تفاصيل الخبر

«افــــتـح أبـوابــــــك يـــا لـبـــــــنـان  تـأكـــــل الـنـــــار أرزك»

22/10/2015
«افــــتـح أبـوابــــــك يـــا لـبـــــــنـان   تـأكـــــل الـنـــــار أرزك»

«افــــتـح أبـوابــــــك يـــا لـبـــــــنـان  تـأكـــــل الـنـــــار أرزك»

 

SAM_5208

بقلم سعيد غريب

ماذا سيفعل الفاتيكان؟ بل ماذا يستطيع أن يفعل لمسيحيي المنطقة عموماً ولبنان بصفة خاصة بعدما قاربت الرئاسة اللبنانية <المستحيل>؟

هذا التعبير التحذير للبطريرك الماروني مار بطرس بشارة الراعي، رسم مشاهد قاتمة لما سوف يحمله مقبل الأيام ومستقبل لبنان تحديداً.

ورغم نفي مصادر كنسية فاتيكانية وجود ما عُرف بالتقرير الأسود عن وضع المسيحيين وكنيستهم في لبنان وتحميله الكنيسة المارونية مسؤولية الإخفاق في انتخاب رئيس للجمهورية، فإن أبناء الرعية المارونية عموماً ومعها أبناء سائر الطوائف اللبنانية بدوا في الفترة الأخيرة متوجسين الى درجة الرعب مما سوف تخبئه التطورات المتسارعة في المنطقة، وعبّرت الطوائف اللبنانية غير المسيحية عن مراراتها من حتى تصوّر لبنان من دون المسيحيين، وأظهرت حرصها على الموقع الأول الماروني في لبنان أكثر من الموارنة أنفسهم بفعل الخلافات المستحكمة في ما بينهم، وتفضيل بعضهم الإبقاء على الفراغ لأنه يخدم مصالحهم.

وتلفت أوساط لبنانية متابعة، الى ما يدلي به قادة الدول الكبرى حول ضرورة انتخاب رئيس للبنان، من دون أي تدخّل أو ضغط من القوى الإقليمية التي تعطّل الاستحقاق، وتعوّل الأوساط نفسها على ما يمكن أن يسفر عنه التعاطي الفاتيكاني مع الملف اللبناني من إمكانية خرق، بالتوازي مع دخول مصر على الخط، واستمرار فرنسا غير <الديغولية> في محاولاتها فتح ثغرة في الجدار الكبير وحل كلمة السر الإقليمية.

وبعد، هل صحيح أن الكنيسة المارونية عاجزة عن إيجاد حل لموضوع الرئاسة؟ لا شك أن مهمة البطريرك الراعي من أصعب المهمات التي مرّت على البطاركة الموارنة، وقد لا يكون لطيفاً وعظ السادة الأحبار والبطريرك نفسه، إلا أن مسؤولياتهم اليوم تجاه الطائفة ومسؤوليات الطائفة تجاه لبنان أصبحت كبيرة بحجم العصر الذي نعيش فيه.

وقد لا يكون من المستحسن ايضاً وعظ السادة الزعماء الموارنة، ولكن للتذكير فقط، فإن الموارنة الذين كانوا أول المتمسكين بقيام لبنان، يجب أن يظلوا آخر المُتمسكين ببقائه.

إن لبنان يستحق اليوم كباراً كباراً، لأن ما يحدث يجعل المنطق عاجزاً، والناس تنظر بعضها الى بعض وكأنها لا تنظر، وتسمع وكأنها لا تسمع، وتحكي وكأنها لا تصدّق، فكأن اللبنانيين أصبحوا غير اللبنانيين، وكأن لبنان غير لبنان.

لا مجال للانتظار بعد، لأن ما يُرسم للمنطقة بدأت تتضح معالمه وعلى كل شفة ولسان. وكأن نبوءة ميشال أبو جودة قبل واحد وأربعين عاماً بدأت تُترجم أمراً واقعاً.

في مقال أبو جودة الشهير كلام يعجز العقل عن تصديقه، يقول: <إننا نواجه عملية تغيير كامل لخريطة المنطقة، دول كاملة ستزول ودول جديدة ستقوم، امبراطوريات جديدة ستقوم ولا بدّ لها من تصفية كل من يعترض طريقها.

وكل هذه التعديلات ستجري في الجسم الحي لكل الذين يقاومون أو يعترضون او حتى يُشكّك في أنهم يعرفون.

 إنها لحظة موت عالم قديم، ولكنه موت بلا ميلاد، عملية اغتيال يرث فيها القاتل تركة القتيل، ويُذبح القُصّر والأيتام.

ستكون ظلمات فوق ظلمات، وسيفزع الرجل من مخدعه، ويبيع زوجته وبعض أهله>.

وبعد، هل نعود نحن اللبنانيين الى التاريخ القديم؟ هل نفتح صفحاته؟ هل نتوقف عند عبارة وردت في التوراة؟!:

<افتح أبوابك يا لبنان تأكل النار أرزك>.

هل نتعظ فقط من هذه العبارة قبل أن نقف وقفة تأمّل ونغير الحسابات ونلغي التآمر والمتآمرين على لبنان؟

إن الوضع في لبنان ليس شائكاً من الناحية العسكرية أقله حتى الآن، كما بات معروفاً، بل هو شائك ومعقّد من الناحية السياسية، فالانفجار العسكري الكبير أو الصغير ما هو إلا نتيجة الاحتقان السياسي بين أيدي مراجع عاجزة لن تجد أمامها من مهرب إلا الانفجار الأمني.

وهناك من يعتقد، وقد يكون على حق، أن لا مبررات منطقية للتصعيد السياسي السائد سوى الخلفيات الشخصية والطائفية والمذهبية.

إن الساعات والأيام المقبلة خطرة، والناس تموت كل يوم وهي حية، وقلقها على المصير يكبر كل يوم وهي تكابر، والشباب يكبرون عشرات السنين كل يوم وعيونهم على ما وراء البحار وأسرار البحار، وقلوبهم على برّ لم يعد آمناً.