تفاصيل الخبر

أحببت الصحافة منذ الصغر وكنت معجبة بالصحافي سمير قصير لكن المشوار ليس سهلاً!

13/03/2015
أحببت الصحافة منذ الصغر وكنت معجبة بالصحافي سمير قصير لكن المشوار ليس سهلاً!

أحببت الصحافة منذ الصغر وكنت معجبة بالصحافي سمير قصير لكن المشوار ليس سهلاً!

<لم ننم> هكذا يقول مشاهدو القناة الفرنسية الثانية في عاصمة الأنوار باريس مساء كلّ سبت. فالبرنامج الشهير الذي يحمل هذا الاسم يجعل الجميع في فرنسا ومعهم مختلف الفرنكوفونيين في حالة من التيقظ الدائم، وأحد أسباب هذا النجاح وجود ليا سلامة فيه. فمن هي ليا سلامة؟ ما الذي اخذها الى عالم الصحافة الفرنسية حتى احتلت فيها مكانا متقدماً منافساً؟ ما علاقتها بالحادي عشر من ايلول/ سبتمبر؟ ولماذا تسمّى بـ<القناصة>» وتلقّب بـ<القرش>؟ في زيارتها مؤخراً الى بيروت، عادت ليا غسان سلامة الى جذور لم تنسها يوماً. فهل فرخ البط عوام؟ والى اي مدى استفادت من شهرة والدها البارز؟ هذه الاسئلة وغيرها تجيب عنها ليا ببساطة اوروبية وحنكة عربية مسترجعة ذكرياتها في بلدها الام.

SAM_6114 ليا... كم كان جميلاً!

هالة هو الاسم الحقيقي لـ<ليا>، ابنة وزير الثقافة اللبناني السابق غسان سلامة وماري بوغوسيان الارمنية. ولدت في بيروت العام 1979. تركت لبنان الى فرنسا وهي في عامها الخامس مع الاجتياح الاسرائيلي. لا تنسى طفولتها في البلد، في القسم الغربي من بيروت وتحديداً في الحيّ المسلم. عن اختيارها لمهنة الصحافة تقول: <احببتها منذ الصغر، هذا سبب اول. اما السبب الثاني لاختياري، فأعزوه الى شدة اعجابي يومها بالصحافي سمير قصير رحمه الله. كم كنت اجده وسيماً ومثقفاً يتحدث بحرية مطلقة وكأن لا رادع يخيفه. أرادني والدي في الاعلام المكتوب وانا فضلت الاعلام المرئي، المباشر تحديداً. لم يكن المشوار في هذا المجال سهلاً. لقد استغرق الأمر حوالى السنتين ونصف السنة اصحح فيها وقفتي امام الكاميرا وأكتسب الخبرة. أولى تقاريري كانت كارثية. الا ان ان جان بيار الكاباش الصحافي الفرنسي الشهير لاحظ فيّ شيئاً مختلفاً وحضّني على المتابعة. انا ادين له بالكثير>. دخلت ليا المميّزة بابتسامتها ومباشرتها بعيداً عن اللغة الخشبية الى قناة <فرانس 24>. عملت في قناة <اي تيلي> حيث اثبتت مهنية عالية خاصة في الملفات الدولية، وتنقلت في مناصب عديدة أبرزها برنامج <هذا يناقش>، هي التي تتخذ كمثال أعلى لها في الصحافة <تييري ارديسون> و<فريديريك تاديي>، وذلك للمكانة التي يفردانها لما هو غير متوقع. هالة غوراني نجمة الـ<سي ان ان> التي مرت في فرنسا هي ايضاً رمز كبير بالنسبة الى ليا. قبل ان تنضم الى برنامج <لوران روكييه> السياسي الثقافي الترفيهي <لم ننم> حيث حلت مكان <ناتاشا بولوني> تهيبت ليا خطورة ما رشحت اليه الا انها لم تتردّد في لعب دور <القناص> الذي يتدخل عند اللزوم أثناء مداخلة الضيف فيزيد من حدة النقاش او يصوبها او ينتقدها. لا تنكر ليا أن اولى إطلالاتها في البرنامج كانت متشنجة مع زعيمة الخضر السابقة التي أتت للدفاع عن كتاب هجائي ضد الرئيس <فرانسوا هولاند>. أما في الحلقة الثانية وبشهادة الكثيرين، فقد اتعبت الفيلسوف الفرنسي <برنار هنري ليفي> الذي عاد الى <الميديا> بمسرحية عن اوروبا يضمنها افكاره ومعتقداته ومقالاته السياسية.

خارج التصنيف..

ترفض ليا ان تصنف سياسياً مع اليمين او مع اليسار الفرنسي: <أنا محايدة وسأبقى كذلك، وألعب في البرنامج دور محامي الشيطان. أحاول ان اكون عادلة. لا ندم في حياتي بل فخر انه حتى في بعض مواقع الفشل استعدت رباطة جأشي لأكون نفسي في النهاية. لا أخاف من التلفزيون. انا اعتدت على كل شيء بدءاً من طفولة في الحرب، وصولاً الى جروح في <مانهاتن>، كما ان والدي ايضاً الذي كان في مهمة للأمم المتحدة خلص من موت محتم في انفجار في بغداد. ما عاد شيء يخيفني>! تعتبر ليا ان قضية الصحيفة الفرنسية الساخرة <شارلي ايبدو> وضعت فرنسا أمام ازمة هوية حقيقية. تعتبرها موازية لحادثة الحادي عشر من ايلول في الولايات المتحدة. بالمناسبة كانت ليا في نيويورك عقب الاعتداء على مسافة قريبة جداً من موقع الانفجار الهائل حتى انها جرحت فيه. <كنت في <مانهاتن> اقوم بـ<ستاج> للعلوم السياسية التي ادرسها مدة ستة أشهر ونجوت من الانهيار الكبير الذي رأيته بعينيّ>. بالعودة الى فرنسا، تقول ليا المصنّفة بين الصحافيات الأعلى أجراً فيها ان العمل الارهابي على <شارلي ايبدو> أذهل الفرنسيين. منذ الحرب العالمية الثانية، لم تشهد باريس عملاً مماثلاً في قلب العاصمة وفي وضح النهار. لقد أصبحت الاحاديث كلها تصب في مجال الاديان والعرقيات والجنسيات ولم يعد سهلاً ان تكون مسلماً. لقد أصبح عدد المسلمين في فرنسا هائلاً، يبلغ نحو ستة ملايين شخص، ولا يعرف الفرنسيون كيف يتعاطون معهم او يديرونهم. وهذا أمر مستجد. فرنسا هي قلعة الدفاع عن المدنية والعلمانية. هي البلد الوحيد بحسب قول ليا الذي ما زال فيه مسموحاً تصوير الانبياء وتصويرهم كاريكاتورياً، الأمر الممنوع في الدول الأخرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا. وفي اي قضية تمس العرب والمسلمين تترك ليا أمر الدفاع لزميلها في البرنامج <القناص> <ايميريك كارون> اليساري الذي لا يخفي دفاعه عن الشعب الفلسطيني، وعن الشعب العربي كلّه، حتى لا يحسب عليها تحيزها للعرب لأنها منهم. لا رئيس تحرير..

من الطبع الشرقي احمل صفات عديدة ابرزها التهكم على الأمور، تقول ليا، كما انني أتحدث عدة لغات كالكثير من اهل هذا البلد علماً ان لغتي العربية تحتاج الى تعمق وترسيخ اكبر، كما انني لطيفة مع الجميع وهناك بعض السمات التي تبرزني كشرقية ولبنانية تحديداً. هذا مكتوب على جبيني من خلال حركات يدي وتصرفي وطريقة ملبسي وماكياجي وان كان هذا اخف بكثير مما تتبرج به السيدات هنا. في بداية انطلاقتي بالمهنة كنت نموذجاً واضحاً عن الفتاة اللبنانية ولطالما تساءلت اذا ما كان ذلك سينعكس سلباً ام ايجاباً على عملي في القنوات الفرنسية، الا انني التزمت بمقولة الاديب والشاعر الفرنسي <كوكتو>: Ce que l’on te reproche, cultive-le, c’est toi-même اذ يدعو الى تنمية ما يعتبره الآخرون مأخذاً علينا، لأن هذا ما يجعلنا ما نحن عليه بالنهاية. تشير ليا الى انه ما من موضوع ممنوع طرحه في البرنامج المسائي <لم ننم>، الجيد فيه ان ما من رئيس تحرير، بمعنى ان كل واحد منا يقوم بعمله على هواه وما يجده مناسباً فلا نحضر مسبقاً ما سنتفوه به، ويكون اللقاء سريعاً جداً بيننا قبل بدء الحلقة. أحياناً اكون مضطرة لقراءة ثلاثة كتب في أسبوع، ولا اقرأها عامودياً بل بالتفصيل حتى استطيع ان أناقش الضيف بفاعلية او اقله ان انتقد او أبدي رأيي الصريح. لا يمكنني ان اكون مادة تندّر من الجمهور على ما لا أملكه جيداً لذلك أحضّر فرضي بإتقان. فالجانب الثقافي يتطلب مني جهداً مضاعفاً عن الجانب السياسي، ذلك ان لدي في الاخير خبرة جيدة كونتها بحكم عملي كصحافية. ليا الملقّبة بـ<قرش السبت المسائي> تستنكر وصفها بـ<الشريرة>. <لا يمكنني ان اكون كذلك. انا دافئة في كلامي ولائقة الا انني قاسية ربما. في غمرة المعلومات التي نسمعها من كل حدب وصوب لا بد من الابتعاد عن التفاهات والغوص في العمق وهذا ليس سهلاً ابداً. مع انتهاء تصوير البرنامج على مدى خمس ساعات متواصلة، اشعر انني مفرغة تماماً. تلزمني ساعتان على الاقل حتى أستعيد انفاسي فأخرج للقاء مع الاصدقاء>. وعن مدة بقائها في البرنامج، ترد ليا ان برنامجاً مماثلاً لا يمكن لأي صحافي ان يبقى فيه اكثر من ثلاث سنوات، سيستنفذ في النهاية. انه <الماكسيموم>. الخيط الرفيع بين الصراحة والوقاحة تدركه ليا جيداً وتسعى الى الحفاظ عليه، لأجل ذلك فإنها مباشرة الا انها ليست عدائية مع الضيوف وان كانت على معرفة سابقة بهم فإنها لا تتهاون. لا تجرّح وما لا يعجبها توصله برسالة مبطنة.

جنبلاط وسمير فرنجية

من السياسيين اللبنانيين تختار ليا الزعيم الدرزي وليد جنبلاط لتحاوره وهي تحب السياسي سمير فرنجية ومعجبة بآرائه. من السياسيين الفرنسيين سمحت لها الفرصة بلقاء الرئيس الفرنسي <فرانسوا هولاند> منذ فترة، ووصفته بالمحتال الا انه يفتقد الى <الكاريزما>. كما انها حاورت الرئيس السابق <نيكولا ساركوزي> يوم كان وزيراً للداخلية. اما حدود الخبر او السكوب الاعلامي، فهو الامن العام للبلد بالنسبة الى ليا، وكذلك فإن سقفه القانون وعدم التشهير. هنا الخط الاحمر لأي خبر اذا ما كان يمس بالأمن القومي. وفي قضية العسكريين اللبنانيين المخطوفين، اعتبرت ليا انه من الافضل لو بقيت بالسر وطي الكتمان حتى تنجح، كذلك الأمر بالنسبة الى الاعتداءات، فالوسائل الاعلامية يجب ان تخضع نفسها لرقابة ذاتية فلا تبث الاسماء والصور قبل ان يتم إعلام الاهل والمعنيين.

انفجر <الديكولتيه>.. حول قصة <الديكولتيه> الشهيرة، تبتسم ليا وتقول: <فعلاً حصل ذلك. كنت اعتقد <الميكروفونات> مقفلة فإذا بي اقول على الهواء امام الجميع: لقد فجرت <الديكولتيه>. كانت هذه اكبر تفاهة تفوهت بها. لا يمكنكم تصّور كم صلّيت حتى يمر الأمر سريعاً بدون نتائج كارثية. لقد بنيت حياتي المهنية بجهد وتعب ولم أرد ان أراها تفشل بسبب جملة غبية. وعن النساء اللبنانيات واختلافهن عن الفرنسيات، تقول ليا انهن ربما اكثر <رخاوة> من الفرنسيات. الفرنسيات اكثر قساوة في نمط عيشهن وحياتهن. من الكتاب اللبنانيين تعشق ليا وجدي معوض. ما يكتبه برأيها رائع. كذلك فهي تهوى قراءة اشعار ناديا تويني، وإنتاجات الكتاب امين معلوف، الكسندر نجار وغيرهم. اما الوالد غسان سلامة فمساعدته لها تبقى غب الطلب لأن اشغاله واهتماماته كثيرة. <عنده ايضاً ما يفكر به غير ابنته>، تقول ليا مبتسمة، <الا انني استشيره احياناً، ففي موضوع الحلقة الثانيSAM_6149ة حول ليبيا اتصلت به لأقف عند حقيقة الاوضاع>. تأمل ليا ان تحظى النساء الصحافيات بمكانة اكبر في ادارة محطات اعلامية كبيرة او برامج <توك شو> على مستوى عالٍ. فالمنافسة بين القنوات الفرنسية كبيرة، فهي بعد ان كان عددها 6 محطات سابقاً اصبحت اليوم 15 ما زاد حتماً من المنافسة، وكما في لبنان وفي اي مكان آخر، تعتمد الشاشات الفرنسية وبرامجها على ارقام نسبة المشاهدة.

لا وقت للعريس!

غير قراءة الكتب، تشاهد ليا المسرح، ما تعتبره أمراً مختلفاً عن الحساء العادي. برأيها خلطة النجاح تختصر بالكثير من الثقافة مع حزمة من الاحلام وقليل من التواضع. اما والدها معالي الوزير فرؤيته مغايرة: تسعون بالمئة من الجهد، خمسة من الموهبة والخمسة الأخرى للحظ. لا متسع من الوقت عند ليا لممارسة غير عملها. احياناً تسافر اذ تجد في السفر متعة كبيرة، تشاهد الافلام والحفلات الموسيقية الكبيرة والكوميديا الفرنسية: آخر ما شاهدته في هذا المجال كانت مسرحية <تارتوف> ووصفتها بالرائعة. ورد اسم ليا في لائحة شخصيات العام 2014 وفازت بلقب جائزة <امرأة من ذهب> بحسب مجلة <ج ك> فرنسا بعد استفتاء التحرير والقراء. هذه الجائزة تأسست في العام 1993 لنساء مميزات أحرزن تقدماً في مواقع النساء، وعززن رسالتهن وساهمن في تطوير مجتمعاتهن. الاتصال الهاتفي الذي تلقته بهذا الشأن ليعلمها بالخبر اعتبرته نكتة سمجة من أحدهم، لم تصدقه الا ان لمسته حقيقة واقعة. في النهاية، بين ان تكون السائلة او المجيبة عن الاسئلة، تفضل ليا الاولى. انها مهنتها التي لا تبغي الشهرة من ورائها. <لا أشعر انني بخير مثلاً عندما أقوم برياضة المشي في باريس، منكوشة الشعر، فتجد من يريد ان يلتقط صورة معي. أريد فقط ان أقوم بواجبي كاملاً في مهنة اخترتها. أريد ان اكون صحافية وصحافية فقط>! وعن السؤال عن <العريس> على الطريقة اللبنانية، تبتسم وتسأل بدورها: ومن سيرضى بامرأة تعمل مثلي طوال الوقت؟