تفاصيل الخبر

احذروا تكاثر الفيروسات في فصل الصيف واحموا جهاز المناعة

11/03/2016
احذروا تكاثر الفيروسات في فصل الصيف واحموا جهاز المناعة

احذروا تكاثر الفيروسات في فصل الصيف واحموا جهاز المناعة

بقلم وردية بطرس

11 

هل صحيح ان هناك فيروساً قاتلاً يجتاح لبنان؟ وهل النفايات هي السبب؟ ففي الأيام القليلة الماضية كثر الحديث في وسائل الاعلام عن انتشار فيروس قاتل يجتاح لبنان ويفتك بجسم المصاب جراء انتقاله بالهواء او بالطعام، الأمر الذي تسبب بخلق حالة من الهلع والخوف لدى اللبنانيين حول مواجهة هذا الفيروس الخطير وكيفية الوقاية منه. ونظراً لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي يتابع اللبنانيون الأخبار، وخصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي، حول كل ما يتعلق بالفيروسات لاسيما مع تفاقم أزمة النفايات يوماً بعد يوم، ويبدون في تعليقاتهم خوفاً شديداً.

وكانت رئيسة قسم الترصد الوبائي الدكتورة ندى غصن قد أوضحت في أحاديث صحافية ان هناك سوء فهم حول مرض <Guillan Barre> ولبساً في طريقة تداوله من وسائل الاعلام كافة، ما زرع الخوف لدى الناس، خصوصاً وان هذا المرض ليس فيروساً وغير وبائي، وبالتالي لا ينتشر وهو ليس جديداً. وأكدت الدكتورة غصن على ان هذا المرض غير معدٍ وهو غير موجود في لبنان وبأنه قديم ومنتشر في العالم بأكمله، وان ما يتم تداوله هو مجرد شائعات كاذبة لا تمت الى الحقيقة بأي صلة، وبأن هذا الخوف هو نابع عن جهل وقلة وعي، فليس هناك جرثومة خطيرة ولا فيروس قاتل ولا عدوى. وبالنسبة الى عدد الاصابات، فهناك حالات نادرة تتراوح نسبتها 2/1 بالمئة ألف كل سنة، إلا انه ليست هناك أسباب واضحة لظهورالمرض في الجسم، وغالباً ما تمكن معالجته، وهناك بعض العلاجات التي ثبُتت فعاليتها، ونسبة ضئيلة جداً أدى بها المرض الى الوفاة.

وحول صحة المعلومات عن كلفة العلاج التي قد تصل الى 30 ألف دولار، أكدت الدكتورة غصن على ان قيمة العلاج مكلفة، كما ان وزارة الصحة تقوم بتغطية التكاليف للمرضى الذين ليست لديهم اي تغطية استشفائية، متمنية عدم اثارة الهلع بين اللبنانيين، ومؤكدة على ضرورة التقيد في أخذ الأخبار من المصادر الموثوقة دون الاكتراث لما يُثار من أحاديث. وتشير المعلومات الى ان هذا المرض يبدأ بحدوث اضطراب مناعي يكون ناجماً عن مهاجمة الجهاز المناعي لجزء من الجهاز العصبي المحيطي، وبالتالي تظهر أعراضه الأولية على شكل ضعف وتخدر في الساقين، ومن ثم قد ينتقل الضعف للذراعين والجزء العلوي من الجسم، وهذا ما يعبّر عنه بالمضاعفات التي تظهر على شكل اضطرابات تنفسية، او معاناة المريض من الوخز او الخدر في الأطراف حتى بعد الشفاء من المرض، أو عن طريق اختلال وظيفة القلب واضطرابات في الأمعاء.

 

مخاطر حرق النفايات

ان تراكم النفايات في الشارع له أثره على الصحة اذ تتفاعل النفايات مع الوقت وتنبعث منها الروائح البشعة، جاذبة معها القوارض والحشرات والحيوانات الناقلة للأمراض، وان النفايات بوضعها الحالي وبعد رش الكلس عليها الذي يحمل مبيدات، قلّت المخاطر الجرثومية وخطر انتشارها العشوائي في الشارع. ومن يظن ان حرق النفايات يساعد بالتخلص من هذه النفايات ويخفف من ضررها، فهو بالواقع يفعل العكس تماماً، لأن الحريق العشوائي غير المراقب وغير الكامل تنتج عنه انبعاثات وغازات كيمائية خطرة جداً على الصحة. ان الغبار والجزيئيات الصغيرة الناتجة عن الحرق تؤذي الناس عند تنشقها، وهنا لا نتكلم عن روائح مزعجة بل عن غازات سامة، وبالتالي دخولها الى الجسم يسبب أمراضاً، خصوصاً اذا كان الأشخاص يقطنون في أماكن مكتظة، وبعضهم مرضى او كبار في السن أو أطفال رضع أو نساء حوامل حيث الضرر على هؤلاء أكبر من غيرهم.

اذاً إن تفاقم أزمة النفايات في البلاد من دون التوصل الى حل لها بات يهدد الصحة والسلامة العامة ما يتطلب اجراءات طارئة وملحة، لاسيما قبل حلول فصل الصيف إذ مع ارتفاع درجات الحرارة تتكاثر الجراثيم وتشكل خطورة أكبر على صحة اللبنانيين... وتشكّل النفايات الغذاء الأساسي لكل أنواع البكتيريا، الجراثيم، والفطريات، وكلها تُعتبر خطرة على صحة الانسان، وتُصنف سبباً رئيساً للاصابة بالعديد من الأمراض، من بينها الكوليرا والتيفوئيد، كما ان تكاثر النفايات واللجوء الى حرقها يضاعفان الخطر على صحة اللبنانيين، وذلك نتيجة الغازات السامة <الديوكسين> التي تخرج خلال عملية الحرق، وان تنشق تلك الغازات يؤدي مع الوقت الى الاصابة بسرطان الكبد والرئة والالتهاب الجلدي.

وبحسب مستويات <الديوكسين> المسجلة سابقاً، كانت نسبة 1,0 عند البالغين و 4,0 لدى الأطفال من كل مليون نسمة يتعرض لهذه الانبعاثات على فترة حياة كاملة يُحتمل اصابته بمرض السرطان. وهذه النسبة كانت تُعتبر مقبولة تبعاً لمعايير <وكالة حماية البيئة الأميركية> (حيث الحد الأقصى المسموح به لهذه النسبة هو 1 لكل مليون نسمة). اما المستويات الحالية فتشير الى ارتفاع هذه النسبة الى 34 عند البالغين و 176 عند الأطفال لكل مليون نسمة، وذلك في المناطق السكنية المكتظة حيث يتم اضرام الحرائق في أكوام النفايات.

مادة <داي بنزو أنثراسين> للمرة الأولى في لبنان

ولقد أسفرت دراسة مستويات <الهيدروكربونات> العطرية المتعددة الحلقات عن توثيق وجود مادة الـ<داي بنزو أنثراسين> للمرة الأولى في الهواء في لبنان، وتُعتبر هذه المادة مسرطنة من الدرجة الأولى حسب معايير <منظمة الصحة العالمية>، وهي تصدر بشكل رئيسي عن الاحتراق غير الكامل للنفايات. وبجمع آثار كلتي المادتين السامتين السابق ذكرهما، يرتفع خطر الاصابة بالسرطان في المناطق السكنية حيث يتم احراق النفايات. وما يزيد الوضع سوءاً هو دوام <الديوكسين> اذ أنه يتميز بطول بقائه في الهواء، اذ يُعتبر <الديوكسين> من الملوثات الثابتة اي التي تبقى في الهواء وتعلق على الأسطح مثل الأجسام الجامدة والأجسام الحية، وتغوص في التربة وتبقى هناك لفترات طويلة. وجدير بالذكر ان مادة الـ<داي بنزو أنثراسين> هي حالياً قيد الدراسة، وقد يتم اعتبارها هي أيضاً ضمن فئة الملوثات الثابتة.

نتائج الدراسات المذكورة أعلاه تدق ناقوس الخطر، وبناء على هذا يُوصى بأهمية الاسراع باتخاذ كل التدابير اللازمة لايقاف هذه الحرائق العشوائية، لاسيما وأننا نمر في حالة أقل ما يُقال فيها انها حالة طوارىء وتتطلب اتخاذ الاجراءات اللازمة والسريعة لحل هذه المشكلة التي تهدد صحة الناس والبيئة.

الدكتور جاك مخباط: لا فيروس قاتلاً يجتاح لبنان

 

فهل صحيح ان هناك فيروساً قاتلاً يفتك باللبنانيين بسبب النفايات؟ وما هي الأمراض التي ستصيب الناس بسبب النفايات؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الدكتور جاك مخباط الاختصاصي في الأمراض الجرثومية الذي أكد ان لا وجود لفيروس قاتل يهدد صحة اللبنانيين كما نُشر في وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وقال:

- ليست لدينا اية معلومات عن حالات وبائية غير اعتيادية توجد في لبنان. نحن نعلم ان هناك حالات واصابات بالتهابات في الرئة، و<الكريب> و<الانفلونزا>، وفي الوقت الحاضر نحن في مرحلة نهاية موسم <الكريب>، أي في المرحلة الوبائية التي نسميها <ذيل الوباء> والتي تمتد بين آخر شهر آذار (مارس) وأواسط شهر أيار (مايو) حيث تنتهي مرحلة الاصابة بـ<الكريب>. وليست لدي اية معلومة علمية عن حالات وبائية غير اعتيادية في الوقت الحالي. ونأمل ان كل من لديه معلومات صحيحة ودقيقة عن حالات وبائية ان يتصل بدائرة مكافحة الأمراض الانتقالية في وزارة الصحة بدل ان يشاركها على صفحته في <الفايسبوك> ووسائل التواصل الاجتماعي. اذاً فلتُنقل المعلومات الى الناس اذا كانت صحيحة بدل اثارة الخوف في نفوس الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي دون التأكد او العودة الى مصدر موثوق.

الأمراض التي تسببها النفايات المكدسة

 في المناطق السكنية

ــ هناك تخوف من الاصابة بأمراض بسبب النفايات المنتشرة في كل المناطق اللبنانية، فبأي أمراض قد تتسبب تلك النفايات؟

- هذه النفايات اذا بقيت في الشوارع ستتكاثر الجراثيم خصوصاً عندما تصل الى المياه الجوفية، فعندها تحدث مشاكل مثل الاسهال، ولكن هذه الأمور تحدث مع قدوم فصل الصيف حيث تتكاثر الجراثيم مع ارتفاع درجات الحرارة، ولكن الآن لم تتكاثر الجراثيم بعد، ولكنها ستتكاثر في فصل الصيف كما ذكرت. وعندما تتكاثر الجراثيم في المياه الجوفية سيؤدي ذلك الى الاصابة بالتهاب في المصران وبالتهابات حادة أخرى. اما بالنسبة للمواد الكيميائية التي قد توجد في النفايات فهي أخطر بكثير اذ تنجم عن ذلك مشاكل تنفسية حادة، وسنرى انها ستؤدي لمشاكل تنفسية واصابات جلدية، وخصوصاً لدى الأشخاص الذين يضعون أيديهم على النفايات المنتشرة في الشوارع، وطبعاً لحرق النفايات تأثير كبير جداً إذ تنبعث عنه الغازات السامة.

ــ الى اي مدى يكون تأثير النفايات على الناس المقيمين بالقرب من أكياس النفايات المكدسة امام منازلهم وما شابه اكثر من غيرهم؟

- ان تأثير النفايات على الناس الذين يقيمون بالقرب من أكياس النفايات أكثر ضرراً من غيرهم، وكلما كانت النفايات تحيط بالمنازل يكون الساكنون فيها اكثر عرضة للاصابة بالمشاكل الصحية والمشاكل التنفسية. وبالنسبة لتلوث المياه الجوفية فهي تهدد صحة الناس، لذا يجب ان تُعالج مشكلة النفايات لتفادي كل هذه المشاكل الصحية.

 

الحشرات والقوارض

ــ وما مدى خطورة تكاثر الذباب والبعوض والقوارض؟

- مع تفاقم مشكلة النفايات ستتكاثر الحشرات خصوصاً البعوض، وخصوصاً في فصل الصيف، لأن البعوض لا يتكاثر خلال الطقس البارد اي في فصل الشتاء بل يتكاثر في الصيف، ولهذا سنرى البعوض بشكل كبير في الصيف، وطبعاً البعوض يؤدي للاصابة بالتهابات ويسبب طفرة على الجلد. ولم تُسجل في لبنان اي حالة اصابة بفيروس <زيكا> الذي ينقله البعوض الى الانسان. ونحن نعرف ان هناك حالات <حمى الضنك> التي تصيب الناس في دول الخليج والبحر الأحمر، ولكن لا خوف من انتقالها الى لبنان لان البعوض الذي يسبب هذه الحالة لا يوجد في لبنان. وبالنسبة للجرذان فطبعاً ستتكاثر أيضاً خصوصاً مع قدوم فصل الصيف والطقس الحار، واذا عض الجرذ الانسان يقدر ان ينقل اليه المرض، كما أن البرغوث الذي يغط على الجرذ هو الذي يقوم بنقل المرض من الجرذ الى الانسان، وهذه الحالة موجودة، وهناك اصابات بـ<Leptospirosis> وهو مرض حيواني المنشأ تسببه الجراثيم، وتتم العدوى حين يتعرض الناس لبول القوارض اذا وصل الى المياه التي يشربها الناس. واذا تكاثر الجرذان ستكون هناك مشكلة كبيرة في هذا الخصوص. ولكن يمكن القول انه ليست هناك حالات اصابة بـ<الطاعون> ولا <الكوليرا>، اذ أن مرض <الكوليرا> غير موجود في لبنان، انما سُجلت حالات اصابة بـ<الكوليرا> في العراق.

تقوية جهاز المناعة

ــ وكيف يمكن حماية جهاز المناعة لتفادي الاصابة بالفيروسات وما شابه؟

- يقدر الانسان ان يحمي جهاز المناعة من خلال الغذاء، لانه كلما كان جهاز المناعة ضعيفاً يصبح عرضة للاصابة بالأمراض، وكما نعلم ان هناك أشخاصاً يكون جهاز المناعة لديهم ضعيفاً بسبب اصابتهم بمرض السرطان او بأمراض الكلى، كما ان الأطفال والمسنين والحوامل تكون مناعتهم ضعيفة أيضاً، ويكونون أكثر عرضة للاصابة بالأمراض والتقاط الفيروسات... النظافة ثم النظافة أمر ضروري ومهم، فكلما حافظ الشخص على النظافة يقي نفسه من التقاط الفيروسات، فغسل اليدين ضروري خصوصاً قبل تناول الطعام، وخلال اعداد الطعام فعندما تقوم ربة المنزل باعداد الطعام عليها ان تتقيد بالارشادات والنصائح المتعلقة بالنظافة. كما ان التدخين يضعف جهاز المناعة لهذا على الشخص الا يدخن لئلا يصبح عرضة للاصابة بالمشاكل الصحية. كما ان مزاولة الرياضة أمر مهم ويساعد الجسم لتقوية جهاز المناعة.

ويختم:

- على اللبنانيين ان يتقيدوا بهذه الارشادات والنصائح قدر الامكان لتقوية جهاز المناعة لديهم وتفاديهم الاصابة بالأمراض وما شابه. وهنا أود ان أقول بأنه عندما نقول <الغذاء الصحي> اي تناول الطعام اللبناني الذي يُعتبر من الأطعمة الصحية وأفضل حمية، لأنه للأسف أصبحت الوجبات السريعة المفضلة لدى اللبنانيين ويستبدلون الطعام اللبناني الصحي بـ<الهمبرغر> و<البيتزا> وغيرها من الأطعمة غير الصحية، في حين أنه في ظل تفاقم أزمة النفايات يجب حماية جهاز المناعة لتفادي التقاط الفيروسات.