تفاصيل الخبر

آخـــــر «تــانـغــــــــو » ســـــيــاســي بـيــــن العمـــاد عــــــون والـدكتـــــــــور جـعـجـــــــع!

30/01/2015
آخـــــر «تــانـغــــــــو » ســـــيــاســي بـيــــن العمـــاد عــــــون والـدكتـــــــــور جـعـجـــــــع!

آخـــــر «تــانـغــــــــو » ســـــيــاســي بـيــــن العمـــاد عــــــون والـدكتـــــــــور جـعـجـــــــع!

بقلم وليد عوض 

bashar-al-jaafari

بدون رصد المتغيرات في المنطقة لا يمكن للحياة السياسية في لبنان أن تستقيم. وفي مقدمة هذه المتغيرات رحيل الملك الحكيم عبد الله بن عبد العزيز وانتقال مقاليد العرش بسلاسة وانسيابية الى الملك سلمان بن عبد العزيز، وبقاء الثوابت السعودية السياسية على حالها: تحصين البلاد ضد الإرهاب، والانفتاح على العالم، وتكريس سياسة الحوار التي أنشأ لها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز مؤسسة لتقريب المسافات بين الأديان، وتعزيز الدعم للقضية الفلسطينية، ورفد السلطة الفلسطينية بكل ما تحتاجه من مساعدات سياسية ومالية، ومتابعة ملف الأسلحة الفرنسية للبنان بهبة الثلاثة مليارات دولار سعودية في سبيل أن يكون لبنان جبهة متقدمة ضد الإرهاب.

ولكن ذلك كله لا يجعلنا نغفل عن أن الملك سلمان بن عبد العزيز موصوف بالرؤية البعيدة، والمثل الفرنسي يقول: <الحكم رؤية>. وقد شارك في ملف التسليح الفرنسي للبنان يوم كان وزيراً للدفاع، وكل مجريات هذا الملف مرت من تحت ناظريه.

ورسالة الملك سلمان للبنان كانت ولا تزال: ليطلب لبنان، ونحن نلبي.

والملك سلمان قد يكون الصديق المتميز للبنان واللبنانيين، والجالية اللبنانية أول من يشهد على ذلك. كما أن الصحافيين اللبنانيين المخضرمين يتذكرون جناح الملك سلمان في أعلى أجنحة فندق <كارلتون>، الغائب عن الخريطة الآن في بيروت، يوم كان أميراً للرياض زمان الستينات، وكان مجلسه يضم النخبة من أهل السياسة والصحافة والاقتصاد في لبنان، وكان سكرتيره اللبناني يومئذٍ فيليب سلامة.

ويتابع الملك سلمان الآن أحوال لبنان واللبنانيين بكل عناية، ويستحث السلطات الفرنسية على إنهاء تسليم لبنان ما يحتاجه من معدات عسكرية ولا سيما طائرات الهليكوبتر <غازيل>، التي تستطيع أن تطارد الإرهابيين على كل الحدود اللبنانية والسورية. وحين أتى قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي الى الرياض يوم الأحد الماضي للتعزية برحيل حكيم العرب الملك عبد الله بن عبد العزيز، إنما كان وهو يصافح الملك سلمان معزياً، يحمل معه الشكر والامتنان على مد لبنان بالدعم العسكري الفرنسي بتمويل سعودي.

ولن يبخل الملك سلمان بأي دعم يطلبه لبنان عند اللزوم.

ثاني هذه المتغيرات: أحداث اليمن، واليمن في الجغرافيا بعيدة عن لبنان، ولكنها في السياسة معدومة المسافات. فالسيطرة على اليمن الآن، بكل أسف، هي لعبد الملك الحوثي وجماعته، أي للمحور الإيراني الذي له حضوره الفاعل في لبنان، وإن بدرجة أقل من حضوره الكبير في العراق وسوريا. والمحللون السياسيون يقولون ان أربعة بلدان عربية هي الآن في قبضة السياسة الإيرانية هي سوريا والعراق واليمن... ولبنان، فإيران التي هي من دول الممانعة، تمانع الآن في تسهيل انتخاب رئيس جديد للبنان. ويقول <فرانسوا جيرو> المبعوث الديبلوماسي الفرنسي انه حين سأل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن موقف إيران من انتخابات الرئاسة في لبنان، أجابه قائلاً: <نحن مع ما يتفق عليه المسيحيون>. وهنا أدرك <جيرو> أن إيران غير مهتمة الآن بمصير الكرسي الأول في لبنان، وأنها لن تدخل على خط تفريج الأزمة الرئاسية اللبنانية في المدى المنظور.

 

شعاع من السعودية

وبذلك يتعين على اللبنانيين أن يتسلحوا بالصبر، بانتظار أن توقف إيران الممانعة لإجراء انتخابات الرئاسة، إلا إذا استطاع الملك سلمان بن عبد العزيز بحنكته وخبرته ودرايته أن يستدرج إيران الى اتفاق مع السعودية على إنهاء الأزمة الرئاسية في لبنان. وقد تكون مشاركة وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف في تعزية الملك سلمان برحيل أخيه الملك الحكيم عبد الله بن عبد العزيز، بداية لفتح كوة في نفق الانتخابات الرئاسية اللبنانية، فاتفاق الرياض وطهران على فتح هذه الكوة كفيل بإنهاء الملف الرئاسي اللبناني.

وإذا انفرجت ولم تستحكم حلقاتها، فلا بد أن تكون بصمات الملك سلمان قد فعلت فعلها...

ولا يغيبن عن البال تأثير وضع سوريا على مجريات الأحداث في لبنان، وبهذا الاعتبار ترنو الأنظار الآن الى موسكو حيث تجلس المعارضة في غرفة والمفاوض السوري في غرفة ثانية، ويقوم وزير الخارجية الروسي <سيرغي لافروف> بزيارة كل من الفريقين وإلقاء السلام على المشاركين الذين عرف منهم رئيس الوفد السوري المفاوض بشار الجعفري مندوب سوريا في هيئة الأمم. ويتولى التنسيق بين الفريقين <فيتالي نعومكين> رئيس المعهد الاستشرافي الروسي.

والمستفيد الأول من هذا المنتدى هو الرئيس السوري بشار الأسد. فبعدما كان الائتلاف السوري المعارض يرفض أي حوار مع النظام السوري، ها هو الآن في موسكو يجالس بشار الجعفري رئيس الوفد السوري، وإن كانت هذه المجالسة تتم king-salman-jhon-kerryفي غرفتين  منفصلتين. ومن الوفد السوري المعارض ثلاثة بارزون: هيثم المناع والفنان السوري المقيم في مصر جمال سليمان، وسمير العيطة.

وسواء انتهت أعمال منتدى موسكو الى نتائج إيجابية، أم وقفت عند حدود الحركة الإعلامية، فإن الحوار بين النظام والمعارضة يخدم المساعي التي تريد للأزمة السورية حلاً، مستفيدة من تراجع تقدم تنظيم <داعش> في مدينة <عين العرب> السورية لمصلحة المقاتلين الأكراد. وقد غاب عن هذا المنتدى أو <موسكو واحد> رئيس الإئتلاف السوري المعارض خالد خوجة الذي قال خلال زيارته لريف اللاذقية ان رفضه المشاركة في منتدى موسكو نابع من اعتباره روسيا، وهي حليفة للنظام السوري، بلداً غير محايد، وأبلغ قادة المعارضة المسلحة أن لا علاقة مع النظام سوى التفاوض على تأسيس هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات لا مكان فيها للأسد وأجهزته الأمنية.

وكان لافتاً كلام نقلته مجلة <فورن افيرز> (الشؤون الخارجية) الأميركية عن لسان الرئيس الأسد حيث يقول ان ما يجري في موسكو ليس مفاوضات حول الحل، بل هو مجرد تحضيرات لعقد مؤتمر، أي كيفية التحضير للمباحثات.

إنه توجه بطيء الى إطفاء نار الأزمة السورية، ولبنان يبقى المستفيد من إخماد هذه النار، لأن بقاءها مشتعلة سيعقد أي حل لأزمة الشغور الرئاسي.

رصد بؤر ... الإرهاب

مع هذا المشهد السوري في موسكو يرتفع منسوب الرهان على الحوار الموعود بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، وهو الحوار الذي يمهد له رئيس اللجنة المالية البرلمانية ابراهيم كنعان، والإعلامي في القوات اللبنانية ملحم رياشي. وقد جاءت زيارة العماد عون للسعودية بالأمس للتعزية برحيل خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز، وما لقيه من استقبال بروتوكولي، لتخفف من حدة موقفه كمعارض لاتفاق الطائف، وربما للعودة عن الخطأ، والعودة عن الخطأ فضيلة.

وبترحيب السعودية بزيارة ميشال عون، تثبت الممملكة أنها فعلاً على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين، دون تفريق وتعيد الكرة الى القرار اللبناني الخاص بمعركة الرئاسة اللبنانية في الدرجة الأولى، وما يتفق عليه اللبنانيون يكون مقبولاً ومرحباً به من المملكة.

تبقى معركة لبنان مع الإرهاب، وهي مفصل مهم في ورشة العمل من أجل الاستقرار. وقد جاء اغتيال المؤهل أول في فرع المعلومات التابع لمديرية الأمن الداخلي غسان خالد عجاج أمام منزله في بلدة مرياطة التابعة لقضاء زغرتا، ليزيد منسوب التوقع لعمليات اغتيال أخرى قد تقع في المدى المنظور، خصوصاً وأن يد الإجرام التي طاولت المؤهل أول عجاج ما زالت متوارية عن الأنظار.

وفرع المعلومات الآن يترصد كل ما يمكن أن يكون بؤراً للإرهاب، لأن القضاء على هذه البؤر أو أكثرها يهيئ لولادة حالة جديدة من الاستقرار. ومن الأماكن المشكوك بأنها بؤر إرهاب، بشكل أو بآخر، مخيم عين الحلوة، فهو من جهة حالة فلسطينية تبدي كل استعداد للتعاون مع الدولة، ولكنها من جهة أخرى لم تمنع اللغط القائم حول وجود أو عدم وجود ابن طرابلس المطلوب للعدالة شادي المولوي، بتهمة التخطيط لانفجاري جبل محسن. ومقابل شريط <الفيديو> الذي يظهر المولوي وكأنه خارج مخيم عين الحلوة، هناك معلومات أمنية تفيد بأن المولوي لم يغادر مخيم عين الحلوة كما أشيع منتقلاً الى أعالي عرسال، بل ما زال في المخيم.

وقيادات المخيم، كما قالت لتلفزيون <ان بي ان> تنفي أي تورط مع شادي المولوي أو غيره، وتذكر ان أمن المخيم جزء من أمن الدولة اللبنانية. وهذا الكلام يستدعي السماح بتفتيش المواقع ذات الشبهة في مميشال-عون-الرياضخيم عين الحلوة، برغم قناعتنا بأن سكان المخيم مسالمون ولا يقبلون بأن يرشقوا بأي تهمة إرهابية. والسماح للدولة اللبنانية بمعاينة الأماكن المشبوهة لا بد أن يؤدي الى اكتشاف قتلة القضاة الأربعة في صيدا حسن عثمان وعاصم أبو ضاهر ووليد هرموش وعماد شهاب، وإقفال هذا الملف العالق منذ أكثر من سبع سنوات. فهل تحصل الدولة اللبنانية على هذا الحق الأمني في المخيم؟

 

هل يقولها جعجع للعماد عون؟

ما يعزز نشر حالة الاستقرار في البلاد تلك الجولة الرابعة للحوار الدائر تحت رعاية الرئيس نبيه بري في قصر عين التينة بين حزب الله وتيار <المستقبل> بكل ما في الأمر من تكتم حرصاً على نجاح المباحثات. كما أن إرسال حزب الله اثنين من نوابه هما نوار الساحلي وعلي المقداد الى جامع محمد الأمين لتعزية السفير السعودي علي عواض العسيري بوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز طيّب الله ثراه، بادرة إيجابية أخرى من حزب الله، وانفتاح على الحضور السعودي في لبنان، وانفراج في أجواء الحوار والتفاهم.

إلا أن الهموم كثيرة والمطلوب واحد هو فتح باب القصر الجمهوري أمام رئيس جديد، وهذا مرتبط أولاً بالحوار الموعود بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، وهو ما يسميه الظرفاء من أهل السياسة: آخــــر <تانغـــو> ســــياسي بين عـــــون وجعجع، وغاية عـــــون أن يقول له سمير جعجع: <قبلت بك رئيساً للبلاد>.

والعماد ميشال عون يعتقد أنه الآن أقرب مسافة الى قصر بعبدا، كما يأمل تيار <المستقبل> من الحوار الدائر في قصر عين التينة مع حزب الله أن يتوصل الطرفان في موضوع رئاسة الجمهورية الى الإقرار بمرشح رئاسي توافقي... وهنا المبتدأ و.... الخبر!