تفاصيل الخبر

أدعــو هـيـئــة الأمـــم الــى قـمـــة عـاجـلـــة لـتــــدارك ســـوء الـمـصـيـــر بـشـعــــوب الـمـنـطـقــــة!  

11/09/2015
أدعــو هـيـئــة الأمـــم الــى قـمـــة عـاجـلـــة لـتــــدارك  ســـوء الـمـصـيـــر بـشـعــــوب الـمـنـطـقــــة!   

أدعــو هـيـئــة الأمـــم الــى قـمـــة عـاجـلـــة لـتــــدارك ســـوء الـمـصـيـــر بـشـعــــوب الـمـنـطـقــــة!  

بقلم حسين حمية

SAM_6757يشكل مؤتمر الحوار الذي دعا اليه رئيس المجلس نبيه بري وعقد اولى جلساته يوم الاربعاء الماضي بصيص امل للبنانيين في الخروج من نفق التعطيل واعادة تسيير عجلة الدولة وتفعيل المؤسسات بدءاً من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكن التمنيات شيء والوقائع شيء آخر، حيث تعترض الحوار عقبات جمة نظراً لتباين الآراء حول البنود المطروحة وانقسام الاطراف المعنية حولها ما يطرح السؤال عما اذا كانت طاولة الحوار ستأتي بالمن والسلوى ام ستكون مناسبة لتمرير الوقت بانتظار نضوج التسويات الاقليمية.

<الافكار> التقت رئيس المجلس الماروني العام الوزير السابق وديع الخازن داخل مكتبه في محلة الكرنتينا وحاورته عشية انعقاد طاولة الحوار في مجمل الوضع الداخلي ومبادرة الرئيس بري في الدعوة الى الحوار، والتعطيل المتمادي في المؤسسات، فكان كعادته شفافاً ومليئاً بالامل في تخطي المصاعب ورفع الصوت لإيجاد الحلول للمشاكل القائمة حرصاً على وطننا لبنان.

سألناه بداية:

ــ كيف تقيّم مبادرة رئيس المجلس نبيه بري الحوارية؟

- مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري هي أم المبادرات في هذه المرحلة الدقيقة التي يعيشها لبنان والمنطقة. فالرئيس بري رجل مبادرات وحوار بامتياز، ونحن نعوّل على دوره الوطني الهادف الى جمع كل الافرقاء والمكونات السياسية الى حوار بنّاء نأمل ان يتوج بتوافق المعنيين حول كل القضايا المطروحة. وأنا سبق والتقيت الرئيس بري قبل دعوته للحوار ولمست منه حماسته وصدقيته لانتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن لأنه المفتاح الاساسي لحل معظم المشاكل، وأبدى أمامي خوفه وخشيته مما يجري من تطورات وأحداث وتحولات ومتغيرات في المنطقة لها انعكاساتها السلبية على الداخل اللبناني، ومن هذا المنطلق هو يعوّل على مبادرته التي حظيت بإجماع لبناني لتحصين الساحة الداخلية في وجه كل الاخطار المحدقة بها.

وأضاف:

 - وأنا هنا أدعو لالتقاط مبادرة الرئيس بري، وإعادة إحياء الحوار الوطني سعياً للوصول إلى إتفاق يفضي إلى حل كل العقد العالقة في سلة متكاملة. فقدر لبنان أن يكون حواراً وشراكة، وإلا تعرض للعبث بتكوينه السياسي الذي ارتضاه خياراً نهائياً في تجربته ودستوره، ومن هذا المنطلق ينبغي أن تكون الدعوة إلى التحاور بين الأقطاب السياسيين التي اقترحها الرئيس بري مبنية على مدماك أساسي هو الثقة والخلفية الطيبة، وألاّ تنطوي على خطة مبيتة لتعميق الشرخ أكثر مما هو معمق. فالرئيس بري فتح كل الأبواب، مقدماً مصلحة الوطن على كل شيء آخر، وبالتالي لا يجوز أن نستغل هذه المبادرة لنزايد بشروطنا قبل المباشرة في البحث عن حل شامل يأخذ في الاعتبار رؤية المواطن، على ان نراعي السلة الكاملة التي طرحها الرئيس بري، والمتضمنة: ملف رئاسة الجمهورية، عمل مجلس النواب، عمل مجلس الوزراء، قانون الانتخاب، قانون استعادة الجنسية، اللامركزية الإدارية ودعم الجيش والقوى الأمنية. وأنا احذر وأقول ان الوقت بدأ يضيق، ولم يعد هناك مجال للمناورة من هنا أو هناك، لأن مصير صيغة لبنان الفريدة يتوقف على إتفاق يفضي إلى حل كل العقد العالقة.

 ــ وهل هناك أمل بالاتفاق على رئيس طالما ان الاستحقاق الرئاسي بند أول في الحوار؟

- من المفروض ان يصل الحوار الى حل لأزمة الاستحقاق الرئاسي طالما ان هذا البند كان البند الاول على طاولة الحوار رغم وجود طروحات متفاوتة، لكن الرئيس بري سيسعى للاتفاق على انتخاب الرئيس وتفعيل عمل المؤسسات في البلد وبعدها يتم تشكيل حكومة جديدة تتعهد بإجراء انتخابات نيابية. فعلينا بالإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، لأنه الضامن الأكبر للخلاص من هذه المحنة الكارثية التي ضربت نواحي الحياة وقابلية أن تبقى الدولة محتفظة بالحد الأدنى من المنعة والقدرة على ممارسة صلاحياتها. وهنا اسأل: اليس من المفروض ان تكون المخاطر الداخلية الجاثمة فرصة تاريخية للتنادي ووقف التمادي في لعبة الخسائر التي تنذر بفقدان ما تبقى من شتات العيش في دولة؟

ــ وكيف قرأت مقاطعة الدكتور سمير جعجع للحوار واشتراطه ان يكون هناك بند انتخاب الرئيس هو الاساس؟

- موقفه مبدئي من هذا الأمر لأن لديه إصراراً على انتخاب الرئيس اولاً، ونحن نتفهم ذلك لاسيما وان المجلس في حالة انعقاد دائم حتى انتخاب رئيس حسب الدستور.

ــ البعض يطرح اسمك للرئاسة كمرشح توافقي. فماذا تقول هنا؟

-لا علم لي بذلك، وكل ما أبتغيه هو انتخاب رئيس للجمهورية لأنه الممر الإلزامي لحل معظم المشاكل وانتظام عمل المؤسسات كما سبق وقلت، حيث لا يمكن للمؤسسات ان تسير بدون رأس، ونحن نرى نتيجة ذلك في التعطيل الحاصل على كل المستويات، واذا استمر الوضع على هذا المنوال فالبلد سائر نحو الانهيار والدخول في المجهول.

جلسات الحكومة والمراسيم

ــ لا جلسات للحكومة بانتظار نتائج طاولة الحوار بعدما سبق للرئيس بري ان تمنى على الرئيس تمام سلام تعليق الجلسات لإيجاد حلول لآلية عمل مجلس الوزراء والمراسيم الصادرة بدون توقيع وزراء التيار الوطني وحزب الله. فهذا جائز؟

- المراسيم الوزارية تفتقر إلى إجماع وزاري حولها، وهذه الأزمة قد وجدت طريقها إلى الحل بفعل تدخّل الرئيس بري وحركة اتصالاته بالرئيس سلام وسائر القيادات الفاعلة، وإلاّ لَما تأجّل نشر هذه المراسيم في الجريدة الرسمية. فالآلية التي اتُبعت في منهجية العمل الحكومي بمعادلة التوافق بالإجماع، لا بد أن تُعتمد باستباق كل جلسة حكومية لئلاّ نقع مجدّداً في محظور التغيّب والنقص الميثاقي الذي يحرص بري على إيلائه الأولوية القصوى. وهنا استبعد أن يكون مطلب إستقالة الحكومة وارداً، لا داخلياً حرصاً على عدم الوقوع في الفراغ الأكبر، ولا إقليمياً ودولياً حفاظاً على <ستاتيكو> الاستقرار المطلوب في لبنان. ولذلك لا بد من التخلي عن سياسة مأسسة الضرورة لئلا تتحول عُرفاً ونصبح دولة فاشلة قوامها الأعراف المتقلبة وفق الضرورات المحظورة أصلاً. فالدولة <المسربلة> في آليات الحكم بحكم غياب رئيس الجمهورية، محكومة بغياب الهيبة التي يجسدها رأس هرمها.

 واستطرد قائلاً:

- أحذر من التمادي في المنحى الإنتحاري للدولة، وأدعو المسؤولين إلى استدراك ما تبقى من شتاتها. فمن المؤسف أن تغرق البلاد في النفايات في عز الأزمات المتراكمة في مؤسسات الدولة، وسط صرخات المواطنين وإستغاثاتهم المتكرّرة للإنقاذ، وكأن المسؤولين لا يتحسّسون فداحة النكبة الوطنية المحدقة بنا بكل أنواع التخلّي. فلم يعد مهماً أي بحث في السياسة إلاّ من باب الفراغ الرئاسي الذي بات يشكّل محور الحل الإنقاذي لكل هذه الإشكالات التي تعرقل وتعطّل أوصال السلطتين التشريعية والإجرائية برغم المساعي المستميتة التي يبذلها الرئيسان بري وسلام لاستدراك هذا المنحى الإنحداري الإنتحاري للدولة. وليس من العدل أن يبقى ملف النفايات في <مونوبولية> الاحتكار، وبخاصة أن اتفاق الطائف قد لحظ في بند من بنوده اللامركزية الإدارية، فأحرى بنا أن نعتمدها ابتداءً من البلديات والانطلاق بحلول تلزم البلديات بمسؤولية حلّ مشكلة النفايات التي أدّت إلى أزمة كبرى.

 

التظاهرة العونية

ــ كيف قرأت تظاهرة العماد عون حتى يقال إن الرجل كرّس تمثيله الشعبي وأكده؟

- هذا صحيح، وقد استطاع العماد عون ان يحشد جمهوراً كبيراً وللرجل حيثيته الشعبية، ومن المفروض ان تكون أفكاره وطروحاته موضع بحث جدي بين المعنيين ولا يمكن تخطيه في أي حل، وبالتالي لا يمكن إقصاؤه او القفز فوقه ولا بد من الاتفاق معه.

ــ زرته في الاسبوع الماضي فماذا لمست لديه؟

-  العماد عون يعتبر ان لا تعطيل من جهته كما يروج بل تصويباً لسياسة إسقاط الحق المسيحي في ممارسة الشراكة التي نص عليها اتفاق الطائف بالمناصفة، فلا رأي للمسيحيين في شأن التعيينات في المراكز الرئيسية في الدولة وكأن الأمر في الطوائف الأخرى محلل على مرجعياتها وحدها، وهو أبدى رغبته في البحث عن مخرج لفتح دورة استثنائية لمجلس النواب وبت مشاريع واقتراحات القوانين العالقة، تجاوباً مع دعوة الرئيس بري بهذا المطلب الحيوي في تفعيل المؤسسة التشريعية وتسهيل عملية انتخاب رئيس الجمهورية، وكان الرأي متفقاً على ان مبدأ التمديد يتناقض وطبيعية الحيوية النابضة في مفاصل الدولة، وإلا ما قيمة تداول السلطة والصلاحيات ما لم تكن جزءاً من حركة الحياة الديموقراطية، والمشكلة في انه لا يمكن لأحد أن يحيد أحداً. ألا يتذكر اللبنانيون ان إقصاء حزب الكتائب اللبنانية في العام 1975 أدّى الى ما يشبه الانقلاب، فإما ان يكون البلد واحداً او يصبح جماعات متفرقة تغرد خارج سرب الوطن.

وعن سؤال اذا ما كان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ينأى عن نفسه بحقوق المسيحيين، أكد الخازن انه <ينادي يومياً بإعادة تفعيل المؤسسات وانتخاب رئيس للجمهورية. فالرئيس هو لكل لبنان، وهناك انتقاصات لصلاحياته بحسب دستور الطائف ولكنه الوحيد الذي يحلف لكي يصون الدستور، ولكن رأي البطريرك غير مسموع عند الفريق الآخر إذ انه لا يزال ينتهك الدستور، فهناك إشكالية في هذا الخصوص ولكن البطريرك مرجعية وطنية مسيحية محترمة وكلمته مسموعة عند الكل والأمر السياسي بات متعلقاً بالتطورات الاقليمية والدولية ولا يمكن انتاج رئيس جمهورية دون اتفاق اقليمي دولي وهذا ما ننتظره ونتمنى ان يكون قريباً>.

الحراك الشعبي ودور بكركي

ــ هل يسهم الحراك الشعبي في تسريع إيجاد الحلول للأزمات بدءاً من انتخاب الرئيس؟

- أنا مطمئن بأن الحراك الشعبي القائم والمستمر سيحدث فارقاً في الحياة السياسية وفي الأداء المعتمد في سياسة الحكم وإدارات الدولة، وهذا التحوّل بدأ في ردود عفوية استجابت لصرخات المواطنين المحتجة على تصرّفات بعض المسؤولين اللامبالية لمعاناة الناس. واذا كانت الانقسامات السياسية الحادة قد أوقعت البلاد في التخبط داخل الحكومة وفي التحركات الشعبية التي اندفعت تحت شعار رفع النفايات وتفرّعت إلى تراكمات أخرى في المشكلات والأزمات المعيشية، فلأن واقع النفايات هو كواقع تراكم المكبات التي تلقى فيها المهملات السياسية وتشكّل كمّاً من الأورام الاجتماعية التي باتت في حاجة إلى معالجة استثنائية لئلاّ تنفجر النقمة الشعبية في إطار شامل. ورغم الانحرافات التي ظهرت في التظاهرات التي تعرّضت للإخلال بأمنها، فإنها لم تصل إلى حد الانفلات لحكمة سياسية وأمنية وعتها القيادات الكبرى في البلاد. ولذلك أرى ان انتخاب رئيس للجمهورية هو الممرّ الإلزامي لتقويم الاعوجاج الحاصل نتيجة غياب الصلاحيات الحقيقية لراعي حسن سير العمل في المؤسسات والمؤتَمن على دستورية وقانونية الأحكام.

ــ يحكى ان بكركي التي تسعى على أكثر من صعيد لتسريع انتخاب الرئيس مستاءة مما يجري. فماذا تقول هنا؟

- البطريرك الماروني بشارة الراعي متمسك بموقفه الوطني الثابت وحرصه على المؤسسات الدستورية كلها من رئاسة الجمهورية إلى مجلس النواب وإلى الحكومة، وقد سبق وحذر من وقوع الشغور الرئاسي قبل وقوعه بشهور، وقبل موعد الاستحقاق الرئاسي أعلن البطريرك الراعي عن أهمية انتخاب رئيس للبلاد. وبعد حصول الفراغ منذ سنة وستة شهور وهو ينادي بإلحاح لحلّ هذه المعضلة، وقد بُحّ صوته مطالباً ومحذراً من ضرورة الإسراع بانتخاب رئيس للبلاد. ولا أكشف سراً هنا وأقول ان دوائر الفاتيكان، بالتنسيق مع القاصد الرسولي في لبنان <المونسنيور كاتشيا>، يبذلون قصارى جهدهم بالتناغم مع البطريرك الراعي لإتمام هذا الاستحقاق، إذ كفى ما أصاب لبنان من ويلات ونكبات، فلا سبيل أو مبرر لبقاء لبنان وطناً على الخارطة العربية والدولية إلا بالتفاهم والوئام، لأن أي خروج عما طرحته مبادرة الرئيس بري هو دليل عجز وفشل عن الوصول إلى وفاق عادل لانتخاب رئيس جديد مما يعكس أمام الرأي العام الخارجي أن اللبنانيين غير قادرين على إدارة شؤونهم بأنفسهم وهم بالتالي قاصرون وبحاجة إلى وصاية دائمة، وهذا ما لا يريده أحد بعيداً عن أي تخويف أو تهويل أو استقواء لأن اختيار رئيس جديد إنما يمثل رمزاً لوحدة البلاد وجمع الشمل حول كل القضايا المشكو منها من هذا الفريق أو ذاك.

وختم قائلاً:

- إن استمرار استهداف المسيحيين في سوريا والعراق وغيرهما من البلدان يحتّم استعجال الانتخابات الرئاسية في لبنان، فالرئيس المسيحي يظلل ميثاقية العيش. وأخطر حلقات التآمر على الوجود المسيحي في الشرق، هو استهدافهم في أرضهم وتاريخهم المتجذّر منذ مئات السنين. وأنا أستغرب الصمت الدولي عن هذا الاغتصاب الماثل للعيان وكأنه تناغم مقصود لتفريغ المنطقة من مقوّماتها الأساسية في العيش بوئام وسلام، وأطالب الحكومات العربية ومنظمة الأمم المتحدة بالدعوة إلى قمة عاجلة لتدارك سوء المصير المحدق بشعوب المنطقة وأديانها وحضاراتها، لاسيما و أن المنطقة تعرّضت لأسوأ إعصار عرفته في ذاكرة حروبها على أيدي التتار الجدد: <داعش> و<جبهة النصرة>.