تفاصيل الخبر

أحزاب ”8 آذار“ تلتقي في القضايا الاستراتيجية لكنها تتباعد في تفاصيل المقاربات الداخلية!

06/12/2019
أحزاب ”8 آذار“ تلتقي في القضايا الاستراتيجية  لكنها تتباعد في تفاصيل المقاربات الداخلية!

أحزاب ”8 آذار“ تلتقي في القضايا الاستراتيجية لكنها تتباعد في تفاصيل المقاربات الداخلية!

يعتقد بعض السياسيين اللبنانيين ان التطورات الأخيرة على الساحة اللبنانية سوف تعيد إحياء جبهة <8 آذار> في مواجهة نواة جبهة تتكون من  <14آذار> ومن شأن ذلك إعادة فرز الواقع السياسي كما كان عليه قبل العام 2016 بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الأول (أكتوبر) لأن هذه الانتخابات خلطت الأوراق في صندوقة الاقتراع، بحيث التقت <القوات اللبنانية> مع حزب الله في التصويت للعماد عون في موقف لافت كان يمكن أن يؤدي الى فتح صفحة جديدة بين الحزبين، إلا ان الرياح التي حملت <الجنرال> الى قصر بعبدا، لم تجرِ كما اشتهت سفن <القواتيين> بتحقيق هذا الانجاز السياسي المهم...

ويرى متابعون ان قوى <8 آذار> متحالفة عملياً مع بعضها البعض، لكن مواقفها تتباين في بعض الأحيان، غير ان هذا التحالف لم يرتقِ الى مستوى إعادة إحياء المجموعة السياسية الى ما كانت عليه في العام 2005 وما تلاه لاسيما بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط (فبراير) من ذلك العام... وفي تقدير هؤلاء ان لا مساعي جدية لتفعيل التقارب بين أحزاب <8 آذار> لادراك المعنيين ان التقاء أحزاب <8 آذار> حول بعض المسائل الاستراتيجية مثل الموقف من سلاح حزب الله والرؤية الى العلاقة مع سوريا وغيرها من المسائل، لا يعني الالتقاء على المسائل الداخلية لاسيما ما يتعلق منها بالتفاصيل المحلية في السياسة الداخلية حيث تتباين وجهات النظر الى حد الاختلاف.

تباين بين القوى!

من هنا، يرى المتابعون ان لا امكانية في الوقت الحاضر لإحياء <8 آذار> من جديد بسبب وجود هذا التباين في المواقف، تماماً كما هو الحال بالنسبة الى <14 آذار> التي تلتقي أطرافها في أمور كثيرة لكنها لا تصل الى حد إحياء هذه المجموعة السياسية كما كانت حالها قبل سنوات. ويضيف هؤلاء المتابعون ان ثمة معطيات تجعل امكانية إحياء <8 آذار> صعبة في الوقت الحاضر، ابرزها على سبيل المثال لا الحصر، العلاقة التي تربط حركة <أمل> مع <التيار الوطني الحر> والتي لا يمكن اعتبارها <مريحة> لأكثر من سبب، لاسيما في ما خص العلاقة الشخصية بين رئيس مجلس النواب ورئيس الحركة نبيه بري ورئيس <التيار> الوزير جبران باسيل، والتي تشهد صعوداً وهبوطاً وقد أدى عدم استقرارها الى ابقاء مسافة بين الحركة و<التيار> ترجمت مرات عدة في الحكومة من خلال <مناوشات> بين الوزير باسيل والمساعد السياسي للرئيس بري الوزير علي حسن خليل، كما انعكست أيضاً على العلاقة بين الرئيس عون والرئيس بري التي لا يمكن وصفها بـ<المثالية> بل بـ<الواقعية> وذلك انه في مرات عدة تباينت وجهات النظر بين الرئيسين في مسائل طرحت ووصلت الى حد تبادل الانتقادات علانية وعبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ثم كان يدخل على الخط <سعاة الخير> وفي مقدمهم نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي ورئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان لإعادة وصل ما انقطع.

وإضافة الى العلاقة غير الثابتة بين <أمل> و<التيار الوطني الحر>، يبرز أيضاً التباعد بين تيار <المردة> و<التيار الوطني الحر> لأسباب عدة منها الجفاء الكامل بين رئيس <المردة> سليمان فرنجية والوزير باسيل، علماً ان قواسم عدة تجمعهما استراتيجياً لكنهما يتباعدان عند الوصول الى التفاصيل الداخلية الصغيرة، وفي هذا السياق تروي مصادر مطلعة ان كل المساعي التي بذلها قياديون في حزب الله من أجل جمع الوزير باسيل بالنائب والوزير السابق سليمان فرنجية باءت بالفشل، لكن هذه الجهود أثمرت <هدنة> اعلامية بين الطرفين سرعان ما ترسخت بعد <ثورة 17 تشرين> حيث بدا واضحاً ان ثمة استهدافات مباشرة ضد رئيس الجمهورية والوزير باسيل، واستطراداً حزب الله لاسيما بعد ارتفاع أصوات في ساحات <الثورة> تطرح سلاح حزب الله كاشكالية لا بد من معالجتها في سياق ترداد أهداف <الثوار> والمشجعين في الساحات. وقد توجس <المرديون> خوفاً بعد بروز مثل هذه المطالبات لأنها تستهدف الحليف السياسي الأبرز لـ<المردة> أي حزب الله، ما جعلهم <يفرملون> الاندفاعة صوب <الثورة> والقائمين بها مع إبقاء التأييد للمطالب لاسيما منها المطالب الاجتماعية والشعبية، من دون مقاربة المطالب السياسية التي لا يلتقي <المرديون> مع <الثوار> في معظمها.

 

اضطراب بين الأحزاب!

ويتحدث المتابعون عن وجود سبب اضافي لتعذر إحياء <8 آذار>، يتعلق بطبيعة العلاقة المضطربة بين عدد من الأحزاب التي كانت موجودة في <نسخة 8 آذار> 2005، والتي سيكون من الصعب إعادة جمعها تحت كنف قيادة سياسية واحدة ترسم الخطط والاستراتيجيات وتلتزم الأحزاب المنضوية بها. ولذا يرى المتابعون صعوبة في جمع هذه الأحزاب من جديد لاسيما وان <الفتور> شاب العلاقات في ما بينها بعدما كانت <على قلب واحد> خلال فترة 2005 وما تلاها. وتدليلاً على ذلك توقفت كل الاجتماعات التنسيقية التي كانت تعقد بين المسؤولين في هذه الأحزاب كلما دعت الحاجة، كما لم تعد تصدر بيانات مشتركة في المناسبات خصوصاً بعد الحرب السورية منذ العام 2011 وما رافقها من فرز في المواقف لدى <الأحزاب الوطنية والتقدمية> في لبنان.

في أي حال، يرى المتابعون انه من المبكر الحديث عن امكان إحياء <8 آذار> من جديد، أقله في الظرف الراهن، ريثما تتوضح الصورة الداخلية ومصير التجاذبات السياسية التي برزت بعد <ثورة 17 تشرين> التي دقت أبواب حصون أحزاب <8 آذار>، لاسيما في الجنوب حيث <الثنائية الشيعية> والبقاع الذي كان محيداً في ما مضى لكنه أصبح طرفاً مباشراً في <الثورة>... والى أن تتضح المواقف، ستبقى قوى <8 آذار> تنتظر من يجمعها من جديد، فيما تبحث قوى <14 آذار> عمن يعيد تأطيرها وإن كانت لأحزابها <أجندات> مختلفة هذه الأيام!