تفاصيل الخبر

أحزمـــة المــــوت مــن الضـاحـيــــــة الــــــى قـبــــة طــــرابـلـس واعـتـرافـــات ابـراهـيـــم الـجـمـــــل

26/11/2015
أحزمـــة المــــوت مــن الضـاحـيــــــة الــــــى  قـبــــة طــــرابـلـس واعـتـرافـــات ابـراهـيـــم الـجـمـــــل

أحزمـــة المــــوت مــن الضـاحـيــــــة الــــــى قـبــــة طــــرابـلـس واعـتـرافـــات ابـراهـيـــم الـجـمـــــل

 

بقلم علي الحسيني

اسلحة-وذخيرة كثيرة الإنجازات وقليلة الكلام ولأنها كذلك فقد عكست طرق عمليات اغتيال ضباط ورتباء شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي أهمية وجود هذه المؤسسة في حياة كل لبناني عول على دور دولة المؤسسات لا على سلطة الاحزاب المتعددة وقوانينها الخاصة. هي مؤسسة تمكنت بفارق زمني بسيط من ان تصبح احدى اهم المؤسسات الامنية في لبنان والثقل الامني الاهم في بلد كانت تُطوى فيه ملفات الجرائم الى اجل غير مسمى ويبقى فيه القاتل غامضا حتى ولو اجتمع مئات الشهود على جريمته.

المعلومات تفرغ جعب الموت

بعد عمليات الرصد والمتابعة التي قامت بها عقب التفجيرين الانتحاريين في برج البراجنة لشبكات الارهاب وملاحقتها على كامل الاراضي اللبنانية ضمن مبدأ استتباب الامن في كل المناطق وليس على قاعدة ستة وستة مكرر، تابعت شعبة المعلومات مع القوى الامنية الاخرى الاسبوع الماضي عملها في الكشف عن المزيد من الشبكات الارهابية ضمن عملية استباقية، فنجحت في تفريغ مستودعات الانتحاريين من جعب الموت، مسجلة بذلك انجازا جديدا من انجازاتها الوطنية النوعية المتواصلة على مدار الساعة والوطن في سبيل تحصين ساحته الداخلية وتمتين قواعد تصديه لأمواج الإرهاب العابر للطوائف والاديان والمناطق والحدود. وفي اطار عملها هذا تمكنت الشعبة الاسبوع الماضي من ضبط 150 كلغ من الكرات الحديدية المعروفة بلغة العسكر بـ<الكلل> فضلاً عن مصادرة اسلحة حربية ومواد وادوات تُستخدم في تصنيع الاحزمة الناسفة وعمليات تفجير اخرى.

مصدر امني لـ<الافكار>: أحزمة ناسفة تكفي لنسف العيش المشترك

  

وفي السياق اوضحت مصادر امنية لـ<الافكار> ان كل قطعة حديد مضبوطة تزن ما بين 3 و5 غرامات ويتمّ وضعها ضمن حمولة الأحزمة الناسفة بغرض توسيع رقعة التشظي وايقاع اكبر عدد من الضحايا لحظة التفجير، لافتة الانتباه إلى انه وبعد سلسلة عمليات الدهم هذه يمكن القول ان المعلومات تمكنت عمليا من مصادرة كل مخزون المواد المتفجرة ومتمماتها الناسفة التي كان الارهابيون يخططون لاستخدامها في شن عمليات انتحارية خلال المرحلة التالية لتفجيري الضاحية الجنوبية. وكشفت ان ما تمّ ضبطه يكفي لتجهيز 50 انتحاريا باحزمة ناسفة ما يعني انه تمّ تجنيب البلد المزيد من الدماء وهذا يُضاف الى إنجازات الشعبة التي نفذت ايضا عددا من المداهمات في احياء من منطقة القبة طرابلس حيث اوقفت 4 مواطنين مشتبه بهم بالتواصل مع الموقوف ابراهيم الجمل الذي جرى توقيفه صباح اليوم نفسه بعد تفجيري برج البراجنة وبحوزته حزام ناسف كان ينوي تفجيره في احد مقاهي جبل محسن. ويكشف المصدر الامني ايضا ان المعلومات نجحت في تجنيب البلد سلسلة تفجيرات كان مخططا لها بفارق زمني متقارب بغية احداث ارباك امني وتسعير الفتنة المذهبية من خلال استهدافها مناطق ذات طابع مذهبي خاص خصوصاً وان الصيد الثمين تمثل بضبط كميات كبيرة من المتفجرات والصواعق والاحزمة الناسفة المجهزة للاستخدام من بينها يقول المصدر يوجد اكثر من مئة كيلوغرام من مادة الـ<تي ان تي> معدة لتجهيز خمسين حزاما ناسفا.

ويُنهي المصدر حديثه لـ<الأفكار> فيشير الى توقيف مجموعة من الشبان لديهم ارتباطات مع مجموعات ارهابية تعمل على جر البلد الى اتون حرب مذهبية، من بينهم اللبناني خ. ش. لارتباطه بتفجير برج البراجنة، وهناك 18 موقوفاً يتمّ التحقيق معهم لدى المعلومات مع امكانية ان يُصار خلال الايام المقبلة الافراج عن بعضهم ممن لا يثبت تورطه بالعمليات الارهابية، وهناك ايضا سبعة موقوفين لدى جهاز الامن المعلومات-في-القبةالعام و10 لدى مخابرات الجيش يتمّ التحقيق معهم بإشراف الجهات المختصة.

 

الشعار: <لدينا ثقة بالقوى الامنية> .. وارتياح في الشارع الطرابلسي

 

عكست العملية النوعية والخاطفة التي نفذتها شعبة المعلومات في محلة القبة - طرابلس ارتياحا واسعا لدى عموم المواطنين في المدينة الذين عبروا عن احتضانهم لكافة الاجهزة الامنية والدور الذي تقوم به في مواجهة الارهاب، وقد بدد هذا الارتياح بعضا من المخاوف التي كانت تلف كافة احياء مدينة الفيحاء طرابلس الاسبوع الماضي خشية من تفجير انتحاريين انفسهم في تجمعات عامة او مقاه. وهنا يكتفي مفتي طرابلس والشمال الدكتور الشيخ مالك الشعار بالقول: <نعم هناك قلق في الشارع اللبناني ككل وليس في الشارع الطرابلسي فحسب من عودة هذه الحالة الشاذة الارهابية، لكنه اكد ثقته الكبيرة بالدور الذي تقوم به الاجهزة الامنية كافة من الجيش الى شعبة المعلومات والامن العام وهي القادرة على صون البلاد وحمايتها. واثنى على الدور الطليعي الذي تقوم به الاجهزة في ظل ظروف دقيقة وعصيبة تمر بها البلاد جراءالعواصف الهوجاء التي تلفح كل محيطنا>.

انجاز غير مسبوق للشعبة

لم تكن قد مضت ساعات على تفجيري الضاحية حتى تمكنت شعبة المعلومات من وضع يدها على طرف الخيط الذي يصل التفجيرين بشبكة ارهابية توصلت الى التمدد في اكثر من منطقة لبنانية اضافة الى شبكات اخرى مرتبطة بمصدر ارهابي واحد وهو <داعش>، لكنها لا تتواصل مع بعضها البعض اذ ان لكل منها مسؤولاً ينظم عملها وذلك بهدف إبعاد الشبهات عنها. والبداية كانت بكشف المعلومات عن ارهابي انتحاري مرتبط بشبكة تتضمن سبعة اشخاص من بينهم انتحاريا برج البراجنة كانوا يعدون لتفجير الوضع في لبنان من خلال استهداف اماكن غاية في الاهمية من بينها <مستشفى الرسول الأعظم> ومقاهٍ في طرابلس، وقد تمكنت الشعبة على اثرها من تحديد شقق كان الارهابيون قد استخدموها في الاشرفية وعند محيط مخيم برج البراجنة لتحضير العبوات والتخطيط والرصد، ومنها انطلقوا لحصد ارواح الأبرياء. وهذا يؤكد للقاصي والداني ان شعبة المعلومات تمكنت خلال وقت قصير من تحقيق انجاز نوعي بهذا المستوى ربما عجزت اهم الدول عن تحقيقه ليس على صعيد القاء القبض على المجموعات الارهابية فقط بل ايضا على مستوى الانتهاء من التحقيقات والتوصّل إلى معلومات تكشف عن التفاصيل من الفها إلى يائها بسرعة فائقة.

من أين قدم الانتحاريون؟

وعلى الرغم من فرار اثنين من المطلوبين الى جهة مجهولة، فقد تمّ توقيف احمد مرعب المعروف بـ<أبي عثمان> في محيط مسجد حمزة في القبة واعضاء من الشبكة الارهابية التي كان يشغلها ومجندين للانتحار ومتعاملين معه ومداهمة منزل مرعب ومصادرة كميات كبيرة من المتفجرات والصواعق والاحزمة الناسفة، بعضها معد للاستخدام، وبعض الاسلحة كان بمنزلة الخطوة الاكبر للتوجه نحو اصول الشبكة الارهابية وفروعها اذ وصفت بعض المعلومات الأمنية لـ<الأفكار> <أبا عثمان> بالخبير في تجهيز الاحزمة والمسؤول الابرز في تنظيم <داعش> ضمن شبكات التفجير والتحضير للعمليات الخارجية وتوزيع المهام، وهو الذي خطط لتفجيري الضاحية بالإضافة الى التعاون الوثيق بينه وبين الموقوف الجمل، وكان <ابو عثمان> يغطي عمله مع <داعش> من خلال عمله كمسؤول عن احد مواقف السيارات التابع لمقهى يقع في منطقة الضم والفرز في طرابلس حيث كان يتسلم سيارات عدد من المسؤولين لركنها داخل الكاراج.

وكشفت المعلومات أن الشبكات التي جرى تعطيلها وأُلقي القبض على عدد من أعضائها تشكلت لتنفيذ عمليات انتحارية، وانها مرتبطة بشبكات اخرى في سوريا، وكانت تستخدم الاماكن التي دهمتها شعبة المعلومات في طرابلس مقرا لايواء الانتحاريين المفترضين القادمين من سوريا. وعلى الرغم من أهمية عملية القبة وما تفرع منها، فإن هناك شبكات اخرى ورؤوساً تتم ملاحقتها خصوصاً انها تستمد الدعم المالي قنابل-موقوتةوالبشري من تنظيمات في سوريا.

 

اعتراف الجمل بعد انهياره

لم تكن التحقيقات مع الموقوف الجمل قد وصلت الى نتيجة محققة رغم مرور ثلاثة ايام على توقيفه، وقد اكدت معلومات في غاية الاهمية ان الجمل بدا خلال اليومين الاولين لتوقيفه متماسكاً ومستعداً لهذه اللحظات ولكن نوعية الاسئلة التي طُرحت عليه من قبل المعلومات والتحقيقات التي أُخضع لها في اليوم الثالث جعلته ينهار امام حجم الضغوط التي مورست عليه ونوعية الاسئلة التي كان يواجه بها، خصوصاً بعدما أظهر الفحص التقني للحزام الناسف الذي كان في حوزته أنّه متطابق في المواصفات بينه وبين الحزام الناسف الذي كان يحمله احد انتحاريي برج البراجنة والذي لم ينفجر، ليقر بعدها انه كان ينوي تفجير نفسه في جبل محسن في اليوم نفسه من تفجير البرج. وبحسب الاعترافات، فان الجمل كان غادر منذ فترة لبنان الى تركيا ومنها الى سوريا وتحديدا الى مدينة الرقة حيث يسيطر تنظيم <داعش> قبل ان يعود الى لبنان قبل اسبوعين على تفجير برج البراجنة مكلفاً بالإعداد لتفجير نفسه في منطقة جبل محسن بين حشود بشرية او داخل احد المقاهي.

 

وصيد نوعي في قبضة مخابرات الجيش

 

وتفيد معلومات حصلت عليها <الافكار> عن وجود صيد بالغ الاهمية مرتبط بعملية تفجير برج البراجنة في قبضة مخابرات الجيش، وهو حالياً يخضع لتحقيقات مكثفة نتجت عنها اعترافات غاية في الاهمية يمكن ان تؤدي الى الكشف عن شبكات ارهابية اضافية في اكثر من منطقة، من بينها صيدا وطرابلس وبعض قرى وبلدات الجنوب والبقاع، والموقوف هو من بلدة بقاعية معروفة ينتمي الى تنظيم <داعش>، وبحسب مسؤولين امنيين، فإن الموقوف ادلى باعترافات مهمة حول اعتماد <داعش> تقنية تفخيخ الدراجات النارية في عرسال كالدراجتين اللتين جرى تفجيرهما يومي 5 و6 تشرين الثاني / نوفمبر الجاري واستهدفتا على التوالي مكتب هيئة علماء القلمون ودورية للجيش في عرسال.

شعبة المعلومات وانجازاتها

لم تبخل شعبة المعلومات بتقديم نخبة من ضباطها وعناصرها شهداء وجرحى. عزمت فراحت تصارع الشبكات الإرهابية، وأخذت تسقطها الواحدة تلو الاخرى. كشفت في زمن قياسي بقيادة لوائها الشهيد وسام الحسن ارهابيين وعملاء من شبكات وافراد، فثبتت قواعد جديدة من التعاطي الامني ضاهت من خلالها عمل العديد من المؤسسات الامنية في العالم المشهود لها بكفاءتها وسرعة تعاطيها مع الحدث الأمني، فعملت لكل لبنان انطلاقا من ايمانها بعمل مؤسسات الدولة وتكريسها كخيار نهائي للوطن وأبنائه، فكما أسقطت شبكات الموساد في الجنوب وغيره، كذلك فككت شبكات ارهابية في طرابلس وغيرها، الامر الذي منحها رخصة اعتراف وتأييداً جماهيرياً سرعان ما ترجمتهما إلى عامل استقرار أمني داخل كل حي وشارع وبلدة.

ويستمر استهداف المعلومات

مواد-جاهزة-لتصنيع-الاحزمة-والعبوات

في التاسع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2012، قدمت الشعبة رئيسها اللواء وسام الحسن شهيدا بعملية اغتيال من خلال تفجير عبوة زُرعت الى جانب سيارته ليؤسس دمه مرحلة جديدة من الحرية والعدالة كانت بدأت بقيام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكان الحسن فد أنشأ قواعد جديدة من التعاطي الأمني مع العدو الاسرائيلي الذي اسقط له مع افراد الشعبة اكثر من ثلاثين شبكة تعمل لحسابه في لبنان عدا الشبكات الداخلية وصولاً الى ما عُرف بـ<شبكة سماحة - مملوك> التي كانت تخطط للقيام بعمليات ارهابية واغتيالات، هدفها زعزعة الامن والاستقرار وخلق حلقة جديدة من مسلسل الدماء.

وفي الخامس من ايلول/ سبتمبر العام 2006 لم يكن مضى يومئذٍ عام على توقيف الضباط الأربعة حتى تمّ استهداف موكب نائب رئيس الشعبة حينئذٍ المقدم سمير شحادة من خلال زرع عبوة على جانب الطريق في منطقة الرميلة في ساحل الشوف اثناء توجهه من منزله الى مركز عمله في بيروت، ما ادى الى إصابته بجروح بالغة واستشهاد اربعة من مرافقيه هم: الرقيبان الأولان عمر الحاج شحادة ونمر ياسين والرقيبان شهاب عون ووسام حرب. واللافت في اسلوب اغتيال جميع أفراد الشعبة الشهداء هو العبوات الناسفة المزروعة داخل السيارات. واغتيال اللواء وسام الحسن كان سبقه اغتيال الرائد وسام عيد، الرجل الذي قطع الشك باليقين من خلال وصوله الى معلومات دقيقة ومحددة في الكشف عن أسماء وارقام منفذي جريمة اغتيال الحريري من خلال <داتا> الاتصالات، فكان أن صدر أمر باغتياله في كانون الثاني من العام 2008 ليستشهد معه المعاون اسامة مرعب ابن بلدة البيرة عكار وليصبح اسم عيد عنصرا اساسيا في عمليات البحث والكشف عن جرائم الاغتيالات التي أكملت طريقها نحو رجال السياسة.

 

مقارعة الموساد الاسرائيلي

 وانجازات خارج الحدود

وعلى يد الشعبة تمّ إلقاء القبض على خليّة مؤلفة من ثلاثة اشخاص على ارتباط مباشر بــ<الموساد> تمّ توقيفهم في النبطية ومرجعيون والفيلاّت في صيدا، وهي فرع من شبكة العميل العميد المتقاعد اديب العلم. كما تمكنت في شباط/ فبراير 2008 وبعد تحقيقات مضنية من توقيف ابراهيم مصطفى سيو (ابو ابراهيم) وقتل المدعو <أبو يزن> منفذي تفجيري عين علق في المتن الشمالي وذلك بعد أقلّ من ساعة على الجريمة من خلال تحليل آلاف الاتصالات في منطقة الانفجار ورصد شبكة خطوط خليوية مؤلفة من ثلاثة ارقام كانت تتواصل في ما بينها بشكل حصري.

ولم تتوقّف انجازات الشعبة على الداخل اللبناني بل تعدّته لتصل إلى خارج الحدود، بعد كشفها شبكة تابعة للنظام السوري مسؤولة عن خطف معارضين سوريين، ولاحقا تحريرها المخطوفين الاستونيين، وصولاً الى كشفها مرتكبي تفجيري مسجدي التقوى والسلام في طرابلس، بالاضافة الى العديد من الانجازات منها ما هو معلن ومنها ما ظل طي الكتمان، كمثل تفكيك شبكات ارهابية كانت في طور التأسيس والتحضير للقيام بعمليات ارهابية مثل كشف مخطط ارهابي كبير لتفجير انفاق المترو في نيويورك.

ولم تكتفِ يد الغدر باغتيال مجموعة من الاخيار في شعبة المعلومات التي ما زالت تقدم الشهيد تلو الآخر حتى طالت يد الغدر منذ فترة غير بعيدة وتحديدا بعد يوم واحد من إحياء ذكرى استشهاد الرائد وسام عيد، المؤهل غسان عجاج ابن بلدة مرياطة في قضاء زغرتا من خلال عملية اغتيال نفذها قاتل محترف بتسديد رصاصتين نحو رأسه بينما كان يهم بالنزول من سيارته امام منزله، علماً ان عجاج وبحسب أقاربه كان قد تلقى قبل اغتياله تهديدات بقتله اضافة الى تعرّض سيارته للحرق امام منزله.

لحظة-مداهمة-المعلومات-في-القبةخوف وذعر وشائعات

بعد مرور اسبوعين تقريبا على تفجيري برج البراجنة الإنتحاريين وما تلاها من عمليات القاء القوى الامنية القبض على شبكات ارهابية، بعضها مرتبط بالحادثة نفسها وبعضها الآخر كان في طور التحضير لعمليات مشابهة في مناطق اخرى، سيطر هاجس الخوف على حركة اللبنانيين ويومياتهم وسادت حالة من الذعر رافقتها شائعات ومعلومات تحدثت عن وجود إنتحاريين بين الناس يرتدون أحزمة ناسفة في أكثر من منطقة وخصوصا داخل مراكز تجارية. الصورة في العديد من المناطق شبه ضبابية من جراء حالات الخوف التي أرخت بظلالها على حركة الناس في الشوارع حيث بدت غالبية المحال التجارية والمطاعم شبه خالية من روادها وبنسبة كبيرة قياسا بالأيام التي سبقت يوم التفجيرين. وحده الخوف على المصير المجهول اصبح هاجس الناس وشغلهم الشاغل، ومعه خضعت حركتهم للرسائل التي كانت تتناقلها هواتفهم والتي تحذرهم من زيارة اماكن يُحتمل وجود انتحاريين بداخلها او يُرجّح تحولها الى نقطة استهداف مفترضة.

 

.. وللضاحية نصيب من الارباك

كل الأوجاع على ارض الضاحية الجنوبية المنطقة المعنية بالموت بشكل اساسي يشعر بها زائرها منذ أن تطأها قدماه. اوجاع تدل على مشهدية الموت في يوميات اهلها بعدما تحولت هذه الاوجاع الى جزء من سنين تلاحق خطواتهم لتخطف منهم أعز ما يملكونه. النعوش هنا اصبحت علامة فارقة في حياتهم والموت يوزع مجاناً، ومعه تحول الاهالي الى رزنامة تتشابه في حكايات اوراقها لكنها تختلف في الأرقام فقط، وبين المشاهد هذه عاد من يسأل عن موت يلاحقه او قد يكون على بعد أمتار منه. الجميع اصبح متهما الى ان يثبت العكس، ومع ذلك يضعون اعمارهم امانة بيد الله وحده مع سيل من الادعية والصلوات وصاروا يبحثون عن نقطة آمنة في لحظات عصيبة وصعبة حتى ان لم يجدوها قرروا مغادرة منازلهم وأحيائهم مجددا اما جنوبا واما بقاعا او الى خلف حدود الموت القادم اليهم.