تفاصيل الخبر

إفادتي في المحكمة الدولية تلخيص للأجواء السياسية التي سبقت عملية الاغتيال وللتحريض السوري على الرئيس الشهيد!

22/05/2015
إفادتي في المحكمة الدولية تلخيص للأجواء السياسية التي  سبقت عملية الاغتيال وللتحريض السوري على الرئيس الشهيد!

إفادتي في المحكمة الدولية تلخيص للأجواء السياسية التي سبقت عملية الاغتيال وللتحريض السوري على الرئيس الشهيد!

11استمعت المحكمة الخاصة بلبنان الى العديد من شهادات السياسيين اللبنانيين الذين عايشوا مرحلة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما تبعها من أجواء ومحطات، وكان آخرهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، لكن اللافت ان الإفادات غير متطابقة في مسألة العلاقة بين الرئيس الشهيد وبين حزب الله، ولو كان هناك شبه إجماع على توتر العلاقة بين الحريري الأب وبين النظام السوري، في وقت يقول البعض إن الإفادات هي مضبطة اتهام سياسي لا أكثر، ولم تحمل جديداً. فماذا يقول بعض أصحاب هذه الشهادات؟

<الأفكار> التقت أحد الشهود البارزين وهو عضو كتلة <المستقبل> الدكتور عاطف مجدلاني داخل مكتبه في مجلس النواب وحاورته على هذا الخط، بالإضافة الى شؤون وشجون الوضع الداخلي بدءاً من السؤال:

ــ يقول البعض إن شهادات السياسيين اللبنانيين أمام المحكمة الدولية كانت متناقضة الى حدٍ ما، وهي عبارة عن اتهامات سياسية دون دليل مادي. فماذا تقول انطلاقاً من شهادتك؟

- أنا أتحدث عن إفادتي حيث كنت واضحاً لجهة الاتهام السياسي، لكن في النهاية هناك محكمة دولية لنا فيها ملء الثقة والأمر متروك لها، وكل ما في الأمر اننا شرحنا في إفادتنا الواقع الذي كان سائداً قبيل عملية الاغتيال وطريقة التعامل القائمة آنذاك، والخطوات التي كان يتخذها النظام السوري والنظام الأمني اللبناني - السوري تحديداً، حيث كان لبنان محكوماً من قبله، حتى انني استشهدت بقول السيد المسيح وهو انه <لا تسقط شعرة من رؤوسكم إلا بإذنه تعالى>. أستطيع القول انه لم تكن لتسقط شعرة من رؤوس اللبنانيين زمن حكم الوصاية إلا بإرادة النظام الأمني اللبناني - السوري الذي كان يحصي علينا الأنفاس والكلام.

وتابع مجدلاني قائلاً:

- أضف الى ذلك ان العلاقة كانت وثيقة بين النظام السوري وحزب الله وهي علاقة ترجمت في تمرير السلاح الى حزب الله من سوريا، وليس بالصدفة انه يوم 8 آذار/ مارس 2005 وبعد أقل من شهر على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أقام حزب الله مهرجاناً في وسط بيروت قال فيه: <شكراً سوريا...>، وبالتالي فالعلاقة كانت وثيقة أمنياً وعسكرياً وسياسياً، وعندما ترك الجيش السوري لبنان مرغماً، حلّ حزب الله مكانه.

محاولات تحجيم الحريري

ــ ألم تكن علاقات معظم السياسيين ممتازة مع السوريين، حتى الرئيس رفيق الحريري؟

- هذا صحيح، فالرئيس الحريري كان ملزماً بعلاقة أخوية وعلاقة صداقة ندية مع سوريا، لكن السؤال يطرح عما إذا كان يقابل بالمنحى نفسه؟! طبعاً لا. فالسوريون لم يلاقوا الرئيس الحريري عند منتصف الطريق من التوجه الانفتاحي والاعتدالي لترسيخ علاقة الشقيق بالشقيق، ولذلك كانت هناك مشاكل دائمة بينه وبين السوريين خاصة لجهة تفسير بعض مواد الدستور وما شابه وإدارة شؤون البلاد، وكلها أمور كانت للنيل من كرامة الرئيس الشهيد ومحاولات لتحجيمه من خلال قوانين الانتخاب، خاصة القانون الذي وضعه وزير الداخلية آنذاك سليمان فرنجية، وحتى عبر القانون الذي سبقه وهو قانون غازي كنعان، حيث صدر هذا القانون لتحجيم الرئيس الشهيد لاسيما عند تقسيم بيروت الى ثلاث مناطق بحيث تكون الأولى للرئيس الحريري، والثانية لتمام بك سلام، والثالثة لسليم الحص، وكل ذلك للتخفيف من وهج الرئيس الشهيد وامتداده ونفوذه، لكن النتيجة كانت ان بيروت هبّت الى درجة أن الدكتورة غنوة جلول أسقطت الرئيس الحص في انتخابات 2000، إضافة الى الحملة التي طالت الرئيس قبل هذه الانتخابات وصوّرته بأنه تمساح في البحر حتى في تلفزيون لبنان، وبالتالي فالنظام الأمني كان يستهدف الرئيس.

ــ وماذا عن علاقة الرئيس الشهيد مع حزب الله وتناقض الإفادات بين الرئيس فؤاد السنيورة وبين النائب السابق باسم السبع ومستشار الرئيس الحريري مصطفى ناصر؟

- العلاقة كانت عبارة عن مدّ وجزر، فمرة انتقد الرئيس الحريري توقيت قيام حزب الله بعملية ضد إسرائيل قبل حصول عملية <عناقيد الغضب> الإسرائيلية عام 1996، فتعرض على الفور لهجوم إعلامي من حزب الله رغم ان الرئيس الحريري كان يتبع سياسة استيعاب الجميع ومن ضمنهم حزب الله لأنه كان يعرف أن حزب الله هو حزب لبناني وان أعضاءه لبنانيون، وبالتالي سعى لـ<لبننة> حزب الله وجعل انتمائه الكلي للبنان، وهو الذي سبق أن ساهم في تشريع المقاومة عبر <تفاهم نيسان> عام 1996 حتى انه ركب طائرته ولف عواصم القرار لإنجاز هذا التفاهم ووقف العدوان الاسرائيلي، حتى انه استطاع التأثير في رأي رئيس وزراء بريطانيا آنذاك <طوني بلير> عدا عن فرنسا وأميركا. وبالتالي، فالرئيس الحريري وطني صادق وكان يعمل لمصلحة لبنان، وهو قومي عربي ايضاً، ولذلك كانت العلاقة مع حزب الله بين مدّ وجزر، إنما هذه العلاقة كانت تخضع لرأي النظام السوري بحيث إذا لم يكن هذا النظام راضياً عن الرئيس الحريري كان مستوى هذه العلاقة يهبط وكانت تتشنج، وعندما يكون النظام السوري راضياً تتحسن هذه العلاقة. فالمشكلة ان الرئيس الحريري كان صادقاً وشفافاً وقوبل بالخداع والكذب حتى انه كان ضد القرار 1559، لكن سوريا لم تصدق ذلك وكانت تتهمه مع مروان حمادة بأنه كان وراء هذا القرار، ولذلك فهذا من أسباب اغتيال الرئيس الحريري لأنه أزعج النظام السوري.

التحالف مع المسيحيين وجنبلاط

ــ النائب وليد جنبلاط اعترف في شهادته بأن النظام السوري كان المتضرر الأول من عملية الاغتيال رغم انه اتهم النظام السوري ووقع في هذا التناقض. فكيف تفسر ذلك؟

- مع احترامي للنائب جنبلاط الذي نشهد بأنه رجل سياسي بامتياز، لكن أعتقد انه أرهق خلال شهادته على مدار أربعة أيام، ولم يستطع أن يوضح انه كان مع الرئيس الحريري ضد القرار 1559.

ــ قلت إن هناك قراراً سياسياً اتخذ باغتيال الرئيس الحريري والسبب كان القرار 1559؟

- هناك عدة أسباب والقرار 1559 جزء منها، إضافة الى رفضه إدخال ودائع في اللائحة الانتخابية، وكونه مدّ اليد للمسيحيين وأرسل غطاس خوري وباسل فليحان للمشاركة في <لقاء البريستول> كبداية لتشكيل تحالف سياسي بينه وبين المسيحيين وخاصة الموارنة وبين وليد جنبلاط، وهذا التحالف كان كفيلاً بتأمين الأغلبية النيابية وهذا ما أخاف السوريين، لا بل ان هذا التحالف كان سيطالب السوريين بإعادة التموضع كما نص اتفاق الطائف في حده الأدنى، وهذا ما كان يرفضه السوريون، وبالتالي كان القرار بإزاحة رفيق الحريري.

ــ هل معنى ذلك أن المظلة العربية التي أتت بالحريري بموافقة سورية وبركة أميركية رفعت الغطاء عنه، أم ان هذا التنسيق السوري - السعودي - الأميركي وصل الى طريق مسدود؟

- الرئيس الشهيد جاء بتوافق عربي فرضه على السوريين كرئيس للحكومة ولم يأتِ به السوري، وقد أثبت حضوره وحاول القول اننا أشقاء للسوريين وأصدقاء، ويجب أن نتعامل من هذا المنطلق ولسنا أتباعاً لأحد.

ــ كما رأيت في المحكمة الى أين تسير الأمور في النهاية؟

- أعتقد ان المحكمة ذاهبة بخطى ثابتة وأكيدة رغم البطء نحو الحقيقة وتحقيق العدالة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

مشروع تقسيم المنطقة

ــ بالأمس قلت كلاماً خطيراً عن تقسيم المنطقة وأشرت الى احتمال قيام دولة علوية - شيعية تزامناً مع معارك القلمون، رغم ان التقسيم مشروع أميركي - اسرائيلي بامتياز، حيث يقال إن الأحداث الجارية هي لرسم خريطة جديدة للمنطقة وتقسيمها على أساس ديني وعرقي، لكن المفارقة انك تتهم النظام السوري بالسعي للتقسيم. فكيف ذلك؟

- هناك من تحدث عن ان المشروع الأميركي المخصص للمنطقة فشل، وأنا أعتقد أن الاحداث الجارية تؤكد ان هذا المشروع لم يفشل، وتقسيم المنطقة وارد في أي لحظة. ومن خلال هذا التقسيم هناك من يسعى لخلق منطقة محاذية للحدود اللبنانية شمالاً وشرقاً، حتى تكون هذه المنطقة بأغلبية علوية وبأقلية سنية مع بعض الأقلية المسيحية والدرزية، إنما الاكثرية علوية - شيعية تكون الدولة العلوية التي سبق الحديث عنها منذ زمن بعيد.

ــ هل تتهم النظام السوري بالسعي للتقسيم وهو الذي يقاتل في حلب شمالاً وفي القنيطرة جنوباً لمنع سيطرة الإسلاميين على المناطق الواقعة بينهما، فيما المشروع الاسرائيلي يسعى للتقسيم عبر المنظمات الإرهابية لخلق دويلات دينية تبريراً ليهودية اسرائيل؟

- من خلق هذا الإرهاب؟ ألم تكن قيادات <داعش> في السجون السورية والعراقية؟! فالنظام العراقي زمن رئيس الوزراء نوري المالكي هو الذي فتح سجن <أبو غريب> وأخرج المتطرفين، والنظام السوري هو الذي أخرج شاكر العبسي من السجن وأرسله الى لبنان، بالإضافة الى مئات المساجين الإرهابيين وأرسلهم الى الرقة... فالواضح ان هناك من أعطى الإمكانية لتكوين هذه المجموعات الإرهابية، وساعدهم وحمى مناطقهم من البراميل المتفجرة التي سقطت على الأحياء السكنية في حلب وغيرها التي كانت تحت سيطرة الجيش السوري الحر، ولم تحدث أي معركة بين النظام السوري و<داعش> إلا ما ندر في بعض المناطق، حتى ان <داعش> لم تشارك في معارك القلمون، لا بل تصدت لـ<جبهة النصرة> وخاضت ضدها معارك عنيفة بالتزامن مع معارك القلمون. فالمهم ان الإرهابيين انطلقوا من السجون السورية والعراقية بإذن من النظامين.

ــ ألم يولد تنظيم <القاعدة> على يد الأميركيين لقتال الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، وهذه المنظمات ملحقة بهذا التنظيم؟

- صحيح، وأسامة بن لادن اختراع أميركي لضرب الاتحاد السوفياتي.. لكن لم تكن لدى الإرهابيين هذه الإمكانيات، حيث تم احتلال مناطق الموصل والأنبار ومساحات شاسعة بسرعة قياسية. وهنا نسأل: من سمح بذلك، ومن جعل الجيش العراقي يهرب ويترك المعركة؟!

ــ هل تتخوف من معركة القلمون وارتداداتها على الداخل اللبناني خاصة إذا انسحب المسلحون الى عرسال؟

- طبعاً.. فالخطر يكمن في ترك منفذ للمسلحين للهروب نحو عرسال لاستجرار لبنان الى المعركة، والجيش سيقوم بواجبه ويقف بالمرصاد لأي محاولة تسلل، لكن سير المعارك يظهر ان هناك محاولة لدفع المسلحين نحو الدخول الى لبنان عبر عرسال وهنا تكمن الخطورة.

ــ وهل من تداعيات سياسية؟

- لا... فالتأثير يمكن أن ينحصر بالشق الأمني بحيث يحتمل ان يحاول الارهابيون الانتقام عبر عمليات انتحارية في مناطق حزب الله ونشهد بالتالي ظهور سيارات مفخخة أو انتحاريين كما حصل سابقاً. وعلى كل حال، نأمل ألا يحصل ذلك وإن شاء الله يبقى هذا الكأس بعيداً عن هذه المناطق لكن كل الاحتمالات واردة.

التعطيل الشامل

ــ نأتي الى التعطيل الحاصل، فالشغور الرئاسي يتمادى، ومجلس النواب عاجز عن التشريع، والحكومة لم تنجز الموازنة حتى الآن وهناك تهديدات بفرط عقدها. فكيف ترى أفق الحل؟

- تشريع الضرورة أمر مهم لا بدّ منه ولا أرى أن شرط إدراج قانون الانتخاب منطقي لأنه لا بدّ من أن يكون هناك رأي لرئيس الجمهورية في هذا القانون، ولذلك أستغرب كيف يطرح هذا الموضوع وكأن الأمور عادية. كذلك الأمر بالنسبة لموضوع استعادة الجنسية، فهو أمر محق ولكنه موجود في اللجان وسيتحوّل الى الهيئة العامة متى أنجز. وهنا أكشف انني اطلعت من الزميل سمير الجسر المواكب لهذا المشروع على انه يؤدي الى عكس ما يطلبه المسيحيون كما هو وارد حالياً، وهناك تخوّف من أن يأتي عكس إرادة المسيحيين وضد مصلحتهم ولا يخدم التوازن المطلوب. لكن في النهاية لا بد ان نتطلع نحو مصلحة البلد بعيداً عن المصالح الفئوية الصغيرة، وإذا كنا نريد رئيساً قوياً ويملك بعض الصلاحيات، فالمطالبة بقانون انتخاب في غيابه يقوض مبدأ صلاحياته وتعزيزها وكأننا نساعد على إفراغ الرئاسة من صلاحياتها، وكذلك الأمر في التعيينات الأمنية، لاسيما قائد الجيش بالذات الذي كان رئيس الجمهورية يسميه قبل اتفاق الطائف وصار مجلس الوزراء مجتمعاً يسميه رغم ان للرئيس رأياً فيه كما جرى العرف، ولذلك فالتعيين في ظل غياب الرئيس يقوض إمكانيات الرئيس ويحد من صلاحياته.

وأضاف:

- بدل خلق معركة <دونكيشوتية> بين التمديد للقادة الأمنيين وبين التعيين لهم، هناك وقت، فلنذهب لانتخاب رئيس الجمهورية وتحل المشكلة آنذاك وننتهي من البطولات الوهمية حيث يصور البعض نفسه شعبياً بأنه البطل.

ــ هل هناك فرصة بعد لـ<لبننة> هذا الاستحقاق، أم أنه أصبح مرتبطاً بالملفات الإقليمية بشكل كامل؟

- أبداً... فاللبنانيون إذا حزموا أمرهم قادرون أن ينتخبوا رئيساً، خاصة وان ما يحدث في المنطقة يجعل الآخرين ينشغلون عنا حيث الأولويات في البلدان التي تشهد أحداثاً دموية، وهذا ما قاله لنا البعض عندما طالبنا بتدبير أمورنا بأنفسنا، وبالتالي هناك فرصة لكي يكون هذا الاستحقاق لبنانياً مئة بالمئة.

ــ هل أنت راضٍ كرئيس للجنة الصحة النيابية عن اداء وزارة الصحة بالنسبة لسلامة الغذاء؟

- طبعاً... أنا من مؤيدي الوزير وائل أبو فاعور بشكل تام، ونحن سبق أن أنجزنا قانون سلامة الغذاء في اللجان المشتركة وهو جاهز ليكون على جدول أعمال أول جلسة تشريعية، خاصة وان الرئيس نبيه بري بذل جهداً كبيراً من أجل إنجازه وهو يستحق كل الشكر. ولقد وضعه على جدول أعمال اللجنة التشريعية المرتقبة، ويساعد وزارة الصحة في موضوع سلامة الغذاء ويتحمل عنه بعض المسؤوليات ويكمل في أمور أخرى يلزمها الكثير من العمل.  وأنا تقدمت بهذا الاقتراح وأطلقت عليه اسم <قانون باسل فليحان> لأن الشهيد فليحان هو أول من تحدث بهذا القانون ووضع له مسودة وأنجز العديد من الاجتماعات مع الخبراء وأهل الاختصاص والعلم والكفاءة من الداخل والخارج حتى أنجز المسودة التي انطلقت منها لصياغة الاقتراح الجديد وإنجازه.