تفاصيل الخبر

احتفالات في المناطق المتضررة ومعرض "الميلاد بالألوان" لدعم العائلات المحتاجة !

16/12/2020
احتفالات في المناطق المتضررة ومعرض "الميلاد بالألوان" لدعم العائلات المحتاجة !

احتفالات في المناطق المتضررة ومعرض "الميلاد بالألوان" لدعم العائلات المحتاجة !

بقلم عبير انطون

[caption id="attachment_83954" align="alignleft" width="436"] من وحي الميلاد.[/caption]

 رغماً عن أنف الواقع الأليم في بلد فقد أهله معنى الفرح بعد أن غاب عنهم لأكثر من سبب، لا يزال الإصرار على إبقاء معنى الحياة موجوداً، خاصة في شهر الأعياد المجيدة ومن قلب العاصمة الجريحة .

 وكما هبّت السواعد للمساندة بعد انفجار المرفأ الذي شوه وجه "ست الدنيا" في أجمل أماكنها وأكثرها معنى ورمزية، ها هي المبادرات تعود لتعمها اليوم بمناسبة الأعياد، ومن الأماكن المتضررة تحديداً، ربما تسهم أغاني الفرح وترانيم الجوقات مع جرس بابا نويل والهدايا الملونة والاحتفالات العائلية في إضفاء بعض البهجة الى قلوب معظمها مكسور.

فما هي هذه المبادرات، وماذا تحديداً عن مبادرة "الميلاد بالالوان" للرسام انطوني عبد الكريم، وما الذي أخبره لـ"الأفكار"عن مساهمة معرضه في مساعدة العائلات المحتاجة ؟

"بيروت مدينة الحياة" كانت بين اولى المبادرات التي اعلنت عن الاحتفال بالاعياد. وفي مطلع هذا الأسبوع عقدت لجنة هذه المبادرة مع نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والباتيسري، مؤتمراً صحافياً عند طاولة سوق الطيب - شارع أرمينيا 

- مارمخايل، شدّد فيه نقيب أصحاب المطاعم والملاهي والباتيسري طوني الرامي أن "لا شيء سيوقفنا عن إحياء بيروت مدينة الحياة"، وقال: "أربع مميزات خسرها لبنان تبدأ بحرف الميم: مرفأ، مصارف، مستشفيات، مطاعم وملاهي 

... ونحن نبحث عن الحياة والحركة والوجود"..

وقد نشأت مبادرة "بيروت مدينة الحياة" عندما تحالفت مجموعة من أصحاب المطاعم والحانات والمصممين والفنانين والمعارض والمتاجر، بدعم من نقابة أصحاب المطاعم وتعاونها، ووحدوا جهودهم وخبراتهم لإعادة الحياة إلى المنطقة التي لطالما عرفت بأنها قلب بيروت النابض. وفي هذا السياق يؤكّد الرامي ان "بيروت لن تكون مقبرة للمواهب"، متوجهاً  للاغتراب الحبيب والسائح الذي ينتظر زيارة لبنان ليمضي العيد عندنا قائلا: "إن مطاعمنا وملاهينا وموظفينا بانتظاركم ولا نزال نقدم الجودة والخدمة والنوعية عينها. ملاهينا وحاناتنا تقدم أحلى البرامج وأجمل السهرات بأفضل الأسعار. مؤسساتنا آمنة، تعالوا حيث الإجراءات الوقائية مطبقة بحذافيرها، واتركوا الاكتظاظ في المنازل".

 وقد اطلقت المبادرة بدءاً من السابع من الشهر الجاري سلسلة من النشاطات على ان تكون  شوارع المنطقتين الجميزة ومار مخايل التي أُنهكها الانفجار حاضنة لمهنييها وفنانيها . كما وتتضمن الاحتفالات مهرجان النبيذ اللبناني، فضلاً عن حفلة يحييها فنانون اعاتدوا الغناء في مار مخايل والجميزة. وفي

[caption id="attachment_83956" align="alignleft" width="444"] الين و الميلاد.[/caption]

مشهدية فنية معبّرة تحت شجرة الميلاد تحمل عنوان "تحت الشجرة ونحلم"، سيقف ستة فنانين وموسيقيين معاً، ينثرون الحب والفرح على طريقتهم، موجّهين تحيّة إلى أرواح الشهداء الذين سقطوا في انفجار المرفأ.  ويأتي ذلك بالتزامن مع معارض حرفية ولوحات وصور وغرافيتي في الشوارع ، وحفلة لماتيو خضر مع اضاءة شجرة الميلاد التي اطلق عليها لهذا العام اسم

[caption id="attachment_83958" align="alignleft" width="358"] لوحة شجرة الزيتون.[/caption]

"شجرة الحياة". 

 والى هذه المبادرة لا يمكن الا الاشارة طبعاً الى احتفالات "بيروت ترنم" التي تعمّ العاصمة في موسمها الثالث عشر، وأيضاً الى احتفالات "سوليداريتي" التي دعت الى زيارة "القرية الميلادية" في منطقة مار مخايل خلف كنيسة مار مخايل حتى تبتهج القلوب وينسى الصغار دوي الانفجار،. كذلك، لا بد من الاشارة  الى التحية الميلادية التي وجهتها الفنانة الين لحود عبر اغنيتها الجديدة "Holly Jolly Christmas" التي اعادت تسجيلها على طريقة الفيديو كليب من اخراجها.

وتقول الين في هذا الصدد: "من بعد الظروف التي عصفت بلبنان ووسط الظروف الاقتصادية والمعيشية التي نمرّ بها حالياً، شعرت أن هذه الأغنية الميلادية التي أعدت تسجيلها وصورتها ستعطي بريقاً من الأمل الذي بتنا على شفير فقدانه ..على أمل أن ينتهي عام 2020 بكل سيئاته، أتمنى أعياداً مجيدة مليئة بالأمل والمحبة".

 

ميلاد بالألوان...

[caption id="attachment_83957" align="alignleft" width="358"] لبنان في قلب سيدة لبنان.[/caption]

 والى الصوت والغناء تنضم الريشة. من هذا المنطلق جاءت مبادرة "الميلاد بالالوان" التي اطلقها أنطوني عبد الكريم ابن الاثنين والعشرين ربيعاً. معه انطلقنا بألاسئلة حول ما يضمه معرضه "الميلاد بألألوان" وكيف يساهم في دعم العائلات المحتاجة.

انه معرض افتراضي بمناسبة الميلاد المجيد، يجيب انطوني، ويتضمن 20 لوحة اعمل عليها منذ حوالي السنة، وهي  لوحات دينية واخرى مستمدة من أجواء العيد. المعرض الافتراضي يمكن لأي زائر ان يدخله واللوحة التي تستوقفه يكون مكتوباً تحتها اسمها وثمنها ، فيتواصل معنا، ويشتريها منا على ان يكون القسم الاكبر من هذا المبيع لمساندة العائلات المحتاجة، ولا اعني بها فقط العائلات التي تضرّرت جراء انفجار المرفأ، انما من مختلف المناطق اذ باتت هذه على امتداد الجغرافيا اللبنانية.

ويزيد انطوني:

نحن لم نقم بتأسيس منصة للبيع انما هو معرض لا يهدف فقط الى بيع اللوحات انما المشاركة من خلالها  اللوحات باجواء الميلاد في هذا الشهر المجيد، واللوحات جميعها معروضة في محترفي " Empreintes de couleurs" في منطقة المنصورية حيث المجموعة الدائمة ايضاً. ويؤكد انطوني ان الاسعار مقبولة جداً، وهي بمتناول الكثيرين: "فعندما يكون الهدف انسانياً، فإنني اخفض الثمن بشكل كبير، مع اشارته بأن السعر هو بالليرة اللبنانية".

يكتسب العيد بالنسبة لانطوني الذي باشر بالرسم منذ حوالي عشر سنوات، وكان تعلّم اصوله في دروس خاصة على يد فنانين كبار، الكثير من المعاني، وهو يغوص فيها وتهمه جداً خاصة وانه طالب علم نفس. مشاركته في العديد من المعارض الجماعية مع معرضين فرديين لم يثنه عن متابعة الاختصاص الذي يحب ولا عن إصدار كتاب هو الأول له تحت عنوان "ماذا فعلنا بالفن" ؟ "Qu'avons-nous fait de l'art?" وهو باللغة الفرنسية.

 ويشرح انطوني عن كتابه بالقول:

لا يعتبر كتاباً نقدياً انما يسرد تطور الفن من الكلاسيكي الى المعاصر عارضاً لمختلف التقنيات، والأهم انه يعرض لتأثير الفن على الناس في المجتمع. ويؤكد انطوني ان المؤلف لقي قبولاً واهتماماً ذلك انه موضوع بناء على تجارب استقاها هو نفسه من خلال المعارض والمؤتمرات التي شارك فيها وراح يتلمس اثر الفن على الناس والحاضرين، وهنا يرى الجِدة في ما يقدمه، اي رصد تأثير هذا الفن عبر المعارض والمؤتمرات الفنية وطريقة تأثر الناس بها وتفاعلها معها وأثرها عليها ، فضلاً عن نظرة الناس الى هذه الفنون والتعاطي تجاهها.

والزيتونة ...

[caption id="attachment_83959" align="alignleft" width="489"] من المعرض الافتراضي: الميلاد بألالوان.[/caption]

 عُرف انطوني أيضاً برسمة شجرة الزيتون التي لاقت صدى جميلاً ، وهو يضمها الى معرض "الميلاد بالالوان" ويشرح انه اختار رسمها لأنها تعني له الكثير ولرمزيتها ايضاً في الكتب المقدسة. هذه اللوحة تبقى مميزة بالنسبة له ، كما اللوحة التي تمد فيها سيدة لبنان يدها لمباركة هذا الوطن الذي لن يموت.

وشجرة الزيتون التي ترسخ جذورها في الأرض، تحمل الرسالة نفسها التي تحملها الأرزة التي رسمها انطوني أيضاً عقب انفجار بيروت وعنها يشرح:

لقد رسمت اللوحة حول الانفجار بشكل حي اثناء مرافقتي للعازفة جلنار مجدلاني في كليب تم التعبير فيه عن الاحساس الذي ولّدته تلك الكارثة في تجسيد للوجع العميق ، واللوحة رسمت فيها الارزة التي ستبقى صامدة على الرغم من كل شيء .

  وبالعودة الى "الميلاد بالألوان" ، لم يختر انطوني العنوان ليشكل تناقضاً فقط مع السواد الذي يلفنا. ففرح الولادة فيه اشعاع ، وفيه نور، والميلاد يتجسد بالأوان التي اخترتها ، كما فيه امل على الرغم من كل الصعاب .

وأنطوني المتعلق ببلده ، لا يفكر بالسفر منه كما الكثير من ابناء جيله "حتى اليوم انا متمسك به ولا افكر بالسفر". في محترفه الذي افتتحه في حزيران (يونيو) الماضي ، يقضي الكثير من وقته ، يتأمل مجدداً بلوحاته التي اختار رسم الطبيعة العاصفة في الكثير منها، الا انها "العاصفة التي تهب بقوة قبل ان تحدث تغييراً"، يقول الفنان الشاب. فأنا لا ارسم ما هو سلبي انما ما يبعث على الايجابية وينشد الامل" .

[caption id="attachment_83953" align="alignleft" width="394"] انطوني والرسم المباشر.[/caption]

  انطوني اليوم على اهبة اصدار كتابه الثاني حول مفهوم السعادة من الناحيتين الفلسفية والاجتماعية.

 وهذه السعادة ، يستمدها انطوني ايضاً من المساندة ، فهو يترأس نادي الفنانين التشكيليين اللبنانيين الذي تم تأسيسه في العام 2019، وهو مؤسسة لا تبغي الربح انما الهدف منها "القاء الضوء على الفنانين اللبنانيين الجدد الذين يودون الانتماء للعالم الفني فندعمهم ونساندهم  للتعرف الى النشاطات والمعارض والسيمبوزيوم الفنية".  

من ناحية أخرى ، يشارك أنطوني عبر الرسم المباشر في العديد من الحفلات والنشاطات والاحتفالات الخيرية، ولاجل ذلك فإنه يستخدم الـ"اكريليك" وليس الزيت لأنه "علينا انجازاللوحة في وقت محدد، وغالباً ما يقوم بتتبع الموسيقى ليجسّدها باللوحة بحسب المناسبة او الحدث الذي يجري" .

يستوحي انطوني من العديد من الفنانين خاصة المعروفين منذ القدم، ويستلهم الكثير من الطبيعة، الا انه شكّل اسلوبه الخاص به والذي يعرّفه بأنه ليس كلاسيكيا انما يستند الى المدرسة الكلاسيكية.اما عن وضع الفن اللبناني بعد الانفجار، فإنه يرى فيه وجهاً ايجابياً بالقول: "حلو ما نراه بالرغم من كل ما يحدث، فنحن نجد الكثيرين يعبّرون عما يعتريهم من خلال الفن اكثر من ذي قبل، وبات هناك تنوع اكبر في المدارس والأساليب".