تفاصيل الخبر

أبـــــرز عـــــوارض ”الـبـاركـنـســــون“: الـرجـفـــــة، الـتـصـــــلـب فــي الـحـركــــة، والـبــــطء بـالـتـنـقـــــل والـمـشـــــي!

09/11/2018
أبـــــرز عـــــوارض ”الـبـاركـنـســــون“: الـرجـفـــــة، الـتـصـــــلـب فــي الـحـركــــة، والـبــــطء بـالـتـنـقـــــل والـمـشـــــي!

أبـــــرز عـــــوارض ”الـبـاركـنـســــون“: الـرجـفـــــة، الـتـصـــــلـب فــي الـحـركــــة، والـبــــطء بـالـتـنـقـــــل والـمـشـــــي!

بقلم وردية بطرس

<الباركنسون> هو مرض يظهر بصورة تدريجية ويبدأ غالباً برجفة تكاد تكون غير محسوسة وغير مرئية في احدى اليدين. وبينما يعتبر ظهور الرجفة السّمة المميزة الأكثر وضوحاً لمرض <الباركنسون>، تؤدي المتلازمة بشكل عام الى ابطاء او تجميد الحركة أيضاً، ويستطيع الأصدقاء وأفراد العائلة ملاحظة الجمود في ملامح الوجه العاجزة عن التعبير وعدم تحرك الذراعين في جانبي الجسم عند المشي، كما يصبح الكلام غالباً أكثر رخاوة تتخلله التمتمة. ويتسبب مرض <الباركنسون> باعاقات لدى ملايين الأشخاص في العالم بسبب عوارضه التي تبدأ بالرجفة والرعشة لتتحول الى تصلب الحركة وتخشب الجسم وينتهي المرض باضطرابات أكثر خطورة... ويصف هؤلاء المرضى المشكلات الحركية التي يعانونها بالأرق وصعوبة التقلب في فراشهم ليلاً والشعور بالاحباط وحالات خوف والاضطراب في التركيز.

ويعتبر مرض <الباركنسون> من الأمراض المرتبطة بتقدم السن، وهو ينجم عن تلف في أحد أقسام الدماغ، المسؤول عن افراز <الدوبامين> هذه المادة الضرورية للحفاظ على توازن الجسم، ومن أهم مظاهر المرض الرعشة او الرجفان واهتزاز جزء او أكثر من الجسم مع تيبس الجسم.

ويعد مرض <الباركنسون> من الأمراض التنكسية التي تصيب الجهاز العصبي المركزي، وترتبط بشكل رئيسي بحدوث اضطرابات حركية تدريجية لدى المصاب، وذلك نتيجة موت او تلف الخلايا العصبية التي تُفرز <الدوبامين>، حيث يعد <الدوبامين> مسؤولاً عن السيطرة على حركات الجسم عن طريق نقل اشارات عصبية بين مناطق محددة في الدماغ، وقد أظهرت الدراسات ان معظم مصابي <الباركنسون> يكونون قد فقدوا ما لا يقل عن 60 الى 80 بالمئة من الخلايا العصبية المنتجة للـ<دوبامين> مع بدء ظهور العوارض. وتجدر الاشارة الى ان السبب الرئيسي لتلف هذه الخلايا لا يزال غير معروف حتى الآن، ويُشتبه ان توافر مزيج من العوامل البيئية المحيطة والاستعداد الجيني تحفز الاصابة بالمرض. ويعد مرض <الباركنسون> من الأمراض المزمنة، والتي تتدهور فيها حالة المصاب بشكل تدريجي، ففي أغلب الحالات تكون العوارض بسيطة في البداية وتكاد تكون غير ملحوظة الا انها تزداد سوءاً ووضوحاً بمرور الوقت، غير ان معدل تقدم العوارض يختلف من شخص الى آخر، وهناك أربعة عوارض رئيسية تبدو جليّة على مصاب <الباركنسون> وهي: أولاً الرعشة اذ تُعدّ الرعشة من أولى عوارض الإصابة بـ<الباركنسون>، وتبدأ في اليد او الفك او القدم، ويمكن ملاحظة الرعشة بشكل واضح عند التوتر او اتخاذ وضعية الراحة لليد، وتتميز الرعشة بحركة ايقاعية للأمام والخلف بمعدل أربع الى ست ضربات في الثانية الواحدة. ثانياً: تصلب العضلات او ظهور مقاومة ضد التحرك ويحدث التصلب نتيجة انتقاص العضلات بشكل مستمر ومفرط مما يقيد حركة المصاب ويتسبب بمعاناته من آلام شديدة، ويمكن ملاحظة التصلب على المصاب بشكل واضح وجليّ عندما يحاول أحدهم تحريك ذراعه. ثالثاً: قصور الحركة اذ يتمثل بمعاناة المصاب من بطء الحركة، فتغدو الأعمال الروتينية السهلة مثل الغسيل وارتداء الملابس أمراً صعباً وشاقاً على المصاب وتتطلب زمناً أطول لانجازها، وبالاضافة الى ذلك فقد يواجه المصاب صعوبة في القيام ببعض الحركات التلقائية مثل تعابير الوجه، كما قد يعاني من اختلال التوازن مما يحدّ من حركته ويجعله أكثر عرضة للسقوط.

ولقد أثبتت البحوث والدراسات ان للـ<باركنسون> علاقة بالوراثة حيث تمكن العلماء من عزل جينات مثل جين <باركين> الذي يلعب دوراً في الاصابة بالمرض، علماً ان المرض يصيب الرجال والنساء على حد سواء.

ازدياد خطر الإصابة بـ<الباركنسون>

مع التقدم في السن

وبحسب الدراسات فان خطر الاصابة بمرض <الباركنسون> يزداد مع التقدم في السن حيث ان عوارضه تبدأ بالظهور بعد سن الخمسين في غالبية الحالات، ولكن الاختصاصيين يؤكدون ان هذا الأمر لا يعني عدم احتمال الاصابة بسن مبكر، اذ بينّت الدراسات ان نسبة 10 بالمئة من مرضى <الباركنسون> أُصيبوا بالمرض قبل سن الأربعين، كما تؤكد الدراسات ان شخصين الى ثلاثة من أصل 100 مصاب بمرض <الباركنسون> يُصابون بالمرض بعد سن الستين. واللافت ان غالبية مرضى <الباركنسون> وخصوصاً في المراحل الأولية من المرض يعتبرون عوارضه نتيجة كبر السن او لمشاكل صحية أخرى فيهملون المؤشرات او يتعاطون معها بخفة.

 

تسمية المرض

 

وتعود تسمية مرض <الباركنسون> الى مكتشفه الطبيب البريطاني <جيمس باركنسون> الذي وصف المرض لأول مرة في العام 1817 حيث لاحظ الدكتور <باركنسون> ان هناك حالة عصبية غريبة تنتاب بعض مرضاه وتتميز بتخشب الأطراف وبطء الحركة مع رجفة لاارادية يطلق عليها الرعشة، وبفضل جهوده وأبحاثه في متابعة المرض سمي المرض باسمه. وبعد ذلك بمئة وخمسين عاماً اكتشف الدكتور <هورتيكوز> أول علاج لهذا المرض بعد ان لاحظ انعدام مادة <الدوبامين> تقريباً في أدمغة المتوفين بداء <الباركنسون>، وعلى ضوء هذا الاكتشاف قام بمحاولات لحقن تلك المادة في أدمغة المرضى لكنها باءت بالفشل، ومن بعده قام الباحث <كورتزيار> بتطوير البحث على هذه المادة وتم اكتشاف العقار المعروف <L –Dupa> الذي حقق في البداية نتائج ايجابية وسريعة، ولكن ظهرت لاحقاً آثاره الجانبية والتي كانت أسوأ من المرض نفسه حيث انتهى الأمر ببعض المرضى بتخشب وتجمد عضلاتهم بصورة كاملة ونهائية. ويعد مرض او داء <الباركنسون> حالياً واحداً من أكثر الأمراض العصبية انتشاراً حيث يقدر ان نسبة 3 بالمئة من السكان فوق سن الستين عاماً مصابون بهذا المرض ولا توجد احصاءات دقيقة متوافرة عن هذا المرض في المجتمعات العربية. وينشأ مرض <الباركنسون> عن موت الخلية العصبية ونفاد الناقل العصبي <الدوبامين> في منطقة صغيرة في الدماغ وهي مادة ضرورية للحركة السلسة الطبيعية. وفي الوقت الذي تبدأ فيه عوارض المرض بالظهور يكون نصف عدد الخلايا المنتجة للـ<دوبامين> على الأقل قد مات، وكلما ماتت المزيد من الخلايا كلما ساءت العوارض. ويوجد في أميركا أكثر من مليون شخص مصاب بهذا المرض، ونسبة هذا المرض تزداد مع ازدياد متوسط العمر، ومن أشهر الناس الذين أُصيبوا به <هتلر> والرئيس الأميركي الراحل <هاري ترومان> وبطل الملاكمة العالمي <محمد علي كلاي> والرئيس الأميركي الراحل <رونالد ريغان> وغيرهم...

ولا توجد احصائيات دقيقة للمرض في الدول العربية، الا أنه في الدول الغربية فإن عدد المصابين بما يسمى <الشلل الرعاشي> في المانيا يصل الى 400,000 مريض يزدادون بمعدل 15,000 مريض سنوياً، بينما تشير الاحصاءات المتوافرة في الولايات المتحدة الأميركية وحدها الى تجاوز عدد مرضى <الباركنسون> المليون مصاب، وتشير الدراسات الى ان شخصين الى ثلاثة أشخاص من كل مئة يُصابون بمرض <الباركنسون> بعد سن الستين.

 

الدكتور مروان وهيب نجار وأسباب الاصابة بـ<الباركنسون>

فهل من أسباب تؤدي للاصابة بـ<الباركنسون>؟ وما هي العوارض؟ ومن هم الأكثر عرضة للاصابة بهذا المرض؟ وماذا عن العلاجات وغيرها من الأسئلة أجاب عنها جرّاح الدماغ والأعصاب الدكتور مروان وهيب نجار وهو اختصاصي في جراحة الأورام الدماغية والصرع ويعمل في قسم  جراحة الدماغ والأعصاب في <الجامعة الأميركية في بيروت>، ونسأله أولاً عن الأسباب التي تؤدي للاصابة بمرض <الباركنسون> فيقول:

- يحدث تآكل في بعض خلايا الدماغ، وعندما يبدأ المرض تكون الخلايا الدماغية المنتجة للناقل العصبي <الدوبامين> قد أتلفت (الغالبية الساحقة من عوارض مرض <الباركنسون> تنتج عن نقص في ناقل كيميائي في الدماغ يُسمى <الدوبامين>)، وهذا الأمر يحصل عندما تموت او تضمر خلايا معينة في الدماغ هي المسؤولة عن انتاج <الدوبامين>.

ــ وما هي العوارض؟

- من عوارض مرض <الباركنسون> البطء في الحركة او سرعة الحركة ومنها الرعشة او الرجفة، فعندما تموت خلايا معينة في الدماغ والتي هي المسؤولة عن انتاج <الدوبامين> يؤثر ذلك على أماكن مسؤولة عن التحكم او السيطرة على الحركة فيحدث بطء في الحركة او بعض الأشخاص تظهر لديهم الرعشة، وهذه الأمور ممكن ان تحدث مع التقدم في السن ولكن هناك أشخاص لديهم استعداد للاصابة بالمرض حتى لو كانوا في سن الشباب.

أنواع <الباركنسون>

ــ هل هناك أنواع من مرض <الباركنسون>؟ ولماذا تظهر الرجفة بشكل متواصل في القدم او الأطراف؟

- تظهر الرجفة عند بعض الأشخاص الذين يُصابون بمرض <الباركنسون>، والرجفة تجعل القدم في حالة رجفة متواصلة ولهذا نعطي الدواء لمعالجة المشكلة في مرحلة معينة، واذا لم يتجاوب المصاب مع العلاج نلجأ الى العملية الجراحية بعد مرور فترة من تناول الأدوية. وبعض الأشخاص يظهر لديهم عارض بطء في الحركة وبالتالي علينا ان نميز بين الأمرين من خلال اجراء الفحص السريري لكي نرى ما هو العارض ونعالجه، ويجب ان يدرك الناس ان الرجفة هي عارض خارجي اي تظهر لدى الشخص ويعرف المحيطين به انه مصاب بالـ<باركنسون>، ولكن اذا كان المصاب يعاني من النسيان فهذا يكون <باركنسون> داخلياً اي لا تظهر العوارض من ناحيــــة الحركــــة ومــا شابــــه، والأشخاص الذين يكون لديهم بطء في الحركة يكون الأمر على الأغلب متعلقاً بالنسيان.

 

الأشخاص الأكثر عرضة للاصابة بـ<الباركنسون>

 

ــ بحسب الدراسات فإن المتقدمين في السن هم الأكثر عرضة للاصابة بمرض <الباركنسون> ولكن في الوقت نفسه تبين الدراسات ان هذا المرض قد يصيب الأشخاص في سن الشباب أيضاً...

- هذا صحيح إذ يمكن ان يصيب <الباركنسون> الأشخاص قبل بلوغ سن الأربعين، ولكن كما أصبح معروفاً انه كلما تقدم الانسان في السن يكون عرضة للاصابة بـ<الباركنسون>، وتجدر الاشارة الى ان هناك عوامل وراثية ولها دور في هذا المجال، فالعوامل الجينية تؤثر وتجعل الشخص عرضة للاصابة بالمرض أكثر من غيره اذا كان المرض متوارثاً، وبالتالي جزء من المرض هو وراثي ولكن هناك عوامل أخرى أيضاً وليس فقط العامل الوراثي ما يؤدي للاصابة بمرض <الباركنسون>.

العلاجات

ــ وماذا عن العلاج؟

- أولاً هناك أدوية نعطيها لمريض <الباركنسون> ولكن اذا لم يتجاوب معها او ان المريض يتوقف عن تناول الدواء لأن آثاراً جانبية تظهر لديه مع مرور الوقت، فممكن ان تتطور الحالة. واذا كان المصاب بـ<الباركنسون> يعاني من الرجفة او البطء في الحركة ولكن ذاكرته جيدة فعندئذٍ نجري له عملية جراحية، والجراحة هي عبارة عن جلسات خاصة في الدماغ، ونسمي العملية عملية التحفيز العميق داخل الدماغ وهي العملية الجراحية الأكثر انتشاراً لمعالجة مرض <الباركنسون>، وتشمل العملية الجراحية زراعة موصل كهربائي في عمق المناطق الدماغية المسؤولة عن حركات الجسم، ودرجة التحفيز الكهربائي التي يتم نقلها عبر هذه الموصلات تتم مراقبتها بواسطة جهاز شبيه بالناظمة الاصطناعية (منظم دقات القلب) الذي يتم زراعته تحت سطح الجلد في أعلى الصدر، ويتم ادخال سلك موصل وتمريره تحت سطح الجلد ليتصل بالجهاز الذي يسمى <مولد النبض> في الطرف الأول وبالموصل الكهربائي (المسرى الكهربائي) في الطرف الآخر.

ــ هل نسبة الشفاء جيدة؟

- طبعاً نلجأ الى العلاجات التي ذكرتها في سياق الحديث ووفقاً لحالة المريض تكون نسبة الشفاء اعلى او اقل، فمثلاً اذا كانت لدى المصاب رجفة خفيفة ونخضعه للعلاج تصبح نسبة الشفاء اعلى مما لو كانت الحالة متقدمة، ولكن اذا كانت العوارض داخلية كمثل النسيان فلن يكون الأمر سهلاً كما لو كان يعاني من الرجفة.

ــ هل من طرق لنحمي أنفسنا من الاصابة بـ<الباركنسون>؟

- طبعاً الأشخاص الذين لديهم استعداد للاصابة بالـ<باركنسون> لا نقدر ان نفعل لهم شيئاً لأنهم سيُصابون بالمرض وبالتالي يصعب عليهم حماية أنفسهم من الاصابة بالمرض، ولكن طبعاً على الانسان بشكل عام ان يتبع غذاء صحياً سليماً وألا يكثر من تناول الوجبات التي تحتوي على الكاربوهيدرات الى ما هنالك... والا يدخن، وان يزاول الرياضة او المشي، وان يتبع نمط حياة سليماً، فهذه الأمور تجعل جسم الانسان بحالة أفضل، وبذلك يحمي نفسه من مشاكل صحية عديدة.