تفاصيل الخبر

اكتملت مشاهد الحرب.. متى يبدأ العرض؟

09/12/2020
اكتملت مشاهد الحرب.. متى يبدأ العرض؟

اكتملت مشاهد الحرب.. متى يبدأ العرض؟

بقلم علي الحسيني

[caption id="attachment_83758" align="alignleft" width="375"] الرئيس الأميركي الخاسر "دونالد ترامب" .. الوداع.[/caption]

 تطوّر المشهد المُمتد من إيران إلى إسرائيل فلبنان خلال الاسبوعَين الأخيرين بشكل لافت بعد أن فرض الإيقاع العسكري والأمني نفسه على ساحة المثلّث المذكور بشكل استدعى كل فريق من هؤلاء، إلى الاستنفار على طريقته وبحسب ما تقتضيه المرحلة والظروف الراهنة. إلّا أن الأبرز، أنه في الوقت الذي اختارت فيه إيران و"حزب الله" التّأهب والإستعداد للأسوأ، ذهبت إسرائيل إلى تطبيق القاعدة التي تقول، إن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم، فكان لها أن اختارت مجموعة أهداف، أبرزها اغتيال العالم النووي مُحسن فخري زاده.

الرصاصة الأولى

من يُطلق الرصاصة الأولى. جملة تختصر الوضع الحالي عند الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية إذ إن كل المؤشرات الحاصلة على تلك البقعة الجغرافية، توحي بأن المعركة أتية لا محالة، وما يُزيد من الاعتقاد هذا حالة التأهب القصوى التي تفرضها إسرائيل منذ سقوط العنصر في "حزب الله" علي كامل محسن والمناورات المُستمرة التي تُجريها منذ ذلك الوقت، تحسّباً لأي رد فعل.

من جهة "حزب الله"، يبدو واضحاً أنه جار الاستنفار الإسرائيلي بخطوات ميدانية كشف عن بعضها وأبقى على البعض الآخر طيّ الكتمان من بوابة عدم كشف الأوراق. هذا الوضع الذي يُشبه حدّ السيف، يُشبهه البعض بعمليات جسّ النبض أو اختبار كل طرف للآخر لكي يُلقي ما عنده من تحضيرات في ساحة الميدان. وبما أن الطرف الإسرائيلي قد قدّم ما لديه من عمليات أمنية سواء على المسرح السوري أو الإيراني من خلال

[caption id="attachment_83761" align="alignleft" width="413"] رئيس وزراء العدو "بنيامين نتانياهو": لبنان سيدفع الثمن.[/caption]

عملية الاغتيال الأخيرة التي طالت أحد أبرز علماء النووي الإيرانيين، بالإضافة إلى استهدافات أخرى لمواقع عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني، يبقى أن يُقدم "الحزب" ما يمتلك وهو مُجبر على هذا الفعل لأسباب كثيرة، وإلا فإن الأمور ذاهبة حتماً إلى تسويات قد تُفضي في نهاية المطاف إلى حلّ يُرضي القتيل ولا يُرضي القاتل، وفقاً لمقولة "مُجبر أخاك لا بطل".

 هذه الأمور كلها تأخذنا إلى المؤكد، أن الوضع الأمني في لبنان أصبح على المحكّ خشية رد إنتقامي يُنفذه "حزب الله" بعد مقتل العنصر محسن والخشية الأكبر من رد إسرائيلي يُمكن أن يشبه عدوان تموز(يوليو) 2006، وقد ازداد الوضع تأزّماً غداة اغتيال المُحسن الثاني العالم النووي الإيراني الأمر الذي أدخل اللبنانيين في حالة ذعر وخوف من المجهول الذي ينتظرونه، على الرغم من الشكوك التي تُساور البعض لجهة حتميّة الرد، وما إذا كان سيُنفّذ هذه المرّة من داخل لبنان أو خارجه. وأبرز ما يتبادر إلى الأذهان، سؤال حول موعد الحرب في حال فُرضت أميركيّاً أو إيرانيّاً.

الصراع التاريخي ـ الإيديولوجي.. النمط الأفضل

 في نظرة واسعة لمجريات الأمور والتطورات التي تحصل على الساحة الساخنة بين ثلاثي أصحاب الصراع التاريخي العقائدي والايديولوجي، إيران و"حزب الله" من جهة، وإسرائيل من جهة اخرى، من دون أن ننسى طبعاً الولايات المتحدة الاميركية الداعم الأبرز للأخيرة والحاضرة على الدوام لمساندة حليفتها في كل الظروف، يتبيّن أن اسرائيل تحتل المكانة الأقوى خصوصاً وأنها الجهة التي تفرض إيقاعها في الميدان منذ اشتعال الحرب السوريّة، بحيث تبادر هي بتنفيذ عمليات اغتيال في ايران وسوريا ولبنان، وتقوم بقصف أهداف لحلف "المقاومة"  في أي بقعة تختارها، وهي أيضاً التي تضرب الإمدادات العسكرية التابعة للحلف نفسه.

وبمعنى آخر، ربما يستوجب القول إن إسرائيل ومنذ تأسيس كيانها، ترتاح إلى هذا النوع من العمليات حيث المواجهة عن بعد والتي توفّر عليها عناء الحروب وتُجنبّها المواجهات الميدانية التي تُكلفها خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، وما حرب تموز (يوليو)2006 إلا دليل على أن الحروب على الأرض ليست المكان المُفضل التي تستطيع فرض إيقاعها العسكري فيه، من هنا جاء تكثيفها للعمليات الأمنية من الجو وعلى الأرض، خصوصاً في ظل غياب الرد الموجع، وهذا أكدته الوقائع من خلال العملية التي كان استهدف فيها "حزب الله" منذ عام تقريباً، آلية عسكرية داخل مستوطنة "أفيفيم".

أين سيكون الرد؟.. ومتى؟

[caption id="attachment_83762" align="alignleft" width="444"] اغتيال العالم الايراني مُحسن فخري زاده.[/caption]

مجموعة أسئلة تُطرح اليوم على بساط النقاشات العسكرية والأمنية داخل الأروقة الإيرانية وتلك التابعة لـ"حزب الله"، وقد بدأت النقاشات هذه تحديداً بعد اغتيال زاده. من هذه الأسئلة: أين سيكون الرد وما هو التوقيت المناسب، وهل سيكون بحجم الوجع نفسه الذي خلفته عملية اغتيال قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني والطريقة التي تمّت فيها عملية اغتيال زاده؟ هذا بالإضافة إلى سقوط قائد بارز في "الحرس الثوري الإيراني" في سوريا منذ يومين بغارة إسرائيلية بالقرب من الحدود السوريّة ـ العراقية.

فيما يتعلّق باغتيال زاده، يُشير مصدر مقرب من "حزب الله" إلى أنه من الواضح أن الرئيس الأميركي الخاسر "دونالد ترامب"، أراد أن يُقدّم جوائز ترضية لحلفائه الذين تعاونوا معه طوال فترة رئاسته في آخر أيّام وجوده في الإدارة، خصوصاً وأن عملية الاغتيال لم تكن وليدة ساعتها، فمن الواضح أن التحضيرات أخذت وقتاً طويلاً من الرصد والمتابعة. ولذلك ثمّة وجهة نظر تقول إن "ترامب" كان منع الإسرائيلي في وقت سابق من تنفيذ العملية، إلى أن عاد عن قراره هذه خلال الأيام الماضية ليعود ويُقدمها هدية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

ويُتابع المصدر: بطبيعة الحال، فإن الفترة المتبقية لوجود "ترامب" في مركزه، هي فترة محفوفة بالمخاطر سواء لجهة قيام إسرائيل بعمل أمني ما في سوريا أو لبنان قد تستهدف شخصاً ما. لكن في المقابل، هناك احتمال آخر هو ان يقوم الإيراني بالرد على اغتيال زاده وهذا الامر سوف يؤدي بطبيعة الحال إلى تصعيد في المنطقة. لذلك فإن الوضع في المنطقة يُمكن وصفه أنه على "كفّ عفريت". ولهذا كلّه يبدو أن الاستنفار الإسرائيلي والذي يُقابله استنفار لدى "حزب الله"  والجيش السوري والحرس الثوري الإيراني، هو امر طبيعي بالنسبة إلى سياق الأحداث.

حرب العقول المُستمرة

[caption id="attachment_83759" align="alignleft" width="516"] السيد حسن نصرالله ...والصبر.[/caption]

أمّا ما يُحكى عن مُحاولة الإسرائيلي لجر إيران و"حزب الله" إلى حرب أمنية بدل العسكرية كونها ملعبه الأفضل والأوسع لتنفيذ مخططاته، يوضح المصدر أن حرب العقول مُستمرة مع الإسرائيلي منذ سنوات طويلة. نعم الإسرائيلي مُتقدم بخطوة في هذا المجال كون المبادرة بيده، فهذا أمر صحيح. وكذلك الأمر فهو يمتلك قدرات تكنولوجية هائلة تفوق قدرات "حزب الله" التقنية، كذلك هذا أمر صحيح. وكذلك الامر فإن الإسرائيلي يُعوّل على شبكة علاقات هائلة، سواء عربية أو أوروبية أو محليةّ، لكن وسط كل هذا، إستطاع "الحزب" وبدعم إيراني طبعاً أن يُلحق الهزيمة بهذا العدو.

ويختم المصدر تأكيده على أن ثمّة حالة استنفار قصوى يُنفذها اليوم محور "المقاومة" من إيران إلى العراق إلى سوريا فلبنان، فطالما أن المنطقة بهذا المُستوى من التوتر وطالما أن الإسرائيلي توجد لديه نيّة للقيام بعملية أمنية تُشبه عملية اغتيال زاده، يبقى أن هذا الإستنفار العريض هو أمر طبيعي للردع أو للرد على أي عمل ما يُمكن أن يرتكبه الإسرائيلي.

التسويات للأقوياء وليس للضعفاء

[caption id="attachment_83760" align="alignleft" width="333"] المرشد الايراني علي خامنئي .. والرد المنتظر.[/caption]

 مصادر عسكرية ـ أمنية بارزة، تجزم بأن لا حرب مُقبلة بين "حزب الله" وإسرائيل، لكن هذا النفي لا يمنع لجوء الطرفين من اللجوء إلى القوّة المُقيّدة وهناك احتمال بسيط بأن تتدحرج إلى حرب محدودة الزمان والمكان، أن تصل إلى حد الإيلام الشديد الذي يستعيد معادلة الردع. لذلك من المُمكن أن يلجأ الطرفان إلى استخدام قوّة العنف التي تؤذي الطرف الآخر وأيضاً من دون الذهاب الى الحرب الشاملة، وذلك عن طريق العمل المُركب منه الأمني والعسكري والسيبراني والإقتصادي والسياسي.

أمّا على الجبهة الإيرانية، فتشير المصادر إلى أنه ليس أمام إيران أي خيار بديل عن الرد على أن يكون خاضعاً لثلاث قواعد: "التماسك والضرورة، الإيلام الشديد، وتجنّب الحرب الشاملة". واللافت أنه رغم احتكام الأطراف جميعها إلى لغة العقل ولغة السلاح في آن واحد، لا بد في نهاية المطاف من الوصول إلى تسوية تضع الجهات المتصارعة ـ المُستنفرة أمام حل وحيد إنطلاقاً من الإكتفاء بما تحقّق. وهنا يبرز السؤال حول الجهة التي يُمكن أن تشكّل الضامن لهذه التسوية، والقاعدة التي ستقوم عليها.

 هنا تعود المصادر نفسها لتوضح أن البديل عن القوّة الذاتية لضمان أي تسوية عسكرية أو أمنية، فالضعيف لا يُمكن له الدخول في تسويات، والدول بدورها غير قادرة على لجم إسرائيل، لذلك وحده سلاح الردع الذي يمتلكه "الحزب" يُمكن أن يُشكّل ضمانة لأي تسوية. والمؤكد أن التسويات مُقبلة وسينخرط الجميع فيها بما فيهم "حزب الله" وإسرائيل وإيران خصوصاً وأن لكل جهة من هؤلاء حسابات خاصّة تتراوح بين نقاط قوّة، ونقاط ضعف.