تفاصيل الخبر

أهــــل الـسـيـاســــة مــن الـصــــراع عــلى ثــــروات الـبــــــر الــى الـصــــــراع عـلـــى ثــــــروات الـبـحـــــــر!

10/11/2016
أهــــل الـسـيـاســــة مــن الـصــــراع عــلى ثــــروات الـبــــــر  الــى الـصــــــراع عـلـــى ثــــــروات الـبـحـــــــر!

أهــــل الـسـيـاســــة مــن الـصــــراع عــلى ثــــروات الـبــــــر الــى الـصــــــراع عـلـــى ثــــــروات الـبـحـــــــر!

 

بقلم وليد عوض

حريري-و-ظريف-------2

كل شيء الآن بتوقيت الرئيس سعد الحريري، بعد حلف التفهم والتفاهم مع رئيس الجمهورية الجديد العماد ميشال عون. والاثنان يدركان ان الناس فقدت الثقة في أهل السلطة ولم تعد تصدق الوعود، وتريد أن تشهد على حركة تغيير واصلاح في المؤسسات بحيث يغيب الحديث عن الرشوة والصفقات المشبوهة، وينتشر الحديث عن مجالس تأديب وحركة تطهير، فلا يضيع المال العام بين أيدي تجار الصفقات، ويعود كل المال الى المواطنين على شكل خدمات في الماء والكهرباء والطرقات وثروة النفط والغاز الآتية من قاع البحر.

كان أهل السياسة يتصارعون على ثروات البر، وقريباً سيتصارعون على ثروات البحر، فلا تعود الأرض نهباً لأسماك بشرية يأكل بعضها البعض.

كانت وزارة الداخلية هي الوزارة السيادية التي تتهافت عليها الكتل النيابية والأحزاب ذات التمثيل الشعبي الواسع، ولا يهم عمر الوزير الآتي الى هذه الحقيبة الوزارية لأن الحياة في نظر الفلاسفة تبدأ بعد الستين، والوزير الذي يكون عمره 61 سنة يكون في السنة الأولى من الحياة، وهذه الفلسفة برسم الوزراء المتقدمين في السن!

ووزارة الطاقة هي الحقيبة التي يمارس التصويب عليها الرئيس نبيه بري باعتبار أنه من الأساس يراهن على ثروة النفط والغاز، ويعتبرها ثروة الوطن الآتية التي تشير دراسات الخبراء الى أنها الوسيلة الأولى لإطفاء الدين العام، وان الاحتياطي الذي ستوفره للخزينة هو 300 مليار دولار. وبذلك سيكون لقب الوزير الذي سيقبض على مقاليدها هو الوزير الاستثنائي.

ولا يعني ذلك ان كتلة الرئيس بري البرلمانية مستعدة للتنازل عن وزارة المال لصالح وزارة الطاقة، بل أن تكون هناك توأمة معها، والنائب المرشح هو نائب حاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين ونائب النبطية ياسين جابر الذي اصطفاه الرئيس بري مع الوزير علي حسن خليل ليكونا الممثلين البارزين له في الملمات والمسائل الصعبة. إلا ان للدكتور سمير جعجع، رئيس القوات اللبنانية وجهة نظر أخرى في الموضوع، بحيث لا يرضى في تمثيل القوات اللبنانية إلا في الحقائب الوزارية السيادية وهي: وزارة الداخلية، ووزارة الخارجية، ووزارة المال، ووزارة الدفاع، وتنضم إليها في هذه المرحلة وزارة الطاقة، والدكتور جعجع يمنح طرف عينه لوزارة المال، على أساس انها مفتاح كل الوزارات ومهندسة الموازنة التي هي الشريان المالي للبلاد. وبلد بدون موازنة بلد فاقد التوازن.

على غرار العميد

ريمون اده

ولا بد من جلسة مصارحة بين الرئيس نبيه بري والدكتور سمير جعجع لتحديد اسم الشخص الذي سيتسلم هذه الحقيبة الوزارية، تماماً مثلما كان العميد ريمون اده يصر على أن يتسلم وزارة الدفاع في حكومة الرئيس صائب سلام الأولى بعد انتخاب الرئيس سليمان فرنجية، فلم يحصل عليها، ومن أجل ذلك لم يشارك في حكومة صائب سلام صيف 1970، وإذا أصر سمير جعجع على تسلم وزارة المال، فقد يكون خارج التشكيلة الحكومية. وليس في وارد الرئيس ميشال عون أن تكون حكومة عهده الأولى بدون سمير جعجع الذي أكمل له الغطاء المسيحي في طلبه لكرسي الرئاسة. وما الرسائل التي حملها من الطرفين النائب ابراهيم كنعان، وملحم رياشي، إلا الشاهد على الحلف السياسي الذي لا تنفك أواصره بين الرئيس عون والدكتور جعجع. وهنا يكون دور التوفيق بين الرئيس عون وسمير جعجع للرئيس سعد الحريري الذي له عند كل من الرجلين رصيد سياسي خاص، وقدرة على تقديم الرأي النهائي في توزيع الحقائب الوزارية.

إنه رجل الدولة بامتياز والضمانة الكبرى في الزمن الصعب..

هكذا هي الصفة التي أعطاها السيد حسن نصر الله يوم الجمعة الماضي للرئيس نبيه بري. وحسناً فعل رئيس مجلس النواب في تسمية الرئيس ميشال عون وعدم تعطيل النصاب البرلماني المطلوب لانتخاب رئيس الجمهورية، بعدما كان في صدد مبايعة سليمان فرنجية بالرئاسة. وقد سبق له أن قال إن مشكلته ليست مع الرئيس عون بل مع الرئيس الحريري، ربما لأنه لم ينسق معه في حملة ترئيس العماد ميشال عون للجمهورية اللبنانية، ومع ذلك فقد رشح لرئاسة الحكومة الرئيس سعد الحريري، وكان عذره في ذلك منتهى الفروسية، وهو انه حين شكل الرئيس الحريري حكومته الأولى قال له الرئيس بري: <أنا معك ظالماً أم مظلوماً>. وهذا دين في عنق رئيس المجلس النيابي ولا يمكن أن يتنكر لهذا الموقف.

 

حريري-و-عون-----1التضحيات تتوالى

وليس الرئيس بري وحده اختار مركب التضحيات، فالزعيم وليد جنبلاط لم يكن ضد انتخاب العماد ميشال عون، إلا ان ابرة بوصلته السياسية كانت تميل الى اسم سليمان فرنجية، ثم رأى ان مصلحة البلاد فوق أي خيار ذاتي، وانضم الى تأييد ميشال عون، وسليمان فرنجية انضم مع النائبين سمعان الدويهي وسليم كرم الى مؤيدي تكليف الرئيس الحريري برئاسة الحكومة الجديدة، مع ان عملية اختيار ميشال عون من تأليف واخراج سعد الحريري.

والرئيس نجيب ميقاتي خرج عن موكب تأييد العماد ميشال عون، ولكنه عند التصويت لرئيس الوزراء الذي كلفه الرئيس عون بتشكيل الحكومة، لم يتأخر عن مبايعة الرئيس الحريري، وهكذا فعل حليفه النائب أحمد كرامي والوزير السابق النائب محمد الصفدي الذي فتح في الأساس صفحة علاقة جديدة مع الرئيس سعد الحريري. والأمر نفسه ينطبق على الأمير طلال ارسلان الذي كان من أشد مؤيدي سليمان فرنجية، ولكن الحاجة الى حالة استقرار في البلد طغت على كل اعتبار، فاختار التصويت في البرلمان للعماد عون، ولتشكيل الحكومة للرئيس سعد الحريري.

ورئيس حزب الكتائب سامي الجميّل كان من أصحاب الورقة البيضاء عند التصويت للعماد عون في البرلمان كرئيس للجمهورية، وحاول الاعتراض على المسار البرلماني، وكاد أن يعطل جلسة الاقتراع الأولى، ومع ذلك فقد تقدم المهنئين للعماد عون، كما تقدم المرحبين بتكليف الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة. وولدت طبقة سياسية بلا أخطاء ولا خلفيات خصومة متوارثة، وكل ذلك جاء لمصلحة البلاد أمنياً واقتصادياً. فالاقتصاد كان الرابح الأكبر من انتخاب ميشال عون للرئاسة وسعد الحريري لزعامة السراي الحكومي.

ويحضرني هنا مثل سمعته لحاكم إمارة دبي ونائب رئيس دولة الإمارات ورئيس وزرائها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهو: <إذا كانت السياسة هي العربة، فالاقتصاد هو الحصان الذي ينبغي أن يكون أمام العربة على طول الخط>.

وحكم الاقتصاد يستدعي أن يكون وزير الاقتصاد والتجارة، ووزير المال، ووزير الطاقة، ووزير الزراعة، ووزير الصناعة من أصحاب الاختصاص، وموضع ثقة الناس، وإلا أضعنا فرص الاستفادة من الوهج الذي أسبغه انتخاب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، على البلاد. والاقتصاد متلازم مع الأمن، وكأنهما توأمان. ويمكن القول ان الاقتصاد سمكة كبيرة تسبح في عباب الأمن.. وهذا ما يجعل كتلة <المستقبل>، وهي أكبر كتلة برلمانية تتمسك بحقيبة وزارة الداخلية، وترشح لها من جديد نهاد المشنوق، ويقابلها حقيبة وزارة الدفاع التي تمسك بها الطائفة الأرثوذكسية، من فايز غصن الى سمير مقبل، وهي من حصة رئيس الجمهورية.

 

<كيريلنكو> ــ الظريف!

والمهم الآن هو تشكيل الحكومة بحلول مستجدات من الأهمية بمكان، مثل مجيء وزير الخارجية الإيراني <محمد جواد ظريف> الى بيروت هذا الأسبوع. وهذا يفترض التعجيل بتأليف الحكومة، حتى لا تتألف بعد انتهاء زيارته للبنان. ويقال ان <محمد جواد ظريف> هو الذي بارك تأليفها، مع بيان وزاري بشعار: الشعب والجيش والمقاومة، وبذلك تعود الذكرى الى العام 1974، حين كلف الرئيس تقي الدين الصلح بتشكيل الحكومة من قبل الرئيس سليمان فرنجية، وطال أمد التأليف تحت مطرقة مطالب الكتل السياسية.

وما لبث تقي الدين الصلح أن قال: <وجدتها>. وقد وجدها في مجيء المبعوث السوفييتي <كيريلنكو> الى بيروت آتياً من دمشق. فتوجه الى القصر الجمهوري ليقول للرئيس فرنجية: بعد أيام يصل <كيريلنكو> السوفييتي الى بيروت، وعدم وجود حكومة سيحرم الرجل من استقبال رسمي، كما ان اعلان الحكومة بعد مجيء <كيريلنكو> سيفسح في المجال للقول إن <كيريلنكو> هو الذي تولى تأليف الحكومة. وإذ ذاك مضى الرئيس فرنجية الى مكتبه ليعد مرسوم اعلان الحكومة.

وما واجهه <كيريلنكو> سيواجهه <محمد جواد ظريف> فلن يجد أولاً من يستقبله من حكومة جديدة، وإذا صدر مرسوم تأليف الحكومة بعد سفره من لبنان فسوف يقال إنها حكومة <ظريف> ولاسيما إذا طرحت شعارات مثل <الشعب والجيش والمقاومة>.

وعلى كل حال سيكون هناك حكومة في عيد الاستقلال، وظريف جداً أن تكون الحكومة الجديدة هي من يستقبل المهنئين في قصر بعبدا...

ولا حاجة لـ<كيريلنكو> أو.. <ظريف>!