تفاصيل الخبر

إدخال ملف النازحين في التجاذبات السياسية لن يمنع تطبيق الاجراءات لضبط أوضاعهم...!

28/06/2019
إدخال ملف النازحين في التجاذبات السياسية  لن يمنع تطبيق الاجراءات لضبط أوضاعهم...!

إدخال ملف النازحين في التجاذبات السياسية لن يمنع تطبيق الاجراءات لضبط أوضاعهم...!

تعاطت المراجع الأمنية بجدية مع الدعوة التي تسربت عبر مواقع التواصل الاجتماعي والموجهة من مجموعة من النازحين السوريين الى رفاقهم وأقربائهم للاضراب احتجاجاً على <المعاملة السيئة التي يلقاها العمال السوريون في لبنان>. ذلك ان هذه الدعوة وإن بدت ردة فعل مبالغاً فيها على الاجراءات التي تتخذها أجهزة الدولة بحق السوريين الذين يخالفون قانون العمل وشروط الإقامة وقواعد النزوح، إلا انها حملت في طياتها مؤشرات مقلقة اعتبرت المراجع الأمنية انه ستكون لها تداعيات إذا لم تطوق بسرعة ويتم ضبطها وفق القواعد والأصول المعتمدة.

وتقول مراجع رسمية ان الاجراءات التي باشرت وزارة الاقتصاد والتجارة والأمن العام باتخاذها منذ ثلاثة أسابيع أتت تنفيذاً لقرار المجلس الأعلى للدفاع بعدما بلغت الشكاوى من التجاوزات التي يقوم بها نازحون سوريين حداً كبيراً، لاسيما في ما خص فتح محلات تجارية وصالونات حلاقة ومؤسسات سياحية ومطاعم ومصانع من دون العودة الى الادارات الرسمية اللبنانية وأخذ موافقتها، وبالتالي التراخيص اللازمة. كذلك تنامت ظاهرة تشغيل السوريين في مؤسسات سياحية وفندقية وصحية وغيرها على حساب الشاب اللبناني الذي تم الاستغناء عنه، الأمر الذي رفع نسبة البطالة حتى شهر أيار (مايو) الماضي الى 38 بالمئة في صفوف الشباب اللبناني.

وإذا كانت الأجهزة الأمنية صنّفت أوضاع هؤلاء النازحين ولاحقت المخالفين منهم من دون التعرض للذين دخلوا لبنان شرعياً ونالوا إجازات عمل وتوافر لهم كفلاء في الأعمال التي يقومون بها، فإن التركيز يتم على أولئك الذين دخلوا البلاد خلسة، أو الذين يحملون بطاقات نازح من المنظمات الدولية والهيئات الانسانية، لأن هؤلاء يتسلمون شهرياً مساعدات عينية ومادية ويعملون في مؤسسات مختلفة من دون مسوغ قانوني. وقد واكبت تنفيذ الاجراءات بحق السوريين المخالفين انتقادات صدرت عن سياسيين وحزبيين وجمعيات، الأمر الذي دفع بالأجهزة الأمنية والادارية التي تتولى تطبيق القانون الى التأكيد بأن لا ممارسات تعسفية بحق النازحين ولا تجاوزات للقوانين ولا تضييق على السوريين لاجبارهم على العودة الى بلادهم، بل ضبط الحالات الشاذة في صفوف النازحين الذين يتجاوزون القانون.

 

مهلة شهر لتسوية الأوضاع!

 

وفي هذا السياق، يقول وزير العمل كميل أبو سليمان ان القوانين لم تتغير أو تتبدل بل هي قائمة منذ سنوات بعيدة ولم يصدر أي نص بعد تزايد عدد النازحين. إلا ان ما حصل هو عدم تطبيق القوانين أو حصول استنسابية في التطبيق وفقاً للتوزيع الديموغرافي للنازحين على المناطق اللبنانية، إضافة الى تلكؤ السلطات المحلية في دعوة النازحين الى التقيد بالأنظمة المرعية الاجراء، علماً ان هذه التدابير التي تطبق منذ فترة تستهدف أيضاً أصحاب العمل اللبنانيين الذين خالفوا أيضاً القوانين، وأمامهم فرصة لتنظيم أوضاعهم القانونية والحصول على إجازات العمل للعمال الأجانب سوريين أو غير سوريين مما يسمح لهم القانون بالعمل. إضافة الى ان استمرار حالة الفوضى في التعاطي مع النازحين يحدث تفاوتاً في تطبيق القانون إذ إن ثمة عمال سوريين يلتزمون قانون العمل ويحملون اجازات قانونية ويدفعون الرسوم المتوجبة عليهم، ولا يجوز أن يكون هناك من يدفع ومن لا يدفع. إضافة الى ان التمييز يلحق بالعامل اللبناني الذي يحسم المال من راتبه لصالح الضمان الاجتماعي

وضريبة الدخل، فيما لا يحسم أي مبلغ من العمال السوريين غير الشرعيين.

وفي رحلة بين الأرقام يتضح ان 60 بالمئة من العمال في لبنان من غير اللبنانيين، ويوجد 1700 عامل سوري مسجلين في وزارة العمل وفقاً للأصول، فيما العدد الفعلي للسوريين العاملين يتجاوز الـ250 ألف عامل. وسيظهر التدبير الذي اتخذته وزارة العمل المزيد من الأرقام <المخيفة> ــ على حد تعبير مرجع مسؤول ــ خصوصاً إذا ما تم التقيد بفترة السماح التي تمتد لشهر حتى يصار الى تسوية أوضاع المخالفين. ويتوقع المرجع أن تفرز حالات النازحين السوريين بين ما تقيد بالأصول القانونية وبين من خالفها، وعند ذاك تقع المسؤولية على النازح نفسه وعلى من يشغّله، خصوصاً ان رب العمل هذا، استغنى عن عمال لبنانيين وأحالهم الى البطالة ليستخدم عمالاً سوريين بكلفة أقل بكثير مما يتقاضاه العامل اللبناني، إضافة الى الموجبات المرتبة للضمان الاجتماعي وضريبة الدخل. وتجزم المراجع الرسمية ان لا استهداف للسوريين الذين يلقون كل رعاية مطلوبة، لكن في المقابل ليس من العدل حرمان اللبنانيين من وظائفهم وتوزيعها على السوريين لأن ذلك سيساهم بشكل أو بآخر ببقائهم في لبنان وعدم العودة الى سوريا، خصوصاً ان المساعدات الدولية تقدم لهم مباشرة من دون المرور بالسلطات اللبنانية.

 

<تسييس> ملف النازحين... لا فائدة منه!

 

ولأن كل شيء في لبنان <يتسيس>، فإن اجراءات وزارتي العمل والاقتصاد جوبهت بحملة اعلامية مبرمجة تركز على <اضطهاد> السوريين، و<ممارسة سياسة عنصرية> بحقهم، وغيرها من التعابير التي لم يقتصر استخدامها على بعض السياسيين والاعلاميين، بل شملت أيضاً مسؤولين في منظمات دولية يتعاطون مع النازحين ويحرصون دائماً على <عرقلة> عودتهم الى بلادهم من خلال <تخويفهم> من هذه العودة، وفي أحد الاجتماعات التي عقدت في قصر بعبدا، حاولت مسؤولة دولية نقل امتعاض الجهة التي تمثلها من <طريقة معاملة السوريين>، فأتى رد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حاسماً لجهة ان القانون اللبناني يطبق على الأراضي اللبنانية وعلى الجميع من دون استثناء، كاشفاً عن تقارير أمنية أظهرت ان نسبة الجرائم التي يرتكبها نازحون سوريون بلغت 43 بالمئة من الجرائم المرتكبة وهو رقم لا يمكن لأي بلد أن يتحمله، إضافة الى ان ما نسبته 27,5 بالمئة من نزلاء السجون هم من السوريين من أصل 46 بالمئة من غير اللبنانيين... وأضاف الرئيس عون: <لقد قدم لبنان للنازحين السوريين ما لم يقدمه أي بلد، الى درجة ان جميع المسؤولين الذين يزورون لبنان من حين الى آخر يحرصون على تقديم الشكر على رعايتنا للسوريين الذين بلغ عددهم في الذروة نحو مليون و800 ألف سوري أي ما يوازي نصف سكان لبنان إذا ما أضيف إليهم عدد اللاجئين الفلسطينيين، فكيف يتحول الثناء الى شكاوى، وهل إذا ما طبقت الدولة قوانينها على النازحين كما تطبقها على اللبنانيين وسائر الأجانب الموجودين فيه، تكون تمارس <اضطهاداً> و<سياسة عنصرية>؟ ان تفعيل قانون العمل هو من أبسط الاجراءات الواجب اتخاذها لوضع حد للفلتان الحاصل والذي يدفع ثمنه اللبناني من اقتصاده واستقراره الأمني وانتظام حياته الاجتماعية وغيرها من التداعيات، ولم يعد في مقدور لبنان أن يتحمل المزيد.

لبنان الأول في عدد النازحين!

وفيما يعود ملف النازحين الى الواجهة من زوايا مختلفة، يؤكد مطلعون ان ادخال قضية النازحين في إطار التجاذبات السياسية واستخدامها من قبل خصوم <التيار الوطني الحر> للتصويب على رئيسه الوزير جبران باسيل، ومحاولة استهداف رئيس الجمهورية، لن تعطي أي نتيجة عملية، لأن تصميم الدولة على ضبط أوضاع النازحين لا رجوع عنه بعدما لامست هذه المسألة الخط الأحمر نتيجة تعثر المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين بفعل الضغوط التي مورست على موسكو للقضاء على مبادرتها وهي في المهد، وعدم تجاوب المجتمع الدولي مع الدعوات المتكررة التي وجهها لبنان إليه للمساعدة في إعادة النازحين السوريين الى المناطق السورية الآمنة لاسيما وأن سلطة الدولة السورية مباشرة أو عبر حلفائها باتت على ما يزيد عن 90 بالمئة من أراضيها. وتظهر الأرقام ان ما نسبته 86 بالمئة من النازحين السوريين في لبنان هم من مناطق باتت آمنة كلياً، وان 33 بالمئة منهم هم من دمشق وضواحيها ومن محافظة اللاذقية والساحل السوري، حيث لا مواجهات عسكرية ولا اضطرابات تفرض نزوح السكان من هذه المناطق.

تجدر الإشارة الى ان دراسة للأمم المتحدة أظهرت ان لبنان يحتل المرتبة الأولى عالمياً بعدد النازحين الموجودين على أرضه، إذ ان مقابل كل ألف مواطن لبناني هناك 164 نازحاً، وان أكثر من 75 بالمئة منهم لا يحملون إقامات شرعية!