تفاصيل الخبر

أكثــر الـــدول العربيـــة أنظمة مـن... تماثيــل!

29/07/2016
أكثــر الـــدول العربيـــة  أنظمة مـن... تماثيــل!

أكثــر الـــدول العربيـــة أنظمة مـن... تماثيــل!

بقلم علي الحسيني

اسقاط-الطاغية-لينين----33

رفع معظم الحكام العرب تماثيلهم وملصقاتهم على كل الطرقات وفي كل الساحات، وعلى شرفات المنازل، ولم ترفع صور وتماثيل الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ونجليه باسل وبشار الرئيس الحالي، في كل سوريا فحسب بل في لبنان أيضاً، وفي قلب مطار رفيق الحريري الدولي قبل إنسحاب الجيش السوري من لبنان، وهناك حتى اليوم من يسأل، ماذا حل بهذه التماثيل، وكيف انتهت حالة وجودها بين ليلة وضحاها؟

 

الغاية من صناعة تماثيل القادة

تعج الدول العربية بتماثيل لزعماء ورؤساء وملوك منهم من هم على قيد الحياة، ومنهم من غادروا الدنيا، لكن تبقى هذه التماثيل في كلتا الحالتين أي الحضور او الغياب، محل اهتمام بارز لدى قادة الدول العربية ولعدد غير قليل من الشعوب. وهناك ثلاثة آراء تتعلق بصناعة التماثيل وتوزيعها في الشوارع والمدن وتحديداً في الاماكن التي تكتظ عادة بالناس والساحات المشهورة، ونادراً ما يجد المرء في الدول العربية ساحة، من دون ان يكون فيها تمثال لزعيم أو رئيس أو ملك. بالنسبة الى الشخصية مهما تعدد لقبها، فإن التمثال ومهما تنوع المعدن المصنوع منه، فهو سيحافظ على ذكراها وعلى الانجازات التي قامت بها هذه الشخصية خلال حقبة ترؤسها للبلاد. وفي الرأي الثاني، هناك من يؤكد بأن الشعوب العربية تعشق الزعيم وتبحث عنه في كل حقبة، وهناك زعماء كُثر آتوا الى هذا العالم وتركوا بصماتهم فيه، سواء كانت سيئة أو جيدة، وفي الكثير من الاحيان تكون هذه التماثيل في البلدان، تقدمة من الشعب أو سكان منطقة أو حتى شخصية طامحة لتولي منصب في البلاد، على الرغم مما هو معروف بأن الأنظمة العربية والاحزاب الحاكمة، هي التي تتولى أو تُشرف على صناعة هذه التماثيل لدى اختصاصيين ومن ثم توزيعها بحسب الدراسات التي تقوم بها مسبقاً. أما الرأي الثالث وهو الذي يندرج ضمن نطاق علم النفس، فيقول إن تماثيل هؤلاء القادة، هي عادة متوارثة الهدف منها إدخال الرعب الى نفوس الشعوب وتخويفهم في كل مرة يمرون فيها قرب التماثيل في قراهم ومدنهم.

 

هكذا يتدرج الزعيم العربي

صناعة الدكتاتور أو تقديس الزعيم، هي ظاهرة قديمة في مجتمعنا العربي، وهذان الفعلان أي الصناعة والتقديس، انتجا في الدول العربية، فكراً وعقيدة تقومان على مبدأ إذلال الشعوب وقهرهم وصولاً الى التحكم بمصيرهم وذلك إما من خلال قرارات متلاحقة على مدار فترة الحكم أو الاستعاضة عنها، بإنشاء دستور يُشرف الحاكم على بنوده وفقراته لا على صياغته وبحيث يكون بمثابة حُكم منزل لا يجوز تخطيه أو مناقشته ولا تطويره إلا بإذن من القائد نفسه، ومن خلال هذا الأمر، تتطور المشاريع ويُصبح للزعيم تماثيل منتشرة في نقطة استراتيجية على أرض بلده وبالتالي يُصبح حاضراً في كل مكان وعالماً بكل شيء، وهذا ما دأب تمثال-القذافي-لحظة-الدوس-عليه-في-ليبيا----2عليه من الزعماء في العالم العربي حتى يومنا هذا.

صورة القادة الخالدين في العالم العربي وتحديداً تلك التي تقوم على انظمة قمعية أو بلاد الحزب الواحد والموجودة داخل مؤسسات الدولة الرسمية ومكاتب الموظفين وعلى الطرقات، تتطور مع الوقت لتُصبح ايقونة في حياة الشعوب اليومية ومن ثم تتحول بين ليلة وأخرى الى تمثال يوضع في نقطة هامة ويُصبح وكأنه يُراقب الناس في الصباح أثناء توجههم الى اعمالهم، وفي المساء أثناء عودتهم إلى منازلهم. وهكذا لا تعود صورة الزعيم شبحاً في مقر قيادة حزبه ولا مجرد عسكري يرتدي بزة عسكرية في وزارة الدفاع، وعندها يُصبح حاضراً بشكل يومي في حياة شعبه وخصوصاً عندما يرتفع التمثال حتى خمسة او عشرة أضعاف حجم الزعيم الحقيقي.

 

هل يمر ربيع تحطيم التماثيل على الخليج؟

وقد تحولت لحظات تدمير وتحطيم تماثيل الزعماء العرب خلال موجة الربيع العربي، إلى عنوان كبير في ضمير الشعوب العربية ووعيها بعد ان عانت لسنوات طويلة من قهر وظلم وفقر نتيجة سياسات وممارسات هؤلاء الزعماء بحقهم، ولذلك كان المواطن العربي يشعر وهو يشاهد عبر شاشات التلفزة تهاوي هذه التماثيل، بشيء من الخوف او الرهبة كونه فعلاً لم يجرؤ على فعله مُسبقاً أي من هذه الشعوب التي كانت تواجه حكاماً معروفين ببطشهم وإجرامهم، ولكن السؤال هو: ما الذي يتغير مع استئصال هذه النصب الرمزية من المشهد العام للأمة، وهل من الممكن ان تتكرر هذه الافعال لاحقاً في عدد من البدان العربية التي اعتبرت بأن الربيع العربي مر من امامها مرور الكرام؟

هناك رأيان ينظران لهذه المسألة، كل من زاويته الخاصة. فريق يظن أن دول الخليج محصنة ضد التوابع الارتدادية لزلزال الربيع العربي لأسباب عدة، منها عدم وجود النفس الثوري في المجتمعات الخليجية، فهي لم تسجل طوال تاريخها الحديث أي مقاومة تذكر للحاكم المحلي باستثناء ثورة ظفار العمانية في ستينات القرن الماضي، والتي كانت أقرب إلى الثورة الأيديولوجية المحدودة في اقليم معين، منها الى الثورة الشعبية الممتدة عبر البلاد. كما وان طبيعة الحياة الاقتصادية المريحة في دول الخليج أيضاً من الاسباب التي تمنع قيام الثورات في الدول الخليجية، فغالبية الشعوب الخليجية تتمتع بمستويات اقتصادية جيدة وتمتلك اسلوب حياة مرفهة نوعاً ما، وهي ليست على وحدهم-الفراعنة-صامدون-----5استعداد لأن تخسر هذه النوعية من الحياة في فترة انتقالية قد تطول وقد تقصر.

أما الرأي الثاني فيعتقد ان دول الخليج ليست بمنأى عن تأثير الربيع العربي. فبصرف النظر عن نوعية انظمتها الحاكمة ومدى الولاء الذي تتمتع به شعوبها، الا أنها في النهاية دول تتصارع مع معطيات عصر حديث وتؤثر وتتأثر بما يدور حولها. ويعتقد هذا الرأي ان هناك اسباباً كثيرة تجعل من دول الخليج اراضي صالحة لانتقال الربيع العربي إليها، ومن هذه الأسباب ازدياد الوعي السياسي الشعبي وتنامي الرغبة الشعبية في مشاركة الأسر الحاكمة في حكم البلاد، مع إبقاء الملكية وقفاً على حكامهم التاريخيين.

ومع هذين الرأيين، ثمة من يؤكد ان الربيع العربي وإن مر على دول الخليج، فإن وفاضه ستكون خالية تماماً بالنسبة الى تكسير التماثيل، كونها بلاداً لا تعتقد ولا تؤمن بتماثيل محرمة في الدين الاسلامي.

صدام حسين حكاية السقوط الأولى

 

في التاسع من نيسان العام 2003، لدى دخول القوات الأميركية الى بغداد، تصدرت نشرات الأخبار صور الحشود في ساحة الفردوس وهي ترمي الأحذية على تمثال صدام حسين البرونزي، ثم تبعها مشهد رجل يضرب بمطرقته القاعدة الاسمنتية للتمثال قبل ان تدمره <قوات المارينز> بآلة عسكرية مصفحة. لكن قبل لحظة التدمير، اعتلى جندي أميركي التمثال ووضع علم الولايات المتحدة على وجه صدّام ليخلعه فجأةً ويستبدله بالعلم العراقي. واليوم تعتبر لحظة إسقاط تمثال صدام حسين موضع جدل. فالبعض يؤمن ان عملية الإسقاط كانت عملاً مخططاً له مسبقاً، تولته وحدة العمليات النفسية في الجيش الأميركي، فيما يجزم البعض الآخر ان تراكم أحداث غير مخطط لها هو ما سرع في إسقاط التمثال. والمؤكد أيضاً بأن الغزو الاميركي للعراق كان منذ البداية لعبة اعلامية بامتياز، وساهم قرب موقع التمثال من فندق فلسطين الذي كان مركز اقامة الصحافيين الأجانب، في تكريس هذه الفكرة اذ أتاح نقل صورة مباشرة لإسقاط التمثال إلى كل أنحاء العالم. ويومئذٍ اعتبر صحافيون من قناة الجزيرة أن لحظة الإسقاط كانت أشبه بعرض مشوق وفكرة ذكية جدا، فقد تم إحضار العراقيين الى الساحة كما يجري احضار الممثلين إلى موقع التصوير.

يؤكد العراقيون ان التمثال في ساحة الفردوس، لم يكن التمثال الوحيد لصدام، بل كان هناك الكثير ومعظمها لاقى المصير ذاته، والبعض الآخر يحفظ في المتاحف، اما الباقي فقد تم بيعه في المزاد عبر الإنترنت. ومن جهته لم يتصور خالد عزت، نحات تمثال ساحة الفردوس، أن يلقى عمله هذا المصير، فيقول في حديث له: توقعت إزالة هذه التماثيل عند انهيار النظام ولكنني ظننت أنها ستحفظ في متحف على الأقل. لقد تم تدمير التمثال ولكن اجزاء منه تظهر في الاخبار من حينٍ إلى آخر. ومن جهة أخرى يرفض رجل بريطاني غنم قطعة برونزية من تمثال صدام حسين اعادتها الى الحكومة العراقية، فهو يزعم أنه حول هذه القطعة الى تحفة فنية.

 

.. ومصير مشابه لتمثال القذافي

لحظة-سقوط-تمثال-صدام-حسين----4 

وفي الثالث والعشرين من آب/ أغسطس العام 2011، اقتحم مقاتلون في ليبيا مجمع القذافي في باب العزيزية، ورفعوا علمهم فيه وقطعوا رأس تمثال القذافي أثناء احتفالهم، علماً أنهم لم يكونوا قد عثروا على القذافي بعد، إلا أن ما حصل كان بمثابة نهاية رمزية لحكم دام 42 عاماً. امتلأت شوارع طرابلس بالمبتهجين الذين اطلقوا الأعيرة النارية احتفالاً بخبر سيطرة المقاتلين على مجمع القذافي. وأظهرت مقاطع <الفيديو> المقاتلين وهم يقطعون رأس أحد تماثيل القذافي ويبصقون عليه ويركلونه، ثم تسلقوا اعلى تمثال ضخم لقبضة تمسك بطائرة وحاولوا تحطيمه. عندما قصفت اميركا مجمع القذافي في العام 1986 قرر القذافي بناء هذا التمثال الذهبي ليكون بمثابة وعد بالانتقام من الولايات المتحدة الأميركية على هذا الاعتداء.

ومثلهم حسني مبارك

في آب/ أغسطس العام 2011، تم تشويه تمثال عملاق للرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، على مشارف القاهرة، في مدينة 6 أكتوبر. حدث ذلك قبل يوم من مثول مبارك ورئيس جهاز الأمن التابع له وستة من كبار رجال الشرطة امام المحكمة بتهمة استخدام القوة لمواجهة المتظاهرين خلال ثورة 25 كانون الثاني/ يناير، وهذا ما أدى إلى مقتل ما يقارب 850 متظاهراً. وفي التمثال نفسه، يمكن رؤية وجوه الحائز جائزة <نوبل> في الكيمياء أحمد زويل والرئيس المصري الراحل أنور السادات والحائز جائزة نوبل في الآداب نجيب محفوظ.

ولجمال عبد الناصر.. حصة

وفي 12 شباط/ فبراير العام 2012، دمّر الثوار الليبيون تمثالاً كبيراً للرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر في مدينة بنغازي. وكان القذافي قد شيد هذا التمثال تكريماً لرمز القومية العربية في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، فقد كان يعتبره، كما وصفه اكثر من مرة بأنه أخ اكبر له ومثاله في العروبة. كان التمثال موجوداً في شارع يعرف بشارع جمال عبد الناصر. تغير اسم الشارع اليوم الى عبد الفتاح يونس الذي كان وزير الداخلية السابق في نظام القذافي قبل أن ينشق وينضم للثوار، واعتبر الاعتداء على تمثال عبد الناصر اعتداءً على روح القومية العربية.

 

سوريا تختصر حكاية التماثيل

 

وقد شكل هدم تمثال الرئيس السوري السابق حافظ الاسد في محافظة درعا مع بداية الثورة السورية منعطفاً جديداً في حياة السوريين الذين كسروا بعملهم هذا جدار خوف سكنهم لاكثر من خمسين عاماً، كما شكل تحولا مفصلياً في حركة الثورة السلمية في حينه قبل ان يستدرجها النظام الى ما هي عليه اليوم، حيث ادرك الشعب السوري كله ان من يحكمه ويتحكم بمفاصل حياته اليومية ليس سوى وهم من السهل انتزاعه فيما لو تحققت الارادة الجماعية. فمشهد اقتلاع اول تمثال لحافظ الاسد في سوريا على يد جموع من الاهالي الغاضبين في درعا ما زال ماثلاً في الاذهان.

من خلال القاء نظرة على مجمل الاحداث التي مرّت بها سوريا منذ استلام الرئيس الحالي بشار الاسد للسلطة عن طريق التوريث يتبين ان اقتلاع تمثال والده لم تكن اولى الاعتراضات على طريقة حكم النظام البعثي للبلاد، فقد سبق هذا الفعل عملية مشابهة نوعا ما عندما اقدم ابن الثمانية عشر عاماً المواطن الكردي فهد مجدل بنكو من بلدة عامودا في قضاء القامشلي على كسر رأس تمثال الاسد الأب في قريته بمطرقة من حديد، واللافت في حينه ان من قام بتزويد الشاب بالمطرقة لم تكن سوى عجوز تسعينية تُدعى عينات قيل أن زوجها قُتل دهساً بسيارة تابعة لأحد مرافقي الاسد الأب وقد مُنعت مع عائلتها يومئذٍ من إقامة مراسم عزاء للزوج.

 

<باتريك سيل> يرفع عن الاسد تهمة التعظيم

 

واليوم وبعد اكثر من خمسين عاماً على بناء نظام آل الاسد يتبين للمواطن السوري تحديدا ان هذا النظام لم يكن سوى مجموعة من الاحجار توزعت على بناء القصور الفخمة والمنتجعات الخاصة والتماثيل العائدة لآل الأسد في محاولة لتخليد الأشخاص تصل في بعض الاحيان الى التقديس. وهذا ما روج له نظام الأب من خلال مجموعات تشبه شعراء البلاط وبعض المفكرين لإظهار الرئيس وكأنه المناضل الأوحد وصانع سوريا الحديثة ومُلهم الاجيال وبأنه الزعيم العربي الوحيد القادر على استعادة القدس من الصهاينة على غرار ما قام به صلاح الدين الأيوبي. ففي محاولة منه لرفع مسؤولية عن الاسد الأب في ترهيب الشعب السوري يقول الكاتب والصحافي <باتريك سيل> ان الفضل في النقلة التي عرفتها حملة تعظيم الأسد الأب وترقيتها إلى مستوى التقديس تنسب الى وزير اعلامه الشهير احمد اسكندر احمد الذي ادار الإعلام السوري منذ العام 1974 وحتى وفاته عام 1983. إن فكرة تعظيم الاسد هذه لم تكن لتلقى طريقها نحو التنفيذ لو لم يكن هناك قبول وترحيب من الأسد نفسه وهذا ما تدل عليه شعارات القائد الخالد التي اغرقت المدن السورية قبل رحيله وبعده.

 

غزالي يحرق الحجر كي لا يُصبح غنيمة

تحطيم-تمثال-الاسد-الاب----1 

وفي لمحة موجزة منذ بدء الثورة السورية يتبين ان اولى ردات فعل الشعب السوري تجاه النظام الحاكم تمثلت بكسر تماثيل عائلة الاسد من الاب مروراً بنجله الراحل باسل وصولاً الى الرئيس الحالي إضافة الى تحطيم الصور والمجسمات الحجرية التي تمثل العائلة الحاكمة والمشاريع التي قاموا بتنفيذها. وكدليل واضح على اهمية الحجر بالنسبة الى هذا النظام والفكر الذي انتجه حرق منزل رئيس شعبة الأمن السياسي رستم غزالي في بلدة قرفة بالقرب من مدينة الشيخ مسكين على يد أزلامه كي لا يُصبح غنيمة بيد المسلحين وهذا يُعيدنا بالذاكرة الى بداية الثورة عندما اقدم بعض الشبيحة التابعين للنظام على هدم تمثال في احد احياء دمشق كعمل استباقي من ان يقوم الثوار بذلك باعتبار ان هدم الحجر بالنسبة اليهم يُعتبر من الكبائر اما قتل البشر فلا يتعدى كونه فعلاً عادياً.

ومن المعروف ان النظام السوري ومنذ عهد الأب كان أفرد الى جانب العمل البلدي بعض الوظائف المخصصة للعناية بالتماثيل والاهتمام بها بشكل مستمر مع حراستها ومنع الاقتراب منها. وعلى سبيل المثال لا الحصر لا بد من التذكير ببلدة دير عطية في القلمون التي كانت في داخلها فرقة من الجيش النظامي بقيادة العقيد مازن الكنج الذي جهد في الدفاع عن البلدة وأقام إتفاقاً مع الثوار يضمن لهم سلامتهم مقابل الانسحاب منها مع العلم ان دير عطية لم تشكل موقعاً استراتيجياً للنظام إنما كان موجوداً فيها اعلى تمثال لحافظ الاسد يبلغ ارتفاعه سبعة امتار وكانت القيادة السورية فرضت اوامر حاسمة على الكنج طالبته بإسترجاع دير عطية بأي ثمن.

 

<ليزا وادين>: من الصمود الى الممانعة

 

وفي السياق نفسه ترد الكاتبة <ليزا وادين> في كتابها <السيطرة الغامضة> على تبرئة <باتريك سيل> للأسد في ما خص الشعارات والتماثيل والمجسمات التي شكلت نوع من أشكال العبودية بحق المواطن السوري، فتقول: أن ما يبدو مهماً في حملة تعظيم شخصية حافظ الأسد انها استطاعت ان تحوّل الاهتمام من الحزب والسلطة إلى شخص الرئيس نفسه، فلا صورة تعلو على صورته، وحتى الشعارات والأفكار والمفاهيم التي سبقته بدت من صنعه ومن لدنه. وتقول ان بين نظامي الأب والابن تغيرت شعارات المقاومة ولم يتغير محتواها، ففي عهد الأب كانت هناك شعارات الصمود والتصدي والتوازن الاستراتيجي مع اسرائيل، الذي لم يتحقق قط، فيما تميز عهد ابنه في شعار الممانعة.

يوجد في لبنان العديد من التماثيل لزعماء كان لهم حضورهم على الساحة السياسية، واذا ابتعدنا عن التسميات، نجد ان معظم الشخصيات تجمعها البصمات النظيفة التي خلفتها في مجال عملها، بالاضافة الى واقعة الاستشهاد التي جمعت بين شخصيات تميزت بنظافة كفها وبالتالي لن يكررها التاريخ.

 

ماذا يعني تحطيم التمثال؟

والواقع ان ظاهرة تحطيم التماثيل ليست بأمر ابتدعه العراقيون أو الأوكرانيون، فبقراءة التاريخ نجد العديد من قصص سقوط تماثيل الرؤساء الذين ارتبطوا في أذهان شعوبهم بالقهر فمن تحطيم المتظاهرين الإيرانيين تمثال شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي عام1979 الى إسقاط الحشود في منغوليا تمثال <لينين> البرونزي عام1990 وهو ما جرى نفسه في جورجيا عام 1991 فبعد ان نالت استقلالها عن الاتحاد السوفيتي عام1991 قامت الجماهير بتحطيم تماثيل لـ<ستالين> و<لينين> في جميع أنحاء البلاد. ومن هنا يجد الشعوب عادة ان تحطيم الحجارة وسيلة عادلة للقصاص من جلاديهم.