تفاصيل الخبر

أبــــو مـــــالك الـتـلــــي لأهــــالـي الـمـخـطـــوفـيـن: دولــــتـكم تـــكذب عـلـيـكـــــم!  

18/09/2015
أبــــو مـــــالك الـتـلــــي لأهــــالـي الـمـخـطـــوفـيـن:  دولــــتـكم تـــكذب عـلـيـكـــــم!   

أبــــو مـــــالك الـتـلــــي لأهــــالـي الـمـخـطـــوفـيـن: دولــــتـكم تـــكذب عـلـيـكـــــم!  

بقلم علي الحسيني

العودة-الى-قطع-الطرقات ما زال اهالي العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى كل من تنظيم داعش وجبهة النصرة رابضين في خيام الاعتصام في ساحة رياض الصلح على الرغم من تبدد الامال بحلول يمكن ان تعيد اليهم ابناءهم في القريب العاجل بعد عام وشهر على اختطافهم.

غابت ملامح الفرح عن وجوههم واحتلت مكانها علامات البؤس والقهر والعذاب. عام مر وهم مكانهم وسط العاصمة ينتظرون بشائر العودة بفارغ الصبر، عاندوا خلاله لهيب الشمس وواجهوا رياح الصقيع من دون ان تنكسر ارادتهم وعنفوانهم وهم الذين حملوا هم الوطن وجيشه بعدما تلخصت حكايتهم باختطاف عسكريين كانوا ينشدون الامن والسلام عند حدود وطن استبيحت اراضيه في غفلة من الزمن على يد ارهاب عمل على تحويل هذه الارض الى مرتع له والى دولة تقيم الحد بحد السيف والرصاص والحرق.

الزيارة الاخيرة الى الجرود

اللقاء الاخير بين اهالي المخطوفين وأبنائهم المختطفين لدى جبهة النصرة كان خلال عيد الفطر الماضي. ويومئذٍ توجه الاهالي الى جرود عرسال بعدما تلقوا اتصالا من الشيخ مصطفى الحجيري <ابو طاقية> قال لهم خلاله <ان امير النصرة ابو مالك التلي سمح لكم بالزيارة>. يومذاك انطلقت حافلتان تقلان 60 شخصا من الاهالي وأولادهم عند التاسعة صباحاً من بلدة دورس عند مدخل بعلبك الجنوبي الى بلدة عرسال عبر الطريق الرئيسية ثم الى جرودها بعد المرور على حسين-يوسف-والد-العسكري-المخطوف-محمد-يوسفحاجز للجيش الذي سهل بدوره مرورهم من دون اي تدقيق بالامتعة او بمحتويات الحافلتين ليعود بعدها الاهالي بانطباعات جيدة اعتقدوا انها ستسهل عودة ابنائهم قريبا خصوصا وان ابو مالك التلي اكد لهم انه سيسهل عودتهم وبانه انجز كل ما هو متفق عليه بينه وبين الدولة اللبنانية وانه لم يبق سوى تفاصيل صغيرة ما يعني ان عملية التفاوض اصبحت في خواتيمها ولا شيء يمنع من انجازها كاملة.

عودة القلق والحذر

اليوم وبعد شهرين تقريباً على الزيارة للجرود عادت اجواء القلق والترقب لتسيطر من جديد على الاهالي في ظل انعدام الرؤية الواضحة لمصير أبنائهم بعدما تبدد التفاؤل وتحول الى مجرد امنيات تتلاعب بها التسريبات بين الحين والاخر وتجرفها رياح التقلبات والتعهدات، تارة بوصول الملف الى خواتيمه السعيدة وطورا بعودته الى نقطة الصفر، ليبقى الامل بالله وحده وبالدعاء كي تنتهي القضية بأقل الاضرار الممكنة خصوصا وان هناك خمسة عسكريين حتى اليوم تمت تصفيتهم بين برودة المماطلة وحماوة المفاوضات.

ابو مالك: دولتكم تكذب عليكم

نبيهة-خوري-مع-ابنها-وزوجته-وولده-اثناء-زيارتهم-في-الجرود

والدة العسكري المخطوف لدى النصرة جورج خوري السيدة نبيهة خوري تؤكد انها عندما زارت ابنها منذ شهرين بدا بصحة جيدة وكان يرتدي لباسا عاديا يتناسب مع الطبيعة الجردية، ويومئذٍ قال لي المسلحون بأنه <لا داعي لاحضار ثياب لجورج لان هناك ما يفوق حاجة العسكريين انما اذا اردتم ارسال طعام أعددتموه في منازلكم فلا مانع>. وقالت إن اللقاء استمر من العاشرة صباحاً ولغاية الثالثة بعد الظهر.

وتكشف والدة العسكري المخطوف ان ابو مالك التلي ليس موجوداً في بلدة عرسال كما يتردد بين الحين والاخر في وسائل إعلامية بل في جرودها <فأنا جلست معه وقال لي: <انا هنا في الجرود ولم ادخل عرسال>، وكان مسلحا، وابلغني ان انقل رسالة إلى الدولة اللبنانية مفادها انه اذا اراد حزب الله زج الجيش اللبناني في معركة جرود عرسال فسيتصرفون، وان لا شيء جديداً في ملف اطلاق العسكريين لأن الدولة والمفاوضين غير صادقين وان أحدا لم يبلغهم بامكان اطلاق المخطوفين. وتابعت: <سمعت احد المسلحين يومئذٍ يقول من الخارج ان الشباب يقاتلون معنا ويقصد العسكريين، وأحد المسلحين طلب مني مناشدة وزير العدل اشرف ريفي التدخل لحل الملف، وقال إن حزب الله يهدف من خلال محاولته زج الجيش في المعركة قتل العسكريين واتهام الجيش بقتلهم>.

 

شقيقة عسكري مخطوف:

هذه هي مطالب النصرة

 

شقيقة احد العسكريين المخطوفين طلبت عدم ذكر اسمها قالت عبر <الافكار> <يوم رأينا العسكريين في الجرود منذ شهرين كانوا جميعهم بصحة جيدة ويعاملون احسن معاملة ويومئذٍ قال لنا ابو مالك التلي: <دولتكم تكذب عليكم ولدينا مطلبان الاول يتمثل باطلاق سجى الدليمي وجمانة حميد من سجن رومية والثاني بتأمين ممر آمن للمهجرين السوريين في المخيمات لينتقلوا إلى بلدة فليطة السورية، وقال ايضاً علينا أن نتساعد واياكم لنصل إلى حل>، وقد التقينا جميع المخطوفين في مكان واحد وامتــــد اللقـــــــاء نحــــو 90 دقيقـــــــة>.

 

يوسف: داعش

 تنتظر النصرة

اهالي-العسكريين

وكانت الزيـــــارة قـــــــد عكست غصــــة في نفــــوس اهــــــــــــالي العسكـــــــــريين المختطفين لدى <داعش> الذين لم يتمكنوا من رؤية أبنائهم في العيد، وكشف حســين يـــــوسف والـــــــد العسكري المخطوف لدى <داعــــــش>: <أن تنظيــــــــم <داعـــــش> ينتظـــر عمليــــة التبادل بين جبهة النصرة والدولة اللبنانية ليبني عليها مواصلة مفاوضاته ويلمس صدقية الحكومة في تنفيذها شروط النصرة وفق ما وردنا من بعض المعنيين بالملف>.

ويتابع: <ابناؤنا كانوا ضحية السياسة الفاسدة في بداية معركة عرسال وأُسروا نتيجة الفساد وتقاعس الدولة، فالمسؤولون منهم من عمل لإعادتهم ومنهم للأسف من عطل واخذ مواقف سياسية عرقلت في بعض الاحيان سير المفاوضات بين الدولة والخاطفين. كما أننا نحن الاهالي أنفسنا كنا ضحية لاكثر من مرة اذ دفعنا ثمن التعقيدات السياسية في البلد، وكنا ضحية حراك شعبي تحرك تحت شعار النفايات والمياه والكهرباء فيما ملف ابنائنا بقي منسيا من قبل هذا الحراك عدا عن تكسير خيمنا وحرقها نتيجة الهرج والمرج الذي حصل في الشارع في بداية الحراك>.

وسأل يوسف: <ما ذنب الاهالي ليدفعوا الفاتورة مرتين؟ ما ذنبنا لندفع الثمن ويكسر مخيمنا الذي كان يؤوي الامنا ودموعنا التي سقت ارض ساحة رياض الصلح على مدى عام؟ هذا المخيم الذي بكينا شهداءنا فيه وعالجنا تهديداتنا بقتل ابنائنا وتابعنا لحظة بلحظة ملفهم. لقد خطفت التحركات الاخيرة للمجتمع المدني والتظاهرات المتلونة والمتعددة الأضواء من ملف ابنائنا وباتت الدولة غائبة عنه كونها انشغلت بالحراك والملفات الملحة التي يجب معالجتها اضافة الى ملف ابنائنا الذي يمثل شرف وكرامة كل الشعب اللبناني. واكد ان الاهالي اتخذوا قرارا بالتحرك لاعادة التذكير بملف ابنائهم واعادته الى الواجهة من جديد ليكون الملف الاول على طاولة الحكومة قبل أي ملف اخر، والتحركات ستشمل التواصل مع جميع حملات الحراك المدني لتذكيرهم بهذا الملف وبأن هناك 25 عسكريا لا يزالون في الأسر يتحملون العذاب من اجل ان يعيش الشعب اللبناني بكرامة وامان>.

 

الاهالي مجتمعون: ننتظر كلمة

بعيد انتهائهم من قطع الطرقات بالاطارات المشتعلة وعودتهم للجلوس امام خيام الاعتصام جرى نقاش وحديث مطول بين الخاطفين والاهالي حيث عبر كل طرف منهما عن هواجسه وعدم ايمانه بكل ما تقوم به الدولة خصوصا وانه منذ عام وشهر ولغاية اليوم لم يطرأ اي حل جديد على يد الدولة. ويقولون: <مر علينا اكثر من 400 يوم ولم نستطع ان نتجاوز الاحزان ولا الدموع وننتظر ان يقول لنا اي مسؤول ماذا جرى ولماذا جرى اختطاف ابنائنا، فأولادنا دخلوا الى الجندية سعيا للرزق وعرفوا ان الجندية عطاء فلم يتراجعوا، لكن ان يكونوا كبش محرقة بسعر بخس فما كان ذلك بالحسبان! كم مرة تمنينا لو أن اولادنا استشهدوا فلكانوا ماتوا مرة  واحدة، اما على هذه الحال، فكل يوم ألف مرة حتى ترى عيونهم الضوء من جديد>. واعتبر الاهالي ان الحكومة فاشلة وعاجزة وتوجهوا بالسؤال الى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام ورئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط وكل من يجلس على كرسي الحكم: كيف تُنتزع الحنية منه؟!.

فادي-مزاحم-عم-العسكري-المخطوف-لامع-مزاحم

مخطوف <بسمنة> وآخر <بزيت>

في الشكل ما من لبناني يستطيع الا أن يتعاطف مع اهالي العسكريين المخطوفين لدى التنظيمات الارهابية في جرود عرسال منذ الثاني من اب (أغسطس) عام 2014. وفي الشكل ايضا يأتي هذا التعاطف الشعبي قوياً مع اهالي العسكريين الذين يحتجزهم تنظيم داعش على اعتبار ان هؤلاء لم يروا ابناءهم منذ اكثر من تسعة اشهر ولم يسمعوا خبرا رسميا عنهم بسبب توقف المفاوضات بين الدولة اللبنانية والتنظيم بينما تنظم جبهة النصرة بين الحين والآخر رحلات لاهالي العسكريين المخطوفين لديها بهدف رؤية ابنائهم في جرود عرسال. ولكن ما يجمع بين اهالي المخطوفين كافة موقفهم الموحد وهو ان الملف تراجع الى ما دون الصفر مع بداية هذا تحرك المجتمع المدني هذا، فلم يعد احد يتكلم عنه، وحتى الاعلام لم يعد يتطرق اليه كما في السابق. وهنا تقول والدة العسكري المخطوف لامع مزاحم: <لو وقفوا معنا منذ البداية وكانوا الى جانبنا لما كنا وصلنا الى ما نحن عليه اليوم>.

في ساحات الاعتصام.. الى متى؟

اهالي العسكريين تعاهدوا يوم قرروا تنفيذ اعتصامهم بعدم الخروج من مساحة صغيرة تُشبه مساحة وطنهم الا بعد اطلاق سراح آخر عسكري، على ان يكون خروج الشيعي والدرزي والمسيحي قبل السني تأكيدا على وحدتهم وعلى مواجهتهم للمصيبة التي جمعت بينهم بروح واحدة، وخير دليل اللافتة التي ما زالت مرفوعة  رغم الرياح وحرارة الشمس <باقون هنا الى حين تحرير أسرانا>.