تفاصيل الخبر

إحياء تسوية 2016 وتوفير الحصانة للحريري وإبقاء المظلة الدولية فوق لبنان حماية للاستقرار!

15/12/2017
إحياء تسوية 2016 وتوفير الحصانة للحريري  وإبقاء المظلة الدولية فوق لبنان حماية للاستقرار!

إحياء تسوية 2016 وتوفير الحصانة للحريري وإبقاء المظلة الدولية فوق لبنان حماية للاستقرار!

 

الحريري مؤتمر مجموعة الدعم الدولية للبنانيلتقي العارفون بمسار الأزمة الحكومية التي عاشها لبنان خلال الاسابيع الماضية وبخارطة الطريق التي اعتمدت لحلها، على القول بوجود قواسم مشتركة بين ما رمت إليه <مجموعة الدعم الدولية> للبنان التي التأمت في باريس الأسبوع الماضي بمبادرة من الرئيس الفرنسي <ايمانويل ماكرون>، وما هدفت إليه حكومة الرئيس سعد الحريري من خلال البيان الذي صدر عن مجلس الوزراء الملتئم في بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون والذي عُرف بـ<بيان النأي بالنفس>، علماً أن البيان - المخرج سبق اجتماع باريس بيومين وكان جسر العبور الى لقاء أعضاء <مجموعة الدعم> الذين استندوا الى بيان الحكومة اللبنانية ليسهّل عليهم مهمتهم التي كانت ستتعثر حكماً لولا اتفاق مكونات الحكومة، وبالاجماع، على البيان - المخرج الذي لم يحمل جديداً بقدر ما ساهم في إنهاء أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري التي أعلنها من الرياض في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

وفيما يورد العارفون أن اجتماع باريس كمّل ما كان بدأ في مجلس الوزراء المنعقد في قصر بعبدا، فإنهم يؤكدون على أن الدور الفرنسي كان كبيراً وأساسياً في توفير الرعاية اللازمة لإنضاج فصل جديد من <التسوية> اللبنانية، لاسيما وان تلك الرعاية حظيت ايضاً بدعم أوروبي واسع، وباهتمام أميركي تجلى من خلال متابعة وزارة الخارجية ولجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الاميركي تفاصيل ما كان يحاك بين بيروت وباريس وعواصم عربية واقليمية أخرى من مخارج تعيد الوضع السياسي في لبنان الى ما كان عليه قبل اعلان الرئيس الحريري استقالته.

 

قواسم مشتركة

 

أبرز تلك القواسم المشتركة التي ظهرت بين مجلس الوزراء في بعبدا، واجتماع <مجموعة دول الدعم> داخل <الكي دورسيه> في باريس، أن ثمة إرادة واضحة لإبقاء التسوية السياسية التي كانت أنتجت في العام 2016 رئيساً جديداً للبلاد، ورئيساً جديداً للحكومة، وان ثمة <رضى> على الاداء الرئاسي اللبناني الذي برز خلال الازمة الحكومية على نحو غير مسبوق. كذلك فإن الحصيلة التي تكونت من الاجتماعين أعطت الرئيس عون زخماً إضافياً من خلال مواكبته لعملية عودة الرئيس الحريري الى بيروت بعد استنفار المجتمع الدولي لتحقيق تلك العودة، كما ضمنت للرئيس الحريري استمراره على رأس الحكومة الحالية الى موعد الانتخابات النيابية المقبلة المقررة مبدئياً في 6 أيار/ مايو 2018، وربط بقائه في هذا المنصب بثبات الاستقرار بعدما أظهرت الأزمة الأخيرة الحاجة الى وجوده في رئاسة الحكومة حماية للاعتدال السني من جهة، وتحقيقاً للتوازن بين المكونين المسلمين: السنة والشيعة في وطن يقوم على توازنات سياسية ودينية على حد سواء من جهة أخرى. ولم يكن غريباً في هذا السياق أن تطالب <الثنائية الشيعية> بركنيها حركة <أمل> وحزب الله بعودة الرئيس الحريري الى بيروت لأن بقاءه في الخارج سوف يهدد التسوية السياسية (ذات الخلفية الدينية أيضاً) ويحول دون استمرارها، ما يعرض الاستقرار السياسي والأمني في البلاد الى هزة عنيفة قد يكون من السهل توقّع متى تبدأ، لكن سيكون من المتعذر معرفة متى ستنتهي!

ويضيف العارفون أيضاً أن بين بعبدا وباريس برزت إرادة دول الغرب الأميركية والاوروبية، في رفع مظلة الأمان الدولية مجدداً فوق لبنان للحؤول دون السماح لأي جهة اقليمية أن تتلاعب بأمنه واستقراره، وكذلك الذهاب بعيداً الى حد اعتبار دول الغرب الرئيس الحريري <شريكاً> رئيسياً لهذه الدول، ورئيساً طبيعياً للحكومة التي ستتولى متابعة التحضيرات اللازمة للمؤتمرات المقرر إقامتها في الآتي من الأيام، لدعم الجيش والمؤسسة الامنية، وإحياء <باريس4>، إضافة الى المؤتمر الخاص بالنازحين السوريين ودعم الدول التي تستضيفهم وفي مقدمها لبنان. وفي هذا السياق، يؤكد المتابعون أن نجاح هذه المؤتمرات يرتبط بشكل  أو بآخر بمدى إقبال الدول على المشاركة فيها وتقديم المساعدات والهبات، وهو أمر غير مضمون بالنسبة الى دول الخليج إذ لا مؤشرات توحي باحتمال مشاركة هذه الدول تضامناً مع السعودية التي تمر العلاقات بينها وبين لبنان في ظروف صعبة ودقيقة. إلا ان المجتمع الدولي يصرّ على انعقاد هذه المؤتمرات كما هو مقرر، وهذا ما ظهر علناً في أجواء اجتماع باريس، وما أوحى به بيان مجلس الوزراء في بعبدا، إضافة الى الحرص الدولي على توفير الحصانة الدولية الضرورية لحماية الرئيس الحريري شخصياً ولموقعه في الحكم وإنهاء كل الفصول المرتبطة بالملابسات التي رافقت وجوده في الرياض منذ 3 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي وحتى تاريخ مغادرته المملكة العربية السعودية.

 

لا تسمية للأشياء بأسمائها

 

واستناداً الى معطيات العارفين أنفسهم، فإن بيان مجلس الوزراء، وما صدر عن اجتماع باريس، تفاديا تسمية الأشياء بأسمائها، فلا مجلس الوزراء تناول بوضوح ما حصل مع الرئيس الحريري في الرياض، ولا بيان <مجموعة الدعم الدولية> سمى حزب الله بالاسم، وإن كان بيان الحكومة تحدّث عن ضرورة الابتعاد عن الصراعات الاقليمية والشؤون الداخلية للدول العربية. وفي هذا السياق، يضيف العارفون، بدا أن همّ المؤتمرين في باريس التلميح الى دور حزب الله من دون تسميته في البيان الختامي، وإن كان ذكره قد ورد في خطاب الرئيس <ماكرون> تفادياً لإحراج الرئيس الحريري والوفد اللبناني المرافق وفي عداده وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل. في وقت كان واضحاً أن هامش التحرك لدى الحاضرين في باريس كان أوسع من هامش تحرك مجلس الوزراء اللبناني، ومع ذلك تمّ تفادي الدخول في صيغ لا يتوافر لها الإجماع المطلوب في حالة كتلك التي عالجها المجتمعون الذين طبقوا قول المثل بأنهم يريدون <أكل العنب وليس قتل الناطور>!

في أي حال، ثمة من يرى وجود قاسم مشترك ايضاً بين بيان بعبدا وبيان باريس، وهو ان العبرة تبقى في التنفيذ، فكما أن مجلس الوزراء أكد على لزوم ما لا يلزم بهدف تعبيد الطريق أمام عودة الرئيس الحريري عن استقالته، كذلك فإن بيان <مجموعة الدعم الدولية> كرّر مواقف سبق لها أن أكدت عليها في مناسبات مختلفة من دون أن تقترن بالتنفيذ الفعلي، الأمر الذي يطرح تساؤلات مشروعة حول الخطوات التي يمكن للمجتمع الدولي أن يتخذها إذا لم تتجاوب الأطراف المعنية مع مطالب <دول المجموعة>، أو إذا خرق طرف لبناني <النأي بالنفس> في لبنان. المطلعون يقولون إن الأمر يبقى رهن توافر إرادة تعليق المواجهات السياسية الحادة مع استمرار ربط النزاع الى أن تتبلور الصورة ويتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود!