تفاصيل الخبر

إجازة الصرف على القاعدة الإثنتي عشرية حتى إقرار موازنة 2019... بلا ضرائب ورسوم!

08/03/2019
إجازة الصرف على القاعدة الإثنتي عشرية  حتى إقرار موازنة 2019... بلا ضرائب ورسوم!

إجازة الصرف على القاعدة الإثنتي عشرية حتى إقرار موازنة 2019... بلا ضرائب ورسوم!

عندما وافق مجلس الوزراء على تفويض وزير المالية علي حسن خليل اعتباراً من أول شهر شباط/ فبراير الماضي ولغاية صدور قانون موازنة العام 2019 إجازة جباية الواردات كما في السابق وصرف النفقات على أساس القاعدة الإثنتي عشرية، لم يخالف الدستور فقط، بل ترك انطباعاً لدى الأوساط السياسية والمالية والمصرفية في لبنان، بأن موازنة 2019 قد تتأخر في الصدور ولا بد من إجراء - ولو كان غير قانوني - لتأمين استمرار دفع الرواتب والأجور ومستحقات وجباية الضرائب والرسوم، كي لا تتعطل الإدارات من جهة، ويعاني العاملون فيها من حرمانهم رواتبهم وتعويضاتهم من جهة اخرى. أما المخالفة الدستورية فهي واضحة وجلية لأن المادة 86 من الدستور تنص على أن القاعدة الاثنتي عشرية تطبق على نفقات شهر كانون الثاني/ يناير من السنة الجديدة، ولا نص في الدستور يجيز استمرار الصرف على هذه القاعدة لأكثر من شهر واحد.

لكن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها مخالفة الدستور، فمنذ العام 2005 وحتى العام 2017، ظل لبنان من دون موازنة واستمر تطبيق القاعدة الاثنتي عشرية طوال هذه السنوات من دون أن يتوقف المجلس النيابي أمام هذه المخالفة الدستورية الجسيمة انطلاقاً من مبدأ <استمرارية المرفق العام> وعملاً بالنظرية التي لا تفسير واضحاً لها والمعروفة بـ<Raison d’état> التي تبقى <مطاطة> ويمكن استعمالها عند الضرورات التي تبيح المحظورات. ويروي أحد الوزراء المعنيين والمخضرمين أنه خلال مناقشة هذا البند في مجلس الوزراء أثار الوزير خليل عدم دستورية الإجراء داعياً الى وضع نص قانوني يصوّت عليه مجلس النواب لأنه لا يرغب في أن يتحمل هذه المسؤولية، على الرغم من أن أي نص قانوني لا يمكن أن يكون أقوى من نص دستوري، بل يجب أن يكون نص هذا القانون <محترماً> للدستور الذي يعتبر فوق القوانين كلها. وقد أثار موقف الوزير خليل نقاشاً في الجلسة اعتبر خلاله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنه عندما يقع ضرر على الدولة، لا بد من اتخاذ قرار لرفع هذا الضرر ولو تضمن مخالفة، مذكّراً بأنه وقع في العام 2017 على نشر قانون موازنة 2017 على رغم عدم وجود قطع حساب كما ينص على ذلك الدستور ايضاً، وإلا فإن البلاد كانت ستبقى من دون انتظام مالي سنة إضافية بعدما استمرت على هذا المنوال 12 عاماً. ورأى وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش أن إقرار قانون موازنة 2019 ضرورة ملحة لإعطاء إشارات ايجابية للرأي العام اللبناني والعربي والدولي أن تحسناً طرأ في الدولة ما يعيد الثقة إليها. ويضيف الوزير المخضرم في روايته ان وزراء عدة تحدثوا في الموضوع مسجلين في آن واحد حصول مخالفة دستورية يبررها <استمرا المرفق العام>. وحده وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي اعتبر أن ثمة أعرافاً دستورية نشأت نتيجة الأوضاع الاستثنائية التي عاشتها البلاد خلال السنوات الماضية، وأن الموافقة على تفويض الوزير خليل غايتها <استمرار الحياة العامة> وليس المرفق العام، مقترحاً أن يستمر الصرف على أساس القاعدة الاثنتي عشرية <حتى نفاذ قانون الموازنة>. وعلى هذا الأساس وافق مجلس الوزراء من دون أن يتحفظ أحد على المخالفة الواضحة للدستور!

أرقام الموازنة!

والى أن يضع مجلس الوزراء يده على مشروع قانون موازنة 2019، فإن المعلومات المتوافرة لـ<الأفكار> تشير الى أن أرقام مشروع الموازنة، اصبحت كلها في عهدة وزارة المال باستثناء بعض الوزارات التي طلب الوزراء الجدد فيها مهلة قصيرة لدرس مشروع موازنة وزاراتهم. بيد أن المشروع كما أنجزته وزارة المال يتضمن سلسلة ملاحظات أوردتها مصادر مطلعة وأبرزها وجود خلل بين النفقات المرتفعة وحجم الإيرادات المتوقعة والتي إذا أقرت كما هي ضمن مشروع الموازنة سترفع العجز الى ما يقارب 14 بالمئة مع حلول نهاية 2019 وهي مستويات خطيرة - وفق المصادر نفسها - إذ ان لبنان تعهد خلال مؤتمر <سيدر> (الذي يُحتفل بالذكرى السنوية الأولى لانعقاده في باريس العام الماضي) بخفض العجز 15 بالمئة سنوياً على مدى خمس سنوات للوصول الى 35 من مستوى 8 بالمئة كان متوقعاً للعام 2018، وهو ما خالف الأرقام الحقيقية التي أشارت الى عجز وصل الى 10.9 بالمئة. وحيال هذا الواقع، فإن مصادر وزارة المال تحدثت عن ضرورة إحداث الكثير من التعديل على مشروع الموازنة، لاسيما لجهة ضبط الإنفاق وخفضه خصوصاً في ما يتعلق ببند الرواتب والأجور وتعويضات نهاية الخدمة وحجم الإنفاق على بند دعم الكهرباء.

وتشير مصادر مالية مطلعة الى أن إمكانية خفض بند الرواتب والأجور تبقى مهمة صعبة، وربما مستحيلة، خصوصاً بعد الاطلاع على أن القطاع العام وظّف بين 2014 و2018 تحت كل المسميات مثل التعاقـــــــــــــــــــــد والمياومة والفاتورة وغيرها، ما يقارب 31 ألف موظف جديد وهو ما يتخطى العدد الإجمالي للعاملين في القطاع المالي في لبنان، أي المصارف وشركات التأمين وشركات الوساطة المالية ومصرف لبنان... وفي التفاصيـــــــــــــــــل - وفقاً للمصادر نفسها - فإن كلفة الرواتب والأجور والمعاشات التقاعدية بلغت في أول 9 أشهر من العام 2018 ما يقارب 4,8 مليارات دولار، وهو ما يتخطى كلفة خدمة الدين التي سُجلت خلال هذه الفترة نحو 3,8 مليارات دولار. مع العلم بأن منسوب التنامي مستمر في معاشات التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة وضرورة تعديل آلية التعويضات ورواتب التقاعد حيث وصلت الكلفة لتغطية هذه البنود الى ما يقـــــــــــــــــــــــارب 1,6 مليار دولار ما يوازي تقريباً بند التحويلات المخصصة لكهرباء لبنان.

في أية حال، ثمة مصادر وزارية تتحدث ان مناقشة مشروع موازنة 2019 ستأخذ وقتاً إضافياً مع وجود <شهية> عند عدد من الوزراء لاسيما الجدد منهم، في استيضاح بنود الموازنة والتدقيق في المداخيل والمصاريف... ما سيفتح الباب أمام الكثير من الجدل... والمزايدات. إلا أن المحطة الإيجابية في مشروع الموازنة هي خلوه من الضرائب والرسوم... مبدئياً!