تفاصيل الخبر

أحدث التقنيات الطبية في جراحات الرأس والعمود الفقري...

07/02/2020
أحدث التقنيات الطبية في جراحات الرأس والعمود الفقري...

أحدث التقنيات الطبية في جراحات الرأس والعمود الفقري...

بقلم وردية بطرس

البروفيسور يوسف قمير:عالم جراحة الرأس والعمود الفقري يسجل ثورة على صعيد التقنيات المستحدثة بخلاف الجراحات التقليدية!

 

يعتبر العمود الفقري الداعم الأساسي لهيكل الجسم، وبفضله يستطيع الانسان القيام بالمهمات والواجبات اليومية. ولكل فقرة وظيفتها الخاصة، وتحمي جميع الفقرات مجتمعة الجهاز العصبي المركزي والذي يتكوّن من الدماغ والأعصاب والحبل الشوكي، والدماغ هو المسؤول عن ارسال الاشارات او الأوامر من خلال سلسلة الأعصاب الفقرية لكي تعلم كل خلية في الجسم ما يجب عليها فعله، وبهذا يتم الحفاظ على الوظائف الحيوية، والعمود الفقري هو المسؤول عن حماية نظام التواصل هذا بين الدماغ والأعضاء. ولذلك عند اصابة الفقرات بأي ازاحة مهما كانت بسيطة، ينتهي الأمر بالضغط على أحد الأعصاب، وهذا ما يؤدي الى منع انتقال الرسائل من خلال هذا العصب الى غايتها.

فما هي أحدث جراحات الرأس والعمود الفقري؟ وماذا عن التقنيات المتوافرة لمعالجة مشاكل الرأس؟ وغيرها من الأسئلة حملتها <الأفكار> الى رئيس قسم جراحة الدماغ والأعصاب في <مركز كليمنصو الطبي> ورئيس قسم جراحة الدماغ والأعصاب في <مستشفى الجعيتاوي> البروفيسور يوسف قمير ونسأله أولاً:

ــ ما هي أكثر مشكلة تصيب الرأس والعمود الفقري والتي تستوجب اجراء العملية الجراحية لانقاذ حياة المريض؟

- في لبنان أكثر مشكلة نراها في هذا الخصوص هي حوادث السير فحوادث السير في لبنان شائعة جداً، وذلك لسببين اولاً: قيادة السيارات بتهور والطرقات الخطرة، وثانياً: الناس يشربون الكحول ويقودون، وبالتالي هذان الأمران: منظومة السير والقيادة تحت تأثير الكحول يسببان حوادث السير، وللأسف ليست هناك عقوبة لمن يقوم بهذه المخالفات التي هي ممنوعة في كل بلدان العالم، ولهذا تتعرّض حياة الناس وأغلبهم من الشبان والصبايا للخطر بأعمار صغيرة وهم في عز العطاء والنشاط في حياتهم ومجتمعهم، فتتحول حياتهم الى كارثة لهم ولأهلهم وتكون كلفة العلاج باهظة، لهذا يجب ان يُوضع حد لهذه الأمور في لبنان لأن نتائجها وخيمة جداً. كذلك الضربات على الرأس أثناء قيادة الشباب للدراجات النارية او الهوائية لاسيما انهم لا يستعملون الخوذة اثناء القيادة لهي مشكلة كبيرة وخطيرة اذ ان هذه الاصابات تشكل خطراً على الرأس وتؤدي لاصابة الشخص بالخرف بشكل مبكر. هناك ثقافة يسمونها في اميركا <Think first> او <فكر أولاً> اي يجب ان يفكر الشخص قبل ان يقدم على القيام بمثل هذه الأمور ويخاطر بحياته وبدماغه، ولكن للأسف هذه الثقافة ليست موجودة في لبنان، لذا من الضروري ادخالها الى المدارس من ثم في مجتمعنا لنخفف من هذه المخاطر على حياة الشباب. واليوم نرى اصابات عند الشبان والشابات بسبب حوادث السير لأن الطرقات سيئة جداً وليس فيها انارة، اذ ان طرقاتنا ليست محمية واشارات السير ليست منتظمة، رغم انه للأسف لبنان كان اول بلد أضاء طرقاته ولكن ما يحصل اليوم خطير.

 

تقنية <ICP Monitoring>!

وعن التقنية يشرح البروفيسور قمير:

- بما يتعلق بعلاج اصابات الرأس فلقد أدخلنا الى لبنان <Concept> او مفهوماً انه عندما يتلقى الانسان ضربة على رأسه فيجب ان يُزان ضغط الرأس، ويجب ان تُستخدم تقنية <ICP Monitoring> وهي تقنية متبعة منذ وقت طويل بجراحة الرأس في العالم كله، ولكنها غير معتمدة في لبنان لسبب أعجز ان أفهمه رغم انها ليست مكلفة، وتتضمن هذه التقنية قياس ضغط الرأس لأن قياس ضغط الرأس يوفّر على المريض مشاكل عديدة ويجعلنا نتبع نظاماً علمياً بالعلاج بحيث نخفف من الضرر على الدماغ لأنه يجعلنا نعطي العلاج في الوقت الذي يجب ان نعطيه فنخفف ضغط الرأس عندما يتوجب ذلك، لأن ما يضر المريض عادة هو ارتفاع ضغط الرأس، وعندما يتورّم الدماغ يضغط على الجمجمة، فيرتفع ضغط الدماغ ولا يعود الدم يصل الى الدماغ مما يؤدي الى كارثة اي الموت الدماغي، والموت الدماغي نراه كثيراً عند الشباب أكثر من البالغين لأن الدماغ يتورّم أكثر عندما يكون الشخص شاباً. وبالتالي هذه التقنية بسيطة، وأذكر عندما عدت الى لبنان في العام 1997 أدخلنا هذه التقنية الى لبنان، ونحن نتبع هذه التقنية في المستشفيات التي أعمل بها ولكن لسوء الحظ ليست معتمدة كـ<Policy> في لبنان، ومن الضروري ان تُعتمد هذه التقنية في كل المستشفيات في مختلف المناطق اللبنانية. وأود ان اذكر هنا انه أول مقابلة أُجريت معي وكنت آنذاك أعمل في <كليفلاند> سنة 1993 كانت مع مجلة <الأفكار> اذ زارني يومها رئيس تحرير <الأفكار> الأستاذ وليد عوض (رحمه الله) وأجرينا تلك المقابلة.

جراحة الصرع!

وعن جراحة الصرع يقول:

- في العام 1997 أدخلنا الى لبنان جراحة <EPILEPCY> او الصرع الى الجامعة الأميركية في بيروت والشرق الأوسط، ومنذ ذلك الوقت تبين انه من خلال الجراحة فانه ما بين 70 او 80 بالمئة من الأشخاص المصابين بالكهرباء في الرأس يُشفون، فالكهرباء التي تأتي في مكان معين تُسمى <النقطة> وهذا التعبير بالعربي هو صحيح لأنه أحياناً تأتي الكهرباء من نقطة معينة في الرأس وأحياناً من عدة نقاط ولكن عندما تأتي من نقطة معينة في الرأس فمن 70 الى 80 بالمئة من المصابين يشفون عندما نخضعهم للجراحة، ولكن في كثير من الأحيان لكي نحدد من أين تأتي الكهرباء كنا نفتح الرأس ونضع المسمات بداخل الرأس لنعرف من أين تأتي الكهرباء. ولكن الآن هناك تقنيات متطورة جداً بتخطيط الكهرباء والتي تحدد من أين تأتي الكهرباء، واذا لم نقدر ان نحدد بدون ان نفتح الرأس فاننا نقوم بفتحة في الجمجمة بشكل رفيع وبالكمبيوتر ندخل مسمات رفيعة جداً على الدماغ تجعلنا نعرف من أين تأتي الكهرباء العاطلة في الدماغ لنقدر ان نزيلها. اذاً اصبح هناك تطور بالتخطيط بعلم كهرباء الرأس، وأصبح هناك تطور كبير في <Robotics> التي تجعلنا ندخل مسمات، وبدل ان نجري عملية جراحية كبيرة ونفتح الرأس أصبحت هناك تقنية <Revolutionary> يسمونها <MRI Guided Laser Ablation> اي ندخل خيط ليزر ونحرق المكان، اي خلال <ام ار اي> ندخل خيط ليزر ويحرق المكان فتتوقف الكريزة وهذه ثورة بعالم الجراحة، وهذه التقنية نقدر ان نستعملها لتورمات الرأس الغميقة التي لم نكن نقدر ان نصل اليها من قبل، وهذه تُعتبر ثورة، وبالتالي اصبحنا نجري عمليات بدون اي خطورة لأشخاص مصابين بالصرع لم نكن نجريها للمرضى.

ويتابع:

- وبما يتعلق بالرجفان فتجدر الاشارة هنا الى ان هناك أشخاصاً يحدث معهم رجفان في اليدين وهي مشكلة شائعة جداً، وكلما تقدموا في السن تزداد هذه الحالة وحتى الصبايا والشبان يُصابون بالرجفان في اليدين، وليست هناك أدوية جيدة لحالة الرجفان، ولكن اليوم هناك تقنية جديدة هي أيضاً بدون جراحة اذ يدخل المريض الى <ام ار اي> وهذه ليست بالليزر بل بـ<ULTRA Sound> الذي نوجهه الى مكان غميق في الرأس ونشفي الرجفان، اي يدخل المريض الى <ام ار اي> ويداه ترجفان ولا يقدر ان يسيطر عليهما، وبعدها يزول الرجفان وذلك بدون جراحة لأنه بواسطة <ام ار اي> تتم معرفة حرارة الخلايا ونوجّه بـ<ULTRA Sound> على منطقة معينة في الرأس ونعرف كم هي حرارتها في منطقة الرأس وكم نرفع حرارتها، اذ نرفع حرارة هذه المنطقة في الرأس لدرجة ان الخلايا تموت بمنطقة ميلميتر، فيوقف الرجفان يعني يمكن القول انه في جراحة الرأس هناك ثورة.

ــ وهل تجُرى هذه العمليات في الدول العربية؟

- حتى اليوم لم تُجرَ هذه العمليات التي ذكرتها في الدول العربية، فنحن في لبنان كنا دائماً سبّاقين اذ أتينا بكل التقنيات الى لبنان، وكما ذكرت في سياق الحديث عن هاتين التقنيتين والتي لم نأتِ بهما بعد الى لبنان، ولكن كل التقنيات مثل جراحة الصرع وجراحة التورّمات وجراحة التنظير قد أدخلناها الى الدول العربية اذ كنا السبّاقين باجرائها، وكل الدول العربية اتبعتها بعدما تعلمتها منا او نحن علمّناهم اياها، ومنها المراكز المتقدمة في السعودية التي لديها أكبر المستشفيات.

جراحة التورّمات!

وبالسؤال عن جراحة التورّمات يقول:

- لسوء الحظ في لبنان هناك حالات تورّمات في كل مناطق الجسم وهذا عامل يأتي من أمور عدة يؤدي لحدوث التورّمات بدءاً من الطعام الفاسد الذي نأكله، اذ لدي مكنة تقيس كمية <Nitrate> او النترات في الطعام، فالنترات أمر خطير، فمثلاً عندما نقيس الخضار يبيّن ان فيه نترات عالية وكل هذه الأمور من تلوث الهواء الى تلوث الطعام والماء أدى الى ازدياد نسبة التورّمات في لبنان وازدادت نسبة التورّمات في الرأس، وضمن تورّمات الرأس وفي الدماغ هناك مناطق مهمة للكلام والتفكير والذاكرة والحركة والنظر، اذ هناك مناطق تُدعى <Association Area> اي مناطق تساعد الرأس لكي يفكر، وهناك مناطق يسمونها <Eloquent area>  وهي المناطق المهمة للكلام والحركة والتفكير، فعندما يكون فيها تورّمات فانها اصعب جراحة يعني أخطر بكثير من الجراحة عندما يكون التورّم بمناطق ليست مهمة للكلام والتفكير، والآن طورّنا الطرق اذ نجري العملية للمريض وهو يقظ لنقدر ان نحدد اين مراكز الكلام وأين مراكز الحركة ونزيل التورّم بالكامل بدون ان نلمس بمكان الحركة والكلام، وهذه التقنية نحن طوّرناها في أميركا وأدخلناها الى لبنان في العام 1997 والآن هي شائعة اذ العديد من الجراحين يستعملون هذه التقنية. والآن بالاضافة الى هذه التقنية باتت هناك اليوم تقنيات تحدد لنا اين المناطق المهمة في الرأس بالغمق وليس في المناطق السطحية في الرأس فهي مثل <GPS> نسميها <Navigation> ونحن خلال جراحة الرأس عندما نغوص في الدماغ وكأن طيّاراً يقود في الظلام فبواسطة الـ<Navigation> تساعدنا لئلا نسير بالظلام بل نعرف اين المناطق الحساسة في الدماغ ونزيح عنها. وأكثر من ذلك فان <Laser Ablation> يساعدنا أيضاً اذ بواسطته نقدر ان ندخل خيط ليزر بجرح صغير جداً يعني مثل قطبة ندخلها بالدماغ ونحرق تورّماً غميقاً في الرأس بدون ان نعرّض المريض للجراحة الكبيرة ولا الخطر. وبالتالي ان جراحة التورّمات في الرأس حصلت فيها تقنيات ثورية. وأيضاً بما يخص التورّمات الآن هناك <Robotic Microscope> يقول لنا كيف نضع المعلومات وهو يأخذنا الى المنطقة التي يجب ان نكون فيها فبدل ان نحرك يدينا هو يّحرك نفسه ليصيب المنطقة.

جراحة العمود الفقري!

 

وبالسؤال عن جراحة العمود الفقري يقول:

- نحن تعلّمنا ان الجراحة في العمود الفقري تقدر ان تؤدي الى جراحة أخرى ولهذا لا يُجب ان تُجرى جراحة للعمود الفقري الا اذا كان ذلك ضرورياً، اذ لقد خلق الله هذا العضو لكي يتحرك والعمليات التثبيتية في الظهر يجب ان تُجرى فقط عند الضرورة القصوى لها، وبالتالي فنحن نحب ان نستغني عن الجراحة في الظهر. وعندما تكون هناك ضرورة لاجراء الجراحة فان الـ<Robotic Surgery> تطور في الظهر وجعلنا نضع البراغي في الظهر بشكل دقيق جداً من دون ان نؤذي أي منطقة أبداً... وهناك جراحة نجريها للأطفال المصابين بالشلل الدماغي، فكما تعلمين ان الأطفال الذين يُولدون قبل الآوان كالأطفال التوأم فمنهم يُصابون بالشلل الدماغي كما يُصاب هؤلاء الأطفال احياناً بتشنجات في القدمين وفي اليدين تمنعهم من المشي اي لا يتعلمون المشي، ونحن نستعمل تقنية نسميها <Selective Dorsal Rhizotomy> التي تساعد الولد على المشي، ولكن يجب ان تُجرى له هذه العملية بعمر الرابعة او الخامسة ولا يجب ان ينتظر الأهل وهناك نجاحات باهرة بهذا الخصوص، وهذه التقنية متوافرة في لبنان ونحن نجريها في <مركز كليمنصو الطبي> و<مستشفى الجعيتاوي>... واليوم هناك أيضاً تقنيات ليست جراحية اذ كما تعلمين ان مشاكل الذاكرة أصبحت شائعة كثيراً، والآن ستكون هناك ماكينات تُوضع على الرأس تحسّن الذاكرة وتجعل الشخص ينام بشكل أفضل، اذ بدل ان يتناول الشخص دواء منّوماً لينام يقدر ان يضع ماكينة صغيرة على الرأس تعمل على تنظيم الكهرباء في الرأس فينام بشكل طبيعي ويستيقظ بشكل أفضل. اذاً هذه التقنية تعالج الذاكرة وتنظّم النوم، وستصبح هذه التقنية متوافرة في الأسواق بعد سنتين وهذه بشرى سعيدة للناس الذين يعانون من هذه المشاكل.