماثلة، وتمّ التداول في صيغة <الرئيس الانتقالي> لولاية لا تتجاوز ثلاث سنوات، والتقت إرادة <الطابخين> المحليين والخارجيين على أن يكون الوزير السابق ميشال إده الذي حظي اختياره بموافقة شبه اجماعية، ولم يعارضه العماد عون، على ألا تحصل تعديلات للدستور لتقليص مدة ولاية الرئيس بل تبقى الولاية ست سنوات، على أن يتنحى <الرئيس> إده في السنة التي تلي الاتفاق على الاصلاحات الدستورية والانتخابات النيابية وغيرها من النقاط التي تمّ التداول بها حينذاك. إلا أن الاقتراح سقط في عام 2007 بعد اعتراض ضمني من الرئيس سعد الحريري، واعتراض علني من اسرائيل التي تحركت لرفض مجيء رئيس لبناني متعاطف مع القضية الفلسطينية ومناهض للصهيونية، وحصل ما حصل بعد ذلك من أحداث وتطورات قادت الى <اتفاق الدوحة> الذي تلا أحداث 5 و7 أيار/ مايو 2008.

ميشال-عونعون والصيغة <المفخخة>

وأكدت المصادر نفسها أن الصيغة التي <حيكت> بحرفية لتُطبق قبل شهر حزيران/ يونيو المقبل تم تفخيخها من خلال تحديد مهلة السنتين لولاية <الرئيس> عون، لاسيما وأن البرنامج الإصلاحي الذي وُضع ليُنجز في سنتين، يتطلّب عملياً أكثر من هذه المدة، إضافة الى الأصول الدستورية التي كانت ستُعتمد والتي يحدّد الدستور آليتها وقواعدها الزمنية.

وفي المعلومات، أنه عندما طُرحت فكرة إبقاء ولاية الرئيس ست سنوات على أن يتم التفاهم الضمني بحصول التغيير بعد إقرار التعديلات المطلوبة وإجراء الانتخابات النيابية، بدأت تظهر عراقيل وأفكار تفصيلية مطاطة، في وقت لم تُعرض صيغة نهائية على العماد عون ليقبل بها أو يرفضها. وتؤكد المصادر ان جهة خارجية فاعلة عمدت بالتنسيق مع جهة لبنانية الى تسريب وقائع الصيغة موضع البحث والنقاش، لعلمها بأن نشر تفاصيل <التسوية الرئاسية> ومضامين <السلة> من شأنه أن يُربك العاملين على توفير مقومات النجاح لها في الخارج والداخل. ولم تخب ظنون هاتين الجهتين إذ ما إن سُرّبت صيغة السنتين (ولم تكن نهائية بعد ولا نالت موافقة العماد عون المعني المباشر بها) حتى توالت ردود الفعل السلبية وتبرأ كثيرون من الاقتراح، فيما <زايد> آخرون على رفض <ولاية السنتين>، و<اكتشف> آخرون أن الصيغة المطروحة تحتاج الى تعديل في الدستور يتطلّب هو الآخر نصاباً مجلسياً من غالبية الثلثين، وهو ما لم يتأمن بعد لانتخاب الرئيس، فكيف تأمينه لتعديل الدستور؟ بينما تذكّر آخرون أنه لا يجوز تعديل الدستور في غياب رئيس الجمهورية الذي يملك حق ردّ التعديل الى مجلس النواب أو مراجعة المجلس الدستوري لبطلانه!

وتوقفت المصادر عند ما أبلغه العماد عون لعدد من زواره في الأيام الماضية من ان الاقتراح سمع به في وسائل الإعلام ولم يطرحه عليه أحد بصورة رسمية، وأنه سبق أن سمع كلاماً مماثلاً من احدى الشخصيات الأوروبية التي زارته، لكن كلام تلك الشخصية لم يرتقِ الى مستوى <الطرح الجدي> أو <المبادرة الفعلية>. وأكد عون أن تعديل ولاية الرئيس غير وارد <في قاموسه> لأن في ذلك انتقاصاً من هيبة الرئاسة، فضلاً عن أن الاتفاق على إجراء الإصلاحات يضمن نجاحها، وبالتالي لا حاجة لفترة رئاسية انتقالية اذ يمكن أن تتم بسرعة إذا ما صفت النيات وكانت الرغبة صادقة لدى القيادات المعنية. وتساءل عون: هل ما هو صعب المنال حالياً بسبب التجاذبات السياسية الحادّة سيصبح سهل المنال في ظل <رئيس انتقالي> لا هيبة له ولا تأثير ولا دور، طالما أن الجميع يعرف أن ولايته ستنتهي ولن تتجاوز السنتين؟!

وفي أي حال، طُويت صفحة الرئيس لسنتين، وتقدّمت صيغة <السلة> مجدداً الى الواجهة، ما يعني عملياً أن أبواب الاستحقاق الرئاسي لا تزال موصدة، وأن أي كلام غير ذلك لا يعكس حقيقة الموقف من انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المدى المنظور، ما يؤشر الى أن السنة الثالثة للشغور الرئاسي ستبدأ في يوم 25 أيار/ مايو الجاري، وليس في الأفق ما يؤكد أن الانتخابات الرئاسية حاصلة، ما لم تحصل تطورات تفرض حصولها أو الاتفاق على رئيس كما حصل في العام 2008...