تفاصيل الخبر

اختصاصيــة الأمراض الجلديــة الدكتــورة ريتــا سمــور: تراكم النفايات يؤدي الى تكاثر الحشرات وخاصة البعوض  

01/04/2016
اختصاصيــة الأمراض الجلديــة الدكتــورة ريتــا سمــور:  تراكم النفايات يؤدي الى تكاثر الحشرات وخاصة البعوض   

اختصاصيــة الأمراض الجلديــة الدكتــورة ريتــا سمــور: تراكم النفايات يؤدي الى تكاثر الحشرات وخاصة البعوض  

بقلم وردية بطرس

2  

وظيفة الجلد الرئيسية هي حماية الجسم، وهو يُعتبر أحد خطوط الدفاع ضد الجراثيم، ويحمي الجسم من خلال خصائصه الفيزيائية، فهو يكاد يكون مقاوماً للبلل تماماً، ويمنع نفاذ السوائل التي تغمر أنسجة الجسم. والجلد يمنع البكتيريا والمواد الكيميائية من دخول معظم أجزاء الجسم، ويقي الأنسجة التي تقع تحته من أشعة الشمس الضارة، بالاضافة الى ذلك يساعد الجلد في المحافظة على درجة الحرارة الداخلية للجسم عند المستويات العادية، وذلك ان تقوم الغدد الموجودة في الجلد بافراز العرق عندما يتعرض الانسان لحرارة شديدة، حيث يتبخر العرق فيبرد الجسم، أما عندما يشتد البرد فان الجسم يحتفظ بالحرارة عن طريق تضييق الأوعية الدموية التي في الجلد، فيقل نتيجة لذلك مرور الدم الى سطح الجسم، وبذلك يفقد الجسم حرارة أقل.

والجلد معرض لهجمات الميكروبات والجراثيم التي تسبح في الجو، لذلك يُسلح بافرازات قادرة على قتل تلك الميكروبات، أما اذا تغلبت الجراثيم واجتازت منطقة الجلد، فهنا تبدأ عملية منظمة يعجز الانسان عن ادراك عظمتها، اذ تدق الأجراس لتنبه أعضاء الجسم على دخول عدو لها.

ومع تفاقم أزمة النفايات في لبنان يكثر الحديث عن أمراض ومشاكل صحية عديدة، اذ توجد تأثيرات منها آنية وبسيطة ومنها خطيرة على أعضاء الجسم، فحرق النفايات يؤدي الى تأثيرات مختلفة بحسب ما يُحرق، مسبباً أمراضاً جلدية كثيرة واغماءات، بالاضافة الى عوارض أخرى تشابه التهابات الامعاء مثل الغثيان والتقيؤ والدوخة، والتهابات في العيون والأذن، اضافة الى تفاقم العوارض عند المصابين بأمراض مزمنة مثل <الربو>. اذاً الى جانب أمراض الرئة والأمعاء والبكتيريا والفيروسات المسممة، لا يمكن ان ينجو جلد الانسان من بعض الأمراض المنتشرة في الهواء والمياه وعلى الأرض، فأزمة النفايات المستشرية حالياً تسبب الأمراض الجلدية المعدية التي تنتقل من شخص لآخر، خصوصاً الذين يسكنون قرب النفايات، بالاضافة الى الأمراض الجرثومية المعدية، لاسيما ان الهواء الملوث يسهّل انتقال الفيروسات مثل التآليل، والالتهابات البكتيرية التي تسبب مشكلات جلدية واضحة وظاهرة تستوجب تناول الفرد مضادات حيوية للتخلص منها، وقد تظهر أيضاً بثور يخرج منها القيح.

ومع قدوم فصلي الربيع والصيف في كل عام يتم اتخاذ الاجراءات اللازمة للوقاية من تفشي الأمراض الانتقالية الفتاكة التي تكثر في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها، ومن المعروف ان مياه الشرب تكون مصدراً أساسياً لانتشار الأمراض وغالباً ما يكون الأطفال أكثر الضحايا بهذه الأمراض... اذاً مع قدوم فصل الصيف لا بد من معرفة كيفية تلوث المياه ومصادر التلوث وكيفية الوقاية منها للحفاظ على الصحة العامة، خاصة وان آثار المياه الملوثة على صحة الانسان عديدة اذ انها تدمر صحته فوراً من خلال اصابته بالأمراض المعوية ومنها: <الكوليرا>، <التيفوئيد>، الالتهاب الكبدي الوبائي، <الملاريا>، <البلهارسيا>، أمراض الكبد، وغيرها من حالات التسمم.

ولا شك ان قضية التخلص من مياه الصرف الصحي (المجاري) أصبحت من اكبر المشكلات التي تواجه العالم بأسره، لما يترتب على ذلك من مخاطر صحية واقتصادية. فهذا النوع من المياه الملوثة يشتمل على العديد من الملوثات الخطرة، سواء كانت عضوية او مواداً كيماوية، إضافة الى أنواع كثيرة من البكتيريا والميكروبات الضارة والمعادن الثقيلة السامة والمواد الكربوهيدراتية التي تسبب أمراضاً عديدة، ومثال على ذلك بكتيريا السالمونيلا التي تؤدي الى الاصابة بمرض حمى التيفوئيد والنزلات المعوية، وتسبب تلك الأنواع من البكتيريا وغيرها الأمراض المختلفة نتيجة للتعامل مع المياه الملوثة بالصرف الصحي، سواء عن طريق الشرب او الاستحمام.

المياه الملوثة

وقد ذكرت احدى الدراسات انه في كل عام يمرض ملايين من الأميركيين عن طريق المياه الملوثة. ويشمل تلوث المياه، المياه المسطحة او المياه الجوفية التي قد تتسبب في سلسلة من الأمراض، يمكن ان تكون لها آثار صحية خطيرة، علماً أنه يمكن السيطرة الى حد ما على ماء الشرب وتلوث مجاري المياه، مما قد يساعد على المدى الطويل في الحد من الاصابة بالأمراض.

 التهابات الجلد التي تسببها لدغة البعوض

وبسبب تفاقم أزمة النفايات يتكاثر البعوض، وقد بات اللبنانيون يعانون من عقصه والالتهابات التي يتسببها، لاسيما بوجود النفايات المكدسة في الطرقات والأحياء السكنية. فما ان بدأت درجات الحرارة ترتفع حتى تكاثر البعوض وانتشر بشكل سريع، وهذا ينذر بانه في الصيف سيؤدي تكاثره الى حالات التهاب في الجلد اذا لم يُعالج، وخصوصاً لدى الأطفال لأنهم الأكثر ضرراً بسبب لدغة البعوض.

وبحسب دراسات بحثية في الجامعة الأميركية في بيروت لمتخصصين في علم الحشرات في لبنان، فان الحد من البعوض او السيطرة عليه من الأمور الصعبة، ومن الأفضل التخلص في بداية شهر نيسان (ابريل) من كل عام، من مأوىء البعوض خصوصاً في خزانات المياه. اضافة الى منع تجمع المياه حول الأبنية وتنظيفها باستمرار في حمامات السباحة أو الأماكن التي تستخدمها الطيور للشرب. كما ينبغي منع ركود الماء لأيام متتالية في الأوعية المستخدمة للنباتات. ويُنصح بتربية كل أنواع الأشجار والنبات التي تنتج رائحة طاردة للبعوض، وتخفف هذه الروائح من البعوض لكنها لا تبعدها نهائياً. كما يُنصح باستخدام أقراص <الكاتول> خارج المنزل فقط بسبب دخانها الكثيف، مع ضرورة التنبه الى تهوئة الغرف دائماً في حال استخدام مبيدات للحشرات عن طرق الرش او الحرق.

ومن المعلوم ان البعوض لا يستطيع التحرك براحة في النهار وذلك لارتفاع درجات الحرارة، لذلك ينشط كثيراً في ساعات الصباح الأولى وعند المغيب. علماً ان أنثى البعوض هي وحدها التي تتغذى على الدم لأنه ضروري لنضج البيوض، فيما الذكر يتغذى على عصارة النباتات ورحيق الأزهار. والبعض يظن ان البعوض ينمو في مستوعبات النفايات المصدر الأساس لتكاثر الذباب، لكن بعكس ما يظنون فان البعوض يفضّل التكاثر في المياه النظيفة حيث تضع أنثى البعوض من 100 الى 200 بيضة في المرة الواحدة ويكون ذلك كل 10 أيام. واذا توافرت ظروف الحرارة والحماية يفقس البيض خلال أيام قليلة جداً، لذلك فان الصيف هو الفصل المثالي للتكاثر. ويُعتبر السبب الرئيسي لتكاثر البعوض في بيروت وجود خزانات مياه الشرب على أسطح الأبنية او في أسفلها. وغالباً ما تُترك هذه الخزانات مفتوحة او نصف مغلقة، ما يمثل فقاسة مثالية. ولا تُعتبر مياه الصرف الصحي مكاناً مثالياً لتكاثر البعوض، وذلك لاحتوائها على كمية كبيرة من المواد الكيميائية الناتجة عن مواد التنظيف، لكن من المحتمل ان يتكاثر البعوض في مياه مبتذلة قليلة التلوث.

 

الدكتورة ريتا سمور تشرح

آثار أزمة النفايات

الدكتورة-ريتا-سمور----1

فما هي المشاكل الجلدية التي يعاني منها الناس مع انتشار البعوض بسبب تراكم النفايات على الطرقات؟ وكيف يمكن الحفاظ على الجلد؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الدكتورة ريتا سمور الاختصاصية في الأمراض الجلدية وسألناها:

ــ هل أثّر تراكم النفايات على المياه الجوفية؟ وهل هناك مشاكل جلدية بسبب التلوث والنفايات؟

- لم نر أي أمراض جلدية والتهابات لها علاقة بالنفايات. ولكن طبعاً تراكم النفايات في الأحياء السكنية والشوارع أدى الى تكاثر الحشرات وانتشارها، وأكثر الحشرات تكاثراً في هذه الفترة بسبب النفايات هي البعوض. فبسبب انتشار النفايات يتعرض الناس للدغة البعوض، وأحياناً تسبب لدغة البعوض الحساسية فبدل ان تظهر حبة فقط يحدث تورم، وقد يقوم الشخص بحكها مما يحدث التهابات في الجلد، وكل ذلك بسبب لدغة البعوض، وبالتالي يجب عدم التساهل مع لدغة البعوض خصوصاً مع انتشار النفايات في الطرقات.

ــ ومن الأكثر تعرضاً للإصابة بمشاكل جلدية؟

- يُصاب الصغار اجمالاً بحساسية بسبب لدغة البعوض، كما ان الصغار يقومون بحك المكان الذي لدغه البعوض، واذا لم يتنبه الأهل لذلك يسبب له التهاباً في الجلد، لذا يتطلب الأمر تناول المضادات الحيوية (عقاقير او شراب) لمعالجة الالتهاب لئلا يلحق الأذى بالجلد. ومع تفاقم أزمة النفايات رأينا حالات التهاب في الجلد بسبب لدغة البعوض الذي تكاثر وانتشر في مختلف المناطق اللبنانية. لا شك ان الكبار أيضاً معرّضون لذلك ولكن الصغار اكثر عرضة للمشاكل اثر لدغة البعوض.

 

مشاكل الجلد في فصلي

الربيع والصيف

ــ مع بداية فصل الربيع وتغير الطقس من بارد الى دافىء وحار، ما هو التغيير الذي يحصل في الجلد؟

- مع تغيير الطقس طبعاً يحدث تغيير في جلد الانسان، ففي الشتاء تكون البشرة جافة ولكن مع ارتفاع درجات الحرارة اي مع بداية فصلي الربيع والصيف تتحول البشرة من جافة الى دهنية. وتظهر اجمالاً أمراض الحساسية <الأكزيما> (<الاكزيما> هو شكل من أشكال التهاب الطبقات العليا من الجلد، والمصطلح يشمل الجفاف المتكرر والطفح الجلدي، وتتميز <الأكزيما> بالاحمرار، والحكة والجفاف، والتقشير، وهي مجموعة من الأمراض تشترك بعوارض منها مثلاً الحكة ــ لكن ليست كل حكة <أكزيما> بالطبع ــ كذلك هناك عوارض مثل التقشر في الجلد والاحمرار وفي بعض الأحيان توجد فقاعات) وذلك سواء عند الأطفال او ربات المنزل، ولكن يتحسن حالهم مع ارتفاع درجات الحرارة والتعرض لأشعة الشمس، كما ان الأشخاص المصابين بالصدفية تتحسن حالتهم مع ارتفاع درجات الحرارة.

ــ كيف يتأثر الجلد سلباً في فصلي الربيع والصيف؟

- هناك أمراض مثل الاحمرار الذي يصيب الخدود والمنطقة الوسطى في الوجه والذقن والجبين والأنف، وتزداد هذه الحالة مع ارتفاع درجات الحرارة. فكلما اشتدت الحرارة يظهر الاحمرار اكثر خصوصاً عند التعرض لأشعة الشمس. ولا ننسى الفطريات التي تظهر عند الشبان والصبايا، وهي فطريات غير معدية وتظهر في هذه الفترة اي في فصل الربيع، وهي تظهر بشكل بقع دائرية يكون لونها فاتحاً اكثر من الجلد، واما تكون غامقة اللون على شكل بقع بنية وفيها قشرة معينة. وتظهر هذه البقع على الرقبة والصدر والظهر. وكما ذكرت ان هذه الفطريات غير معدية ولكنها تسبب ازعاجاً عند الأشخاص المصابين بها، ومن الممكن ان تزداد عند تغيير الطقس وارتفاع درجات الحرارة، وطبعاً أولئك يحتاجون للعلاج عند الاصابة بالفطريات.

ــ هل من مخاطر تسببها المياه الملوثة أثناء الاستعمال الشخصي والاستحمام الى ما هنالك؟

- لا شك ان المياه الملوثة تحتوي على البكتيريا، ولكن حتى الآن لم نعاين حالات بسبب استعمال المياه الملوثة سواء في الاستحمام او لدى غسل اليدين وما شابه. ولكن ما يشكّل خطراً هو عندما يشرب الانسان من المياه الملوثة او لدى غسل الخضار والفاكهة بالمياه الملوثة، لأن الجراثيم الموجودة فيها تلحق الضرر بالمصران وليس بالجلد، وبالتالي ما يحدث اليوم من تلوث بسبب النفايات لا علاقة له بمشاكل الجلد عند استعمال المياه سواء كانت ملوثة ام لا، ولكن ما نخشاه هو عند شرب المياه الملوثة وغسل الخضار والفاكهة لأنها حتماً ستؤدي لانتقال البكتيريا الى جسم الانسان. واذا لم تُحل مشكلة النفايات نهائياً فستزداد المشاكل الصحية أكثر، خصوصاً اذا شرب الناس من المياه الملوثة مع ما قد يلحقه ذلك من ضرر على المصران والى ما هناك، انما حتى الآن لم نر حالات تتعلق بأمراض جلدية لها علاقة بالنفايات المكدسة في الشوارع.

 

الفئة الأكثر عرضة لمشاكل جلدية

ــ ما هي أكثر المشاكل الجلدية التي تصيب الناس؟

- يمكن القول انه في هذه الفترة أي في فصل الربيع يبدأ الناس بالتوجه الى مراكز <السولاريوم> او <الاسمرار الاصطناعي> لاكتساب اللون البرونزي قبل بدء موسم الصيف والسباحة، اذ نرى العديد من السيدات يتوجهن الى هذه المراكز من أجل الاسمرار تحضيراً لفصل الصيف والبحر. ولكن يجب الا يغيب عن بال الناس ان منظمة الصحة العالمية تصنف <السولاريوم> على لائحة المواد التي تشكّل خطورة على الجلد. وان مخاطر <السولاريوم> واضحة، ولقد اصبح الأمر مؤكداً لأن لـ<السولاريوم> علاقة بشيخوخة البشرة وارتفاع نسبة الاصابة بسرطان الجلد. وهنا يمكن القول ان الأشخاص الأكثر عرضة لهذه المشاكل عند استعمال <السولاريوم> هم ذوو البشرة الفاتحة اللون، وأيضاً الأطفال والشباب اذا تعرضوا لجلسات عدة من <السولاريوم> يُصابون بهذه المشاكل والمضاعفات.

 

فوائد ومخاطر التعرض

لأشعة الشمس

ــ وماذا عن الأشخاص الذين لا يتعرضون لأشعة الشمس؟

- يجب ألا يغيب عن البال أن للشمس فوائد عديدة، ونحن ننصح بالتعرض لأشعة الشمس نظراً لفوائدها أيضاً لأنه أثناء التعرض لها يتم تكوين فيتامين <د> في جسم الانسان، وهذا الفيتامين يعمل على تقوية العظام، ولكن في الوقت نفسه يجب ان يتم إدراك مخاطر التعرض المفرط لأشعة الشمس، ولهذا ننصح كل شخص بالتقيد بالنصائح والارشادات.

ــ وما هي النصائح والارشادات مع قدوم فصلي الربيع والصيف؟

- كما ذكرت انه يجب ان يتعرض كل انسان لأشعة الشمس، ولكن ليس بشكل مفرط لأن لها مخاطر كما لديها فوائد. وننصح دائماً بألا يتعرض الناس لأشعة الشمس ما بين العاشرة صباحاً والثالثة بعد الظهر. ومن الضروري ان تدرك كل أم انه لا يجب ان تعرّض طفلها ما دون السنة لأشعة الشمس، اذ للأسف نرى أطفالاً أحياناً على شاطئ البحر وتحت أشعة الشمس وهم لم يبلغوا عامهم الأول، وهذا مضر بصحتهم. كما وننصح الأهالي دائماً بالا يتركوا أولادهم يلعبون تحت أشعة الشمس خصوصاً عندما يكونون على شاطىء البحر، وبأن يرتدوا ثياباً فاتحة اللون للوقاية من أشعة الشمس، وطبعاً لا غنى عن ارتداء القبعات والنظارات ووضع الكريم الواقي من أشعة الشمس، فعندما يصطحب الأهل أولادهم الى البحر يجب ان يضعوا الكريم الواقي على وجوه أطفالهم كل ساعتين.