تفاصيل الخبر

عزل حزب الله ... ومشاركة القطاع الخاص بمشاريع الدولة والانضمام الى خط أنابيب غاز شرق المتوسط مع اسرائيل!

25/04/2019
عزل حزب الله ... ومشاركة القطاع الخاص بمشاريع الدولة  والانضمام الى خط أنابيب غاز شرق المتوسط مع اسرائيل!

عزل حزب الله ... ومشاركة القطاع الخاص بمشاريع الدولة والانضمام الى خط أنابيب غاز شرق المتوسط مع اسرائيل!

 

بقلم وليد عوض

ماذا تريد إدارة الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> من لبنان؟

هذا السؤال الكبير لا يزال يحيّر المسؤولين والسياسيين اللبنانيين سواء منهم من هو على تواصل مع واشنطن على مستويات مختلفة، أو من هو على تباعد إما طوعي أو بقرار أميركي سري. ولعل ما يستدعي طرح السؤال بكثير من الجدية والمسؤولية، هو ما يسمعه المسؤولون اللبنانيون من الوفود الأميركية التي تزور بيروت، من الكونغرس وغيره من مؤسسات التحليل والفكر الاستراتيجي، وما يسمعه أعضاء الوفود اللبنانية، وزارية كانت أم نيابية، خلال وجودهم في واشنطن ولقاءاتهم مع مسؤولين أميركيين؟

لقد بات واضحاً، وفق مصادر متابعة، ان واشنطن في ظل إدارة الرئيس <ترامب>، هي غيرها في مقاربة الملفات اللبنانية كما كان الأمر في عهود الرؤساء السابقين <باراك أوباما> و<جورج بوش الابن> و<بيل كلينتون>، والتي تميزت بـ<مراعاة> خصوصية الوضع اللبناني وعدم الضغط عليه و<تفهّم> ظروفه، أما إدارة الرئيس <ترامب> فلا يبدو ان القيمين عليها يعطون مسائل <الخصوصية اللبنانية> أهمية، بل لديهم سياسة محددة يعملون على تحقيقها بصرف النظر عن الوسائل المعتمدة، عملاً بالقاعدة التي تقول <الغاية تبرر الوسيلة>! وفي رأي المصادر نفسها ان <الاستراتيجية> الأميركية تجاه لبنان تبدلت خلال الأعوام الثلاثة الماضية وان التركيز راهناً يتم على أربعة عناوين أساسية تتداخل أحياناً مع بعضها البعض، ثم يتقدم أحدها على حساب الآخر، والعكس بالعكس. وهذه العناوين تتكرر مفصلة أمام زوار واشنطن، أو الزائرين الأميركيين، المدنيين منهم والعسكريين عندما يحلون في بيروت...

الثقة الأميركية بالجيش مطلقة

 

ــ العنوان الأول، وهو ايجابي يمكن تلخيصه بقرار أميركي ثابت لا تغيير فيه أو تبديل، وهو دعم القوات المسلحة اللبنانية، أي الجيش اللبناني، في العتاد والتدريب وعدم السماح بأن يصاب بأي <نكسة> نتيجة ممارسات السياسيين <الملتوية> (حسب تعبير الأميركيين). لذلك حيّدت إدارة الرئيس <ترامب> المؤسسة العسكرية عن ملاحظاتها الكثيرة على الأوضاع في لبنان، وأبلغت من يعنيهم الأمر ان توفير الدعم والتدريب اللازمين للجيش اللبناني مستمر لثقة واشنطن بدور الجيش وحضوره وقدرات العسكريين (التي تم اختبارها في مناورات مشتركة)، والتفاف اللبنانيين حول البذلة العسكرية التي تترك لديهم تأثيراً كبيراً. وسوف يستمر هذا الدعم ويتشعب من خلال التواصل المباشر بين القيادتين العسكريتين اللبنانية والأميركية، من دون حاجة للمرور بالمؤسسات السياسية التي لا تبدو واشنطن <ترامب> <مرتاحة> لأدائها على مختلف المستويات. وتؤكد المصادر ان الآتي من الأيام سيظهر مدى جدية الأميركيين في التعاطي <مباشرة> مع القيادة العسكرية، خصوصاً إذا ما ظل الموقف الرسمي من المواضيع التي يثيرها الأميركيون <مائعاً> كما هو عليه راهناً.

 

عزل حزب الله وإيران

 

ــ العنوان الثاني يعكس سلبية المقاربة الأميركية للأوضاع اللبنانية، لأنه يتصل مباشرة بما <تريده> واشنطن من لبنان حيال مسألة حزب الله وإيران، والقرار فيها محسوم ولا يراعي الخصوصية اللبنانية إذ ان <المطلوب> من لبنان عدم توفير أي امكانية لحزب الله كي يتمدد سياسياً وعسكرياً في الأراضي اللبنانية لأنه حزب <ارهابي> قررت الادارة الأميركية <محاربته> وعزله سياسياً واقتصادياً، وقطع الامدادات المالية عنه من خلال تجفيف مصادر تمويله. ويصف بعض المسؤولين الأميركيين الحزب بـ<السرطان> داخل البنية السياسية اللبنانية والمجتمع اللبناني وهو استطاع أن يتمدد الى النظام المالي لجهة استعمال الأموال من خلال حسابات مصرفية، وتلقي واشنطن في جانب من مسؤولية <تمدد> حزب الله على عدد من المسؤولين والسياسيين اللبنانيين، وتسمي من وقت الى آخر، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل. وعندما يقال للأميركيين ان حزب الله مكون سياسي وشعبي داخل التركيبة السياسية والاجتماعية لأنه يمثل الطائفة الشيعية، يأتي الجواب بعدم الاقتناع إذ يميز الأميركيون بين الشيعة و<مسلحي حزب الله>، لافتين الى انهم يريدون أن تكون العلاقات بينهم وبين الشيعة اللبنانيين علاقة مودة وصداقة، وما نُشر مؤخراً عن عقوبات ستفرض على الرئيس نبيه بري، حليف حزب الله، تنفيه واشنطن التي <لا تريد شيئاً من الرئيس بري سوى ان يمارس دوره كرئيس للمجلس النيابي بحياد ولا يكون طرفاً>.. ويبدو ان القرار الأميركي بـ<عزل> حزب الله كلما توافرت امكانية لذلك، متخذ على مستوى عال ولا مجال للتراجع عنه، وثمة لوم أميركي كبير في تعيين وزير للصحة قريب من حزب الله لأن <معلومات> الأميركيين ان الوزير جميل جبق ليس حزبياً، لكنه يتعاطف بشكل كامل مع الحزب ما سوف يؤثر على <موضوعيته> في عمله في الوزارة التي يقول الأميركيون انه لا يجوز <أن تتحول الى مؤسسة من مؤسسات حزب الله>، وستكون هناك رقابة لدى تقديم أي مساعدة خارجية كي لا تذهب الى المؤسسات الصحية للحزب! ولأن التلازم قائم أميركياً بين حزب الله وإيران، فإن ما هو مفروض من عقوبات يشمل الإيرانيين وحزب الله في مختلف الوجوه، وثمة تقارير أميركية تشير الى ان <الوجع الإيراني> بدأ يظهر ويشمل أيضاً ــ ولو بنسبة أقل ــ مؤسسات حزب الله وكوادره ومسؤوليه.

دور القطاع الخاص

في الاقتصـــــاد

 

ــ العنوان الثالث اقتصادي ومالي وهو واسع وفق المعطيات الأميركية التي تريد للبنان أن يبقى مركزاً اقتصادياً مهماً في الشرق الأوسط، على رغم الصعوبات التي تواجهه في مسيرته الاقتصادية. ويقول معنيون: كثيرة هي الملاحظات الأميركية على الواقع الاقتصادي في لبنان، بدءاً من تنامي موجة الفساد وعدم وجود <خطط متكاملة> لمواجهتها، إضافة الى تفشي الرشوة والشفاعات في الادارات والمؤسسات وعدم اعتماد الشفافية ما يجعل البنى التحتية الادارية والاقتصادية بحاجة الى <نفضة> واسعة وشاملة. وعندما يتحدث الأميركيون عن قطاعي الكهرباء والاتصالات يبرز <عدم الثقة> بالمسؤولين الذين تعاقبوا على هذين القطاعين، وتظهر أهمية القطاع الخاص في رأي الأميركيين في تسيير هذين المرفقين وسط تساؤل عن أسباب عدم تشجيع ادارات الدولة لادماج القطاع الخاص في المشاريع الانمائية الكبرى بعدما <فشلت> الدولة بادارتها وتطويرها والترويج لها وتقريبها أكثر من الناس. ويتوسع الأميركيون في الحديث عن مؤتمر <سيدر> من دون أن يظهروا حماسة حيال الدور الفرنسي في اطلاق <سيدر>، مركزين خصوصاً عند <عدم حماسة> البنك الدولي والدول المانحة، علماً ان واشنطن تلقي ظلالاً من الشك على عدد من العقود التي نفذها البنك الدولي لمشاريع يمولها <يشوبها الفساد> ما يفرض بنظر الأميركيين تدقيقاً كاملاً يكشف <عورات> أي صفقة بعدما بلغت نسبة الزيادات غير المبررة في صفقات عدة نسقها البنك الدولي، ثلاثة أضعاف قيمتها الحقيقية!

وفي الشق الاقتصادي والمالي، يبرز الحرص الأميركي على استمرار تجاوب المصارف اللبنانية مع الاجراءات المتخذة تفادياً لأي عقوبات تؤثر على سلامة هذا القطاع الذي يعتبر الأميركيون ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يديره على نحو مميز <وهو موضع ثقتنا وثقة الكثيرين غيرنا>. وفي رأي الأميركيين ان ثمة قرارات <جريئة> لا بد من اتخاذها في المجال المصرفي كي يصار في المقابل الى توفير المساعدة الأميركية اللازمة لنمو هذا القطاع حيث يمكن لواشنطن أن تلعب دوراً في اقناع دول الخليج ايداع ودائع مصرفية في مصرف لبنان تستفيد هذه الدول من الفوائد المحددة لها.

خط أنابيب غاز شرق المتوسط

ــ أما العنوان الرابع لما يريده الأميركيون من لبنان فهو يتعلق بملف النفط والغاز لاسيما وان واشنطن تشجع على المضي قدماً في أعمال التنقيب عن النفط والغاز من دون إضاعة المزيد من الوقت، و<تنصح> بالتواصل مع المسؤولين القبارصة لحجز موقع للبنان في خط أنابيب غاز شرق المتوسط التي يشارك فيه الاسرائيليون، مع علم الادارة الأميركية بأن هذه المسألة بالذات لا يمكن <بلعها> في لبنان، إلا أن جوابهم يأتي سريعاً: إذا لم يندمج لبنان في هذا الخط، فإنه سيُترك وحيداً>!

والحديث عن قطاع الطاقة يقود الأميركيين الى التعبير عن <رغبتهم> بالتوصل الى اتفاق مع اسرائيل على النقاط المتنازع عليها في البحر عند حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وانهم يضعون لهذه الغاية امكاناتهم للوصول الى تفاهمات قبل أن يمر الوقت وتضيع الفرص. ولا يخفي المسؤولون الأميركيون <انزعاجهم> من غياب الشركات الأميركية عن صفقات التلزيم السابقة لـ<البلوكات> النفطية، وعندما يقال لهم ان الشركات الأميركية هي التي <غيبت> نفسها عن صفقات التلزيم، يأتي الجواب الأميركي الفوري بأن هذا <الانكفاء> لن يتكرر!

المطلعون على الموقف الأميركي تجاه لبنان يعتبرون ان الأولويات التي تريد ادارة الرئيس <ترامب> <تجاوب> لبنان معها والمحددة بوضوح في العناوين الأربعة للسياسة الأميركية الراهنة، تشكل المعبر الوحيد لتحسين العلاقات بين بيروت وواشنطن التي لن تتراجع عنها على رغم الايضاحات اللبنانية حول الكثير من النقاط العالقة. وما يدفع على عدم الرهان على أي تغيير في التوجهات الأميركية هو ان الظروف السياسية الداخلية تجعل من عودة الرئيس <ترامب> الى البيت الأبيض لولاية ثانية مسألة واردة على رغم الأخطاء التي تظهر في ادارته لشؤون البلاد. إلا ان <ترامب> <يضخّ> شحنات من العنفوان التي تجعل الشعب الأميركي المحبّ لمثل هذا النوع من <الاستعراضات> يعبر عن <ثقته> بإدارة <ترامب> لشؤون البلاد، كما جاء في آخر استطلاع للرأي العام الأميركي.