تفاصيل الخبر

أجراس الخطر من التوطين تقرع أبواب الدولة اللبنانية!

27/05/2016
أجراس الخطر من التوطين  تقرع أبواب الدولة اللبنانية!

أجراس الخطر من التوطين تقرع أبواب الدولة اللبنانية!

 

بقلم علي الحسيني

الامين العام للامم المتحدة بان كي مون

منذ أن بدأت موجة النازحين السوريين تغزو لبنان في ربيع العام 2011، غابت الدولة اللبنانية أو ربما استقالت من مهماتها في مواجهة الأعباء والانعكاسات الاقتصادية والامنية والسياسية التي نجمت وما زالت نتيجة هذا النزوح وذلك تحت حجة وذريعة النأي بالنفس. ومنذ ذاك الوقت والتاريخ يُعيد نفسه مرة جديدة في <لعبة> التوطين في بلد لم يعد في الأصل يتسع لأبنائه، فكيف يُمكن أن يستقبل اليوم أكثر من مليون لاجئ سوري على أرضه أكثر من نصفهم عبروا الحدود يوم كانت الدولة متلهية بجمع التبرعات وتوزيعها بالتراضي.

 

أصل الأزمة وأسبابها

  

يوم بدأت الثورة السورية وبدأت معها عمليات العبور العبثي باتجاه لبنان، اعتُمدت سياسة الأبواب المفتوحة لأكثر من ثلاث أو اربع سنوات، فحلّت منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية مكان الدولة وأجهزتها في استقبال النازحين وتسجيلهم وإيوائهم بشكل عشوائي وغير منضبط جعل من كل من يجتاز الحدود من سوريا الى لبنان نازحاً، حتى ولو لم تنطبق عليه مواصفات النازح. هذا النزف البشري سواء بشكل قسري أو ارادي باتجاه لبنان، ظل مستمراً حتى منتصف شهر تشرين الأول/ اكتوبر الماضي، فبعدما وصل عدد النازحين الى أكثر من ثلث اللبنانيين، اعتمدت الحكومة الحالية يومئذٍ ما يُسمى ورقة سياسة النزوح السوري الى لبنان، حيث فرض الأمن العام إجراءات على المعابر لتقليص عدد الوافدين، وطُلب من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التوقف عن تسجيل نازحين جدد، وأعلن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في ذلك الوقت ان النزوح السوري توقف وبات اليوم صفراً. لكن اعلان درباس هذا لم يكن سوى مخدر تدخل على اثره وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ليُنقذ الوضع ويُخرجه من أزمته التي استفحلت وما عاد يجوز السكوت عنه، فعمد باسيل الى انتقاد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين خلال جلسة مجلس الوزراء حيث اخذ عليها استمرار ارتفاع اعداد النازحين الذين تُسجلهم. وهنا تؤكد المعطيات ان معظم السفراء المعنيين بهذا الملف، اصبحوا يتحاشون مقاربة الأمر مع باسيل ويفضّلون اللجوء الى وزارات أخرى على رأسها وزراء أكثر منه ليونة.

 

بين الترحيل والاستقبال وتعريف التوطين

الوزير درباس 

أجراس الخطر كلها تقرع ابواب الدولة اللبنانية، فلبنان لم يعد قادراً على تحمل اعباء اللاجئين السوريين وهو الذي ما زال يعيش ازمة اللاجئين الفلسطينيين خصوصاً في ظل توقف المديرية التنفيذية لبرنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة عن تقديم بطاقات الغذاء للاجئين، ولذلك تدرس الدولة اللبنانية خيار الترحيل بدلاً من استقبال اعداد إضافية إلا ان ذلك يتطلب موقفاً موحداً من مجلس الوزراء مجتمعاً، وعلى الرغم من استبعاد الحكومة حصول التوطين واعتباره من سابع المستحيلات، يؤكد البعض ان التوطين اصبح شبه واقع في ظل وجود 1.172.753 لاجئ من سوريا في لبنان.

ومع الفرضيات الواقعة بين القبول والرفض، يفرض سؤال نفسه وهو ﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻮﻃﻴﻦ؟

قانـــــون التوطـــــين يعتــــــبر ﻭﺍﺣــــــﺪاً ﻣـــﻦ ﺍﻟﺤﻠــــــﻮﻝ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤــــــﺔ ﺍﻟﺜلاﺛـــــﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤـــــﺎﻭﻝ ﻣﻔﻮﺿﻴـــــﺔ ﺍلأﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ لﻟاﺟﺌﻴﻦ UNHCR إﻳﺠﺎﺩﻫﺎ لﻟاﺟﺌــــﻴﻦ ﺍﻟﻤﻌـــــﺘﺮﻑ ﺑﻬـــﻢ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺤلاﻥ ﺍلآﺧﺮﺍﻥ ﻓﻬﻤﺎ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺍﻟﻄﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻰ البلد الاﺻلي ﻭﺍلاﻧﺼﻬﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﺍﻟﻠﺠﻮء. كما واﻥ اﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻮﻃﻴﻦ ﻛﺤﻞ ﺩﺍﺋﻢ ﻫﻮ اﺣﺪ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ﻟلاﺟﺌﻴﻦ ﺍﻟﻤﻌﺘﺮﻑ ﺑﻬﻢ ﻓﻘﻂ ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺒﻘﻰ ﺧﻴﺎﺭﺍً ﻣﺤﺪﻭﺩﺍً، ﻭﻫﻮ ﻣﺘﻮاﻓﺮ ﻟﻌﺪﺩ ﺻﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺍلﻟاﺟﺌﻴﻦ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻛﻤﺎ اﻥ ﻋﺪﺩ ﺍﻟلاﺟﺌﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺘﻢ اﻋﺎﺩﺓ ﺗﻮﻃﻴﻨﻬﻢ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﺭﺋﻴﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺩ الاﻣﺎﻛﻦ ﺍﻟﻤﺘﻮاﻓﺮﺓ ﻓﻲ البلدان ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻘﺒﻞ اللاﺟﺌﻴﻦ ﻟﺪﻳﻬﺎ. ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﺪﺩ ﺍلأﻣﺎﻛﻦ ﺍﻟﻤﺘﻮاﻓﺮﺓ اﻗﻞ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﺪﺩ ﺍلﻟاﺟﺌﻴﻦ، فإن ﺍﻟﻤﻔﻮﺿﻴﺔ تحتاج ﺍﻟﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍلاﻭﻟﻮﻳﺎﺕ ﻭﻓﻘﺎً ﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﻣﺤﺪَﺩﺓ ﻭﺿﻌﺘﻬﺎ ﺑﻠﺪﺍﻥ اﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻮﻃﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﺸﺎﻭﺭ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻔﻮﺿﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺍلأﺧﺬ ﺑﻌﻴﻦ ﺍلاﻋﺘﺒﺎﺭ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﻋﺪﺓ، ﻭﺳﺘﻘﻮﻡ ﺍﻟﻤﻔﻮﺿﻴﺔ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﻣﻠﻔﻚ لإﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻮﻃﻴﻦ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻭﺿﻌﻚ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ تعتبر المفوضية ان ﻗﺴﻢاً ﺻﻐﻴﺮاً ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍلﻟاﺟﺌﻴﻦ ﻣﺆﻫل لاﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻮﻃﻴﻦ ﻭمن هنا ﻗﺪ ﻳﺘﻢ ﻗﺒﻮﻝ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻫﺆلاﺀ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ الدول التي تعتمد سياسة او مبدأ التوطين ولبنان واحد من هذه الدول.

 

قنبلة <بان كي مون> الطوعية

 

أصر الأمين العام للأمم المتحدة <بان كي مون> على ان الطابع الطوعي لعودة اللاجئين ضروري وذلك في رد على ملاحظات الوزير باسيل على القرار 2254 المتعلق بـ<العودة الطوعية> للاجئين السوريين إلى بلادهم حيث اعترض باسيل على مصطلح العودة الطوعية الذي ورد في القرار 2254 مقترحـاً تبديلـــــه بـالعــــــودة الآمنــــــة ربطــــــاً بمـــا يحكى عن محاولات المجتمع الدولي لفرض توطين جزء من النازحين السوريين في لبــنان، ولا سيمـا بعدما عــبر أكـــثر مـن مســؤول دولي وممثلون عن دول كبرى امام اكثر من مسؤول لبناني عن رغبة المجتمع الدولي في ايجاد صيغ تسمح لعدد من اللاجئين السوريين بالبقاء في لبنان والأردن، تفادياً لتفاقم ازمة اللجوء الى أوروبا. وفي رسالة بعث بها الى الخارجية اللبنانية رأى <مون> ان اعادة ارساء السلام في سوريا سيتيح للامم المتحدة ان تساهم في خلق الظروف التي تسمح بأن تجري العودة الطوعية للنازحين بأمان وكرامة.

واذ اعتبر <مون> انه وفي تلك الحالة، تمثل العودة بالنسبة إلى معظم اللاجئين الحل الأمثل، شدد على اعتبار الطابع الطوعي للعودة ضرورياً، وان وضع النازحين يستلزم حماية دولية ما دام لا يمكنهم أن يحظوا بحماية بلدهم. لذا فإن عودتهم منوطة بتغيير جذري للظروف في سوريا، ووقتئذ سوف تبذل الأمم المتحدة قصارى جهدها لدعم العائدين. وأكد ان مسألة توطين اللاجئين في البلد المضيف تعود حصراً الى قرار البلد نفسه>. ومن هذا المنطلق او الواقع اللذي بات يتهدد السيادة اللبنانية التي ترزح في الاصل تحت مخاوف جمة من الداخل والخارج، عبرت مصادر مسيحية عن مخاوف من وجود نية لإبقاء النازحين السوريين في لبنان وخاصة ان المجتمع الدولي حريص على تأمين برامج عمل تثبت وجودهم في لبنان. ولفتت المصادر الى ان ما جرى يدفعنا اكثر من ذي قبل الى الاقتناع بأن كل تصريحات الحرص على لبنان وتوازناته لا نازحون سوريون في البقاعمعنى لها، اذا لم نتمسك كلبنانيين جميعاً بمنع التوطين الوارد في الدستور.

ومن المؤكد ان لبنان سيواجه صعوبات عدة في مسألة الوجود السوري على أرضه خصوصاً في ظل غياب عمليات التنظيم لهذا الوجود الذي يتكاثر يوماً بعد يوم بشكل مخيف، والاخطر في هذا الملف هو ما تؤكده الاوساط السياسية والاجتماعية بأن مرحلة إعادة اعمار سوريا فيما لو انتهت الحرب، لا يمكن الا ان تستغرق ما يزيد عن خمسة عشر عاماً كحد متوسط وبالتالي لا يمكن في هذه المرحلة ان تقف المنظومة الدولية مكتوفة الايدي ازاء الحالة الانسانية للاجئين ومطالبتها بتوفير ادنى مقومات العيش لهم حيث هم.

 

عين اللبناني على حركة العبور عند الحدود

 

من يريد ان يشعر بمدى صعوبة الحياة التي اصبح اللبناني يواجهها في بلده، ما عليه الا ان يرصد حركة العبور اليومية من سوريا الى لبنان والعكس. الوافد اكثر من الخارج. عبارة تلخص وجع اللبنانيين الذين لا يكادون يخرجون من ازمة، حتى يقعوا في ازمات اخرى. فمنذ الحرب اللبنانية وهذا الشعب المحب المضياف، يتحمل اعباء جيرانه واشقائه بالاضافة الى اعباء ابناء بلده. الشعب هذا الشعب من اقصى شماله الى اقصى جنوبه لا يتوانى اليوم عن ترديد عبارة <ما في شغل>، وهي عبارة مجبولة بالوجع والقهر آخذة في التصاعد المستمر رغم صمّ المسؤولين اذانهم عن المشاكل الحياتية اليومية التي تواجه شعبهم بكافة فئاتهم ومشاربهم خصوصاً بعدما وصل عدد النازحين في لبنان الى هذا العدد المخيف، وبذلك أصبح اللبناني يشعر بأن هناك من يزاحمه في لقمة عيشه ويمنعه من تأمين قوت عائلته اليومي بعدما دخلت يد العمالة الاجنبية وتحديداً السورية، معظم المصالح والقطاعات حتى تحول الامر الى مزاحمة معيشية، ما دفع بالكثير من التجار في لبنان إلى اقفال متاجرهم ومصالحهم وسط ارتفاع معدل التضخم بشكل كبير ومخيف، الامر الذي انعكس بالتالي على اسعار السلع والمواد الاستهلاكية والغذائية اضافة إلى الارتفاع الجنوني في اسعار العقارات والاسواق الحرة.

وبالرغم من كل ما ورد فما زالت الحدود اللبنانية - السورية تشهد بشكل يومي كثافة نزوح سكاني سوري باتجاه الاراضي اللبنانية في مشهد بات مألوفاً في لبنان خلال الفترة الاخيرة، ويعبّر عن عمق الازمة التي يعيشها الشعب السوري بعدما سالت الدماء في كل منزل من جراء التقاتل بين اهل البلد الواحد. هذا المشهد بدأ يقض مضاجع جزء كبير لا يُستهان به من اللبنانيين الذين أصبحوا عاطلين عن العمل بعدما عمد أصحاب عدد من المصالح الى الاستغناء عن خدماتهم لصالح اليد العاملة النازحة نظراً لتدني مستوى الأجر الذي تتقاضاه هذه الاخيرة، بالاضافة الى عوامل اخرى منها حاجة النازح للعمل وهو ما يجعله يتقبل اي واقع او شروط يفرضها عليه رب العمل خصوصاً لجهة تحديد دوام العمل على عكس المواطن اللبناني الذي يخضع عمله لشروط وقوانين وزارة العمل.

حمادة لـ<الافكار>: كلام فضيحة

للجهة المُطلقة

من نافل القول أن هناك جهات خارجية تسعى او تدفع باتجاه حصول توطين في لبنان فيما هذا الاخير غير قادر في ظل وضعه الحالي على مواجهة هذه المؤامرة الجديدة والتي يمكن ان تُعيده عشرات السنين الى الوراء وربما الى الحرب الاهلية. وفي هذا السياق تؤكد اوساط وزارية ان زيارة المسؤولين الدوليين للبنان تثير الريبة، لأن الجميع يركز اهتمامه في المحادثات مع المسؤولين اللبنانيين على ضرورة تأمين متطلبات النازحين الحياتية مع إغداق الوعود على لبنان بتقديم مساعدات مالية وعينية يحتاجها. وتبدي الاوساط قلقها ايضاً من توجه دولي لإرغام لبنان على إبقاء ما يزيد عن مليون ونصف مليون نازح سوري وفلسطيني على سوريتان لاجئتاناراضيه، حتى ولو توقفت الحرب في سوريا، وهو ما لا يمكن ان يقبل به لبنان الذي سيواجه بشراسة اي محاولة من جانب اي طرف لتوطين النازحين على اراضيه.

وفي سياق الخوف من عملية فرض التوطين ومن كلام <مون>، يؤكد النائب مروان حمادة في دردشة مع <الافكار> ان كلام الأمين العام للأمم المتحدة <بان كي مون> عن توطين النازحين السوريين هو امر غير معقول وفي غير محله، وبرأيه أنه اذا كان هناك كلام لـ<مون> يقول فيه انه يجب ان تكون للسوريين حقوق كسب الجنسيات في البلاد التي يقطنونها او يلجأون اليها، فهذا الأمر فيه فضيحة للامم المتحدة واذا لم تكن متوافرة ففتشوا عن التحريف وربما التزوير وعندئذٍ تكون فضيحة للبنان. وشدد على انه يجب الفصل بين الجانب المالي لازمة اللاجئين السوريين وقضية التوطين، وربما سيكون هناك حل للازمة السورية في ضوء ما يجري سواء في المؤتمرات المتعلقة بالازمة السورية او من خلال كف يد الاسد من السلطة عاجلاًَ ام آجلاً.

ويجزم حمادة ان زمن الحرب والاقتتال بين اللبنانيين لن يعود بأي شكل من الاشكال، فنحن خبرنا مدى الصعوبات التي مررنا بها، ومن هذا المنطلق نشعر مع الشعب السوري ونقف الى جانبه. وعلينا كلبنانيين ان نصبر على هذا الشعب ريثما تنتهي ازمته التي عاجلاً ام آجلاً سوف تنتهي. وهذا الامر يحتم على حزب الله ان يخرج من سوريا لكي يضمن أمن وأمان الشعب السوري وعدم جره الى التوطين، ويُسجل هنا توضيح <مون> الذي عاد واوضح حقيقة الكلام الذي خرج منه، ومثله يُسجل للاجماع اللبناني حكومة وشعب برفض التوطين مهما كانت المغريات السياسية والمالية ومهما كبرت او صغرت التهويلات، فنحن عانينا الامرين من حروب سابقة وقعت تحت عناوين متعددة. وهذا زمن ولّى ولن يعود طالما اننا يد واحدة ويجمعنا مصير واحد.

هل تتنازل اوروبا عن مسؤولياتها؟

لم يسبق لبلد ان عانى من أزمة النازحين، كما يُعاني لبنان. بهذه الجملة تصف ممثلة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة <نينيت كيلي>، تداعيات النزوح السوري على لبنان أمام البرلمان الأوروبي في آذار/ مارس الماضي. رغم ذلك فإن المفوضية تصرّ على التسويف والمماطلة في التقيد بالتزاماتها المعقودة مع الحكومة اللبنانية التي تنبهت متأخرة جداً، الى التداعيات الكارثية لهذا الملف. ويُعتقد ان سبب هجمة التوطين من قبل اوروبا على لبنان وغيره من دول الجوار، يعود الى التفجيرات والتهديدات التي تحصل فيها والتي ستجعلها تستنكف ربما عن استقبال المزيد من اللاجئين وان الحل الممكن سيكون بزيادة الأموال للدول الحاضنة للشعب السوري وخصوصاً الاردن ولبنان وتركيا.

 درباس: هذا ما أكده لي

 ممثلو الامم المتحدة

 

من جهته شدد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس على الموقف اللبناني الحازم في وجه توطين النازحين السوريين في لبنان، ونتمنى اخراج مقولة ان الدول المانحة ستدفع لنا لتوطينهم من التداول علماً ان النازحين السوريين هم عبء علينا وعلى أنفسهم ولذلك هناك ضرورة للبحث عن مساعدات لا تسيء الى سيادتنا ومستقبل أولادنا، مؤكداً ان رئيس الحكومة تمام سلام رفض البحث في موضوع توطين اللاجئين السوريين في لبنان مع أمين عام الأمم المتحدة <بان كي مون> في زيارته الاخيرة وان سلام تعمّد استباق اي امكانية طرح الموضوع بتأكيده رفض لبنان مبدأ التوطين وتأكيده الحرص على عودة اللاجئين الى بلدهم خصوصاً وان هناك إجماعاً وتوافقاً من قبل كل الأفرقاء السياسيين على رفض البحث بهذا الموضوع تحت اي من الظروف. وأوضح انه تلقى اتصالاً من ممثلي الأمم المتحدة الذين اكدوا له ان <مون> تحدث في تقريره عن اللجوء في العالم وانه لم يخص أبداً موضوع اللاجئين السوريين في لبنان.

من سيخرجهم من هنا؟

بالقرب من مخيم قب الياس في البقاع، تخرج سيدة سبعينية لبنانية من محل لبيع الحلويات لتُدلي بدلوها في ما خص ملف النازحين السوريين في لبنان وتحديداً في البقاع. السيدة أصرت على تسمية نفسها بأنها مواطنة لبنانية تحمل هموم وطنها. نسألها عن حال النازحين السوريين وتحديداً ما اذا كانت هناك مضايقات يسببونها او يتسببون بها. تجيب: <لا يا حرام ما بيعملوا شي مبارح كان في عنا حملة التكافل الإسلامي للإغاثة وقامت بتوزيع الحصص الغذائية والفرش والشراشف والالبسة الصيفية والمخدات و<الشامبو> الخاص بمكافحة الجرب على حوالى 100 عائلة نازحة، وقبلها جاءت جمعية بريطانية قدمت لهم لحمة وحبوباً وخضار>. وعند ملاحظتنا تعابير وجهها الممتعض سألناها عن السبب لتجيب: <بعد كل شي عم يتقدملهن وبعد هالحياة الحلوي يلي عم يعيشوها بالبلدة، مين بدو بكرا يرجعهن عبلادهن؟>. وتابعت: <انا لبنانية وأخشى على وطني من توطين اللاجئين لأن هذا الامر سوف يُعيدنا عشرات السنين الى الوراء، وهنا أسأل الزعماء السياسيين، ماذا فعلتم لمنع توطين الفلسطينيين الذين يعيشون في لبنان منذ العام 1948، ماذا مروان حمادةستفعلون اليوم لمنع توطين السوريين؟>.

 

وللنازحات رأيهن

 

أمام هذا الخوف من التوطين، تؤكد احدى النازحات تدعى سهيلة العاموري ان هذا الامر غير مطروح بالنسبة الى جزء كبير من النازحين السوريين في لبنان، فنحن ننتظر الساعة التي تنتهي فيها الحرب لكي نعود الى وطننا واهلنا. هناك لنا ارزاق ومنازل وأراضٍ، اما في لبنان فليس لنا سوى الذل والقهر رغم ان البعض يُعاملنا باحترام ولا يُعيرنا بأننا لاجئون نعيش على حساب الدول وبأننا نأخذ فرص العمل من طريق اللبنانيين. وتضيف: هناك حالة استنفار دائمة من قبل النساء اللبنانيات حيث يتهمن السوريات بأنهن رخيصات. لا نحن لسنا كذلك، فنحن أيضاً متعلمات ومتحضرات ولو ان هناك جزءاً غير قليل هن من الارياف وممن لم يسعفهن زمانهن للتخلص من الامية، لكنهن حتماً شريفات. لكن ماذا نفعل امام هذا الزمن الذي أذلنا وجعل معظمنا يضحي بنفسه من اجل اولادنا واهلنا. في تركيا والاردن ولبنان يعيروننا بأننا رخيصات وان رجالهن يتزوجون بنا بينما هن يبقين عازبات، ما ذنبنا في كل هذا، ماذا عسانا ان نفعل مع العلم أننا ضحينا براحتنا يوم نزح جزء كبير من اللبنانيين الى سوريا خلال حرب تموز في العام 2006، ولا نريد ان ننكأ المزيد من الجراح ولا ان نُمنّن اللبنانيين بما قدمناه لهم، لكن نطالبهم فقط برد الجميل وعدم تحميلنا اكثر من طاقتنا.

 

اعتداءات وغياب الأوراق الثبوتية

 

وقد أظهرت دراسة كان قد أعدها معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت بدعم من مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ان 70 بالمئة من النازحين السوريين الذين تم استطلاعهم لا يحملون أوراقاً ثبوتية قانونية نظراً لضرورة وجود كفيل لبناني غير متوافر لهم اضافة الى ارتفاع أسعار الرسوم. واعتبر 87 بالمئة الى 91 بالمئة من المستطلعين ان الأوراق الثبوتية تؤثر في أمنهم وان 34 بالمئة من النازحين في بيروت لا يشعرون بالأمان، بينما تصبح هذه النسبة 3 بالمئة في الشمال و27 بالمئة في البقاع و18 بالمئة في جبل لبنان و13 بالمئة في الجنوب. وفي الدراسة أيضاً ان 25 بالمئة من النازحين تعرضوا للاعتداءات لم يبلغوا بمعظمهم عنها خوفاً من التوقيف، وقد سُجلت أعلى نسبة من الاعتداءات في بيروت وطرابلس وعرسال واللبوة وبعلبك، وقد امتنع المعتدى عليهم عن ابلاغ القوى الأمنية اللبنانية لعدم امتلاكهم اقامات. وصرح 48 بالمئة من الذين لا يملكون إقامات انهم واجهوا مشاكل على الحواجز الأمنية. وتشير الدراسة الى ان النظرة الأكثر سلبية لدى النازحين هي للأمن العام، فيما أعلن نحو 75 بالمئة ان لديهم نظرة ايجابية للجيش وقوى الأمن الداخلي.