تفاصيل الخبر

إقرار الخطة الاصلاحية أراح المجتمع الدولي وفتح باب صندوق النقد للمساعدة..."المشروطة"!

06/05/2020
إقرار الخطة الاصلاحية أراح المجتمع الدولي وفتح باب صندوق النقد للمساعدة..."المشروطة"!

إقرار الخطة الاصلاحية أراح المجتمع الدولي وفتح باب صندوق النقد للمساعدة..."المشروطة"!

 

[caption id="attachment_77631" align="alignleft" width="293"] الرئيس حسان دياب..يتجاوب مع النصيحة الدولية بضرورة الاصلاح أولاً.[/caption]

 تؤكد مصادر مطلعة أن إسراع الحكومة اللبنانية الى اقرار خطة الاصلاح المالي، أو ما بات يُعرف بـ"خطة الانقاذ المالي" أتى بناء على نصيحة ديبلوماسية نقلها عدد من السفراء المعتمدين في لبنان خلاصتها ضرورة الاستعجال في إقرار الخطة وتضمينها سلسلة اصلاحات مالية وإدارية "تطمئن" المجتمع الدولي وتسهل طريقة التفاوض مع صندوق النقد الدولي طلباً للمساعدة. وما توقيع الرئيس حسان دياب ووزير المال غازي وزني لطلب الاستعانة بصندوق النقد الدولي بعد ساعات قليلة من إقرار مجلس الوزراء الخطة الاصلاحية، إلا الدليل على تجاوب الرئيس دياب مع "النصيحة" الدولية بالاسراع في توليد الخطة الاصلاحية وتقديمها للرأي العام وللمجتمع الدولي على أنها خارطة طريق الحكومة في المرحلة المقبلة. وأتى كلام السفير الفرنسي في بيروت "برونو فوشيه" أمام زواره بأن من أوليات الحكومة إعداد الورقة ليؤكد أن فرنسا التي تريد للبنان أن يخرج من الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها، تريد في الوقت نفسه أن تصبح وعود الاصلاحات حقيقة قائمة وهو ما أشار إليه بوضوح وزير خارجية فرنسا "جان ايف لودريان" خلال الاتصال الذي أجراه مع الرئيس دياب وأكد فيه "ارتياح" بلاده لانجاز الخطة واعداً بامكانية دعوة مجموعة الدعم الدولية الى اجتماع فور الانتهاء من مرحلة الحجر الذي تعتمده الدول الكبرى، ولاسيما منها الدول الأوروبية. ويضيف السفير "فوشيه" أن اتصال رئيسه الوزير "لودريان" لم يكن فقط للتهنئة بولادة الخطة الحكومية، بل كذلك لوضع المسؤولين اللبنانيين أمام حقيقة لا يمكن تجاهلها خلاصتها أن لا دعم أوروبياً أو دولياً من دون اصلاحات حقيقية لأن أعضاء المجموعة سمعوا أكثر من مرة وعوداً لم تتحقق وباتوا يريدون اعتماد قاعدة "اللمس باليد" قبل الاقدام على أي خطوة اضافية.

الموقف من حاكم مصرف لبنان!

 

[caption id="attachment_77632" align="alignleft" width="417"] مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط "دايفيد شنكر"..والاشادة بالحاكم رياض سلامة[/caption]

وتنقل أوساط الوزير وزني لمس مثل هذا الاستعداد "الايجابي" خلال الاتصالات التمهيدية التي سبقت إقرار الخطة مع التأكيد أن ما سمعه من الفريق الدولي كان مشجعاً لكنه كان مشروطاً، وبالتالي أي خلل في التزام لبنان تحقيق الاصلاحات هذه المرة، ستكون له مضاعفات سلبية ليس أقلها فقدان الثقة نهائياً بالوعود اللبنانية، والتحرك على هذا الأساس، مع يقين ممثلي المجتمع الدولي أن المعارضة التي لقيها إقرار الخطة الاصلاحية، لن تكون سهلة خصوصاً عندما تصل النقاط الاصلاحية الى مجلس النواب حيث يستعد نواب المعارضة الى منازلة الحكومة ومحاولة تعديل بعض ما جاء في الخطة خصوصاً ما يتصل منها بالاجراءات المالية التي تطاول المودعين في المصارف في ما بات يُعرف بـ"Boil in" الذي هو نسخة متطورة عن الـ"هيركات" المرفوض من رسميين وسياسيين ورجال الأعمال. وفي هذا السياق سجل سفراء مجموعة الدعم الدولية عدم "استلطافهم" الحملة التي تعرض لها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من رئيس الحكومة الذين اعتبروا أن توقيت هذه الحملة لم يكن موفقاً لأنه يزرع الشكوك لدى الدول بأن نية الحكومة الاقتصاص من الحاكم سلامة بهدف تصفية الحساب معه لوقوفه الى جانب الاجراءات التي اتخذت بحق بعض المصارف المتهمة بتسهيل تمويل حزب الله الذي تعتبره واشنطن حزباً ارهابياً وانضمت المانيا (وهي دول أوروبية) الى هذا التوجه واعلانها الموقف نفسه المماثل للموقف الأميركي بعدما كانت السلطات الألمانية تميز بين الشق العسكري من الحزب والشق السياسي.

وتقول مصادر متابعة إن الحكومة "تسرعت" في إعلان موقف سلبي من حاكم المصرف المركزي قبل انتهاء مهمة شركات التدقيق التي طلب مجلس الوزراء من الوزير وزني تولي مهمة التدقيق المعمق في حسابات مصرف لبنان خلال الأعوام الثلاثة الماضية، معتبرة أن هذا "التسرع" يخفي وراءه نيات حيال الحاكم لن ترضي الدول الكبرى التي ترى في سلامة حاكماً جيداً استطاع المحافظة على النقد اللبناني خلال فترات صعبة من تاريخ لبنان بصرف النظر عن الآليات التي اعتمدها تحقيقاً لهذه الغاية، علماً أن القوانين اللبنانية ولاسيما قانون النقد والتسليف يعطي حاكم مصرف لبنان صلاحيات لا يعطيها الى المسؤولين في السلطة التنفيذية وذلك بهدف إبقاء المصرف بعيداً عن متناول يد السياسيين الذين تعتبرهم واشنطن ــ ومعها الى حد ما باريس ــ بأنهم غير موثوق بهم، وأنهم عطلوا مراراً محاولات الاصلاح في الدولة. ويتوقع أن تشهد عملية تعيين نواب حاكم مصرف لبنان حركة كر وفر بين الجهات التي تريد حصول هذا التعيين، والجهات التي تسعى الى تجنبه خوفاً من فرض أشخاص في هذه المواقع يشكلون امتداداً للمحاصصة التي يفترض ألا تعتمدها الحكومة الحالية التي يفترض أن تكون من خارج الحكومات التقليدية المسبقة.

الى صندوق النقد الدولي... درّ!

[caption id="attachment_77633" align="alignleft" width="441"] وزير الخارجية الفرنسية "جان إيف لودريان".. الاستعداد لتوفير الدعم للبنان بشروط[/caption]

 وما أشار إليه مداورة السفير "فوشيه"، قاله بوضوح مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط "دايفيد شنكر" الذي دعا الحكومة الى الاسراع في تطبيق الاصلاحات بعد اقرارها والعمل بسرعة من أجل أن تكون الخطوات الملحوظة في الخطة قد أبصرت النور، معتبراً أن هذا الأمر، من دون غيره، يسمح للمؤسسات الدولية للعمل وتقديم المساعدة المشروطة. وأشار "شنكر" الى "القرارات الخاطئة" التي تراكمت خلال الأعوام الماضية واصفاً إياها بـ"قرارات سيئة" لاسيما في الشق المالي أضيفت الى حال الفساد وسياسات التنفيع التي يرزح لبنان تحت عبئها. ولاحظت مصادر ديبلوماسية أن "شنكر" لم يعِد، كما حال الفرنسيين، بمساعدات أميركية للبنان بل ركز على دعم المؤسسات المالية الدولية في إشارة منه الى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، معتبراً أن مثل هذه المساعدات ترتبط بشكل أو بآخر بإنجاز "خيارات صعبة وقرارات تثبت مئة بالمئة، التزام لبنان بالاصلاح. وتوسع "شنكر" في تحديد هذه الخيارات معتبراً اصلاح الكهرباء وقطاع الجمارك والبدء بجمع الضرائب وتنظيم قطاع الاتصالات، من الأسس الضرورية لأي اصلاح يمكن أن يعتدّ به الخارج للمساعدة، فضلاً عن "تشجيع" المؤسسات المالية الدولية على مساعدة لبنان بعدما تتأكد من أن نظام الفساد "المتجذر" في لبنان، بدأ يذوب في ظل الاصلاحات المرتقبة. أما الإشارة الأوضح التي مررها "شنكر" فكانت إشادته بالحاكم سلامة الذي قال عنه إن وزارة الخزانة الأميركية عملت "بشكل جيد" معه ولسنوات خلت، في قضايا العقوبات على المصارف والمؤسسات المالية في اقفال حسابات تابعة لحزب الله، وإن كان اعتبر "شنكر" أن قرار تغيير الحاكم "يعود للحكومة اللبنانية، لأن لبنان بلد ذات سيادة"!

في أي حال، من الواضح أن الجهود الدولية بدأت تعود تدريجاً الى الساحة اللبنانية، مع اعلان أكثر من دولة وقوفها الى جانب حكومة الرئيس دياب ومتابعة الخطوات التي تقوم بها والتي تعتبرها متقدمة في مجال توفير "الحماسة" للدول لتعود وتقف الى جانب لبنان في مسيرة النهوض الجديدة التي قرر السير بها، وفي مقدمة هذه الدول فرنسا التي تريد أن تترجم عملياً احتضانها التاريخي للبنان والوقوف الى جانبه في الظروف الصعبة التي يمر بها، ومثل هذا الاحتضان سوف يترجم عملياً بعد تراجع حدة وباء "كورونا" الذي ضرب فرنسا، كما ضرب غيرها من الدول، وعودة التواصل المباشر ممكناً.   ويقول ديبلوماسيون فرنسيون إن الاستعداد الذي أبداه الوزير "لودريان" لدعم لبنان والحكومة اللبنانية في تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للاستجابة للأزمة التي يواجهها البلد ولمصلحة جميع اللبنانيين، إشارة واضحة لعودة الاهتمام الدولي بلبنان بعد اقرار الخطة الاصلاحية والسهر على تنفيذها مع استعداد هذه الدول بالعمل على تسهيل المهمة أمام الحكومة الفرنسية للحد من التأزم الداخلي في لبنان الذي التزمت باريس العمل من أجل التخفيف من تداعياته على الساحة اللبنانية خصوصاً أن باريس تخاف من حصول "انهيار تام" قد يؤدي الى أزمة أمنية قد تهدد كيانه، وهو ما حذرت منه فرنسا مراراً لاسيما بعدما بلغت تطورات الوضع المالي والاقتصادي حداً خطيراً.

اصلاحات مجموعة الدعم!

 ويؤكد هؤلاء الديبلوماسيون أنه كان يتوجب على الحكومة اللبنانية أن تكون أسرع في مقاربة الحلول، لكنها تقرّ بأن تفشي وباء "كورونا" عطل قدرة الحكومة على المضي بتحقيق انجازات فعلية، إذ انصرفت الى مواجهة هذا الوباء، مثل سائر الدول الأخرى، وباتت من أولوياتها الحد من مضار "كورونا". ويضيف هؤلاء الديبلوماسيون أن على الحكومة اللبنانية أن تنسى أن الاصلاحات التي وضعتها مجموعة الدعم الدولية للبنان خلال اجتماعها في 11 كانون الأول (ديسمبر) الماضي في باريس، هي مفتاح الدعم الدولي للحكومة وأن المطلوب هو مكافحة الفساد المستشري ودعم الشفافية، وهذا يتجاوب مع متطلبات الشعب اللبناني الذي عاد الى الشارع بمطالب محقة مثل محاربة الفساد والقيام بالاصلاحات الاقتصادية والمالية الضرورية ووضع قواعد للمساءلة. أما مسألة طلب مساعدة صندوق النقد الدولي، فتلقى لدى الفرنسيين تأييداً كبيراً، وقد نصحت أكثر من دولة، لبنان بالاسراع في التفاوض مع الصندوق وفق خطوات تتناسب مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي اللبناني وكيفية إعادة هيكلة الدين لأن الصندوق سيكون الداعم للاقتصاد اللبناني وسيقدم التطمينات اللازمة الى الدائنين في الخارج، لاسيما وأنه القادر على تسهيل حصول لبنان على المساعدات المالية من المنظمات الدولية والاقليمية ومن الدول المستعدة لتقديم هذه المساعدات والكفيلة في إعادة اطلاق العجلة الاقتصادية والتنموية التي يحتاجها لبنان حالياً. لكن المسألة الأكثر دقة في هذا السياق،هي مدى قدرة لبنان على التقيد ببرنامج الصندوق ووفق متطلبات البلد الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والمالية، وهو الحل الوحيد الذي سيفرض نفسه على الحكومة!