تفاصيل الخبر

أهمية العلاج الكيميائي في استهداف الخلايا السرطانية وقتلها!

04/01/2019
أهمية العلاج الكيميائي في استهداف الخلايا السرطانية وقتلها!

أهمية العلاج الكيميائي في استهداف الخلايا السرطانية وقتلها!

 

بقلم وردية بطرس

 

يستخدم العلاج الكيميائي لسرطان الثدي أدوية قوية لاستهداف خلايا سرطان الثدي وتدميرها، وكثيراً ما يُستخدم العلاج الكيميائي لسرطان الثدي مع علاجات أخرى مثل الجراحة او العلاج الاشعاعي او العلاج بالهرمونات، وان الجمع بين العلاج الكيميائي لسرطان الثدي وعلاجات أخرى من شأنه ان يزيد من فرصة الشفاء ويقلل من خطر عودة الاصابة بالسرطان، كما أنه يخفف العوارض الناجمة عن السرطان ويساعد الأشخاص المصابين بالسرطان على العيش لمدة أطول وبجودة حياة أفضل. واذا عاد السرطان او انتشر في الجسم، فقد يسيطر العلاج الكيميائي لسرطان الثدي على السرطان ليساعد المصابة على العيش لمدة أطول او يمكن ان يساعد في تخفيف العوارض التي يسببها السرطان، لكن ينطوي العلاج الكيميائي لسرطان الثدي على خطر الآثار الجانبية أيضاً، وبعضها تكون مؤقتة وطفيفة فيما بعضها الآخر فتكون أكثر خطورة او دائمة.

 

أهمية العلاج الكيميائي

فما أهمية وايجابيات استخدام العلاج الكيميائي لمعالجة المصابة بسرطان الثدي؟ وما هي العوارض الجانبية لاستخدام العلاج الكيميائي؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على رئيس قسم أمراض الدم والسرطان في الجامعة الأميركية في بيروت البروفيسور ناجي الصغير (مؤخراً أقيم احتفال تدشين قاعة محاضرات باسم البروفيسور الصغير في مبنى حليم وعايدة دانيال الطبي العيادي الأكاديمي في الجامعة تقديراً لجهوده) ونسأله عن أهمية العلاج الكيميائي وايجابيات استخدامه لمعالجة مريضة السرطان (سرطان الثدي) فيقول:

- العلاج الكيميائي هو جزء من الأجزاء الأساسيــــــة لعــــــلاج السرطــــــان، ويتــــم عــــــلاج السرطان عبر عدد من الطرق التي نسميها <Multidisciplinary management> يعني عــــدة اختصاصـــات. طبعـــــاً الأســــاس هـــــو التشخيص، بعــــد التشخيــــص يأتـــــي العــــلاج، والعــــلاج هــــو: العـــــلاج الجراحـــــــي وهـــــــــو عبارة عن استئصال الورم وهو علاج موضعي، والعلاج الشعاعي وهو أيضاً موضعي <Regional>، أما العلاج الكيميائي فهو للجسم كله... ونحن نعرف منذ عشرات السنين انه عندما يتم استئصال اية كتلة سرطانية فهناك احتمال ان السرطان قد يعاود في المستقبل، وسبب ذلك انه قد تكون هناك خلايا سرطانية قد <فلتت> من مكان الورم وتصل الى الأوعية اللمفاوية او العقد الليمفاوية او الى الأوعية الدموية، وتنتشر الى أماكن أخرى من الجسم، وممكن ان تبقى في هذه الأماكن وقد تعاود بعد أشهر او سنوات عديدة... هكذا ابتدأت قصة العلاج الكيميائي، فأولاً اذا كان هناك انتشار في الجسم نعالجه بالأدوية التي تقتل الخلايا السرطانية، واذا لم يكن هناك انتشار معروف فنعطي علاجاً كيميائياً وقائياً لكي نقتل الخلايا السرطانية اذا كانت وُجدت او انتشرت... اذاً العلاج الكيميائي يقتل الخلايا التي تنمو وتتكاثر.

ــ كيف يقتل العلاج الكيميائي الخلايا السرطانية؟

- العلاج الكيميائي يقتل الخلايا السرطانية وهو بشكل عام يُوقف الحامض النووي للخلايا السرطانية من التكاثر، ويوقف الحامض النووي من ان يجدد نفسه وينمو وأن تكون هناك خلايا أكثر وأكثر، واليوم أصبحنا نعرف كيف يعمل العلاج الكيميائي على الحامض النووي وعلى الانزيمات من حولها والبروتينات. ولذلك العلاج الكيميائي مفعوله على الخلايا السرطانية أكيد ولكن اية خلية في الجسم ممكن ان تتكاثر معرضة ان تتأثر بالعلاج الكيميائي مثلاً خلايا الدم وخلايا المناعة: الكريات البيضاء، اذ ان الكريات البيضاء دائماً في تكاثر اذ تعيش 24 ساعة في الجسم، فيما الصفائح الدموية تعيش من 7 الى 10 أيام وهذه دائماً بحالة تجدد لأن المناعة دائماً مستمرة ومنع النزيف دائماً مستمر، وبالتالي يتأثران بالعلاج الكيميائي. والعلاج الكيميائي ممكن ان يتسبب بنقص بالكريات البيضاء ولهذا ممكن ان تُصاب المريضة بارتفاع الحرارة، وسبب ارتفاع الحرارة هو ميكروب استغل فرصة هبوط الكريات البيضاء وتسبب بالتهاب، ولهذا نقول للمريضة ما ان تُصاب بارتفاع الحرارة عليها فوراً ان تتصل بالطبيب او ان تُنقل الى الطوارىء لنعطيها المضاد الحيوي لعلاجها، والآن أصبحت لدينا أدوية ترفع الكريات البيضاء المناعية لمنع الالتهابات، وأصبحنا نستعملها عندما نريد ان نزيد كمية الكيميائي او نعطيها خلال فترات قصيرة لتقوية المناعة، وعندئذٍ لا تحدث مع المريضة اشتراكات والتهابات.

ويتابع:

- أيضاً ممكن ان يؤثر العلاج الكيميائي على صفائح الدم اذ ممكن ان يحدث نزيف بسبب ذلك، ونحن طبعاً نكون قد درسنا في المختبر كم يتحمل جسم الانسان من العلاج الكيميائي، وهكذا نحدد الجرعة، اذ أحياناً تنخفض الكريات، وممكن ان يحدث نزيف ولهذا نتجنب ذلك فنعطي الجرعة الضرورية. واذا كان لا بد ان نعطي المريضة جرعة زائدة واذا كانت الصفائح الدموية لدى المريضة قد انخفضت فنعطيها صفائح دموية، وهذا يحدث كثيراً أثناء علاج اللوكيميا سرطان الدم، وبعلاج اللمفوما او سرطانات أخرى نضطر معها ان نعطي جرعة زائدة من العلاج الكيميائي. اما بالنسبة للكريات الحمر فهذه تعيش فترة طويلة في جسم الانسان اذ تعيش 120 يوماً وهي لا تتجدد بسرعة كبيرة، وبالتالي ممكن لهذه ان تتأثر بالعلاج الكيميائي الذي يعطى لفترات طويلة، وأحياناً نضطر ان نعطي المريض او المريضة كريات دم لنساعدها.

مفعول الأدوية الكيميائية

ــ وهل لكل الأدوية الكيميائية المفعول نفسه؟

- ليس لكل الأدوية الكيميائية المفعول نفسه مثل الغثيان والتقيؤ، وهنا أيضاً علينا ان نحدد، اذ هناك أدوية لديها مفعول قوي مثل التقيؤ والغثيان، فيما هناك أدوية مفعولها وسط، وأخرى مفعولها خفيف. واليوم أصبحت لدينا أدوية ضد الغثيان والتقيؤ اذ هناك ادوية خفيفة وأدوية أقوى، وهناك أدوية نستعملها معاً اذا كانت الأدوية الكيميائية قوية، واليوم نقدر بنسبة 70 الى 80 بالمئة من الحالات ان نمنع الغثيان والتقيؤ اذ تُؤخذ على مدى ثلاثة أيام، وأحياناً نزيد الكورتيزون لنمنع ذلك اذ نزيده مع الأدوية على مدى يومين او ثلاثة أيام لكي لا تشعر المريضة بالغثيان والتقيؤ. وأيضاً اذا كانت المريضة لا تقدر أحياناً ان تتناول الحبوب فنقدر ان نعطيها لصقة، اذ هناك أنواع مختلفة من الأدوية، فهناك أنواع من <السيروتونين> اي ممكن ان تكون لصقة نقوم بتلصيقها على الجلد، وأيضاً هذه تساعد في هذا الخصوص وتمنع التقيؤ والغثيان، وبالتالي هناك تطورات جديدة ومهمة والأهم من كل هذا ان نمنع حدوث ذلك ونطمئن المريضة بأن ذلك لن يحدث معها... وهناك أدوية عندما نعطيها ممكن ان تؤثر فوراً على الكلى مثل <سيسبلاتين> اذ هناك أدوية نعطي معها سوائل كثيرة لكي يقوم الجسم بـ<Hydration> للمريضة لكي لا تحدث معها مشاكل في الكلى وهذا أمر مهم جداً، وهناك أدوية تؤثر أحياناً على المثانة اذ تسبب النزيف ولهذا نطلب من المريض او المريضة ان تشرب الكثير من الماء والسوائل لكي لا تتأثر المسالك البولية كلها بشكل عام.

 

العلاج الكيميائي وتساقط الشعر

 

ــ وماذا عن تأثير العلاج الكيميائي على الشعر؟

- هناك أدوية تؤثر على الشعر، اذ ان الشعر يتساقط عادة بعد ثلاثة أسابيع من بداية العلاج الكيميائي، لأن الشعر في نمو دائم اذ أن الشعر من الأقسام الحية في الجسم وبصلة الشعر في تكاثر دائم، وبالتالي عندما تأخذ المريضة العلاج الكيميائي ممكن ان يؤثر عليها فيتوقف نمو الشعر ولهذا يتساقط الشعر، ولكنه ينمو من جديد اذ اقول دائماً للمريضة ان الشعر سيتجدد لديها. وطبعاً هناك درجات مختلفة للعلاجات وأثرها يختلف على الشعر، اذ هناك علاج يؤثر مئة بالمئة وهناك ما يؤثر قليلاً اي لا يتساقط الشعر كلياً. ومرة بعد مرة يمكن ان يمتد مفعول العلاج على الحاجبين والرموش اذا استمر العلاج لفترة طويلة. وهناك مرضى كثيرون خصوصاً السيدات يقمن بـ<تاتو> او يستخدمن الرموش الاصطناعية، وبالتالي السيدات يهتممن بهذه الأمور، ومن جهتنا نقول لهن انها فترة وستمر، وبالتالي تسير الأمور بشكل جيد.

وعن دعم افراد الأسرة لمريضة السرطان يقول:

- اليوم نرى ان أفراد الأسرة يدعمون المريض اذ ان الزوج يقوم بحلق شعره قبل ان يتساقط شعر زوجته التي تخضع للعلاج الكيميائي، وهناك أبناء ممكن ان يتضامنوا مع أمهاتهم فيقومون بحلق الشعر تضامناً مع أمهاتهم، وأيضاً هناك سيدات لا يكترثن لهذا الأمر اذ لدي مريضات وهن مثل عارضات الأزياء يخرجن بدون شعر اذ لا يكترثن لهذا الجانب، ولكن لا شك ان المرأة بشكل عام تتأثر بأنوثتها وشعرها ولكنها فترة وتمر. والأهم ان تقتنع السيدة انها مرحلة وستمر، كما بامكانها ان تحصل على الشعر المستعار، واليوم هناك تفنن في ما يتعلق بالشعر المستعار، اذ كل سنة تقوم الجمعية اللبنانية لمكافحة سرطان الثدي ومركز علاج سرطان الثدي في المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت مع شركة <رويال> ومجمع <أ ب ث> بحملة تبرعات للشعر، اذ يأتينا أشخاص مندفعون يحبون ان يساعدوا المرضى ومساعدة السيدات المصابات بالسرطان اللواتي ممكن ان يتأثرن بسقوط الشعر، وبالتالي لدينا شعر طبيعي نرسله لصالون قرقفي فيهتم بالشعر جيداً ونعطيه للسيدات بدون مقابل، حتى انه نخيّر المريضة في حال لم يعجبها الشعر المستعار ونقول لها ان تأتي في الاسبوع المقبل لتغييره اي نقوم برفع معنوياتها فتتحسن نفسيتها وهذا أمر مهم. إشارة الى أن هناك رجالاً عندما يخضعون للعلاج الكيميائي يتساقط الشعر لديهم، وبالتالي نهتم بالرجال أيضاً في هذا الخصوص.

وعن تأثير الأدوية على الجلد يقول:

- هناك بعض الأدوية تؤثر على الجلد حيث تسبب احمراراً فتظهر الحبوب، وان الطبيب يخبر المريضة او المريض ما هي الاشتراكات ونحاول ان نتفاديها، طبعاً نحن نعطي العلاج الضروري وأحياناً نضطر ان نغير العلاج اذا كانت الاشتراكات قوية، كما هناك بعض الأدوية تسبب الاسهال ونعالجها أيضاً.

وعن تطور العلاج يقول:

- في العصر الحالي هناك تطورات كثيرة بالعلاج، فهناك العلاج المنهجي الذي تحدثت عنه للجسم كله، اذ بتنا اليوم لا نستعمل العلاج الكيميائي بل نستعمل أدوية مضادة للهرمونات، وهناك أدوية مضادة للانزيمات الموجودة بداخل الخلايا، وهناك أدوية تقوي المناعة ضد الخلايا السرطانية، وهناك أدوية مهدفة اذ أصبحنا نعرف أحياناً أي نوع من البروتينات موجود في الخلايا او على سطح الخلايا الذي يجعل الخلايا تنمو بسرعة فأصبحنا نعرف <Biochemical Pathway> لديها ونعطي أدوية لوقف هذا العملية، هذه هي العلاجات المهدفة، وفي عصرنا هذا أصبح بامكاننا ان نعطي علاجاً كيميائياً مع علاج مهدف، كذلك ممكن ان نعطي العلاج المناعي الذي يقوي المناعة لوحده، وممكن ان نعطي العلاج الكيميائي مع العلاج المناعي، وممكن ان نعطي العلاج الشعاعي مع العلاج المناعي، لأن هذه مع بعضها ممكن ان تحفّز جهاز المناعة لمحاربة السرطان، فهذه الطرق كلها تساعدنا لكي نحصل على نتائج ممتازة.

وعن الدراسات المخبرية والدراسات الجينية يشرح:

- كما تعلمين لم نعد نعطي كما في السابق العلاج الكيميائي لكل المرضى، فاليوم نقوم بدراسات مخبرية ودراسات نسيجية ودراسات جينية لكي نعرف هل العلاج الكيميائي يفيد هذا المريض او المريضة وكم نسبة الاستفادة؟ ونحدد وفقاً للنتائج نوع الدواء الذي يجب ان نعطيه، وبالتالي حدث تطور مهم في ما يتعلق بالعلاج، فاذا كنا نقدر ان نتجنّب ان نعطي المريض العلاج الكيميائي نتجنبه، اي نعتمد على العلاج المضاد للهرمونات ونعتمد على العلاجات المهدفة، فهذا مهم جداً ان يدرس الطبيب الوضع كله بشكل متكامل ويرى ما هي أفضل طريقة لعلاج المريض او المريضة. وعندما يُعطى العلاج الكيميائي بعد العلاج الجراحي يزيد من نسبة الشفاء لأنه اذا كانت هناك خلايا نائمة بمكان ما يقتلها، وهذا الأمر نطبقه بحالات سرطان الثدي وسرطان القولون وسرطان الرئة، اي يُطبق بعدة حالات سرطانات، فيما أحياناً يكون الورم كبيراً فلا نقدر ان نستأصله فنعطي المريض العلاج الكيميائي لنصغّر الورم ومن ثم نقوم بالجراحة، فالاستفادة كبيرة وممكن اعتماد العلاج الكيميائي في البداية وممكن اعتماده لاحقاً، فهذه الأمور مهمة لكي نصل الى أفضل النتائج.

وختم البروفيسور الصغير حديثه قائلاً:

- هناك اناس كثيرون يقولون لنا أنهم لا يحبون العلاج الكيميائي، وانا اقول يجب ان تحبوه لانه يشفيكم، اذ ان الدواء القوي يساعدهم على الشفاء، وبدل ان نكون سلبيين علينا ان نكون ايجابيين، فالعلاج الذي يجب ان يأخذه المريض عليه ان يأخذه، ونحن واجباتنا كأطباء ان نخفف من الاشتراكات والمضاعفات وان نساند ونساعد المريض والمريضة على ان يتخطوا هذه الصعوبات، ونقدر ان نتخطاها سوياً خصوصاً عندما يكون هناك دعم نفسي ومعنوي للمريضة وتكون محاطة بالعائلة والأصدقاء اي يسهل الأمر كثيراً، فاليوم كانت لدي مريضة عمرها في العشرينات ــ وأيضاً لدي مريضة في سن الثلاثينات ــ تأخذ علاجاً كيميائياً فعندما تأتي لتلقي العلاج يرافقها عشرة أشخاص من أفراد اسرتها وأصدقائها، اذ يجلسون معها في المستشفى والمريضة الشابة تشعر وكأنها تأتي الى المستشفى كـ<نزهة>، فتكون سعيدة ومرتاحة ومعنوياتها عالية، وبالتالي الدعم المعنوي والعائلي ومن قبل الأصدقاء مهم جداً لتتخطى المريضة مرحلة العلاج التي يمكن ان تكون صعبة عليها، ولكن نحن كأطباء نساعد المرضى لتكون هذه المرحلة سهلة.