تفاصيل الخبر

أجوبة مصرف لبنان على "الفاريز" هل تطلق أخيراً التدقيق الجنائي؟

24/02/2021
أجوبة مصرف لبنان على "الفاريز" هل تطلق أخيراً التدقيق الجنائي؟

أجوبة مصرف لبنان على "الفاريز" هل تطلق أخيراً التدقيق الجنائي؟

[caption id="attachment_86187" align="alignleft" width="375"] الرئيس ميشال عون ووزير المال غازي وزني خلال لقاء سابق مع وفد شركة " الفاريز ومارسال".[/caption]

 هل سيبدأ التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان ومؤسسات إدارية ورسمية وصناديق وهيئات؟.... متى سيعرف اللبنانيون ماذا حصل في حساباتهم المالية، ومتى سيصبح في امكان اللبنانيين ان يقولوا إن التدقيق الجنائي المالي كشف الفاسدين والسارقين والذين نهبوا مدخراتهم في المصارف والصناديق الضامنة....

 أسئلة تتردد يومياً في خواطر اللبنانيين الذين انتظروا منذ 26 آذار (مارس) الماضي تطبيق قرار مجلس الوزراء بإجراء التدقيق الجنائي المالي، لكن ذلك لم يحصل لألف سبب وسبب، علماً ان ما حصل مؤخراً من إجراءات يوجب بأن تبدأ الشركة المعنية وهي شركة "الفاريز ومارسال" عملها بعدما زالت، او تكاد، كل العراقيل من امامها. لقد احتاج مصرف لبنان لنحو شهر كي يجيب على كتاب وزارة المالية بالاسئلة التي طرحتها الشركة في اطار تقييمها للظروف التي اعاقت والتي يمكن ان تعيق تأديتها مهمة التدقيق في حسابات مصرف لبنان وانشطته. وبناء على هذه الإجابة ستقرر الشركة اما الموافقة على طلب الوزارة استكمال العقد الموقع معها للتدقيق او الإصرار على اعتذارها، او طلب توقيع عقد جديد.

 أجوبة المصرف المركزي وصلت أخيراً الى وزير المال مقترنة بموافقة المجلس المركزي بعد تأخير قدمت له اعذاراً مختلفة، لكنها وصلت في النهاية وقيل إن المصرف المركزي لم يقدم إجابات واضحة على الأسئلة المحددة، لكنه التزم بكامل احكام القانون الرقم 200 تاريخ 29/12/2020 وتعــــاونه مع شركة "الفاريز ومارسال" إيجاباً بالنسبة الى الأسئلة الأربعة المطروحة. الا ان المصرف المركزي اسهب في تحذيره من التسريبات، وقال إن على الشركة المعنية الالتزام بالموجبات التي تفرضها القوانين ومعايير الـــ GDRP على البيانات والمعلومات التي قد تستحصل عليها، والحماية اللازمة لهذه المعلومات وتحديد مكان وطرق تخزينها وتلفها عند الانتهاء منها. كما استعاد المصرف "واقعة تسريب قائمة المعلومات التي حصلت عليها الشركة من المصرف المركزي في السابق فــــي الصحف العالميــــة". (FORBES) ليشـــدد علـــى "ضرورة عدم استعمال هذه المعلومات الا من قبل من له الصفة بذلك، وضمن الشروط وللغايات التي أعطيت من اجلها وعدم مشاركة هذه البيانات مع اية جهة داخلية او خارجية باستثناء الجهة التي تعاقدت معها حصراً"، وبالتالي اعلن المجلس المركزي في ختام كتابه الجوابي، "رفع مسؤوليته عن أي ضرر ينتج من جراء تسريب معلومات من الشركة او وزارة المالية".

 مصادر متابعة اشارت الى إصرار المصرف على مسألة التسريب وحماية المعلومات. واعتبرت ان ذلك لا يحتاج الى تأكيد. فالعقد الموقع مع الشركة، ولاسيما في البند الثامن يشير بوضوح الى انه على "الفاريز ومارسال" ان تحافظ على سرية كل المعلومات والمستندات غير المتاحة للعموم التي تحصل عليها من وزارة المالية والمصرف المركزي، كما يجب عليها ان تحتفظ بها داخل الاراضي اللبنانية ولا يحق لها تحويلها الى الخارج.

حظر الدخول على "النظام"

 صحيح ان المصرف المركزي اظهر ايجابية في التعاطي مع الشركة، لكن ما هو ملفت ومقلق في آن مسألة السماح للشركة الاميركية بالدخول الى انظمة التدقيق المحاسبي للمصرف وهل سيوافق على تسليم المعلومات المتعلقة بالهيكلية والعمل التنظيمي وقواعد الحوكمة المعتمدة لديه. وفي هذا السياق يشير  أعضاء في المجلس المركزي ان المجلس صاحب مصلحة بالتدقيق إن في الفترة السابقة او الآن، والمرتكب عليه ان يتحمل المسؤولية. لكن هل هناك دولة في العالم ليس لديها اسرار مالية وامنية وسياسية؟. ولا يتوجس المجلس المركزي من تقديم كامل المعلومات والحسابات الى "الفاريز" انما من دخولها الى "سيستم" المصرف المركزي ومن خارج الأراضي اللبنانية! وسبق لــ "الفاريز" ان طلبت، من ضمن الاستفسارات الموجهة الى حاكم مصرف لبنان بعد صدور القانون 200، الولوج الى أنظمة التدقيق المحاسبي واطلاعها على آلية وهيكلية العمل التنظيمي في مصرف لبنان وقواعد الحوكمة فيه. ويرى المجلس المركزي ان هناك خصوصية وسرية تحيط ببعض الحسابات، منها ما يحصل الكترونياً ولا يطلع عليه حتى موظفو المصرف المركزي كالمقاصة مثلاً. اما الشركة فتطلب اليوم وضع يدها على كل شيء عبر دخول "السيستم". وفيما تبدي أوساط المجلس المركزي "انفتاحاً كلياً على طلبات أي شركة تدقيق"، تلفت في المقابل الى ان "مخالفة الشروط العالمية وعدم الالتزام بها يعرض الشركة للمحاسبة". وأكدت: "ليس لدينا القدرة التقنية لمعرفة هذا الامر في حال حصوله. وبالتالي، اذا كان هناك من مخطط لوضع اليد على معلومات ليست لحاجات التدقيق الجنائي سيصبح لبنان مكشوفاً مالياً بالكامل". لا يتوجس المجلس المركزي من تقديم كامل المعلومات والحسابات الى "الفاريز" انما من دخولها الى "سيستم" المصرف المركزي ومن خارج الأراضي اللبنانية! وتوضح الاوساط :  طلب حماية الخصوصية لا يشمل مثلاً الهندسات المالية والحسابات الداخلية لمصرف لبنان. فهذا تحصيل حاصل. لكن هناك حسابات داخل المصارف أساساً هي محجوبة عن مصرف لبنان كحجم الودائع المالية للمواطنين مثلاً.... ويفترض ان يتم الكشف عليها بسرية كاملة ووفق الأصول ومع مراعاة الخصوصية". وتقول الأوساط: لغايات الشفافية والالتزام باهداف التدقيق الجنائي وكي لا نهتم بعدم التعاون والتغطية على مرتكبين، سنضطر الى التخلي عن مصلحة الدولة العليا. لكن هذا الامر غير سليم وغير جيد. فما هو المنطق مثلاً في طلب داتا طلاب لبنان....؟

في أي حال، تبقى عملية البدء بالتدقيق هي الأساس بصرف النظر عن الملاحظات والتحفظات من أي جهة أتت لاسيما وان مسألة التدقيق الجنائي المالي باتت مطلباً دولياً وعاملاً أساسياً في العملية الإصلاحية التي يطالب بها المجتمع الدولي الذي يريد التوسع في التدقيق خصوصاً بعدما افتت هيئة التشريع والاستشارات بأن التوازي في التدقيق بين مصرف لبنان والمؤسسات والإدارات العامة الأخرى لا تعني التزامن في التدقيق بل هو خضوع الحسابات للتدقيق بطريق متشابهة، وطالما ان التدقيق في المؤسسات الأخرى يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء، وطالما ان المجلس سبق ان أصدر قراراً للتدقيق في حسابات مصرف لبنان، فإن بإمكان الشركة، في حال عودتها، بدء التدقيق فوراً في مصرف لبنان ومن دون تعديل العقد او انتظار بدء التدقيق في المؤسسات الأخرى، وفيما اعتبر البعض انه حتى لو تم التسليم بذلك، فإن العقد يحتاج الى التعديل في شقه المالي، على اعتبار ان التدقيق سيشمل حسابات المصارف والمؤسسات الخاصة المفتوحة في مصرف لبنان، فإن مصادر قانونية مطلعة على العقد تؤكد انه في صيغته الحالية يشمل كل الحسابات المفتوحة لدى المصرف المركزي، والتي اسقط قانون تعليق العمل بالسرية المصرفية كل الحجج التي ساقها المصرف لإعاقة التدقيق فيها.