تفاصيل الخبر

أخوات الرجال في حملة «طلعت ريحتكم» و «بدنا نحاسب»!  

11/09/2015
أخوات الرجال في حملة  «طلعت ريحتكم» و «بدنا نحاسب»!   

أخوات الرجال في حملة «طلعت ريحتكم» و «بدنا نحاسب»!  

بقلم وردية بطرس

الناشطة-السياسية-والاجتماعية-نعمت-بدر-الدين منذ ان انطلق الحراك الشعبي في 22 آب (أغسطس) الماضي للمطالبة بحل أزمة النفايات في شوارع لبنان التي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، برزت الشابات والسيدات اللبنانيات في هذا الحراك ايماناً منهن بأن دورهن كمواطنات لا يقل شأناً عن دور الرجال، وكان لافتاً مشاركتهن بكل حماس واندفاع، ولم يخشين الضرب والرصاص المطاطي بل كن في الصفوف الأمامية في التظاهرات، ولقد تعرضن للضرب أيضاً ولكن هذا لم يثنيهن عن مواصلة نشاطهن، لا بل على العكس اصبحن اكثر اصراراً وعزيمة... وعندما اشتدت حدة المناوشات بين المتظاهرين والمتظاهرات والقوى الأمنية أمام وزارة البيئة لا سيما بعد محاولة المتظاهرين الدخول الى مكاتب الوزارة في مبنى اللعازارية، تعرضت الناشطة السياسية والاجتماعية في حملة <بدنا نحاسب> نعمت بدر الدين للضرب على أيدي القوى الأمنية داخل مبنى وزارة البيئة، وقام الصليب الأحمر اللبناني بنقلها الى المستشفى بعد اصابتها باعياء شديد. كما وأصيبت السيدة نعمت بدر الدين الحائزة اجازة في العلوم السياسية وعلم النفس العيادي، وديبلوم في العلاقات الدولية والدبلوماسية وتحضر لماجستير في هذا المجال.

<الأفكار> التقت بالناشطة نعمت بدر الدين بعد خروجها من المستشفى وسألناها أولاً:

ــ طبعاً نعلم بأنك ناشطة سياسية واجتماعية ولكن نود ان نعلم عن نشاطك في حملة <بدنا نحاسب>؟ وما الذي دفعك للمشاركة فيها؟

- انني ناشطة سياسية واجتماعية وأعمل في حملة <بدنا نحاسب> مثل ما فعلت من أجل ملف النفايات في النبطية، وعندما نشأت حملة <بدنا نحاسب> كنت من اوائل من انضم الى هذه الحملة، لأن عنوانها أبعد مما يتعلق بملف النفايات، بل بملف المحاسبة، والفساد، وملف الكهرباء والماء، والبطالة، والأملاك العامة، والعديد من القضايا الاجتماعية، بالإضافة الى الموضوع السياسي الذي هو الأهم لأنه بالنسبة الي أعتبر ان التغيرات الاقتصادية والاجتماعية لا تتم الا بعدما تحدث تغيرات سياسية، وأبرز هذه التغيرات السياسية تلك التي تطالب بها حملة <بدنا نحاسب>. وهذا ما جعلني اتلاقى مع هذه الحملة الا وهو: قانون انتخابي نسبي خارج القيد الطائفي يضمن عدالة التمثيل اي أن تكون هناك دائرة انتخابية واحدة، وهذا القانون يؤسس لموازين سياسية جديدة تشكل الحكومة، وهذا المجلس النيابي ينتخب رئيس جمهورية خاضع لهذه الموازين.

وتتابع قائلة:

- إضافة الى ذلك اعتبر اسقاط وزير البيئة او تعيين وزير آخر لا يحل مشكلة نهج الخصخصة المتبع بملف النفايات، وحملة <بدنا نحاسب> تطالب بتراجع نهج الخصخصة بملف النفايات، بالاضافة الى ذلك اعادة الأموال للبلديات والصندوق البلدي المستقل، وبإدارة البلديات لأزمة النفايات. بالإضافة للمطالبة بفتح جميع ملفات الفساد بالأسماء والأرقام، <من أين لك هذا>، الاثراء غير المشروع، ومساءلة كل من مرّ على الحكم من وزراء ونواب خصوصاً الذين كان لديهم نهج النهب المستمر بعدما تأسس <اتفاق الطائف>، فالحكومات الحريرية الأولى التي ساهمت بمنظومة النهب، اضافة الى بعض المصارف وغيرها، فكل هذه الأسباب دفعتني للانضمام الى حملة <بدنا نحاسب> التي لم تكن مجرد حملة رفع شعار قابل للحياة ام لا مثل اسقاط النظام، انما التغيير في النظام والاصلاحات وتطبيق الدستور وغيرها مما يمكن ان يحدث تغيرات في النظام القائم، اضافة الى موضوع <بارك ميتر> (عدّادات الوقوف على جوانب الطرقات)، اذ كان واحد من الانتصارات الصغيرة او الانجازات التي حققتها الحملة بهذا الملف الذي كان سيعمل على نهب مخطط له من قبل بلدية بيروت مع شركة لضرب المتنفس الوحيد للشعب اللبناني الفقير والطبقة المتوسطة الذين يقصدون الكورنيش البحري للمشي او الركض او السهر، ولكن للأسف كان يُعمل على حرمان اللبنانيين من هذا المتنفس الناشطة-دموع-حوريعبر خصخصة الـ<بارك ميتر>.

ــ الى اي مدى دفع اليأس والقرف من الواقع المرير الذي يعيشه لبنان لرفع الصوت عالياً في التظاهرات التي شهدناها، وهي المرة الأولى التي تكون تظاهرات غير مسيسة؟

- لقد نزل الناس الى الشارع نتيجة القرف والوجع، اذ وصل المواطنون الى مرحلة صعبة جداً حيث أصبحوا لا يملكون ثمن ربطة الخبر، وأولادهم  يموتون على أبواب المستشفيات، فليس هناك طبابة، وتعليم، وليس هناك نظام تقاعدي. اضافة لهذه الملفات، فهناك مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية وبيئية، الى أن أوصلتنا  أزمة النفايات الى مرحلة شعرنا فيها بالاهانة المباشرة، فاللبناني يشعر بأنه متألم ومهمش.

 ــ نود ان نعرف أيضاً رأيك عن دور الشابات اللواتي شاركن في هذه التظاهرات حيث رفعن الصوت عالياً ولم يخشين حتى الضرب؟

- عندما نزلت الصبايا الى الشارع، نزلن كمواطنات ومواطنين، ولا نشعر بهذا الفرز او الجدلية التي تقول ان هناك فرقاً بين امرأة ورجل بانتزاع الحقوق، وهناك كذبة كبيرة تقول ان المرأة ضعيفة وجسدها ضعيف ولا تقدر ان تواجه، بالعكس تماماً. فالصبايا في هذه التظاهرات والحراك كن في الصفوف الأمامية يفصلن بين القوى الأمنية، وكن يقفن كدرع عندما حدث إطلاق الرصاص، وطبعاً هجوم القوى الأمنية لا يميز بين صبايا وشبان. ونزولنا الى الشارع ناتج عن معاناة المرأة بما يتعلق بموضوع منح الجنسية لأولادها اذا كانت متزوجة بأجنبي، وأيضاً بمسألة الكفاءة، والحد الأدنى من الأجور، وبحقوقها، وبالتمييز بينها وبين الرجل، اذ لا يُطبق الدستور، فأولادها لا يجدون فرص عمل، ومستقبلهم غير مضمون، ويهاجرون الى الخارج بحثاً عن فرص العمل، وبالتالي كانت مشاركة الصبايا انطلاقاً من هذا الواقع المرير الذي نعيشه، فلم يعد مقبولاً ان يعاملونا بهذا الشكل، فنحن مواطنون ومواطنات وسننتزع حقوقنا. بالنسبة للضرب فلم يكن هناك تمييز بين امرأة مسنّة او ولد او رجل مسّن او شاب او قاصر، بالعكس تعاملوا معنا دون اي تفريق بين صغير وكبير وبين شاب وصبية وعجوز، كانوا يطبقون في هذا الجانب المساواة بين الرجل والمرأة!

وتتابع نعمت بدر الدين:

- ان الصبايا جزء ونسيج أساسي من هذا المجتمع، فوجودهن في الشارع ضروري، ووجودهن حيوي، بحيث لم تتردد القوى الأمنية باعتقالهن او ضربهن او اتهامهن بقلة الاحترام لأنهن يشاركن في التظاهرات في الشارع، ولقد ظهر ذلك جلياً مع سلوك القوى الأمنية التي كانت تتهم الصبايا بأنهن غير محترمات، لأنهن في الشارع ليلاً، وكانوا يقولون لهن كيف يسمحون ذووكن بأن تنزلن الى الشارع في الليل. لقد جربوا ان يمارسوا علينا هذا التمييز، ولكن انطلاقاً من دورنا وحقوقنا ووعينا نعرف تماماً اننا سنكون في الشارع بشكل دائم لأنه عبر هذا الشارع سنحصل على حقوقنا كنساء ورجال وكمواطنين ووطنيين.

 

الناشطة-السياسية-والاجتماعية-نعمت-بدر-الدين-بعد-تعرضها-للضرب تحت الضرب

ــ لقد تعرضت أيضاً للضرب، فهل ذلك يجعلك أكثر اصراراً لمواصلة نشاطك؟ وكيف كانت اللحظات التي عشتها وأنت تتعرضين للضرب؟

- بالنسبة لشعوري عندما كنت أتعرض للضرب، أود ان أقول انها ليست المرة الأولى التي أكون فيها ناشطة في الشارع بل انني ناشطة منذ أكثر من 15 سنة اتعرض فيها في التظاهرات لمضايقات القوى الأمنية او تهجم مباشر او غير مباشر لفظي ومعنوي، وهذه المرة اكتمل بالمعنى المادي فكان الضرب متوحشاً وتسبب لي بأضرار جسدية، اذ أصبت برضوض في الكتف والرقبة، ولكنني غادرت السرير وقلت ان الشارع لا ينتظر اذا كنت اعاني جسدياً، وأمامنا فرصة تاريخية ولا يجب ان نترك الشارع، لهذا نزلت الى الشارع مجدداً بالرغم من الألم وقلت أمامنا واجب وطني ويجب ان نظهر لهم انهم لا يقدروا عبر الاعتقال والضرب ان يرهبونا او يمنعونا من النزول الى الشارع.

ــ وهل ترين ان هذه التظاهرات ستؤدي الى تحقيق مطالبكن، وهل تؤمنين بان المجتمع المدني قادر على مواجهة الفساد والمحسوبيات والطائفية وغيرها؟

- طبعاً هذه التظاهرات ستؤدي الى النتيجة المرجوة، والدليل أمران: لقد قاموا ببناء جدار <بلوكات الباطون> امام السراي الحكومي ثم قاموا بازالته في اليوم التالي. ثانياً: يقومون بتكتيكات من لجان وزارية مثلما فعل وزير البيئة محمد المشنوق واستلم مكانه وزير الزراعة أكرم شهيب. وموضوع <بارك ميتر> والعدادات على الكورنيش البحري كان واحداً من أهم انجازات حملة <بدنا نحاسب> التي قمنا بها واستطعنا بلحظة ما ان ننتزع قراراً من محافظ بيروت زياد شبيب بعدم وضع او إعادة تشغيل هذه العدادات التي تحرم الناس من حقها بالتمتع بالأملاك العامة على الكورنيش البحري، هذا الضغط على السلطة السياسية سيحدث بمكان ثغرة سياسية كبيرة، وقد أدى الى وعي الناس في الشارع من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، فكان عابراً للمناطق وللطوائف والأحزاب. وطبعاً هذا الأمر يجعلنا نشعر اننا أحرزنا انتصاراً، إضافة الى موضوع القانون الانتخابي، وارتباك في السلطة ودعوتها للحوار وغيرها... ولكن نحن نقول ان هذا التحرك لا ينتهي حتى لو انتهى في الشارع لأنه أصبح هناك مجموعات واعية تعمل بالتعاون مع المجتمع المدني والمجتمع الأهلي والجمعيات التي لا تقدر ان تكافح الفساد لوحدها بل بالعمل مع الأحزاب الوطنية والعلمانية والأحزاب غير المنغمسة بالفساد بحيث تسعى جميعها الى محاكمة الفاسدين عبر القضاء المستقل وأيضاً تسميتهم بالأسماء والأرقام، وان تكون محكمة شعبية في هذا المجال. انها معركة طويلة ولا تنتهي بيوم ولا بشهر ولا بسنة، بل انه مسار يحتاج لوعي واصرار ومثابرة وعزيمة، ويحتاج لأناس يتمتعون بالوعي، وان يكون لديهم القدرة والتميز، لأن المعركة اليوم تُعنى بالسياسة والاجتماع والدولة... وطبعاً فالأهم في هذا الصدد، ان نكون واعين لرفضنا تدخل اي دولة او بلد بشؤوننا الخاصة، على سبيل المثال تصريحات <جيفري فيلتمن> والسفير الأميركي <ديفيد هيل> والادارة الأميركية، لأنه لم يصدر عنهم الا الخراب في العراق وليبيا وغيرها من الدول العربية الذي يسمونه بـ<الربيع العربي>. ومن هنا نحتاج لوعي واصرار ومثابرة والدعم الاعلامي غير المسيّس وغير الممول.

الناشطة-مي-الخطيبالمحامية رانيا غيث

ونتعرف الى الناشطة رانيا غيث وهي محامية بالاستئناف، ونسألها أيضاً عما دفعها للمشاركة في التظاهرات وانضمامها الى حملة <بدنا نحاسب> فتقول:

- أنا مواطنة لبنانية وقد عايشت هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها وطننا لبنان أقله في السنوات العشر الماضية، لن أدخل الآن في دهاليز السياسة الاقليمية وتأثيراتها على مجرى الأوضاع في لبنان. لقد ضاق صدر اللبنانيين من سوء إدارة الشؤون الداخلية وفي المرافق الحياتية كافة التي تعني كل فرد منا، فإلى متى تمادي مسؤولي السلطة في هذا النهج الذي أوصلنا الى الهاوية؟!

وتابعت تقول:

- انطلاقاً من هذا الواقع المرير كانت ولادة الحراك المدني بمعزل عن تعددية التسميات للناشطين في هذا الحراك. بالنسبة الي، أنا ناشطة سياسية وبيئية واجتماعية منذ أكثر من عشر سنوات، ودوما كنت أعمل لتصويب الخلل الحاصل في القطاعات كافة، ولعل كان آخرها ملف النفايات ومطمر الناعمة الذي كان شرارة ولادة حراكنا الذي نشهده اليوم. الأمور لم تعد تُطاق وهذا الاستهتار من قبل السلطة واللامبالاة بالوضع الحياتي للمواطن اللبناني دفعنا لرفع الصوت عالياً وطبعاً لمواجهة هذه الطبقة السياسية المستهلكة والفاشلة في ايجاد أي مخرج من شأنه تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن اللبناني، ناهيك عن دفن القانون والدستور والاستئثار بالسلطة لخدمة مصالح الطبقة السياسية الحاكمة، ومن هنا راحوا يفرغون المؤسسات ويمددون لأنفسهم في المراكز كافة، وكل ذلك تحت التهويل بأن الأوضاع الأمنية لا تسمح بذلك، فكان التمديد اللاشرعي واللادستوري لمجلس النواب، وعدم انتخاب رئيس للجمهورية، وغياب الأمن والفلتان الداخلي. أتكلم عن جزء بسيط من التجاوزات ناهيك عن الصفقات التي أصبحت معروفة للجميع، لهذا بدأ الحراك ولن يهدأ حتى يبدأ التغيير، وطبعاً لن نرضى بالكلام والوعود لأننا فقدنا كل الثقة بهذه الطبقة البالية التي لم تعد تصلح للتدوير ويجب طمرها والنهوض بمؤسساتنا كافة بعيداً عنهم، ونحن نعلم ان مهمتنا صعبة والصراع شرس لكن لم يعد لدينا خيارات، وتعرضنا للضرب يزيدنا اصراراً على المثابرة حتى يبدأ التغيير لما فيه مصلحة الوطن والمواطن والعيش بكرامة.

بالنسبة للحراك المدني وكما ذكرت بأن تعددية التسميات هي أكثر لتوزيع المهام والتنظيم، اما انا في حملة <بدنا نحاسب> فأعمل في التنظيم، وقد شكلنا لجنة مع مجموعة من الزملاء المحامين لمتابعة الأمور القانونية التي تعني المتظاهرين ومعتقلي الرأي ولتصويب الخلل والخروقات القانونية من قبل السلطة وأية جهة أخرى، وأعود وأؤكد بأن حقنا في التظاهر السلمي يحميه الدستور.

وبالسؤال عن دور الصبايا في هذا الحراك تقول:

- ان دور الصبايا متساوٍ وفي مختلف الاتجاهات بدور الشباب لأننا نؤمن بالمساواة المحقة، وتعرضهن للضرب من قبل السلطة يؤكد ذلك، فلن نخاف ولن نتوقف، فبعض الكدمات التي علّمت على جسدي وأجساد الرفيقات زادتنا إصراراً ومسؤولية لانجاح هذا الحراك <الحقيقة> والسعي لايجاد البديل والحلول، لأننا نؤمن بارادة وقدرة الشعب مع ازدياد الوعي التصاعدي الذي بدأنا نشهده في الآونة الأخيرة. فقط نحتاج الى اناس تمتلك ارادة لا تقهر لتكمل معنا ما بدأناه لأن التراكم والبدء بتحقيق المطالب المحقة تدعم ثقة الناس بالشارع وبقدرتها على التغيير. أنا مواطنة ما زلت وسأبقى أحاول باصرار لأنني أؤمن بلبناني فقط لا غير... لذا <بدي حاسب>.

الناشطة-دموع-حوري--في-المظاهرات

 دموع حوري تنسكب نقمة

السيدة دموع حوري ابنة بعلبك (اختصاص علوم مصرفية، ولكنها لا تجد عملاً بسبب الواسطة) تشارك ايضاً في التظاهرات وتقول:

- أولاً نشاطي مع <بدنا نحاسب> كان قد سبقه نشاطات عدة مع نشطاء بالحملة مما قد شكل خلفية للعمل، ومع بداية الحراك قررت مجموعة من الناشطين والقوى المشاركة في الحراك دعوة وتنظيم في اطار حملة <بدنا نحاسب>، ومنذ اليوم الأول انخرطت في العمل ضمن الحملة، وكان نشاطي يصب في اطار العمل الجماعي لانجاح اي عمل نسعى اليه، أما عن سبب مشاركتي فيها فأولها عامل الثقة، ثانياً وضوح الرؤية السياسية ولأنني أناضل من أجل أهداف تحصيل حقوقي كمواطنة منها ملف النفايات، ومحاربة الفساد، والتمثيل الحقيقي عبر قانون انتخاب نسبي خارج الإطار المذهبي والطائفي.

ــ وبرأيك ما الذي دفع الناس للمشاركة في هذه التظاهرات؟

- مع كل الحرمان الذي نعيشه وعدم امتلاكنا لمتطلبات العيش الكريم، أرى ان الواقع الذي نعيشه دفع الناس للخروج عن الصمت لأن بكل بساطة لا يوجد اي شيء نخسره، فكل ما يجب ان يكون من حقنا مُهيمن عليه من قبل السلطة السياسية الحاكمة. للمرة الأولى أخرج في تظاهرات غير مسيسة رغم انني امتلك قناعات سياسية كثيرة كغيري من الذين شاركوا بالتظاهر، وذلك لأن هذه التظاهرات طالت همومنا وأوجاعنا، وهذا ما دفع بالكثير الى الخروج عن صمتهم والانسلاخ عن زعيمهم ولأنه لم يعد باستطاعتهم تحمل عبء الحياة وتردي الحال وانتشار الفساد في كل الدوائر وممتلكات السلطة الحاكمة.

ــ وكيف ترين مشاركة النساء في هذه التظاهرات؟

- بلا تردد هن مدعاة فخر وقدوة يجب ان يُحتذى بها، وقد أثبتن ان العنصر النسائي هو أساسي في التغيير. لقد ظنت السلطة انها باستعمال القوة قد تخيفنا وتعرقل تجمعنا وتوقف تظاهراتنا الا اننا مع كل لحظة من لحظات القمع والاعتقال كنا نزداد اصراراً وقوة صلابة وايماناً بأننا على حق ولن يتمكن أحد من ردعنا عن المطالبة بحقوقنا.

وعن مواصلة النضال تقول:

- ان كان هناك إصرار على استكمال النضال، فإننا حتماً سنحقق مطالبنا والمجتمع المدني مع كل تعقيداته في لبنان، يبقى جزءاً يتحمل مسؤولية التغيير ونشر الوعي في المجتمع، والجزء الأخير مترتب على المجموعات الشبابية والطلابية، فهي بدورها موجودة في الشارع، وهي قادرة على محاربة الفساد والاستمرار بالنضال للوصول الى التغيير.

مي الخطيب والصحافة

الشابة الناشطة مي الخطيب تعمل في مجال الصحافة، وهي ناشطة في حملة <بدنا نحاسب> تقول عن سبب مشاركتها في التظاهرات وانضمامها لحملة <بدنا نحاسب>:

- نحن مجموعة شبابية ناشطة اجتماعياً وسياسياً، ونعتبر كل قضايا الفقراء والمهمشين في بلدنا قضيتنا. لم تكن تظاهرات اسقاط النظام الطائفي في العام 2011 هي بداية نشاطنا ونضالنا، لكنها كانت المحطة الأبرز التي ساهمت في تحديد خياراتنا مكسبة ايانا تجربة مهمة. بعدها توالت النشاطات من اضرابات المياومين، وتظاهرات هيئة التنسيق النقابية، وتظاهرات <لا للتمديد> (للمجلس النيابي)، والوقفات الاحتجاجية التي نظمناها تضامناً مع الشعب اليمني، وصولاً الى أزمة النفايات التي عصفت بنا. كان الشارع مكاننا الطبيعي، ولاننا نتمايز انا والمجموعة التي أنتمي اليها، من حيث الخطوات التكتيكية ومن حيث سقف المطالب، فمن هنا كانت حملة <بدنا نحاسب> التي تتضمن مكونات عدة سبق ان نظمنا معها نشاطات على الأرض، وكان مكاني الطبيعي مع هذه المجموعة.

الناشطة-رانيا-غيث-في-المظاهراتوتتابع قائلة:

- بحسب <هرم ماسلو> فإن الأمن يأتي مباشرة بعد الحاجات الفيزيولوجية التي تؤمن بقاء الانسان على قيد الحياة، وفي ظل الأزمات التي تعصف في بعض البلاد العربية، فإن اللبنانيين كانوا يعضّون على جراحهم ويتحملون كل مشاكل حياتهم اليومية مقابل الحفاظ على هذا الأمن، الذي اعتبره مقنّعاً، الى ان جاءت أزمة النفايات وكانت القشة التي قسمت ظهر البعير. النفايات التي عمت الشوارع جعلت الناس يشعرون بالاهانة، وخصوصاً لأنها تزعج حاستي النظر والشم وهما من أكثر الحواس التي يستخدمها البشر للتواصل.

وعن رأيها في دور الشابات اللواتي شاركن في هذه التظاهرات تقول:

- انني شخصياً اعتبر ان النضال النسوي لا ينفصل عن النضال الوطني، فالنساء عموماً متضررات من هذا النظام تماماً كالرجال اذا لم نقل أكثر. وتزايد العنف في هذا المجال ضد النساء الذي شهدناه في الفترة الأخيرة، دون ان ينال اي من الجناة عقاباً عادلاً، لعب دوراً مهماً. ومن هنا فانني أعتبر من واجب النضال أن لا يميز بين امرأة ورجل، واذا كنا نطمح بتحصيل كامل حقوقنا والعيش في بلد يحترم انسانيتنا ولا يعتبرنا مواطنين من درجة ثانية، فعلينا ان نشارك وبشكل فعال في عملية التغيير. وحول هذا الموضوع استذكر تظاهرة يوم السبت 8 آب (اغسطس)، وأبتسم. أشعر بالفخر حين أتذكر كيف وقفت صبايا أغلبهن لسن ناشطات، وقفن يومئذٍ في الصفوف الأمامية ولم يهتمن بخراطيم المياه ولم يخفن من اطلاق الرصاص الحي في الهواء ولا من القنابل المسيّلة للدموع. كانت عيونهن تلمع اصراراً وتحدياً مع كل الممارسات العنفية التي واجهتنا بها قوات منع الشغب.

وبالسؤال عما إذا كانت ترى ان هذه التظاهرات ستؤدي الى تحقيق مطالبهن، وبأن المجتمع المدني قادر على مواجهة الفساد والمحسوبيات والطائفية وغيرها تقول:

- بداية، يلتبس مفهوم المجتمع المدني على البعض، فهذا المفهوم يتضمن أيضاً الأحزاب والنقابات والاتحادات والمؤسسات التي لا تبغي الربح، وليس فقط المنظمات غير الحكومية. ومواجهة الفساد والمحسوبيات والطائفية ليست حصراً مهمة هذا المجتمع، بل يلعب كذلك دوراً في نشر الوعي والتحريض على الفساد ورفض الممارسات التي من شأنها تفقير الناس وبالتالي تشكيل رأي عام يدعو الى محاربة المسؤولين. وفي ما يخص تحركنا فانني والمجموعة التي أنتمي اليها نؤمن ان التغيير لا يحدث في ليلة وضحاها، انما هو طريق طويل من النضال والعمل والجهد. والتظاهرات وحدها لا تكفي لتحقيق المطالب الشعبية المحقة، بل يجب ان ترفق بخطة عمل واضحة من شأنها ان تستقطب أكبر شريحة من الناس، ذلك انه كلما كبرت كرة الثلج كلما كان الضغط الشعبي أكبر، والمطالب أقرب الى التحقيق. ومن هنا فإننا مستمرون، ولن نهدأ حتى نحدث تغييراً حقيقياً يحسن أوضاع الناس المعيشية.